شجاع الصفدي
(Shojaa Alsafadi)
الحوار المتمدن-العدد: 2542 - 2009 / 1 / 30 - 06:09
المحور:
الادب والفن
لم تنتهِ الحرب لكن تعطلت لغتها قليلا ، كان الكلام رصاصا والصمت قنبلة تخلق الركام .
وكانت رسائلي معبقةً برائحة البارود وأنفاسي التي اعتدت تهدجها حبا ، تقطعت أوصالها ،
بعثرتها رياح الموت التي تستطرد اندلاع النار وتبعث العويل في صدور الثكالى .
إنها الحرب أثقلت كاهلي فطغت على حبٍ يثير رغبة الحياة في صدري ،هو شيء أشبه بنهرٍ فقد مجراه حين أغلق البحر أبوابه التي تستقبل ماء البقاء .
لم تبق الإنفجارات متسعا في عمق النهر ،فتعكر الحب فيه واحتله الركام .
كنت وإياكِ بحرا ونهر ،كنا نجمة ومدارها ،نطل على روحنا فنلتقي في عتمة الأقدار ..
لكن نيران الحرب داهمت حتى الظلام الذي خبأ أحلامنا ،وأشعلت سماء الله فاحترقت الأحلام كنيزكٍ يفر من أقداره فيموت حين يلامس واقع التراب ..
كان كل شيء بيننا مقدسا ،كنا عصفورةً وأرض ، تحلقين في سمائي دون أن تشغلك حرقة الرغبة في الترجل من علياء الوهم فتلقي نفسك بين أنين انتظاري ونار احتضاري..
ونمضي معا في سرنا الأبدي .
لكنها الحرب ، أتت يا طفلتي المحلقة أبدا ،فقصفت رموشي التي تخفي خفق جناحيكِ
ولن يكن ذنبكِ إن قتلتُ فرحلتِ ،فرحلتكِ لم تدرك أن السماء قد تعكرها غربان الموت ،وتنشب مخالبها في قصة حبٍ داهمتها الحرب فأدمتها خوفا وأغرقتها بدمٍِ مجهول الهوية .
رسائلي تغيرت، فعذرا إن احتل ساحات الحلم ترابٌ آخر ليس من ذاك الذي جُبلتُ منه ، وليس ذنب البحر إن أغلق مصبه لئلا تعكره دماء النهر وركام الحرب ..
ليس ذنب الطير الذي استكشف أرضا بحثا عما يسد رمق القلب لو رحل عنها ليتدارك مزيدا من الحياة والحرية .
فالموت الذي استوطن المكان جعل كل شيءٍ مقفرا حتى من الأمل ومن الأحلام .
وإذن لا جدوى من رسائلٍ مزقتها الشظايا ،وسدى كلها أوراقي التي كتبت ، ففي زمن الحرب لا شيء يطغى على أزيز الطائرات حتى الحب .
فاغفري رسائلي التي لم تكتب ، وأغفر لكِ رحيلا من إقفاري بحثا عن أمل وحرية وحياة ..
أغفرُ حبا صار ترابا ،وحلما صار نيزكا احترق وسقط من عليائه ولم يُبقِ التراب مقدسا .
#شجاع_الصفدي (هاشتاغ)
Shojaa_Alsafadi#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟