|
لماذا لم نبتهج والإنتخابات تطرق الأبواب
سميرة الوردي
الحوار المتمدن-العدد: 2542 - 2009 / 1 / 30 - 09:07
المحور:
ملف: الانتخابات والدولة المدنية والديمقراطية في العراق
كم من مشهد في فلم يثير فينا الجمال والمتعة والسعادة ، كظلال شجرة على نهر أو منحدر ، أو منظر طفل تشع الطفولة في بسمته ، أو مغامرة سِفْر أو سَفَر ، أوفي اكتشاف ، وكثيرة هي المشاهد التي تعلق في الذاكرة ، بالأمس أرسل لي أخي الذي لم ألتقيه منذ أربعين عاما مشاهد وصور لبغداد لا تقل جمالا وروعة عما نشاهده في كل الأفلام ، وفي كل المدن التي نزورها دون شعور بالخوف من كتاب التقارير وحملة السيوف والمسدسات . بغداد الحبيبة بترابها الأصيل الذي تزدهر فيه كل أنواع الحياة وفراتيها العذبين المستظلين بأجمل نخيل العالم وأزهاها ، وحضاراتها الخالدات شاهدُ على تلك العقول الجبارة التي تجاوزت أعتى المحن وأبشعها ، فتاريخنا ملئ بالآمال والآلام التي رغم عمقها وإيلامها لم تتمكن من افناء وجه وطننا المضيء عبر التاريخ ، تلك الصور التي عشنا في أحضانها ومررنا بها مرور العابرين من غير متعة أو تأمل ، ركضنا سراعا هربنا ، فالموت الذي يتربصنا عقوداً أمحا من ذاكرتنا الإنسانية معنى المتعة والتسلية ، وحتى الرغبة في العلم والتعلم تقهقر الى خلف الحاجة للبقاء أولا وكل شيء سيأتي بعده ، ناسين ومتناسين مرغمين أن سيأتي يوم ونعي ونكتشف أن العمر مضى ولم يتبق منه إلا بقايا روح تبحث عن بصيص أمل عن عودة لتلك الفتوة كي نعوض ما فاتنا ولكن هيهات ... أبحث عن السبب الجوهري الذي أورثنى هذا الهم وابيض شعررأسي ولم تبيض أيامنا بعد، أرى أن الحرية هي سبب كل لوعتنا وسبب تخلفنا ، فنحن أمة خُلقنا للبناء ولكن مجيء سلطات قمعية لم تؤمن بالحرية طريقا للحياة بل اختارت الموت طريقا لوجودها أودى بالكثير من أحلامنا ومسخ الكثير من القيم الإنسانية التي كانت نسيجا في المجتمع تربطه بكل أجناسه وملله ، إن الظلم والخوف المزمنين مرضين خطرين ينخر جسم المجتمع . إن الكثيرين ممن استطاعوا الخروج من المحنة ، بالرغم من مرارة المحنة والغربة في وقت مبكر قد يكونوا عوضوا شيئا ما عن محنتهم وغربتهم ، كتعليم عالٍ أو حرية في التنقل واثبات الذات سواء على الصعيد الثقافي أوالفني أو العلمي ، أما من بقي خلف جدران السجن الكبير فقد كان تحت طاعون سلطة الموت في كل خطوة يخطوها وقد ضاعت أهم سنوات العمر لأجيال وأجيال. إذا لنكن أحرارا في حياتنا من سلطة الخوف أولا . فلا حرية مع خوف ، ولا حرية مع محاباة ولا حرية مع تنازل ، فالحرية هي الإختيار لنمط الحياة سواء كان في الحياة الشخصية أو في اختيار من يمثلنا في صناديق الإقتراع عن معرفة ودراية بالمرشحين وقدراتهم على فرض برامجهم المعلنة والمعروفة لكل شرائح المجتمع . اليوم ونحن على أبواب الإنتخابات لم نتعرف على كل الناخبين الممثلين للناس في جميع المحافظات ، بل غالبا ما تطالعنا وعلى كل أصعدة الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية وجوه المسؤولين الذين تداولوا السلطة منذ سقوط النظام ولحد اليوم . أين هي حريتنا إذا في اختياراتنا . الحرية الحقيقية هي اتاحة الفرص الحقيقية للناخبين وللمنتخبين لمعرفة بعضهم البعض من خلال عرض نبذ عن حياتهم وسيرتهم وعملهم وحتى انتماءاتهم الفكرية كي تكون العملية الإنتخابية فعلا شفافة ونزيهة وبعيدة كل البعد عن أساليب التعميم والتعمية . لو أُسأل مالجمال لأجبت هو الحب ، الجمال في كل شيء هو أن تُحب ذلك الشيء وتحس به ،وتحياه . هناك قول جميل لطاغور ( إن الله جميل يُحب الجمال ) وقول لكانت ( جمعت الطبيعةعبقريتها فكان الجمال ) وراجي الراعي يقول (ليس الجمال بمئزر تلبسه إن الجمال جمال العلم والأدب ) فالجمال هو الفن والثقافة والحب والبناء وبناء الإنسان واحترامه أولا وآخرا ونشر العدالة والإنصاف وسيادة القانون ولا يمكن ممارسة هذه الحياة من غير حرية حقيقية يحياها كل أفراد المجتمع دون زيف وادعاء . فالإنتخابات الحرة النزيهة حقا هي التي لا تتبرقع وتختبئ وتُعمى من أجل مصالح فردية أو فئوية ، لكي نحيا الجمال ونحيا الحب ونحيا الحياة لابد من مجيء من يُدرك معنى حريته وحرية الآخرين ومعنى نزاهته ونزاهة الآخرين ، ومعنى أن يكون له دورٌ في بناء الوطن . فالجمال هو في الإنتخابات التي يستطيع المجتمع أن يزدهر بظلالها لا أن يتخبط في اختيارها .
#سميرة_الوردي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لو نتعظ ونتعلم من أوباما
-
هل من محتفل ؟ ! وناخب ؟! ومنتخب؟ !
-
تباً لكم ولما فعلتم في الدورة !
-
قلبي معك وعقلي ضدك يا منتظر
-
هل نكتب ما شاهدناه أم نشاهد ما نكتبه ؟
-
متى نعتزُ بالجمال !
-
لماذا الموت ؟
-
بذور الحنظل
-
سميرة الوردي تهنئ وتقول الأسود في البيت الأبيض
-
أنا وولدي والوطن بين ... سيغموند فرويد ... وعلي الوردي
-
الفن والحرية ... شعب في الإغتراب و شعب تحت التراب
-
جواب
-
القرضاوي وميكي ماوس
-
ليلى والذئب وحكايات أُخرى
-
جدلية الموت والحياة وغبارالحق الإلهي
-
أحاديث منتصف النهار
-
لماذا البكاء
-
عينان خضراوان
-
بين أوباما وماكين
-
مسرح اليوم أو مسرح الستين كرسيا
المزيد.....
-
جنرال أمريكي متقاعد يوضح لـCNN سبب استخدام روسيا لصاروخ -MIR
...
-
تحليل: خطاب بوتين ومعنى إطلاق روسيا صاروخ MIRV لأول مرة
-
جزيرة ميكونوس..ما سر جاذبية هذه الوجهة السياحية باليونان؟
-
أكثر الدول العربية ابتعاثا لطلابها لتلقي التعليم بأمريكا.. إ
...
-
-نيويورك بوست-: ألمانيا تستعد للحرب مع روسيا
-
-غينيس- تجمع أطول وأقصر امرأتين في العالم
-
لبنان- عشرات القتلى في قصف إسرائيلي على معاقل لحزب الله في ل
...
-
ضابط أمريكي: -أوريشنيك- جزء من التهديد النووي وبوتين يريد به
...
-
غيتس يشيد بجهود الإمارات في تحسين حياة الفئات الأكثر ضعفا حو
...
-
مصر.. حادث دهس مروع بسبب شيف شهير
المزيد.....
|