|
القوات الامريكية تستخف بحقوق الأنسان في العراق
زهير كاظم عبود
الحوار المتمدن-العدد: 780 - 2004 / 3 / 21 - 07:21
المحور:
حقوق الانسان
اذا كانت قوات الأحتلال تتعامل بقسوة وأستفزاز مع العراقيين كونها بلد يحتل العراق بالقوة ، فلماذا لاتعير اهتماما لأبسط حقوق الأنسان ؟ وأذا كانت الولايات المتحدة الأمريكية التي تحتل العراق تشعر أن كل انسان امامها يستهدفها فما مبرر وقوفها وسط الشوارع وبالتالي أطلاق الرصاص على كل هدف مدني متحرك ، وهي تعلم حق اليقين أن المواطن المدني البائس هو فقط من يتحرك أمامها ، أما العنصر الأرهابي أو العناصر الموغلة بالجريمة فأن لها أساليب تخفى على الناس وعلى الأمريكان ويذهب ضحيتها العراقي وحده في عمليات خسيسة وجبانة . ماقامت به القوات الأمريكية لايدل على سذاجة في معرفة التعامل مع شعب عريق وأصيل كشعب العراق أوقعه رئيسه البائد الذي ما صار يوماً مثل الرجال في العراق تحت الأحتلال ، ولم تكن دون دراية بما يجول بأفكار العراقيين من عدم تقبلها للأحتلال أيا كانت جنسيته وشكله ، مع كراهية الجماهير لصدام ونظامه البائد . أذ ليس من المعقول أن تقدم الدبابات والمدرعات الأمريكية بسحق سيارات المواطنين التي تكون أمامها ، وليس من المعقول أن يتم الأستخفاف بحرية الناس وكرامتهم ، ليس من شك أننا نقر بوقوعنا تحت الأحتلال ، ولكن حتى الأحتلال له ضوابط وشروط لاتلتزم بها القوات الأمريكية . في كل لحظة رعب تقع ضمنها القوات الأمريكية المستهدفة يكون جميع المواطنين الأبرياء المستطرقين بالصدفة أو بحكم تواجدهم في المنطقة أهداف واضحة لأي قناص أو رامي أمريكي دون أن يكون لهم حول أو قوة . وأذ تتحمل القوات الامريكية وزر هذه الجرائم والدماء الكثيرة التي سالت من صدور ووجوه العراقيين ، فانها بنفس الوقت تتحمل المسؤولية القانونية عما يحصل في العراق من انفلات امني ومن سيطرة مجموعات الأرهاب على أجواء الحياة والشارع في العراق . وليس آخر هذه الجرائم ما أقدمت عليه القوات الأمريكية في قتل مصور وصحفي ( علي الخطيب وعلي عبد العزيز ) تابعين لقناة العربية عن طريق الخطأ نتيجة ملاحقتهما لسيارة تسبق السيارة التي يستقلانها اطلقت عليهم الرصاص . ويبدو أن فشلاً ذريعاً لاتريد الولايات المتحدة الأمريكية أن تعترف به ، وهو أنها لم تستطع أن تستوعب الوضع العراقي ، ولاقدرت على الأنسجام مع الشارع العراقي ، ويبدو أنها وقعت في جملة أمور شائكة وضعتها في زوايا محرجة لاتستطيع أن تجد لها الحلول الناجعة ، ومن باب المكابرة فانها لم تزل متمسكة بموقفها والسير بخطى مستعجلة رغم مايرافق عملها من أخطاء وأخفاقات . القوات الأمريكية تقبض على الناس وتخلي سبيل بعضهم دون أن نتعرف على التهمة ، والقوات الأمريكية تقرب وتباعد ، وتعتمد على تقارير المغرضين كأي دائرة أمن صدامية موبوءة ، والقوات الأمريكية تقوم بأفعال تستفز العراقيين وتدفعهم للحنق والكراهية المقيتة لها ، والقوات الأمريكية لاتجعل قيمة للمواطن العراقي ولاتعرف معنى الكرامة والشرف عند العراقي ، والقوات الأمريكية لم تستفد من الدراسات والأبحاث التي قدمها لها مستشاروها ولاقرأت في كتب التاريخ عن العراق . وأذا ماعادت الى صوابها وتمعنت في أعداد الضحايا من العراقيين الذين سقطوا برصاص جنودها دون أن يكونوا مسلحين أو يقومون بأعمال من شأنها أن تصل لمستوى القتل ، ولو أحصت الناس الذين قضوا برصاصها الخاطيء وتحت عجلات دباباتها ومدرعاتها ، لعرفت السبب الذي يدعو الناس للتكاتف ضدها والحنق عليها والأنتقام من جنودها الذين ضحت بهم من اجل ترسيم سياستها في العراق و منطقة الشرق الأوسط . اعداد القتلى من الجنود الأمريكيين المتزايد يدل على خطأ المنهج في التعامل مع الشعب العراقي ، واعداد القتلى من العراقيين بالرصاص الأمريكي يدل ليس على الرعب الذي يسيطر على عقل الجندي الأمريكي ، بل يدل ذلك على عقم بقاء المحتل في العراق وأن يدع الناس لحالها ترسم مستقبلها بيدها ووفق مايرتبه عليها واقعها وظروفها الذاتية والموضوعية . وعلى القوات المحتلة أن تفهم أن قواعد وأسس حقوق الأنسان لايمكن الأيمان بها لفظا مالم تتجسد في الفعل والتطبيق ، وأن التجربة العراقية المريرة تتلخص في أن اهل العراق لايريدون صدام حسين الذي اذاقهم الموت والدمار والخراب والحق بهم الخسائر والهزائم وجلب لهم المحتل بعد ان سلمه العراق على طبق من ذهب ، أيضاً لايريدون الأحتلال ولايقتنعون ببقاء المحتل بأي شكل وسبب يدعوة للبقاء في العراق . ولو ابدلت الولايات المتحدة المحتلة للعراق تعاملها مع المواطن العراقي بما يليق به من التعامل الحضاري والأنساني ، وأحترمت مشاعره وكرامته ، ولو تعاملت الولايات المتحدة الأمريكية بشيء من المعقول والمنطق كونها لايمكن لها أن تبقى الى الأبد في العراق ، ولو انها أقرت بحقوق الأنسان وابتعدت عن استفزاز مشاعر العراقيين والتنكيل بهم وبرموزهم ، لحفظت ليس فقط ماء وجهها ، وانما حفظت حياة جنودها أن كانت حريصة على حياة الأنسان بشكل عام والأمريكي بشكل خاص ، والأنسان أثمن مافي الوجود كما يقال ، ولكن هل يمكن للمخططات والمقامرات السياسية أن تحول دون تحقيق ذلك ؟
#زهير_كاظم_عبود (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تحية الى الشاعرة الفلسطينية سلافة حجاوي
-
الى انظار السيد هوشيار الزيباري – وزير خارجية العراق المحترم
-
الموت العراقي الجميل
-
الذبح على الطريقة الأسلامية
-
الدعوات المريضة للنيل من الأيزيدية
-
الكتابة بعيداً عن الحقيقة
-
ملاحظات سريعة على نصوص قانون أدارة العراق للمرحلة الأنتقالية
-
وصايا أيلي زغيب الى صدام حسين
-
من المسؤول عن الأرهاب في العراق ؟
-
أصرار أم أسرار
-
المسؤولية الجنائية في مذكرات حازم جواد
-
مسيلمة العراقي وروائح النفط
-
صكوك النفط التي لم تحترق
-
من يوقظ الحاكم الظالم ؟
-
تنشيط الذاكرة
-
غياب الحقيقة في مذكرات حازم جواد
-
في الذكرى السنوية الأولى لرحيل الكاتب العراقي المناضل علي كر
...
-
دعوة
-
رسالة الى السيدة توجان الفيصل
-
أمنيات عراقية
المزيد.....
-
ما هو نظام روما الأساسي الخاص بالمحكمة الجنائية الدولية؟
-
كيف ستؤثر مذكرات الاعتقال بحق نتنياهو وغالانت على حرب غزة ول
...
-
إسرائيل تقصر الاعتقال الإداري على الفلسطينيين دون المستوطنين
...
-
بين فرح وصدمة.. شاهد ما قاله فلسطينيون وإسرائيليون عن مذكرات
...
-
عشرات آلاف اليمنيين يتظاهرون تنديدا بحرب الإبادة في غزة ولبن
...
-
2024 يشهد أكبر خسارة في تاريخ الإغاثة الإنسانية: 281 قتيلا و
...
-
خبراء: الجنائية الدولية لديها مذكرة اعتقال سرية لشخصيات إسرا
...
-
القيادي في حماس خليل الحية: لماذا يجب علينا إعادة الأسرى في
...
-
شاهد.. حصيلة قتلى موظفي الإغاثة بعام 2024 وأغلبهم بغزة
-
السفير عمرو حلمي يكتب: المحكمة الجنائية الدولية وتحديات اعتق
...
المزيد.....
-
مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي
/ عبد الحسين شعبان
-
حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة
/ زهير الخويلدي
-
المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا
...
/ يسار محمد سلمان حسن
-
الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نطاق الشامل لحقوق الانسان
/ أشرف المجدول
-
تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية
/ نزيهة التركى
-
الكمائن الرمادية
/ مركز اريج لحقوق الانسان
-
على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
المزيد.....
|