عساسي عبدالحميد
الحوار المتمدن-العدد: 2540 - 2009 / 1 / 28 - 05:56
المحور:
الادب والفن
دعوني أحدثكم قليلا عن يسوع والمرأة، فإن ذكرى الرجل الفريد معزية للقلب، شافية للروح، وما من حكيم أو نبي استطاع أن يلامس قلوبنا نحن النساء كما صنع الناصري العجيب، وما زلت أتسائل حتى الساعة، هل كان يسوع نبض الشوق الكامن في قلوبنا فصار نظيرنا من لحم ودم ؟؟ أم بذرة الحب النامية في أحلام المرأة والتي توقضها أشعة الصباح برفرفة أجنحتها اللطيفة بين اليقضة واليقضة ؟؟ هل كان نشيدا سماويا لم يقدر الحكماء ترتيله ففتح كتابا أمام أعيننا لنترنم به نحن البسطاء على مسامع ربيع أشواقنا وشواطئ أحلامنا؟؟أم ينبوع جبالنا الصافي المتدفق في ظهيرة صيفنا اللامع أم جدولا مترنما ناشدا عمق وزرقة البحر الشاسع ؟؟ في الحقيقة كان يسوع حقلا مزهرا ويدا حنونة ممدوة لنا نحن النساء، لم يسبق للناصري أن صرخ في وجه امرأة كما حدث له مع الرجال، فقد كان كلامه حادا مع الفريسيين والعشارين والمرائين وحتى مع تلاميذه الذي كان يصفهم أحيانا بقليلي الايمان والضعفاء ...
أما مع المرأة فقد كانت في عينيه اشراقة الصباح المزهو بألوانه وكانت كلماته كعبق الأرز المتراقص على طرف الوادي السحيق،أما حركات يديه فكانت ترسم خطوطا متناسقة تماما كما يرسم القمر بضوئه خطوطه على بحيرات الجبال المنفردة، نعم، كان يسوع نصير المرأة الأول، وشاعرا يتلو على مسامعها أجمل القصائد وعازفا ماهرا يضرب برفق على أوتار قلبها الرقيق لحنا عتيقا يداعب و يفرح، وكان أيضا خطيبا يلامس المرأة بروح كلمته العذبة، كان يسوع يتألم للمرأة ويذرف الدموع لأجلها، فلم يحدث أن أنب واحدة منا حتى الخاطئة التي تبحث عن خبزها المر لتأكله معجونا بدموعها وأحزانها، كان يضع يده على رأسها بحنان عجيب ويمنحها الحياة وقوة الانطلاق ، فذات مرة أحضروا أمامه امرأة خاطئة، فقالوا له ׃بحسب شريعتنا فإن هذه ترجم هذه حتى الموت، فبماذا تحكم أنت؟؟، كانت نظرات يسوع الصامتة لأولائك الرجال نظرات ناطقة فصيحة، كانت كالحراب الحادة وكأني به يقول لهم سحقا لكم و لشريعتكم العمياء أيها المرائين، ثم التفت نحو المرأة المسكينة وقال لها مغفورة خطاياك يا ابنتي، اذهبي بسلام ...فلا غرابة ان تعلقت به بنات أورشليم، نعم لقد كان يسوع نصير المرأة ولهذا رافقته على طريق الآلام وبكته بحرارة تحت الصليب، وذهبت له بالحنوط والعطور مع اطلالة أشعة الفجر الأولى لتجد حجرا مدحرجا و قبرا فارغا فأظهر لها عظمته وعطفه اللامتناهي، حتى كلوديا زوجة بيلاطس البنطي الذي وافق على صلبه قد حملت هي الأخرى ذكراه العبقة لنساء روما، فصار يسوع كلمة معزية و نشيدا خالدا لكل امرأة في هذه المسكونة ....
#عساسي_عبدالحميد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟