|
رغم الخسائر الفادحة فإنه نصر إلهي!!
محيي هادي
الحوار المتمدن-العدد: 2536 - 2009 / 1 / 24 - 03:52
المحور:
كتابات ساخرة
من يرجع بذاكرته إلى الوراء، إلى بعد أيام ما سمي بنكسة حزيران، أو حرب الستة أيام، أو من قرأ عن تلك الحرب – النكسة، يمكن أن يرى أن العرب، باصناف مختلفة، لم يعترفوا بالهزيمة كاملة، و أرادوا تجميلها. حتى أن حزبا يساريا له تاريخ عريق و نضالي عظيم ذكر بأن اسرائيل لم تحقق أهدافها في تلك الحرب: إذ أنها لم تستطع اسقاط الحكومات "الوطنية" التي كانت تحكم كلا من مصر و سوريا و الأردن. و لا أعرف كيف تكون حكومة وطنية تذيب أبناءها في الحوامض و تقتل معارضيها نفخا بآلة نفخ اطارات السيارات. و لم أفهم كيف يمكن أن تكون الحكومة الاردنية وطنية و هي لا يمكنها أن تستمر بدون الدعم الخارجي الامريكي. و استمرت الخسارة في كل حرب خاضتها الحكومات العربية، إلا أن العرب خرجوا دائما و هم يقولون أنهم انتصروا فيها. انتصروا فيها على الرغم من آلاف الضحايا من المواطنين العسكريين و المدنيين، أطفالا كانوا أو شبانا، نساء أو رجالا، و على الرغم من التدمير الهائل التي تعرضت لها منشآتهم الحيوية: مساكن و بنيات تحتية و و... و لم تكتف الحروب في قتل الناس و التهديم بل أنها هجرت الملايين من أبناء الدول العربية.... و كل هذا لم يكف بأن يكف العرب عن القول: بأنهم انتصروا. ***
و إذا كان الانتصار سابقا قوميا فإننا نرى في هذه الأيام العرب، من الذين ذكرناهم سابقا، و قد أضافوا إلى الانتصار القومي إضافة أخرى، ألا وهي الانتصار الإلهي. فأولئك الذين اتخذوا من الله و في لبنان حزبا لهم قالوا بأنهم حققوا نصرا إلهيا على اسرائيل لانها لم تستطع تحقيق أهدافها و هو القضاء على حزب الله. نصر إلهي على الرغم من أن حزب الله لا يستطيع الآن إطلاق رصاصة ضد الاراضي التي تحتلها اسرائيل، بسبب وجود القوات الدولية، التي جلبتها رعونة حسن نصر و صحبه إلى جنوب لبنان، للمحافظة على أمن و سلامة اسرائيل. لقد قال حسن نصر الله، لا نصره الله، بأنه لم يكن يتوقع الضربة التي تلقاها من اسرائيل. إلا أنه و على الرغم من اعترافه بالضربة الشديدة و على الرغم من وقوع أكثر من ألف لبناني ضحية، و تدمير الآلاف من مساكن اللبنانيين، فإن نصر الله خرج علينا من جحره ليقول أنه حقق نصرا إلهيا. لا أعرف ما الذي يمكن أن تقوله تلك الثكلى التي فقدت ابنها ! **
و قبل أيام انتصر أعراب حماس انتصارا قوميا و اسلاميا و إلهيّا آخر. لقد انتصروا على أكبر آلة قتل عسكرية في المنطقة. انتصروا عليها على الرغم من الف و ثلاثمائة قتيل، ثلثهم من الأطفال، و أكثر من خمسة آلاف جريح. و على الرغم من التهديم الهائل لمساكن الغزاويين و تحطيم بناهم التحتية. كل هذا و تقول حماس، و من خلفها أعراب الزفة و الهزة، أنهم انتصروا و نصروا نصرا إلهيا. حزنت كثيرا على مقتل الأبرياء في غزة، ممن لم يكن لهم ناقة و لا جملا في هذا الانتصار الإلهي، و لم يهمني أبدا مقتل أولئك الذين كانوا يبحثون عن نفع معين لهم. فهم كانوا يطلبون "الشهادة" للإلتقاء بربهم الارهابي الذي ينتظرون منه الحور العين و الولدان المخلدين. لا يهمونني أبدا هؤلاء الذين ضُحك عليهم بتأميلهم بالجنة و الخمور و الأعسال السماوية. فليذهبوا إلى الجنة الموعودة بعد أن أحرقتهم نار جهنم اسرائيل.
كنت قد قرأت مقالا كتبه واحد من أولئك الذين يزغردون بحماسة للإنتصار الالهي الحمساوي. و قد شد انتباهي تعليقا للسيدة نادية من غزة على كاتب المقال في صفحة الحوار المتمدن، و هنا أود اعادة ما كتبته هذه السيدة: " بتبجح بالانتصار على خراب بيوتنا وقتل اهالينا نادية من غزة. الحديث عن منتصر في خراب غزة هو قمة الصلافة واللاانسانية احيانا الافكار السوداء يجعل الانسان يفقد قيمه الانسانية السيد صائب خليل كما اعلم يعيش في الغرب ويتمتع بالامان والسكن الرغيد وبتبجح بالانتصار على خراب بيوتنا وقتل اهالينا. الخزي لك ولهذا الانتصار الذي تروج له"
إن حماس و المطبلين و راءها، و هم يتبجحون بصلافة بهذا النصر الإلهي، لا يعيرون أية أهمية لدماء الناس، فدم الانسان الفلسطيني شأنه شأن دم الانسان العربي لا قيمة له عندهم، و دماء الضحايا تذهب مجانا لإرضاء سادية و رعونة المحبين لرؤية الدماء، و هي تسيل، بدون أي احساس و شعور بالذنب. إنهم في هذا يشبهون تماما ما يقوم به صهاينة تل أبيب و من يقدم لهم السلاح.
و عند ذكري الذي يقدم السلاح إلى اسرائيل أود أن يعلم القارئ أن اليمين الاسباني هو من الداعمين الصريحين لاسرائيل، و لكن الاشتراكيين الاسبان يصرحون علنا بأنهم مع الحل السلمي لمشكلة فلسطين و هم ضد استعمال السلاح، إلا أنه في زمن حكمهم الحالي قد ازدادت مبيعات أسبانيا من السلاح إلى اسرائيل إلى أربعة أضعاف ما كانت عليه أيام حكم اليمين. يظهر أن الاشتراكيين الاسبان تعلموا النفاق من أعرابنا الذين قال عنهم القرآن بأنهم أشد كفرا و نفاقا. **
إن حماقة و رعونة قيادة حماس تشابة حماقة و رعونة حسن نصر الله، فالكل لا يعرف سابقا تقدير الضربة التي وجهتها اسرائيل عبر قتل الآلاف من الأبرياء. فقد قال اللبناني حسن نصر و تبعه الفلسطيني خالد مشعل بأنهم لو كانوا يعرفون أن تضرب اسرائيل بهذا الضرب لما قدموا على الحرب. (إقرأ لما قدموا على الرعونة و الحماقة). **
حقا أن حماس انتصرت. و لكن على من؟ و لحساب من؟ قبل عدة سنوات عرضت القناة الثانية الاسبانية فلما وثائقيا عن حماس في غزة. و في هذا الفلم جرت عدة مقابلات مع بعض أعضاء هذا التنظيم الارهابي، و لا زلت أتذكر أن أحدهم قال بأنهم يشترون السلاح من ضباط اسرائليين. لم أستغرب هذا القول فإن اسرائيل قدمت الدعم لحماس لضرب فتح التي تتربع على عرش منظمة التحرير الفلسطينية. و نجحت في ذلك. فالاقتتال الفلسطيني- فلسطيني معروف للجميع. و قد بلغ ذروته بعدما قامت حركة حماس بانقلابها على السلطة و اغتيالها لأكثر من مائة فلسطيني من أعضاء فتح. كان الاغتيال بشعا و و حشيا: فسحل البعض و حرق البعض الآخر و رمي آخرون من أعالي البنايات العالية. لقد حققت حماس نصرا إلهيا كاملا إذ بقت وحيدة في ميدان غزة و حققت نصرا إلهيا آخرا لاسرائيل بالقضاء على منظمة التحرير الفلسطينية في هذا الميدان. و نقرأ الآن، حسب ما يذكره مقال صحفي في جريدة الباييس الاسبانية، عمليات تصفية وحشية بحق أعضاء لفتح في غزة. و للعلم، كما ذكر لي أحد المعارف الغزاويين، أن معظم قادة حماس ليسوا من غزة. ** مهما كانت عصابات العدو الصهيوني مجرمة و وحشية في تعاملها مع الفلسطينيين فإن عصابات الارهابيين الاسلامويين العرب أكثر إجراما و أبشع وحشية من تلك العصابات. لقد أثبت الارهابيين العرب وحشية لا تقاس عندما نفذوا و ينفذون عملياتهم الارهابية في العراق ضد أطفالنا و نسائنا و شيوخنا. إن الذين يشكلون عصابات الارهاب ليسوا فقط من دول الجوار العراقي بل و أيضا من فلسطين. **
لا استبعد أبدا أن تقوم مرة أخرى بعد مدة، قصيرة أو بعيدة، حربا أخرى. ضد اسرائيل أو بين دول العرب أو بين دول اسلامية، فحكومات هذه الدول مستعدة للتضحية بأبنائها، فدماء هؤلاء الأبناء مجانية، لا قيمة لها أبدا. و عند أية حرب ضد اسرائيل سيخسر العرب مرة أخرى: ثانية و ثالثة و رابعة....و كيف لا يخسرون و هم محكومون من قِبل الأكثر حمقا و رعونة على الارض. **
إن الانسان العربي سوف لن تقوم له قائمة إذا بقي: - بدون حرية - بدون ديمقراطية. - لا قيمة لدمائه. - لا يحترم حياة الآخرين. - و يجري وراء شعارات الرعونة و الحماقة... **
و في نهاية المطاف يجب على العراقيين أن يعلموا أنه لاتزال هناك مؤامرة تحاك ضدهم: ألا وهي اسكان أربعة مليون فلسطيني في العراق. يبقى عليهم أن يكونوا حذرين من نتائج الانتصار الالهي الحمساوي الذي بسببه سيهجر الكثير من أهالي غزة. إلى أين؟؟؟؟ **
#محيي_هادي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عن أطفالنا و عن أطفال غزة
-
باختصار: عن سنكا و رأيه في الدين.
-
عن سياسة أوباما في العراق.
-
مات الملك. عاش الملك.
-
الاضطراب في القرآن: -ألم- و أخواتها.
-
الاضطراب في القرآن: سورة الفاتحة في مقدمته.
-
لا تلتقي في الحب فتوى
-
عن الآلوسي و منافقي البرلمان
-
فكلوه هنيئا مريئا
-
اسطورة المهدي 6
-
المهدي و الأئمة الأحد عشر
-
دگ عَلَ ربابة مصايبنه
-
اسطورة المهدي (4)
-
الحياة مع دجّالي الدين
-
اسطورة المهدي (3)
-
اسطورة المهدي (2)
-
اسطورة المهدي (1)
-
قال إمامٌ عن إمامٍ عن إمام
-
ارقد في سلام أيها المبدع حسني أبو المعالي
-
هل القرآن صالح لكل زمان و مكان؟
المزيد.....
-
فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة
...
-
جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس
...
-
أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
-
24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات
...
-
معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
-
بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
-
بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في
...
-
-الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|