ايوب شيخ فرمان
الحوار المتمدن-العدد: 2541 - 2009 / 1 / 29 - 06:02
المحور:
العولمة وتطورات العالم المعاصر
هنا حرب غير عادلة في فلسطين وقتل وتجويع الآلاف وتشريد آلاف اخرى، فلاماوى ولا مأكل للمتضررين بعد أن هدمت بيوتهم وسلبت حقوقهم وهناك إنتهاك لحقوق الانسان بازاحة حاكم من السلطة في بلد وتنصيب آخر ليحل محله , والاطاحة بانظمة لاحلال اخرى مكانها سواء في افغانستان أو العراق او في الصومال , وشعوب تتضور جوعا وتنزف دما ليس إلا لانها لاحول ولاقوة لها تعيش واقعا مرا أليما وتنتظر مستقبلا مبهما مجهولا , ففي الداخل حكام دكتاتوريين وفي الخارج عولمة متوحشة .
كل هذا يحصل في وضح النهار وعلى مرأى ومسمع المنظمة الدولية هذا إن لم تكن هي السباقة في تفعيل بعض هذه الادوار ،من انقلاب عسكري في هذه الدولة أو تنصيب حاكم واقلاع آخر في تلك او تحريض هذا الحزب او تلك الحركة ضد غيرها وطبعا هذا كله بقيادة امريكا وحليفتها بريطانيا العظمى إضافة الى الحلف الاطلسي ومن لف لفهم حتى باتت الشعوب المضطهدة داخليا وخارجيا لتمسي بين المطرقة والسندان , بين الحاكم المتغطرس والعولمة المتوحشة , بين جهلها وتطور الآخرين , وأصبح ينطبق عليها المقولة الشهيرة للقائد التأريخي طارق بن زياد .. العدو امامكم والبحر ورائكم فإما القتال بشرف وإما الموت بكرامة .
نعم هكذا اصبحت حال بعض الدول أو الشعوب أو الاحزاب التي يا ويلها لو دخلت قائمة أمريكا وحلفائها سيما وأنها هي التي تقود المنظمة الدولية الى بر أمانها بل الى بر غاياتها هي والمساومين معها ،فما أن تدخل دولة معينة قائمتها حتى يصبح أمامها خياران أحدهما أمر من الآخر إن لم يكن احدهما أخطر من الآخر .
قالها مؤسس الاشتراكية العلمية ( لينين ) .. من أن الامبريالية هي أعلى مراحل الرأسمالية .. تحققت تلك النبوءة وما أشبه اليوم بالبارحة بل لافرق بينهما فالماضي يعيد نفسه للاقوياء على حساب الفقراء والجهلاء معا .
فبالامس كاد ( هتلر ) أن يستحوذ على العالم كله بغطرسته وجشعه وأطماعه في العالم لولا بسالة الاخطبوط السوفيتي في تصديه له بسياسة الارض المحروقة بعدما يأست أمريكا وحلفائها من صده فكان الاتحاد الدولي ثمرة انتصار الحلفاء ومنها نشأت الامم المتحدة والتي كان من المفترض أن تسمى الامم القوية أو الامم المنتصرة بدلا من الامم المتحدة , فهي اتحدت ضدهتلر وحلفائه المحوريين للتخلص من شروره فقط ، تاركة الاتحاد للاقوياء فقط حتى داخل المنظمة الدولية نفسها .
إذن المنظمة الدولية لم تنشأ بمحض صدفة ولا كما تصورها ويتصورها البعض من السياسيين الصعاليك من شتى التيارات المتصالحة أو المتضادة سواء كانوا راديكاليين أو قوميين أو متطرفين أو حتى يساريين هنا أو هناك , كما إنها لم تقم على مبدأ المساواة او العدالة بين شعوب العالم وإن كانت تدعي ذلك في صفحات مواثيقها الدولية , أو لحفظ ماء وجه هذه الدولة او هذا الحاكم وهذه القومية او تلك إلا وفقا لمصالحها ومصالح منظميها الاقوياء بالرغم من انها لم تخلو في بعض الاحيان من بعض الدول او الآليات او المنظمات بل وحتى الشخصيات التي رسمت لون ناصع لحياة جديدة ولمستقبل جديد للبشرية جمعاء .
وبالرغم من ان الامم المتحدة هي اعلى سلطة دولية تمارس شرعيتها ونفوذها العالمي إلا أنها لم تصل الى تلك الدرجة من العدالة او المساواة في حلها للكثير من المشاكل الدولية العالقة ومنذ تأسيسها ومنها النزاع العربي الاسرائيلي او الحرب الباردة وانقسام العالم الى معسكرين اشتراكي وراسمالي ناهيك عن النزاع على الحدود في آسيا وافريقيا بالرغم من انهما يشكلان والشرق الاوسط قطبيها الرئيسيين وهما اهم اركان نشاة الامم المتحدة واللذين سارعا وناضلا ببسالة ضد النازية والشوفينية في الحرب العالمية الثانية وكانا السباقين في الوصول الى الرايخ الالماني في برلين لنيل شرف الدولة العظمى في العالم ,إلا أن صراعهما ادى الى انهيار القطب الاشتراكي والشيوعي بقيادة الاتحاد السوفيتي وتواطؤ غورباتشوف مع عملاءه الامريكان ضد ابناء جلدته وبالتالي كانت هذه طعنة كبيرة في جسد الامم المتحدة بتحول العالم الى احادي القطب بعدما كان ثنائي القطب وماترتب عليه من إخلال في توازن القوى الدولية .
فكيف اذن بعد هذا الصراع الطويل، والتضحيات التي بذلتها امريكا وحلفائها داخل المنظمة الدولية ذاتها وإطاحتها بحليفها القوي الاتحاد السوفيتي ناهيك عن تضحياتها هنا وهناك خارج المنظمة الدولية ،كيف نراها عادلة في طرحها لمشاكل بعض الدول إلا ضمن منظورها المصلحوي إن صح التعبير , وكيف لنا ان نراها تساند حركات التحرر الدولية وهي المحطمة لجسدها بل وروحها المتمثل بالاتحاد السوفيتي المساند والداعم القوي لتلك الحركات التحررية الدولية ومن مختلف الصنوف والاتجاهات والميول , بل وكيف لنا ان نراها وهي تسعف ضحايا حلبجة الخمسة الآف في العام 1988 وصرخاتهم تصل الى السماء العليا طالبة الرحمة والنجدة وهي المساندة والداعمة لحكم صدام العميل الامين لها آن ذاك .
ثم كيف يتصور البعض من انها لن تكون الى جانب اسرائيل التي تمتلك السلاح النووي والصواريخ العابرة للقارات في حربها غير العادلة ضد الشعب الفلسطيني الاعزل , وكيف لها أن لا تحارب بقايا الشيوعية في شخص كوبا فيدل كاسترو في عقر دارها هي .
بالامس اتهمت امريكا الشيوعية بانها مهددة لوجودها واليوم ياتي دور العرب باتهامهم بالارهاب وتحارب كوريا الشمالية لتفعيلها برنامجها النووي وتفعل ذات الشيء مع ايران , فهي من جهة تنقم على الغير امتلاكهم للسلاح النووي وتنعم على اخرين حصولهم عليه مثبتة ومؤكدة سياستها ذات المكيالين تجاه غيرالموالين لها منعكسة بالتالي افعالها وتصرفاتها على المنظمة الدولية التي باتت خانعة لها وخاضعة لها روحا و جسدا .
ترى أتخاف امريكا وهي سيدة العالم بطائراتها وصواريخها ذات الرؤوس النووية العابرة للقارات وحلفائها الاقوياء واساطيلها البحرية والبرية والجوية المنتشرة في اغلب ارجاء العالم اليوم ,أتخاف من العرب الذين لايملكون غير الحجر لإدامة وتعزيز ثورتهم وعضبهم أم انها تخاف هذه الصرخات والمظاهرات التي تجوب كل اصقاع العالم لنصرة غزة واهلها العزل؟ألم تتأكد أمريكا من إنفرادها في التسلط على العالم والتحكم بمصيره بعد أم انها في الحقيقة مرتبكة ومتوترة حيال تحركات الفنزويلي ( هوكو شافيز ) ومن اصراره في عودة الشيوعية العالمية الى الساحة الدولية ؟ كل هذه الاحداث اللامساواتية سواء في فلسطين او دارفور او الصومال او لبنان او افغانستان او العراق وغيرها من الدول مع تحرك ثوري دولي وبمساندة الجماهير الغاضبة ضد العولمة حتى في اوربا وامريكا وبمعاضدة البعض من الحكام العادلين لشعوبهم وللشعوب المضطهدة ... كل هذا كفيل بنشاة ( امم متحدة ) جديدة , اهدافها المساواة والعدالة والتحرر لتخليص العالم من شر الرأسمالية وعولمتها المتوحشة .
نعم اقول أن العالم أحوج الى منظمة دولية تكون أعدل مما هي عليه في ممارستها في اعطاء الحقوق , واكثر حزما مما هي عليه من الهشاشة , وأكثرجرأة مما هي عليه من الخنوع . فبالرغم من تصويت الغالبية في كواليس المنظمة الدولية على قرار وقف اطلاق النار في غزة تجاهلت اسرائيل الصوت الدولي واستمرت في عدوانها ضاربة بعرض الحائط كل قراراتها , ومؤكدة للعالم اجمع ان المنظمة الدولية يحكمها الاقوياء من حلفائها . وما جاء امتناع امريكا على التصويت على قرار مجلس الامن الاخير إلا تبريرا لما تقوم بها حليفتها الابدية اسرائيل التي مابرحت ان خرقت الميثاق الدولي باستخدامها الاسلحة الفسفورية المحرمة دوليا في حربها ضد فلسطين حسب تقرير الصليب الاحمر الدولي .
هذا الانحياز الانكلو امريكي لحساب اسرائيل بل وحتى تواطؤ البعض من الحكام العرب كان الكفيل بتأجيج الغضب لدى بعض الزعماء العرب منهم والاجانب على حد سواء ناهيك عن الغضب الشعبي والجماهيري في شوارع المدن والعواصم العربية منها والعالمية , ما يعني أن المنظمة العالمية باتت مكتوفة الايدي إن لم تكن مشلولة او مسلوبة الارادة , فبدل ان تسارع الى تحرير عقوبة على اسرائيل جراء عدم اذعانها لقرارها في وقف اطلاق النار نراها تتوسل منها لاعطائها مهلة زمنية لسحب موظفيها من غزة بعيد قتل احد اعضائها من نيران صديقة رغم علم اسرائيل باحداثيات موقع المنظمة الدولية هناك .
يكفي ان نقول بحق الأمم المتحدة , عفارم عليها فقد أدت الامانة الملقاة على كاهلها وحررت القرارات بحق غزة وغيرها من المناطق الساخنة في العالم وإن لم تنفذ عبر آلياتها فإنها رصيد كبير يضاف الى قراراتها المتهرئة والمنخورة في اروقة مكاتب جنيف واوسلو ونيويورك والتي عفا عنها الزمن . وإن كانت منظمتنا الاممية ستنتهج ذات النهج لمعالجة القضايا والمشكلات الدولية الراهنة او المستقبلية وبنفس الوتيرة السابقة وخاصة بعد اشغال ( اوباما ) لمنصب الرئاسة الاميريكية وما يعول عليه المحللون السياسيون في العالم من انه سيكون اكثر اعتدالا ودمقرطة في نظرته للمشاكل الدولية الراهنة , حينها ستكون قد شغلت لنفسها موقع خبر كان بعدما كانت تشغل موقع الاسم الاول ولو في نظر منظميها قبل القابعين تحت خيمتها .
#ايوب_شيخ_فرمان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟