أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - طلال احمد سعيد - سقوط الفيدرالية















المزيد.....


سقوط الفيدرالية


طلال احمد سعيد

الحوار المتمدن-العدد: 2537 - 2009 / 1 / 25 - 06:27
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في اول اختبار شعبي لها سقطت الفيدرالية بعد عملية تصويت جرت في مدينة البصرة , وكانت تلك العملية قد بدأت قبل اكثر من شهر عندما قدم النائب السيد وائل عبداللطيف طلبا الى المفوضية المستقلة للانتخابات يحمل توقيع اكثر من ثلاثين الف مواطن مقترحين اقامة فيدرالية في المدينة , واستنادا الى نص المادة ( 119 ) من الدستور , فقد اعلنت المفوضية عن اجراء تصويت لغرض جمع ما يعادل ( 140 الف ) مائة واربعون الف صوت لتاييد قيام الاقليم , هذا العدد يمثل 10 % من العدد الكلي للناخبين في البصرة , وبغض النظر عن الدقة في احتساب عدد الناخبين الحقيقية في المدينة بسبب اعتماد البطاقة التموينية كمرجع احصائي , الا ان النتيجة يمكن اعتمادها كمؤشر على رفض المواطنين في البصرة لمبدأ الفيدرالية .
في مقالات سابقة اشرت الى ان الفيدرالية هي مشروع للتوحيد وليس للتجزئة وهناك امثلة عديدة تؤكد ذلك مثل الاتحاد السويسري ودولة الامارات العربية المتحدة وغيرها . ومن الثابت ان الفيدرالية تقام على اساس تفاهمات بين شعوب ودويلات منفصلة بهدف تكوين اتحاد فيدرالي يتمتع بالقوة والمنعه . وقد تقام الفيدرالية في بعض الحالات بدوافع جغرافية او قومية او ادارية مثل نيجيريا وكندا والهند وروسيا والولايات المتحدة الاميركية . والعراق بلد بعيد كل البعد عن اي من تلك المواصفات ويفتقد الى الاسباب الداعية لاقامة مثل هذا النظام , عدا ماحدث في كوردستان العراق فهي حالة خاصة وتجربتها التأريخية معروفة لايمكن ان تستنسخ كي تطبق في بقية ارجاء العراق , كوردستان لها موصفات مثل اللغة المشتركة والرقعة الجغرافية المشتركة والتاريخ المشترك , هذا فضلا عن ان ما يشبه الفيدرالية كان قائما فيها منذ عام 1991 , لذلك كان من الارجح الاعتراف بما هو قائم ووضعه بصيغة قانونية ودستورية .
من الممكن ان نقرر هنا ان النظام المركزي في العراق تسبب باضرار كبيرة بالنسبة للمحافظات العراقية المختلفة , الا ان المشكلة لاتتعلق بالنظام المركزي بالذات بقدر تعلقها باللذين طبقوا ذلك النظام , فعندما نلقي نظرة على العراق نجده بلدا متخلفا في كل الجوانب , فكثرة الانقلابات , وتعدد الحكومات والازمات السياسية , والحروب , والاستئثار بالسلطة , كلها ساهمت في تاخير مسيرة البناء والتطوير في هذا البلد الذي يعد من البلدان الغنية , ومن المؤسف ان نؤكد هنا ان من تسلم المسؤولية بعد 9/ 4 / 2003 , جاء مثقلا بعقدة الانظمة السابقة , وجرى كل شيء على مغايرة صورة الماضي وهو موقف خاطيء من وجوه عديدة . لذلك فان السلطات المتعاقبة بعد التغيير ارتكبت العديد من الاخطاء بوحي من الولايات المتحدة او بدونها . ويقف في صدر تلك الاخطاء الدستورالذي اعد على عجل من قبل جماعات سياسية تحمل اهداف معروفة , بدلا من ان يعد من قبل خبراء في القانون الدستوري , لذلك فان هذا الدستور جاء وهو يحمل في اغلب مواده صورة للفكر القومي المتصلب وللتزمت الديني والطائفي , بحيث اصبح مصدرا للتاويلات والاجتهادات . لذلك نجد ان محاولات اجراءالتعديل عليه تصطدم بعقبات شديدة , ويخيل الي ان اجراء التعديل على هذا الدستور اصبح ضربا من المستحيل , ولعل مايحصل بين الحكومة المركزية واقليم كوردستان خير دليل على مانذهب اليه , لان الاقليم يرفض اي تعديل جوهري يتعرض لمكتسباته التي حصل عليها عبر نصوص دستورية .
الدستور الذي تناول قضية الاقاليم بشكل عام وغامض احدث شرخا كبيرا وسبب في الكثير من التناقض بين الحكومة المركزية والاقليم , ولعل قضية العقود النفطية هي في مقدمة المشاكل والتي تكاد ان تتحول الى مشكلة معقدة عسيرة الحل واصبح من المؤكد بان الكثير التصادمات القائمة الان والتي ستنشب في المستقبل سببها الدستور الذي لم يحدد الاطار القانوني والاداري للفدرالية الكوردية , ولم ينص على انها جزءلايتجزأ من العراق الواحد , وفي هذا المضمار لابد ان نشير بكثير من التعجب الى مايسمى بالمناطق المتنازع عليها وهي مسألة معقدة , اذ ان اقليم كوردستان يطالب بضم العديد من المناطق اليه بحجة انها جزءا منه وهو امر لم ينص عليه الدستور وهو بلاشك يمثل نقصا كبيرا فيه .
الشروط التي حددها الدستور لاقامة الاقاليم شروطافي غاية البساطة , فالفقرة الاولى من المادة (119) اعطت الحق لاقامة الفيدرالية بناءا على طلب ثلث الاعضاء في كل مجلس من مجالس المحافظات , فالمحافظة التي يتكون مجلسها من 24 عضوا يجوز لثمانيه منهم فقط ان يقرروا اقامه الاقليم فيها , وللحصول على مثل هذا العدد في غاية السهولة اذا خذنا بعين الاعتبار هيمنه الاحزاب الدينيه والطائفية على العديد من محافظات العراق . من هنا فأن شروط اقامه الاقاليم اخذت تسيل لعاب الطامعين باقامه الممالك والدوقيات داخل العراق على حساب وحدة اراضية ووحدة شعبه . ولاشك ان الاطلاع على مثل تلك الشروط والنصوص وغيرها يعكس مدى هشاشة مواد الدستور التي اعدت لترضية طموحات بعض الجهات ضاربة عرض الحائط مصلحة العراق الواحد . واستنادا الى هذه الفوضى الاقليميه فقد اقترحت احدى الاحزاب الدينيه ان تقام فيدرالية في كل محافظة من محافظات العراق وهذه الفيدراليات المقترحة لها ان تؤسس مجلس وزراء وبرلمان اقليمي , وهذا يعني اننا امام اقامة 14 مجلس و14 برلمان , يضاف الى ذلك فانه طبقا للمادة (121) من الدستور يحق للاقاليم ان تقيم مكاتب في كل سفارة او بعثة دبلوماسية عراقية في الخارج , وعلينا فقط ان نضع امامنا السؤال التالي .. كيف سيكون وضع السفارات العراقية وهي تضم هذا العدد الكبير من المكاتب التي تعود لاقاليم العراق المختلفة .
لقد اصدرت المفوضية المستقلة للانتخابات بيانا ذكرت فيه بأن عدد الناخبين المتقدمين لدعم تشكيل الاقليم بلغ (32448) ناخب وبذلك لم تتحقق نسبة 10%البالغه (135705) ناخب المطلوبه وفقا للقانون وذلك للشروع بعملية الاستفتاء على تشكيل الاقليم . ان رفض جماهير البصرة لفكرة الفيدرالية عن طريق التصويت وعن طريق صناديق الاقتراع , هو مؤشر مهم على رفض الشعب العراقي لهذه المشاريع التي ستؤدي الى تقسيم البلاد وان تلك النتيجة يجب ان تكون درسا مهما للاحزاب والتنظيمات المعروفة التي مازالت تنادي باقامه فيدرالية الوسط والجنوب .وان نتيجة الاستفتاء يجب ان تكون بعين الوقت مؤشرا مهما امام زعماء اقليم كردستان تلفت نظرهم الى اهمية مراجعه علاقاتهم بالحكومة المركزية والابتعاد عن القرارات التي تضعف تلك الحكومة لان قوة المركز هي التي تدعم قوة الاقليم وتزيد من منعته .
ان الكلام عن تحسين اوضاع المحافظات بشكل عام لاياتي عن طريق اقامة كيانات متعددة واثارة النزاعات داخل البلد الواحد , انما يأتي عن طريق اقامة حكومات محلية مدنيه منتخبة بطرق ديمقراطية صحيحة , تمارس صلاحياتها وفق القانون وتخصص لها ميزانيات تتناسب مع حجمها , ومع الحاجة الى مستوى معين من الاعمار والتنمية .
ان تجارب السنوات الخمس الماضية اثبتت بما لايقبل الشك ان العراق باشد الحاجة الى اقامه المشروع الوطني الديمقراطي عن طريق حكم مدني , ولقد تجلى بشكل مؤكد الفشل الذي وصلت اليه جهود اقامه دولة عراقية جديدة على انقاض دولة البعث , وكل ذلك جاء بسبب الابتعاد عن المشروع الوطني الديمقراطي الحقيقي وهيمنه التيارات القومية المتصلبة والتيارات الدينيه والطائفية المتخلفة على شؤون البلاد منذ اللحظة الاولى لسقوط البعث .
المطلوب في العراق نهضة كبيرة من شمالة الى جنوبه تقوم بها ايادي بيضاء تعمل تحت شعار العراق وطن الجميع وذلك عن طريق تعزيز الوحدة الوطنيه ونبذ سياسة المحاصصة وابعاد الدين عن الشأن السياسي .



#طلال_احمد_سعيد (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بمناسبة جولة التراخيص النفطية الثانية
- العراق دولة المحاصصة الطائفية
- مهمة الصحفي الكلمة وليس الحذاء
- العلمانيه هي الحل (2)
- الحوار المتمدن الباب المفتوح امام الفكر الحر
- الديمقراطية الاميركية وديمقراطية العراق
- قراءة في الاتفاقية الامنيه بين العراق وامريكا
- نفط العراق وزحف السلحفاة
- العراق الديمقراطي ومحنة الاقليات
- العراق الديمقراطي الفيدرالي
- النزعة العدوانية في العراق
- مؤتمر الفيحاء وفيدرالية البصرة
- درس من باكستان
- البصرة اول الغيث
- كركوك .. العقدة و الحل
- العراق البلد اكثر تعاسة
- وقفة عند قانون انتخابات مجالس المحافظات
- الدولة الدينية والدولة المدنية ( 3 )
- المرأة والمادة 49 من الدستور
- الديمقراطية وانتخابات مجالس المحافظات


المزيد.....




- ويتكوف: وفد أمريكي سيتوجه إلى السعودية لإجراء محادثات مع وفد ...
- إيطاليا.. الجليد والنار يلتقيان في مشهد نادر لثوران بركان إت ...
- كيف يبدو مستقبل اتفاق وقف إطلاق النار بين حماس وإسرائيل؟
- روبيو ونتنياهو يحملان إيران عدم الاستقرار في المنطقة، ويؤكدا ...
- فيديو: مناوشات مع مؤيدين لإسرائيل أثناء مظاهرة مؤيدة لفلسطين ...
- رئيس دولة الإمارات يستقبل النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء ال ...
- سوريا.. هجوم على دورية تابعة لوزارة الداخلية في اللاذقية يسف ...
- سيناتور أمريكي يوجه اتهاما خطيرا لـ USAID بتمويل -داعش- والق ...
- السعودية.. القبض على 3 وافدات لممارستهن الدعارة بأحد فنادق ا ...
- الخارجية الروسية تعلق على كلمات كالاس حول ضحايا النزاع الأوك ...


المزيد.....

- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - طلال احمد سعيد - سقوط الفيدرالية