بوش الشبيه البشع لصدام

رياض سبتي

الحوار المتمدن-العدد: 2540 - 2009 / 1 / 28 - 09:02
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

لقد تنفس العالم الصعداء في نوفمبر الماضي , وفرحت الملايين من شتى انحاء العالم بتنصيبه وتأديته للقسم ، تاريخ امريكي جديد يكتبه باراك اوباما كأول رئيس اسود في امريكا ، وكأول رئيس انتخبه العالم كله وليس الاميريكيون فقط ليخلص امريكا والعالم من عصابة المحافظين الجدد اليمينية الذين اينما ولّوا وجوههم فثمّة محرقة جديدة يشعلونها حتى اصبح لون العالم رماديا كئيبا في الفترة البوشية المظلمة التي كانت تميل الى القتل والدمار ، تدفعها دوافعها القومية والعنصرية التي اتسمت بها تلك الفترة كما هو معروف ، حتى ان عنصريتها المقيتة ودعمها المطلق لاسرائيل جعل هذه الادارة في حلٍ من ان تفي بوعودها التي اطلقتها في الشرق الاوسط خلال فترتي الرئاسة المشؤومتين .
لم تكن الادارة السابقة وفية لوعودها التي اطلقتها تجاه العراق والعراقيين ، ووعدها بتحويله واحة للديمقراطية والحرية في الشرق الاوسط ، ولذلك فشلت فشلا ذريعأ وادخلت العراق في دوامة الحرب الطائفية منذ بداية الاحتلال ولاجل غير مسمى . كما انها ايضا ( الادارة ) لم تف بوعدها الذي قطعته للفلسطينيين باقامة دولتهم قبل انتهاء ولاية بوش ، وها هو يرحل ويترك غزة ذبيحة بفعل الصواريخ الاسرائيلية التي سقطت طوال اكثر من ثلاثة اسابيع ، وضاعفت مآسيهم دون ان يتحرك او يمد يد العون لهم ويساعدهم في الوصول الى الدولة الموعودة .
رأس الادارة السابقة كان من البشاعة بحيث ان من السهولة لاي متتبع ان يلاحظ الشبه الكبير بينه وبين رأس النظام العراقي المخلوع :-
( * ) من لم يكن معنا فهو ضدنا او بدقة اكثر (اما ان تكون معنا او تكون مع الارهابيين )[1] شعار رفعه بوش بعد احداث ايلول عام 2001 ويعني من لم يكن في خندق الولايات المتحدة ضد الارهاب الذي طالها فهو ارهابي او على الاقل حاضن له ولم يسأل نفسه لماذا وصل الارهاب الى عقر داره.
( * ) ان لم تكن بعثيا فانت ضد الحزب والثورة ومن اعداء المسيرة ، (كل من يقف بوجه الثورة سواء أكانوا ألفا أم الفان ، ثلاثة آلاف او عشرة آلاف ، ساقطع رؤوسهم دون ان يرتجف قلبي لحظة عليهم ) .[2]
( * ) ساهم بوش بتفكيك التضامن العربي بعزله سوريا بعد ان كانت تربطها علاقات استراتيجية بين مصر والسعودية منذ التسعينات ، تعميق الخلافات العربية من خلال تقسيم الدول العربية الى معتدلة واخرى ممانعة ، تعميق الخلاف الفلسطيني - الفلسطيني ، دعم اطراف لبنانية ضد اطراف

لبنانية اخرى في حرب عام 2006 ، وساهم ايضا بعزل السلطة الفلسطينية عن محيطها العربي عندما ظهرت عاجزة عن فعل اي شيء لدعم حماس في حرب غزة الاخيرة بسبب الخلافات بين السلطة و الحركة التي كانت تغذيها الادراة الامريكية والحكومة الاسرائيلية على السواء .
( * ) قيام صدام باحتلال الكويت ، وما سببه من تشرذم وخلافات وعداوات عربية – عربية ظهرت نتيجة قرارت تقسيم الثروة بالتساوي بين الدول النفطية والدول الفقيرة ومنها الاردن واليمن والسودان وفلسطين ، ناهيك عن العلاقات المقطوعة بين العراق وسوريا منذ عام 1979 .
( * ) اشعل بوش الفتنة الطائفية باحتلاله العراق حتى وصل الامر الى القتل على الهوية بسبب نظام حكم المحاصصة الطائفي الذي اقامه الاحتلال ممثلا بالحاكم العام بول بريمر .
( * ) الطائفية المقيتة التي كان يمارسها نظام صدام ضد العراقيين داخل مؤسسة الجيش وباقي اروقة الدولة الرسمية .
( * ) بوش كان كابوسا مرعبا على العالم وعلى مواطني الولايات المتحدة على حد سواء ، (خارجيا ) اعتمد سياسة الضربة الاستباقية التي لم تفرق بين البلدان الشريرة او تلك الحليفة مع الولايات المتحدة بحجة ملاحقة الارهابيين ، وتسببه باندلاع حربين مكلفتين على الفرد الامريكي وهذا ما جعل الاقتصاد الامريكي يترنح منذ فترة حكمه الاولى .
( * ) صدام كان الكابوس الاكبر على شعبه ، بعد خنقه للحريات العامة وحملات الاعدام غير القانونية التي كانت تطال معارضيه من السياسيين ومن رجال الدين الذين منعوا من ممارسة طقوسهم وشعائرهم الدينية ، ايضا ادخل العراق في حروب ثلاثة كانت كافية لجعل العراق واحد من اكثر البلدان تخلفا وفسادا.
( * ) بوش اعدم 126 مواطنا امريكيا عندما كان حاكما لولاية تكساس ( وهو اعلى رقم لحاكم ولاية امريكية على الاطلاق ).
( * ) صدام اعدم الالاف من العراقيين بحجج مختلفة وواهية منها , الانتماء لحزب سياسي يساري غير حزب السلطة او الانتماء الى الاحزاب الدينية التي اعتبرها صدام معادية ، ومنها ايضا الاعدام للعسكري العراقي اذا تجاوزت فترة غيابه ثلاثة ايام عن الوحدة العسكرية اثناء الحرب العراقية الايرانية ، اضافة الى اعدامه عددا من اعضاء القيادة القطرية والكادر الحزبي المتقدم للبعث الذي تخلص منه صدام في بداية تسنمه السلطة في عام 1979 .
( * ) استولى البعثيون وصدام على السلطة في العراق بانقلاب عسكري عام 1968.
( * ) استولى بوش على العراق بانقلاب عسكري تمثل بغزوه واحتلاله في الحرب المعروفة بـ ( عملية حرية العراق ) .
( * ) في عهده احتل بوش بلدين اسلاميين هما افغانستان والعراق .
( * ) في فترة حكمه احتل صدام الكويت واجزاء من ايران خلال الحرب العراقية الايرانية .
( * ) استخدم بوش الاسلحة المحرمة دوليا في حربه على العراق ( قنابل الفسفور الابيض والقنابل التي تحتوي على اليورانيوم المنضب ) .
( * ) استخدم صدام الاسلحة الكيماوية ضد العراقيين في الجنوب وفي الشمال واستخدمها خلال الحرب العراقية الايرانية .
( * ) بوش يمنح سنوياً ( والادارات الاميريكية ) اسرائيل ومصر مليارات الدولارات كمساعدت عسكرية او اقتصادية في الوقت الذي يعاني فيه الاميريكيون من البطالة وانخفاض مستوى الدخل للفرد ، فقد وصلت البطالة في عهده نسبة 7.2 بالمئة حسب اخر الاحصائيات التي اجريت قبل رحيله باسابيع اضافة الى عشرات الالاف من المشردين(The Homeless ) .
( * ) منح صدام عشرات الملايين من الدولارات للفلسطينيين (لكل عائلة انتحاري يفجر نفسه في اسرائيل ، او من يسقط قتيلا بالرصاص الاسرائيلي خمس وعشرون الف دولار ) والمصريين ( تبرع بـ اكثر من عشرين مليون دولار عند افتتاح مكتبة الاسكندرية ) خصوصا في سنوات الحصار الطويلة ولم يأبه الى ازدياد نسبة الفقر في المجتمع العراقي نتيجة لمغامراته الغبية .
( * ) اختفاء الطبقة الوسطى بكل قيمها من المجتمع الامريكي نتيجة لحربيين طويلتيـن مستمرتيـن ( العراق وافغانستان ) وعدم قدرة تحمل الاقتصاد الامريكي كلفتاهما التي قدرها بعض الخبراء بــ 800 مليار دولار حتى الان.
( * ) اختفت الطبقة الوسطى خلال فترة حكم صدام للعراق بسبب ارتفاع االتضخم الذي ادى لارتفاع التكاليف المعيشية وانحدار دخل الفرد العراقي السنوي نتيجة اختفاء طبقة صغار التجار واصحاب المشاريع الاهلية الصغيرة والمهنيون ،لالتحاق هؤلاء بالجيش العراقي طيلة فترة حروب الطاغية .
( * ) في عام الفين وهو العام السابق لتولي بوش السلطة كان هناك فائض في الميزانية الامريكية قدره 236 مليار دولار ، اما نسبة العجز في الميزانية الاميريكية الان فهي 8.3 في المئة من اجمالي الناتج القومي, كما شهدت سنوات حكمه بمجملها عجز دائم بلغ حدا قياسيا في عام 2004 هو 413 مليار دولار ، الامر الذي اضطر بيل كلينتون الرئيس السابق،ان يصرح بغضب ويقول : ( ان الولايات المتحدة استدانت من السعودية والصين لتغطية تكاليف حربي العراق وافغانستان ) .
( * ) قدر الفائض المالي في الميزانية العراقية في النصف الاول من عام 1980 اي بداية حكم صدام للعراق وقبيل اشتعال الحرب العراقية الايرانية بشهور قليلة قدر هذا الفائض بفضل زيادة عائدات النفط وبفضل ازدهار القطاع الخاص ايضا بما يقارب الاربعين مليار دولار .
وبسبب تدهور وانهيار الاقتصاد العراقي خلال سني الحرب الاولى اعتقد صدام ان دخوله الكويت واحتلاله ربما سيساعده في تقليل تكاليف الحرب او اعادة التوازن الى اقتصاده المشلول باستيلائه على نفط الكويت والسيطرة على منابعة وثم تصديره لصالحه .
لكن احتلاله الكويت، اشعل حربا مستمرة و طويلة لم تنته الا باسقاط نظامه بعد ان تهدم في العراق كل شيء ، من الاقتصاد الى الزراعة الى القطاع النفطي وصولا الى البنية التحتية للمجتمع العراقي, خسر العراق في هذه الحرب كل ما كان يملك من مقومات الدولة ليصبح بلدا فاسدا , وبلغت ديونه اكثر من 120 مليار دولار ، عدا مبالغ التعويضات التي تدفع للكويت والاشخاض الذين تضرروا من جراء احتلاله لها ، مضافا لذلك عوائد النفط لكل سنوات الحرب الثماني الاولى ثم عوائد برنامج النفط مقابل الغذاء.
( * ) اعترف بوش ان احتلاله للعراق كان نتيجة لخطأ في المعلومات الاستخبارية لكنه يؤكد ان الله امره ان يحارب .
( * ) صدام يعتذر في رسالة الى الرفسنجاني بتاريخ الخامس عشر من شهر آب لعام الف وتسعمئة وتسعون ويقر اعتماد اتفاقية الجزائر الموقعة بين الطرفين في عام 1975 التي الغيت من جانبه عند بدء الحرب العراقية الايرانية ويقول : (في قرارنا هذا اصبح كل شيء واضحا , وبذلك تحقق كل ما اردتموه وما كنتم تركزون عليه ) ، وكأن عشرات الالاف من الشهداء العراقيين ليست لديهم اي قيمة عند رجل اطلق على نفسه لقب عبدالله المؤمن.
( * ) حارب صدام ضد ايران لمدة ثمان سنوات .
( * ) كاد بوش ان يحارب ايران في السنة الثامنة لحكمه .
كلاهما (بوش وصدام ) سَجَنَ وعـَذَّبَ وقَتَلَ المعارضين من العراقيين لسياستيهما في سجن (ابو غريب ) السيء السمعة .
( * ) قُدِّمَ صدام للمحاكمة بعد الاطاحة به وبنظامه لقتله 148 عراقيا !!
( * ) تسعى الكثير من المنظمات الانسانية والهيئات الحقوقية من مختلف بلدان العالم لتقديم بوش الى المحاكمة ومحاكمته كمجرم حرب لتسببه في قتل عشرات الالاف من المدنيين في العراق وافغانستان ، وقيامه باصدار قرارات تتعلق باساليب التعذيب والتنصت على الاميريكيين في خرق صريح لدستور البلاد ، وليس غريبا ان تتم قبل ايام عرقلة تثبيت اول وزير عدل من اصول افريقية في تاريخ الولايات المتحدة من قبل اعضاء جمهوريين في الكونغرس ، حتى لا يكتشف فضائح صقور اليمين المسيحي مثل بوش ونائبه دك تشيني ووزير الدفاع السابق دونالد رامسفيلد ، خاصة وان هؤلاء قد فقدوا حصانتهم الدبلوماسية الان .
( * ) في زيارته الاخيرة الى العراق ، فوجيء بوش بالصحفي العراقي منتظر الزيدي يقذفه بفردتي حذائه ، معبّرأ عن طريقته في وداع بوش الذي تلطخت يداه بدماء العراقيين.
( * ) عبًّر العراقيون في يوم سقوط الصنم بطريقتهم الخاصة جدا وهي ضرب راس الصنم بمئات الاحذية .
رحل بوش مكروها من العالم كله ، مكللاُ بالعار لا يتاسف عليه ويداه ملطختان بالدماء ، وكذلك صدام حوكم واعدم لاقترافه ابشع الجرائم بحق شعبه الذي ما زال يعاني من التركة الثقيلة التي اثقلت كاهل الشعب العراقي من خلال زجه بحروب خاسرة .
[1] مقطع من كلمة بوش عند اعلانه بدء العمليات العسكرية ضد افغانستان
[2] حديث لصدام مع اعضاء قيادته http://www.youtube.com/watch?v=zAIxwOvijQY&feature=related

#رياض_سبتي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات