|
اصول الفلسفة الماركسية ...الدرس الحادي والعشرون
جورج بوليتزر وجي بيس وموريس كافين
الحوار المتمدن-العدد: 2542 - 2009 / 1 / 30 - 09:18
المحور:
الارشيف الماركسي
من الاشتراكية إلى الشيوعية رأينا أن هدف الاقتصاد الاشتراكي، حسب قانون الاشتراكية الأساسي، هو سد حاجات المجتمع المادية والثقافية إلى أقصى حد. ولا يمكن أن يكون الأمر غير ذلك طالما أن الملكية الخاصة قد زالت. ولا يعني هذا، مع ذلك، أنه يمكن لكل عضو في المجتمع أن ينال ما يحتاجه بصورة غير محدودة. إذ أن كل فرد، في المجتمع الاشتراكي، ينال حسب العمل الذي يؤديه، ولهذا يجب التمييز بين مرحلتين في نمو المجتمع القائم على الملكية الاجتماعية، مرحلة أولى وتسمى "الاشتراكية" ومرحلة عليا تسمى "الشيوعية". وقد أقام ماركس هذا التمييز بصورة علمية. 1 – مرحلة المجتمع الشيوعي الأولى ليست الاشتراكية، التي درسناها – إذا نظرنا إليها بالنسبة للمجتمع الشيوعي الذي أتم نموه، سوى مرحلة أولى، وهي تقوم على المبدأ التالي: "على كل فرد أن يؤدي حسب طاقاته، وأن ينال حسب عمله". غير أن مبدأ الشيوعية هو "على كل فرد أن يؤدي حسب طاقاته، وأن ينال حسب حاجاته". ولا شك أن العثرة الرئيسية التي تحول دون أن ينال كل فرد حسب حاجاته، في العالم الحديث، هي الاستغلال الرأسمالي الذي يبذر ثروات العمل الإنساني، والنتيجة الأولى لإزالة استغلال الإنسان لأخيه الإنسان هي أن العامل يستطيع أن ينال حسب عمله الذي يؤديه دون أن يسلب جزءا من الثروة التي أنتجها، أما أن ينال كل فرد حسب أرادته وحاجاته فيجب أن يصل المجتمع إلى إنتاج كمية كافية من وسائل الاستهلاك. تحقيق هدف الشيوعية، إذن، هو السبب في الأجراءات الأولى التي تتخذها السلطة الجديدة،وهي تسعى لزيادة الإنتاج. غير أن حاجات الفرد اللامحدودة ليست هي التي يمكنها أن تمدنا، في هذه المرحلة، بمبدأ التوزيع. وذلك لأن كل زيادة للإنتاج، إذا أريد لها أن تعيش وتستمر، يجب أن تبدأ بزيادة إنتاج وسائل الإنتاج، إذ يجب، قبل سد حاجات الاستهلاك الفردي، أن نسد حاجات المجتمع المادية إلى وسائل الإنتاج، ولقد رأينا "راجع الدرس العشرين، المسألة 4" أن المجتمع الرأسمالي، في الغالب، يترك للاشتراكية وضعا سيئا جدا لا يتفق فيه إنتاج وسائل الإنتاج مع وسائل الاستهلاك. فلقد نمت الرأسمالية في تشيكوسلوفاكيا مثلا، صناعة خفيفة وفرت للبرجوازية في هذه البلادالتي سميت بالمصنعة" مستوى عالياً للمعيشة.غير أن هذه الصناعة الخفيفة كانت تعتمد في مجملها على الصناعة الثقيلة في البلاد الرأسمالية الكبرى. يتفق قول الاشتراكية إذن: "على كل فرد أن يؤدي حسب طاقاته وأن ينال حسب عمله" مع الواقع، وهو أنه، في المرحلة الأولى، للمجتمع الشيوعي يجب إيجاد مقياس للاستهلاك. فأين نجد هذا المقياس؟ في العمل طبعاً. وذلك لأن كمية العمل الذي يؤديه كل فرد ونوعه هما اللذان يحددان القدر الذي يناله من الإنتاج الاجتماعي، وهذه هي الطريقة الوحيدة العادلة لتقدير حقه في الاستهلاك. يضاف إلى ذاك أن العمل هو الشرط الأساسي لازدهار قوى الإنتاج، أي ظهور الشيوعية فيما بعد. وهكذا يهيىء الأجر الذي يناله الفرد على عمله لمرحلة يصبح فيها هذا الأجر غير ضروري لتقدير استهلاكه الفردي! ومع ذلك فأن مبدأ الاشتراكية " على كل فرد إن يؤدي حسب طاقاته وأن ينال حسب عمله" يكون خطوة كبرى إلى الأمام بالنسبة إلى الرأسمالية المستغلة، حيث لا ينال العامل قط حسب عمله. يجب على الأفراد، إذن، في المجتمع الاشتراكي، أن يحصلوا بواسطة الشراء على السلع الضرورية لمعيشتهم وهذا الشراء هو الصورة الوحيدة الممكنة لتوزيع سلع الاستهلاك. وبالاضافة إلى ذلك فأن حاجات الجماهير المادية والثقافية تسد إلى الحد الأقصى بواسطة الخدمات الاجتماعية – كمجانية العناية الطبية مثلا – والمؤسسات الثقافية التي لا تعرفها الرأسمالية. ويجب كذلك أن نعرف لأنه لا يمكن ازدياد الإنتاج، الذي يسمح بتوزيع سلع الاستهلاك حسب حاجات كل فرد، بدون نمو التقنية الهائل. ويتطلب مثل هذا النمو التقني أن يبلغ تخصص العمال وثقافتهم درجة أسمى من الدرجة التي بلغوها في الرأسمالية، التي تحرم الجماهير من الثقافة والعلم. غير أنه طالما أن العمل لم يصبح بالنسبة للفرد حاجة طبيعية كحاجته إلى التنفس والمشي، فالوسيلة لتشجيع التقدم وتخصص العمال هي أن ينال كل فرد حسب نوع العمل الذي يؤديه. ولهذا تصبح وعود الرأسمالية الخلابة، التي تريد أن تقنع العمال بأنها تستطيع رفع مستوى معيشتهم إذا حسنوا نوعية عملهم، حقيقة، في الاشتراكية، بسبب زوال الاستغلال. ولهذا يجب، كي نفهم المرحلة الأولى للمجتمع الشيوعي، أن لا ننسى واجب المجتمع الشيوعي في تصفية تركة الرأسمالية الثقيلة في جميع المبادىء. ولهذا يقول ماركس وانجلز: "نحن هنا أمام مجتمع شيوعي لم ينم حسب الأسس الخاص به، بل على العكس، كما ولد في المجتمع الرأسمالي، وهو مجتمع يحمل لذلك في الميادين الاقتصادية والأخلاقية والفكرية سمات المجتمع القديم الذي خرج من صلبه . ونحن حين نقول بأن المجتمع الاشتراكي يعطي لكل فرد حسب عمله، لا نعني بذلك أن كل فرد يأخذ فرديا ومباشرة نتيجة عمله كاملة – لأن ذلك وهم البرجوازية الصغيرة، وذلك لأننا إذا نظرنا إلى مجموع إنتاج العمل الاجتماعي يتضح لنا أنه يجب أن نحتفظ بقسم منه من أجل تنمية الإنتاج وبقسم أخر لتجديد الآلات البالية، الخ... وإذا نظرنا لوسائل الاستهلاك رأينا أنه يجب أن نحتفظ بقسم منها لتغطية مصاريف الإدارة، وبقسم آخر من أجل المدارس والمستوصفات وملاجيء الكهول، الخ... يساعدنا كل ما سبق على فهم أهمية المادة 12 من الدستور السوفياتي. العمل بالنسبة لكل مواطن كفء للعمل فرض ومسألة شرف حسب المبدأ القائل: "كل من لا يعمل لا يأكل". ولهذا كانت المساواة، في المجتمع الاشتراكي، هي في أن تعطي كل فرد حسب عمله، أي بصورة غير متساوية بين الأفراد، بعد أن يؤمن لكل فرد أسباب معيشته "بفضل إزالة الاستغلال". ولهذا لا يجب مساواة الاشتراكية بنزعة خيالية للمساواة بين الناس. كتب موريس توريز يقول: "أما فيما يتعلق بنزعة المساواة التي تقوم على قياس الناس بنفس المقياس فهي استحالة اجتماعية لأن هناك تفاوتا طبيعيا بين الناس، سببه كفاءاتهم البيولوجية والنفسية. أما التفاوت، الذي يسعى الشيوعيون لإزالته، فهو التفاوت الذي ينشأ عن وجود الطبقات، إذ أن الأفراد في المجتمع الرأسمالي، لا يتمتعون بفرصة متساوية لنمو شخصياتهم، فالمليونير والعامل الذي يقاسي البطالة متساويان أمام القانون وكلاهما حر. غير أن هذه الحرية تؤدي بأحدهما إلى فنادق الريفيرا الفخمة بينما تؤدي بالآخر إلى المبيت تحت الجسور. لن يكون رجل المستقبل "إنسانا آليا" (Robot) بل شخصية حرة قوية، تتفتح طاقاتها وقواها تفتحا واسعا . يقوم "التفاوت" في المجتمع الاشتراكي على أن الأفراد الذين تتشابه حاجاتهم، وتتفاوت كفاءاتهم، ينال كل منهم حسب عمله، ما يؤديه للمجتمع، أي بصورة غير متساوية، فالعامل الستاخانوفي (Stakthanoviste) ينال أكثر من غير الستاخانوفي، وليس ذلك تمييزا له عن غيره "لأنه لا يوجد تمييز في مجتمع خال من الطبقة المستغلة" بل لأنه عامل ممتاز مجدد، يؤدي أكثر من غيره للمجتمع أي لكل فرد من أعضاء هذا المجتمع . وإما التفاوت فهو، على العكس، يقوم في المجتمع الشيوعي على أن الأفراد الذين يختلفون في كفاءاتهم ويؤدون بسبب ذلك، للمجتمع عملا يتفاوت "في الكمية والنوعية" ينالون بصورة متساوية، كل حسب حاجاته القصوى. لماذا؟ لأن ارتفاع الإنتاج بصورة كافية يسمح بذلك. يوجد في المجتمع الاشتراكية، إذن، مراقبة شديدة لمقدار العمل ومقدار الاستهلاك. فالعمل واجب، وكل فرد ينال حسب العمل الذي يؤدي. ولهذا لم يعد هناك محظوظون ولا مستغلون، بل العمل يصبح هو سيد الجميع. لا يزال، في المجتمع الاشتراكية، شيء من التفاوت في الممتلكات، غير أنه لا يوجد في المجتمع الاشتراكي قط بطالة ولا استغلال ولا اضطهاد للقوميات. وعلى كل فرد، في المجتمع الاشتراكي، أن يعمل، وأن كان لا ينال بعد على عمله، حسب حاجاته بل حسب كمية العمل الذي يؤدي ونوعه، ولهذا لا يزال يوجد أجر متفاوت ومختلف. ولن نستطيع القول بإتمام بناء المجتمع الشيوعي إلا متى نجحنا في إيجاد نظام ينال فيه الناس من المجتمع على عملهم حسب حاجاتهم، وليس حسب كمية عملهم ونوعه .
2 – مرحلة المجتمع الشيوعي العليا حين يبلغ المجتمع الشيوعي مرحلته العليا، وتزول تبعية الأفراد الذليلة لتقسيم العمل، كما يزول التعارض بين العمل الفكري والعمل اليدوي، فلا يعود العمل وسيلة للحياة فقط، بل يصبح الحاجة الأولى الحياتية, وتزداد قوى الإنتاج مع نمو الأفراد وتفيض مصادر الثروة الجماعية، يمكن حينئذ تخطي حدود القانون البرجوازية الضيقة، ويستطيع المجتمع أن يعلن عاليا: "على كل فرد أن يؤدي حسب طاقاته وأن ينال حسب حاجاته . "حجة" البرجوازية الرئيسية فيما يتعلق بما تدعيه من "استحالة تحقيق" الشيوعية أن المجتمع لن يستطيع أن يقدم لكل فرد "حسب حاجاته" أي مجاناً دون يحاول كل فرد، عندئذ، أن يعمل "أقل ما يمكن" وهكذا يأتني الفقر بسرعة! تعتقد البرجوازية أن الإنسان، وهو فريسة الخطيئة الأصلية"، كسول، بطبيعته، لا يعمل إلا إذا أجبر على العمل وحمل عليه، فيحاول الاستفادة إلى أقصى حد من عمل غيره. تعكس البرجوازية، بهذا الاعتقاد، نظرتها الخاصة "للعمل"! أما العقلية التي تكتفي "بحدود القانون البرجوازية الضيقة" وتحسب كما فعل شيلوك فتقول: "لا يجب أن أعمل نصف ساعة زيادة عما عمل غيري، ولا أنال أجراً أقل منه " فهي ليست سوى نتيجة لشروط الاستغلال الرأسمالي. ولهذا يمكن فهمها تماماً. ذلك لأن شروط استغلال الإنسان لأخيه الإنسان أوجدت، منذ آلاف السنين، كراهية العمل الشديد المرهق. ولهذا جعل نمو قوى الإنتاج الضعيف، حتى وقت متأخر في عهد الرأسمالية، وعدم الاهتمام بتخفيف مهمة العمال بواسطة تقنية خاصة، كل ذلك جعل من العمل مهمة شاقة – كما كرس تقسيم العمل، الذي كان في البدء شرطاً لتقدم قوى الإنتاج, كل إنسان في عمل يزاوله مدى الحياة – ولا سيما في الصناعة الحديثة حيث أصبح كل إنسان أسير عمل جزئي بقوم به، يضاف إلى ذلك أن تقسيم العمل إلى فكرية ويدوي قد حرم العامل اليدوي من كل نشاط خلاق، وجرد العامل اليدوي من كل إمتاع. لهذه الأسباب جميعا أصبح العمل شاقا. غير أن هذا الوضع ليس أبديا. فهو وليد ظروف مادية معينة ولهذا يزول بواسطة ظروف مادية أخرى. فقد كان هلفتيوس يعتقد أن النشاط المنتج المتعدل السليم ضروري، بصورة حياتية، للإنسان وسعادته إذ أن الشرور، في نظره، لا يمكن أن تأتي إلا عن الكسل والعمل المرهق. كما حيا فورييه "العمل المغري" الذي يتفق وميول العمال وكفاءاتهم ومواهبهم على أنه من نصيب المجتمع المقبل. ويعطينا النشاط العلمي والفني، في المجتمع المنقسم إلى طبقات، صورة عما يمكن أن يكون عليه عمل كل إنسان في المجتمع الشيوعي, فهو ليس شاقا بل متعة وتفتحا. كما أنه يجب أن نلاحظ أن المقارنة ناقصة لأن الفنانين والعلماء في المجتمع الرأسمالي ليسوا دائماً في منجى من العوز والفاقة، فإذا بهم يجدون جهدهم الخلاق محدوداً بنظام الاستغلال. تمزج التقنية التقدمية، في المجتمع الشيوعي، العمل اليدوي بالعمل الفكري، كما أنها تسمح بتخفيض ساعات العمل، فتتيح للعامل الفراغ لتحسين تخصصه إذ تمكنه من أن لا يكون طيلة حياته أسير نفس المهمة، ولهذا فلن يشوه العمل شخصية الإنسان بل سوف يكون أسمى تعبير عن هذه الشخصية. إذ به ينمي كل منا مواهبه، ويصبح العمل، بعد تحرره من الاستغلال، الحاجة الأساسية لكل فرد. وسوف يعطي كل منا حسب طاقاته. وتعجز العقلية البرجوازية" هنا أيضا، عن أن تدرك ذلك لأنها تعتقد أن الدافع لكل نشاط إنساني هي المصلحة الخاصة التي تعارض المصلحة العامة. غير أنه كلما تقدم المجتمع الشيوعي كلما توطد الوعي الاشتراكي الذي يعتقد أن المصلحة الشخصية والمصلحة العامة صنوان. ويصبح إدراك مصلحة المجتمع بأكملها عادة "طبيعية" كحساب شيلوك الدقيق في الرأسمالية وكما أن الملكية الخاصة قد تسربت الآن إلى العادات، فكذلك تتسرب الاشتراكية والشيوعية. وسوف يعتاد الناس على مراقبة قواعد الحياة الاجتماعية الأساسية ويعملون بإرادتهم وضميرهم حسب طاقاتهم ويأخذون بحرية من وسائل الاستهلاك حسب حاجاتهم. ليست الثورة الاشتراكية، كما نرى، سوى بداية تحول طويل للمجتمع والناس. ويهمنا أن نرى إلى أي حد تكذب الفكرة البرجوازية السائدة، التي تقول بان الاشتراكية شيء ميت جامد لا يتطور، مع أن الحقيقة هي أن الاشتراكية بداية حركة تقدم سريع حقيقية في مجتمع ميادين الحياة الاجتماعية والخاصة" حركة شعبية حقا تشترك فيها الأغلبية في أول الأمر ثم تعم جميع السكان . غير أن الشيوعية تفترض زوال "برجوازي اليوم الصغير، القادر... على تبذير" "الثروات العامة والمطالبة بالمستحيل بدون طائل ". ولا شك أن هذا البرجوازي الصغير يعتقد أنه خالد. فهو واثق بغباء أن أنانيته وضيق تفكيره ينحتان وجه الإنسان الخالد. فإذا ما قال الماركسيون أن الإنسان يتحول وسوف يتحول مع المجتمعات، هز كتفيه ساخراً وعدّ ذلك القول وهما وخيالا. والخيال في الحقيقة هو الاعتقاد أن أفكار البرجوازي الصغير سوف تستمر إلى ما لا نهاية بعد زوال الظروف الاجتماعية للمعيشة. ومع ذلك فأن "نظام المصنع" الذي سوف تخضع له البروليتاريا الظافرة المجتمع بأكمله ليس المثل الأعلى ولا هو الغاية النهائية بل هو "خطوة ضرورية لتخليص المجتمع من أوزار الاستغلال الرأسمالي، وضمان السير إلى الأمام في المستقبل . ولقد عدد ستالين، مستخلصا تعاليم كتب ماركس وانجلز ولينين، ميزات المجتمع الشيوعي كما يلي: أ) لن يكون هناك ملكية خاصة لآلات الإنتاج ووسائله بل ستكون ملكية اجتماعية جماعية. ب) لن يكون هناك طبقات ولا سلطة دولة ، بل سيكون هناك عمال في الصناعة والزراعة يديرون أنفسهم بأنفسهم اقتصاديا كجمعية حرة للعمال. ج) سيعتمد الاقتصاد القومي، المنظم حسب مخطط موضوع، على تقنية عليا سواء في ميدان الصناعة أو ميدان الزراعة. د) لن يوجد فرق بين المدينة والقرية، بين الصناعة والزراعة. هـ) ستوزع المنتوجات حسب مبدأ الشيوعيين الفرنسيين القدماء، وعلى فرد أن يؤدي حسب طاقاته وأن ينال حسب حاجاته". و) سيستفيد العلم والفنون من ظروف مواتية كفاية لبلوغ تفتحهما الكامل. ز) سيصبح الفرد حراً حقاً بعد أن تخلص من هم خبزه اليومي، ولن يحاول إرضاء "جباري هذا العالم ". ويضيف ستالين إلى ذلك قوله: "الخ" ولقد عرض ستالين، في آخر سنة من حياته، بصورة رائعة، الأفكار التي بسطها ماركس وانجلز ولينين، متعمدا على التجربة التاريخية لبناء الاشتراكية في الاتحاد السوفياتي، كما حدد شروط الانتقال من الاشتراكية إلى الشيوعية.
3– قوى الإنتاج وعلاقات الإنتاج في الاشتراكية بين الاشتراكية والشيوعية قرابة قوية: وهي ملكية وسائل الإنتاج الاجتماعية الجماعية. ويدلل قانون الاشتراكية الأساسي تماما على هذه الصلة المستمرة بين مرحلتي الشيوعية إذ أن هدف الإنتاج، في المرحلة الأولى، هو سد الحاجات إلى أقصى حد، ليس هناك سد "كجدار الصين" بين المرحلتين. ومع ذلك تتخذ الملكية الإجتماعية أشكالاً متعددة , فقد رأينا أنه يوجد، في الاشتراكية كما تحققت في الاتحاد السوفياتي صورتان للملكية الاجتماعية. ولا يمتاز المجتمع الشيوعي فقط بعدم وجود التعارض بين الطبقات، بل يمتاز أيضاً بزوال هذه الطبقات تماما. فليس هناك، إذن، سوى صورة واحد للملكية الاجتماعية، وهي ملكية الشعب الجماعية بأكمله، نرى أنه يوجد اختلاف بين مرحلتي الشيوعية، ليس في المبدأ الذي يشرف على توزيع المنتوجات فقط , بل في علاقات الإنتاج التي يجب عليها أن تساعد على نمو قوى الإنتاج بشكل يمكن من نشر الرخاء بين كل الناس. غير أنه، كي تتغير علاقات الإنتاج، يجب أن تكون قد تغيرت قوى الإنتاج أولا. وهذا ما نعلمه. فهل تجري الأمور هكذا بالنسبة للاشتراكية؟ أجل! لأن قانون الترابط الضروري بين علاقات الإنتاج وطابع قوى الإنتاج هو قانون شامل يصح في جميع طرق الإنتاج بدون استثناء. ولهذا فأن الفعل المتبادل بين علاقات الإنتاج وقوى الإنتاج هو الأساس الموضوعي للانتقال من الاشتراكية إلى الشيوعية. ولا يمكن لأي شيوعي أن يعتقد غير هذا فيقول بان المجتمع الاشتراكي ينتقل إلى الشيوعية في أية لحظة ! نعلم أن علاقات الإنتاج الجديدة ,وهي علاقات نعلم أن علاقات الإنتاج الجديدة، وهي علاقات اشتراكية، هي الواقع للأساسي لنمو قوى الإنتاج. غير أن علاقات الإنتاج، فيما يتعلق بالاتحاد السوفياتي، تمتاز بأنه يوجد. إلى جانب ملكية الدولة،. وهي ملكية الشعب بأكمله، الملكية الاشتراكية الكولخوزية: إذ يملك الكولخوز منشآته ومبانيه وإنتاجه. الصورة الأولى للملكية تتفق تماما وطابع قوى الإنتاج، إذ تستطيع الدولة الاشتراكية، كما يشهد الواقع، أن تقوم بالأعمال الهائلة كري الصحاري وتحويل مناخ المناطق القاحلة! بينما الصورة الثانية للملكية لا تستطيع القيام بذلك تماما: فلنفرض أن كولخوزا يريد كهربة الأعمال الزراعية كالتراكتورات والآت جز صوف الأغنام وحلب الأبقار، الخ... لا شك أن المصلحة تقتضي بناء مركز كبير لتوزيع الكهرباء يمد أربعة أو خمسة كولخوزات بالكهرباء بدلا من بناء مركز صغير لا يمد سوى كولخوز واحد يكلفه مصاريف باهظة. فإذا لم يقم الكولخوز بالانضمام إلى الكولخوزات المجاورة، كان ذلك سبباً في عدم بناء المركز الكهربائي. يعني هذا أنه لا يمكن استخدام التقنية سواء كان في العلم الحياة الزراعية أو في الآلات الزراعية، لمصلحة الكولخوزات الصغيرة. وأن كانت هذه التقنية قد نمت وتطورت بفضل علاقات الإنتاج الاشتراكية . ولقد علمنا ماركس أن قوى الإنتاج لا تنمو إلا في حدود علاقات الإنتاج. وليست الشيوعية عبارة عن تنظيم لقوى الإنتاج. بل هي تتطلب منا دراسة علاقات الإنتاج، أي دراسة الاقتصاد. غير أن الملكية الاجتماعية الكولخوزية التي أتاحت نمواً هائلاً للزراعة الاشتراكية تبدو كأنها عائق في وجه نمو قوى الإنتاج في القرية فيما بعد. وازدهار الزراعة وتربية المواشي ضروريان لازدياد سلع الاستهلاك، أي لبناء الشيوعية. يجب إذن أن تتسع الملكية الاشتراكية الجماعة، وأن تجتمع لكولخوزات من جديد لتكون كولخوزات أكبر. وألا تعيق علاقات الإنتاج – أي الكولخوز – التي ساعدت قوى الإنتاج حتى الآن ازدهارها ويبدأ النزاع بينهما. وهكذا تبقى علاقات الإنتاج مطابقة لطابع قوى الإنتاج. وليس هذا كل ما في الأمر. فطالما أستمر تنقل السلع – بواسطة الشراء والبيع – بين القرية والمدينة، أمكن للكولخوزات أن تبيع إنتاجها. وأن تتصرف كما تشاء بدخل هذا الإنتاج. ليس من السهل إذن التنبؤ بعملياتها. ولهذا يستحيل تعيين نسبة دقيقة بين إنتاج وسائل الإنتاج ووسائل الاستهلاك، في الوقت الذي يزداد فيه إنتاج وسائل الاستهلاك، ووضع مخطط كامل للإنتاج حسب إحصاء لمجموع الحاجات.غير أن هذا الإحصاء أساسي إذا أردنا الانتقال إلى الوفر في المنتوجات. ولهذا فأن تنقل السلع "البيع والشراء" ربما أصبح عائقا لنمو قوى الإنتاج حسب المخطط الموضوع لها. وعلى العكس فإن وجود نظام للتبادل بواسطة العقود بين الدولة والكولخوزات يساعد على هذا التخطيط ويعود بالفائدة على الكولخوزيين الذين يتلقون من الدولة المنتوجات التي هم بحاجة إليها بكميات أكبر وبأسعار ارخص. وهكذا يكون الفعل المتبادل بين علاقات الإنتاج وقوى الإنتاج، أي الجدلية الداخلية لطريقة الإنتاج، أساس التغييرات التي تحدث. غير أن قانون الترابط الضروري، في المجتمع الاشتراكي، يمكن أن يشق طريقه دون أن تعمل الطبقات الرجعية للوقوف في وجه خدمة لمصلحتها. فليس هناك تعارض بين الطبقات. مصلحة العمال والكولخوزيين الطبقية إذن هي في نمو قوى الإنتاج، وزيادة الإنتاج، والإنتقال إلى الشيوعية والرخاء. ولهذا يمكن ألا يؤدي الخلاف- النسبي – بين علاقات الإنتاج وقوى الإنتاج إلى نزاع، كما يمكن للتناقضات أن لا تتطور إلى تعارضات شريطة أن تتبع سياسة عادلة قائمة على علم التناقضات. ولا ينتهي الأمر، في النظام الاشتراكي، عادة إلى النزاع بين علاقات الإنتاج وقوى الإنتاج، لأنه يمكن للمجتمع أن يوفق في الوقت المناسب، بين علاقات الإنتاج المتأخرة وبين طابع قوى الإنتاج. يمكن للمجتمع الاشتراكي أن يفعل ذلك لأنه لا يضم، في داخله، طبقات في طريق الزوال يمكن أن تقف في وجه ذلك، لا شك أنه سيوجد في المجتمع الاشتراكي أيضاً قوى متأخرة لا تدرك ضرورة تحويل علاقات الإنتاج، غير أنه من السهل القضاء عليها دون أن يؤدي الأمر إلى النزاع . أما الدولة السوفياتية فهي بدلا من أن تكون عائقا لتحول علاقات الإنتاج كالدولة الرأسمالية، لأنها تعكس مصالح العمال والفلاحين المتحدين، فتقف في وجه تأثير قانون الترابط الضروري، فأنها تتخذ جميع الإجراءات المفيدة لتشق أمامه الطريق وتسرع في تحول علاقات الإنتاج. وهنا يظهر دورها الضخم في انتقال الاشتراكية إلى الشيوعية. "فالشيوعية، كما يقول لينين ,هي سلطة السوفيات مع كهربة جميع البلاد" إذا كانت الدولة ليست عائقا في وجه التغييرات الضرورية بل تشجعها فأن الانتقال من الاشتراكية إلى الشيوعية – على عكس الانتقال من الرأسمالية إلى الإشتراكية – لا يحدث بصورة مباغتة. ومع ذلك فهو تغيير نوعي في علاقات الإنتاج، لأننا سننتقل بواسطته من صورتي الملكية إلى صورة واحدة، ومن مجتمع ذي طبقتين إلى مجتمع لا يعرف الطبقات. غير أنه انتقال نوعي بالتدريج بتراكم الجديد وزوال القديم تدريجيا. يجب أن نقول للرفاق الذين يتحمسون للانفجاريات أن القانون الذي يسيطر على الانتقال من النوعية القديمة إلى نوعية جديدة بواسطة الانفجارات لا يمكن تطبيقه دائما فقط على تاريخ نمو اللغة بل كذلك لا يمكن تطبيقه دائما على ظواهر أخرى اجتماعية تتعلق بالأساس... فهو ضروري لمجتمع منقسم إلى طبقات متناحرة. وليس هو ضروريا فقط لمجتمع لا يضم طبقات متناحرة . لا يشترط الانتقال من الاشتراكية إلى الشيوعية قلب حكم طبقة على يد طبقة معارضة، والانتقال من الغد إلى القطب المعارض، بل يشترط زوال الفروق بين طبقتين بالتدريج، فليس هناك أي داع لأن يحدث ذلك بالانفجار. فحيث لا يوجد تعارض بين الطبقات لا يعود نضال الطبقات محرك التاريخ. ليس هناك إذن محرك قط، ومن الخطأ الاعتقاد بذلك. أن مصلحة العمال هي في الانتقال إلى الشيوعية بالاعتماد على قوانين الاقتصاد. هناك إذن فئة واعية من المجتمع تمثل قوى الطليعة الجديدة، بينما هناك عناصر رجعية، بسبب العادة أو أي عامل آخر، لا تدرك ضرورة تغيير علاقات الإنتاج فتعيق بذلك التغير وتمثيل القوى القديمة، محرك التاريخ هنا أيضاً هو إذن النضال: النضال بين قوى التقدم هذه والقوى المحافظة، بين الجديد والقديم. ليس الانتقال من الاشتراكية إلى الشيوعية قصة غرامية . ولهذا كان النقد والنقد الذاتي القوتين الحقيقيتين اللتين تدفعان بالمجتمع السوفياتي: نقد من أجل الوصول إلى تغييرات حقيقية، موضوعية، مباشرة، ونقد ذاتي لأن النضال بين القديم والجديد يجري أيضاً داخل الفرد نفسه، ولأنه يجب استئصال آثار الرأسمالية الباقية في وعي الناس. لا يجري النضال في مجتمعنا السوفياتي، حيث زالت الطبقات المتعارضة، بين القديم والجديد، ومن ثم، لا يجري التطور من الأسفل إلى الأعلى، بصورة نضال بين طبقات متعارضة أو بصورة هزات كما هو الحال ففي النظام الرأسمالي بل في صورة نقد ونقد ذاتي هو القوة الحقيقية المحركة لنمونا، وهو سلاح قوي بين يدي الحزب. وهذا ضرب جديد من الحركة ونموذج جديد للنمو وقانون جديد جدلي . ترى أن الظروف الذاتية في الانتقال إلى الشيوعية ليست أقل أهمية منها في بناء الاشتراكية، وأن تأثير الأفكار والوعي الاشتراكي على الظروف المادية عظيم. يجب على كتابنا ورسامينا أن يحاربوا الرذائل والأخطاء والظواهر السيئة التي توجد في المجتمع، وأن يظهروا في الشخصيات الايجابية رجال من مثال جديد في روعة كرامتهم الإنسانية فيعملوا بذلك على تكوين أخلاق وعادات في أساس مجتمعنا خالية من الجروح والشرور التي ولدتها الرأسمالية... نحن بحاجة إلى أمثال جوجول وشتشدرين سوفياتيين الذين يحرقون بنار هجومهم كل ما في الحياة من سلبي وفاسد وميت، وكل ما يعيق حركة التقدم إلى الأمام. Dip notlara dikkat إذا ما قدرنا مهمة الدولة السوفياتية ومهمة الأفكار في الانتقال من الاشتراكية إلى الشيوعية، أدركنا أن هذا الانتقال لا يمكن أن يتم بنجاح بدون القيادة السياسية والفكرية التي ينهض بها حزب العمال السوفياتيين، مسلحاً بالنظرية العلمية، يجب على الشيوعيين أن يكونوا أكفاء لتحمل المسؤوليات المتزايدة: هذه الضرورة التاريخية تعكسها القرارات الجديدة التي اتخذها، في تشرين الأول سنة 1952 الحزب الشيوعي في الاتحاد السوفياتي.
4 – شروط الانتقال من الاشتراكية على الشيوعية ندرك الآن الشروط الثلاثة الرئيسية الضرورية لتحقيق الانتقال إلى الشيوعية وتهيئة تحقيق الانتقال الحقيقي وليس الانتقال الوهمي، التي حددها ستالين بوضوح في آخر كتاب له. يتعلق الشرط الأول، حسب تعاليم الماركسية، الإنتاج، بيمنا يتعلق الشرط الثاني بالأساس الاقتصادي، ويتعلق الشرط الثالث بتحويل المجتمع الثقافي. 1 – يتعلق الشرط الأول الإنتاج. نعلم أن الماركسية، على عكس النظريات البرجوازية الصغيرة، "كالاقتصاد التوزيعي" أو "شيوعية الاستهلاك" أو "اقتصاد الرخاء"، لا تفصل قط بين الاستهلاك والإنتاج، فإذا أرادنا أن نستطيع سد "حاجات كل فرد"، فإنه لا يكفي أن نتحمس للهدف بل، يجب اتخاذ الوسائل للوصول إليه. لهذا كان من الضروري ليس ضمان "تنظيم عقلاني" أسطوري لقوى الإنتاج، بل ازدياد مستمر لكل الإنتاج الاجتماعي مع أفضلية نمو إنتاج وسائل الإنتاج . نلاحظ أنه، فيما يتعلق بالإنتاج، من الخطأ تماماً أن نعتبر التنظيم والتخطيط غابة في ذاتها. لأن الهدف هو زيادة الإنتاج. وهذا الهدف متعلق نفسه بهدف أخر إلا وهو سد الحاجات إلى أقصى حد، أي حاجات الإنسان. وليس قانون النمو المنسجم في الاقتصاد، الذي يتيح التخطيط، هو القانون الأساسي في الإقتصاد الإشتراكي,بل أن قانون الإشتراكية الأساسي هو قانون سد الحاجات المادية والثقافية لجميع أفراد المجتمع إلى أقصى حد. نعلم أن ازدياد الإنتاج يحدث في الاشتراكية على أساس تقنية عليا تتيح رفع إنتاجية العمل بصورة لا تجعل من الممكن فقط زيادة الإنتاج، في نفس مدة العمل، بل تخفيض هذه المدة. يضاف إلى ذلك أن هذه التقنية العليا العلمية تمحو بالتدريج الفروق بين العمل اليدوي والعمل الفكري. وهذه ميزة من ميزات الشيوعية، فالوسيلة هنا أيضاً غاية، ذلك لأن إنسان الشيوعية الذي يكون مع كل حاجاته، الهدف النهائي، هو نفسه موجود في الإنسان الذي يمهد للشيوعية وتنمى كل مواهبه. ولا نجد مثالا، في أي مكان آخر على الحقيقة الجدلية التي تقول بتماثل الهدف والسائل أفضل، كما أننا لا نرى في مكان أخر، كما نرى هنا، أن الإنسان هو بداية الشيوعيةو نهايتها وأنه "أثمن رأسمال لها". يعني ازدياد الإنتاج، أيضاً، أنه بعد القضاء على تعارض الطبقات، فأن النضال الذي يحتل مكان الصدارة – وأن كان لا يجري إلا ضمن حدود علاقات الإنتاج، وضمن حدود النضال بين القديم والجديد – هو نضال ضد الطبيعة: إذ يجب تحويل الطبيعة للتمهيد للشيوعية، وتحويل سطح الأرض، والمناخ، وإصلاح الشبكة المائية، والغابات، وتجفيف المستنقعات، وإزالة الصحاري، وإحياء الأراضي، أيجاد أنواع جديدة من الحيوانات، والنبات، ومد وسائل الاتصال، وإدخال الآلة في الأعمال الشاقة، الخ... وما مشاريع الشيوعية الضخمة ألا دليل على هذا النضال العظيم ضد الطبيعة. غير أنه، كي نستطيع مواصلة تنمية قوى، يجب تحويل علاقات الإنتاج. ومن هنا كان: 2 – الشرط الثاني يتعلق بالأساس الاقتصادي، ونظام الملكية. لهذا من المهم، بعد كل ما رأيناه، أن نرفع بالملكية الكولخوزية، على مستوى الملكية القومية،و ذلك على مراحل تدريجية، مع توفير الربح للكولخوز أي لجميع المجتمع، وأن نستعيض عن تداول السلع بنظام لتبادل المنتوجات، على مراحل تدريجية أيضاً حتى تستطيع السلطة المركزية، أو أي مركز اجتماعي اقتصادي أخر، التصرف بجميع منتوجات الإنتاج الاجتماعي لمصلحة المجتمع . يتحقق، بواسطة هذه الوسائل، على أكمل وجه، وفي كل مرحلة من مراحل النمو الاجتماعي، الترابط التام بين علاقات الإنتاج وقوى الإنتاج، ولهذا انخفض عدد الكولخوزات بين أول تموز 1950 وتشيرين الأول 1952 من 240000 إلى 98000 يمهد إذن تجمع الملكية الكولخوزية بواسطة دمج الكولخوزات – أي بدون سحب ملكيتها – لزوال الفرق الأساسي بين الصناعة والزراعة – وهو فرق يتعلق بطريقة الملكية الاجتماعية – ويبشر بميلاد المجتمع الخالي من الطبقات، حيث لن يسيطر بعد الآن سوى الملكية الإشتراكية للشعب بأكمله,كما أن دائرة تداول السلع – بعد أن ضاقت بالتدريج - قد يحل محلها نظام لتبادل المنتوجات. غير أنه يجب كي نصل إلى هذه المرحلة انتصار وعي جديد على الوعي القديم. ومن هنا كان. 3 – الشرط الثالث يتعلق بالثقافة. لأننا نعلم أن الشيوعية لا يمكن أن توجد إلا أصبح العمل حاجه حياتية وأصبحت القواعد الأساسية لحياة المجتمع عادات. ولهذا وجب الوصول إلى ازدهار ثقافي للمجتمع، يضمن لجميع أعضائه تنمية مواهبهم الجسدية والفكرية، في جميع الميادين، حتى يستطيع أعضاء المجتمع تلقي قدر كاف من ثقافة ليعملوا بنشاط على نمو المجتمع، ويستطيعوا اختيار مهنة لهم بحرية فلا يضطروا، بسبب تقسيم العمل، إلى ممارسة مهنة واحد طيلة حياتهم . يتفق تحويل كل مواطن إلى عامل نشيط في النمو الاجتماعي تماماً مع النظرة السامية التي تنظرها الماركسية إلى تأثير الأفكار على حياة المجتمع المادية، كما يتفق مع نظرية الماركسية السامية أيضاً إلى تأثير الناس في التاريخ، وإلى حرية الإنسان كمبدع. يتضح أنه – إذا لم يصبح الإنسان عاملا نشيطا، واعيا للنمو الاجتماعي،و إذا لم يكن حرا في اختيار عمله – فأن الملكية الاجتماعية لن تصبح قط عادة ولن يصبح العمل حاجة. ماذا يجب كي نصل إلى هذه النتيجة؟ يجب "تغييرات جدية في حالة العمل" (ستالين). أ) تخفيض ساعات العمل اليومي إلى 6 ساعات على الأقل. ثم إلى 5 ساعات. مما يسمح لكل فرد أن يكون لدية متسع من الوقت لتلقي ثقافة شاملة، غير أنه يجب من أجل ذلك: ب) جعل الثقافة البوليتكنيكية جبرية كما تنبأ بها فورييه وماركس، إذ يجب على كل فرد من المجتمع أن لا يعرف بصورة سطحية بل بصورة علمية "لما كانت النظرية والتطبيق العملي غير منفصلين قط" مبادىء في فروع التقنية الصناعة التقدمية الكبرى، وأن يتمثل العلوم الاجتماعية وأفضل ما في الحضارة الشاملة. وهكذا يستطيع كل فرد أن يختار بحرية مهنة له فلا يظل طيلة حياته يمارس نفس النشاط. ومع ذلك، يجب أيضاً، لتحقيق أفض الظروف للدراسة. ج) تحسين ظروف السكن بصورة جذرية وأخيرا د) مضاعفة أجر العمال الحقيقي، وربما زيادته فوق ذلك، وذلك برفع الأجر مباشرة وتخفيض سعر السلع الكثير الاستهلاك مما يمهد للرخاء الشيوعي. ولنلاحظ أن إنشاء لتعليم البوليتكنيكي، الذي بدأه مشروع الخمس سنوات، يمهد لزوال الفرق الأساسي بين العمل الفكري والعمل اليدوي، العمل الصناعي والعمل الزراعي. فتقف عملية تقسيم العمل القديمة التي تشوه الشخصية الإنسانية. كتب ستالين، مختصرا الشروط الثلاثة الأساسية، يقول: متى تحققت فقط جميع هذه الشروط اللأزمة في مجموعها نستطيع أن تأمل في أن يصبح العمل في أعين أفراد المجتمع "حاجة الحياة الأولى" (ماركس) وليس مهمة شاقة، وبدلا من أن يكون العمل عبئاً ثقيلا يصبح غبطة و فرحا" (انجلز)" كما ينظر جميع أعضاء المجتمع إلى الملكية الاجتماعية على أنها الأساس الأول لوجود المجتمع. متى تحققت جميع هذه الشروط اللأزمة في مجموعها، نستطيع الانتقال من الصيغة الاشتراكية القائلة: "من كل فرد حسب كفاءاته ولكل فرد حسب عمله" إلى الصيغة الشيوعية القائلة: "من كل فرد حسب كفاءاته، ولكل فرد حسب حاجاته". وسوف يكون ذلك هو الانتقال التام من اقتصاد، هو اقتصاد الاشتراكية، إلى اقتصاد آخر سام هو اقتصاد الشيوعية .
5 – الخلاصة ليست الشيوعية عصر سيادة تقنية يعترف بها أعداؤها على أنها سامية حقا، ولكنهم يصورونها على أنها لا تأبه بالإنسان بل تعاديه. ليست الشيوعية قط "تنظيمها عقلانيا لقوى الإنتاج" بل هي سيادة الإنسان الذي أصبح أخيراً سيدا لمصيره بفضل معرفة قوانين الطبيعة والمجتمع الموضوعية. فالإنتاج مرتبط بالإنسان وحاجاته. وليس هدف الشيوعيين توزيع البؤس بالتساوي، بل سد حاجات الجميع. والتقنية هي لتخفيف تعب الناس وإزالته. وهكذا استخدام، في الاتحاد السوفياتي، خلال ثلاث سنوات، 1600 نموذج جديد من الآلات لتخفيف الجهد الإنساني. الشيوعية هي الإنسان وقد تحرر من أوصاب الملكية الخاصة ومن عبودية الماضي الروحية. ولما كانت واثقة، من طريق التجربة، بأنها لا تعمل من أجل أقلية من المستغلين، بل من أجل خير المجتمع، فأنها تحقيق أعظم المشاريع. تولد الشيوعية كنتيجة لعمل ملايين العمال الواعي الخلاق. ولهذا كانت نظرية التلقائية القائمة على إطلاق الحرية laisser – aller غريبة على تكوين الاشتراكية الاقتصادي . يفوز كل إنسان بواسطة الشيوعية، بالحرية الملموسة، التي هي "قوة ايجابية لتقرير فرديته الحقة" (ماركس – انجلز). ولما كان الإنسان يشترك مع أمثاله في ممارسة الديمقراطية التامة، فإنه يشترك بذلك، بصورة واعية في تكوين مستقبله. فهو في الوقت الذي يصبح فيه، بواسطة استخدامه للآلة، "سيداً للطبيعة ومالكا لها" – كما يريد ديكارت – فأنه يحول حياته الخاصة ويصبح سيد نفسه ومالكا. فيعكس كل فرد أجمل معالم الإنسانية الكاملة. يجعل أعداء الاشتراكية، وعملاؤهم من كل نوع من الاشتراكية نظاما يقضي على الفرد. وليس هناك من نظرة أكثر بدائية ولا أكثر سذاجة من هذه النظرة، فلقد أصبح واضحا أن النظام الاشتراكي قد ضمن تحرير الشخصية الإنسانية، وتفتح الإبداع الفردي والجماعي، وأنه أوجد الظروف المواتية لنمو المواهب التي تملكها الجماهير الشعبية في كل الميادين . هذه الفكرة هي التي أوحت لأليوار هذه الأبيات: نلقي بحطب الظلمات في النار ونحطم أفعال الظلم الصدئة فسوف يقبل الناس لا يخافون أنفسهم لأنهم واثقون من جميع البشر فلقد زال العدو في صورة الإنسان وحسب قول انجلز، الذي أشار إليه موريس توريز في المؤتمر الحادي عشر للحزب الشيوعي الفرنسي، فإن النضال من أجل الحياة الفردية ينتهي بواسطة الاشتراكية والشيوعية. فيخرج الإنسان عندئذ من مملكة الحيوان، ليتجلى عن ظروف الحياة الحيوانية وينعم بظروف إنسانية حقاً.
تعريب شعبان بركات المكتبة العصرية .. صيدا . بيروت
#جورج_بوليتزر_وجي_بيس_وموريس_كافين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
اصول الفلسفة الماركسية ...الدرس العشرون
-
اصول الفلسفة الماركسية ...الدرس التاسع عشر
-
اصول الفلسفة الماركسية ..الدرس الثامن عشر
-
اصول الفلسفة الماركسية ..الدرس السابع عشر
-
اصول الفلسفة الماركسية .. الدرس السادس عشر
-
اصول الفلسفة الماركسية .. الدرس الخامس عشر
-
اصول الفلسفة الماركسية..الدّرس الرابع عشر
-
اصول الفلسفة الماركسية ..الدّرس الثالث عشر
-
اصول الفلسفة الماركسية ..الدرس الثاني عشر
-
اصول الفلسفة الماركسية .. الدرس الحادي عشر
-
اصول الفلسفة الماركسية..الدرس العاشر
-
اصول الفلسفة الماركسية . الدرس التاسع
-
اصول الفلسفة الماركسية ..الدرس الثامن
-
اصول الفلسفة الماركسية ..الدرس السابع
-
اصول الفلسفة الماركسية ..الدرس السادس
-
اصول الفلسفة الماركسية ..الدرس الخامس
-
اصول الفلسفة الماركسية ..الدرس الرابع
-
اصول الفلسفة الماركسية ..الدرس الثالث
-
اصول الفلسفة الماركسية ..الدرس الثاني
-
اصول الفلسفة الماركسية
المزيد.....
-
حزب الفقراء، في الذكرى 34 لانطلاقته
-
تركيا تعزل عمدة مدينتين مواليتين للأكراد بتهمة صلتهما بحزب ا
...
-
تيسير خالد : سلطات الاحتلال لم تمارس الاعتقال الإداري بحق ال
...
-
الديمقراطيون لا يمتلكون الأجوبة للعمال
-
هولندا: اليمين المتطرف يدين مذكرتي المحكمة الجنائية لاعتقال
...
-
الاتحاد الأوروبي بين مطرقة نقص العمالة وسندان اليمين المتطرف
...
-
السيناتور بيرني ساندرز:اتهامات الجنائية الدولية لنتنياهو وغا
...
-
بيرني ساندرز: اذا لم يحترم العالم القانون الدولي فسننحدر نحو
...
-
حسن العبودي// دفاعا عن الجدال... دفاعا عن الجدل (ملحق الجزء
...
-
الحراك الشعبي بفجيج ينير طريق المقاومة من أجل حق السكان في ا
...
المزيد.....
-
مقدمة في -المخطوطات الرياضية- لكارل ماركس
/ حسين علوان حسين
-
العصبوية والوسطية والأممية الرابعة
/ ليون تروتسكي
-
تحليل كلارا زيتكن للفاشية (نص الخطاب)*
/ رشيد غويلب
-
مَفْهُومُ الصِراعِ فِي الفسلفة المارْكِسِيَّةِ: إِضاءَةِ نَق
...
/ علي أسعد وطفة
-
من أجل ثقافة جماهيرية بديلة 5 :ماركس في عيون لينين
/ عبدالرحيم قروي
-
علم الاجتماع الماركسي: من المادية الجدلية إلى المادية التاري
...
/ علي أسعد وطفة
-
إجتماع تأبيني عمالي في الولايات المتحدة حدادًا على كارل مارك
...
/ دلير زنكنة
-
عاشت غرّة ماي
/ جوزيف ستالين
-
ثلاثة مفاهيم للثورة
/ ليون تروتسكي
-
النقد الموسَّع لنظرية نمط الإنتاج
/ محمد عادل زكى
المزيد.....
|