|
ويكافئون على الخراب رواتبا
صادق إطيمش
الحوار المتمدن-العدد: 2534 - 2009 / 1 / 22 - 09:48
المحور:
كتابات ساخرة
في معمعمة المشاورات والمداولات بين المتحاصصين على رئاسة مجلس النواب العراقي تتكشف يوماً بعد يوم بعض ما كان يدور خلف الكواليس من تآمر المسؤولين على بعضهم البعض للإطاحة ببعضهم البعض ولتقاسم غنائم هذا التآمر بينهم كل حسب مساهمته ولكل حسب دوره ونشاطه في هذه اللعبة القذرة . ومن المضحك المبكي ان تُنفذ مثل هذه المسرحيات الفكاهية والدرامية في آن واحد على مسرح قاعة هي رمز الديمقراطية في الدول التي تحترم وتمارس هذه الديمقراطية بكل شرف ، وعلى مسرح قاعة يُقال بأنها تضم ممثلي الشعب العراقي الذين إنتخبهم تحت احلك واصعب الظروف التي مر بها البلد . فهل يستحق الشعب العراقي فعلاً كل هذا العقاب على فعلته هذه التي كان يرجو منها الخير له ولوطنه.....؟ واحدة من هذه المسرحيات التي تكشفت بعض فصولها هذه الأيام دارت حول إقالة أو إستقالة ، غير المأسوف عليه ، رئيس مجلس النواب السابق محمود المشهداني . ففي الوقت الذي خطط له الحزب الإسلامي مع الكيانات المتفقة معه على إقالة مرشحهم من هذا المنصب وموافقة القوى الأخرى التي سارت على هذا النهج ايضاً،العربية منها والكوردية بسنتها وشيعتها (سبحان مغير الأحوال) ، فقد حرص الحزب الإسلامي على ان لا يخرج رئيس المجلس هذا دون ان يأخذ معه بعض الذكريات الحلوة التي تذكره بحلاوة هذا المنصب ما زال حياً . وما ذا ستكون هذه الذكريات غير الأموال الطائلة التي سيأخذها معه هذا الرئيس ، اموال الشعب العراقي ، التي يوزعها فرسان المحاصصات الطائفية والقومية الشوفينية فيما بينهم . فماذا جرى يا ترى للإعداد لهذه المسرحية ...؟ لا نريد ان نختلق الأحاديث والتكهنات حول ذلك بل ننقل بكل أمانة ما نقلته الشرق الوسط الألكترونية في عددها 11000 بتاريخ التاسع من كانون الثاني 2009 ، لنتبين عمق المأساة التي يعيشها شعبنا المغلوب على امره من قبل مَن يُفترض بهم أن يكونوا ممثليه والمدافعين عن مصالحه وحقوقه وخيراته ، لا العكس من ذلك كما يُثبت هولاء الممثلون كل يوم . تقول الجريدة : " ....وأشار معصوم إلى ان التحالف الكوردستاني وحزب الدعوة والمجلس الإسلامي الأعلى وكلنا إتفقنا على إقالة المشهداني وليس على قبول إستقالته . ولكن الحزب ألإسلامي تدخل لصالح الرئيس السابق لمجلس النواب وطلب منا الموافقة على إستقالته بدلاً من إقالته موضحاً بأن ألإقالة تعني تنحيته من منصب رئيس المجلس وليس من عضوية المجلس لكنه ، المشهداني ، إستقال من رئاسة المجلس ومن المجلس كله بدعم من جبهة التوافق ليحافظ على راتبه التقاعدي 40 ألف دولار شهرياً تقريباً مع النثرية وهو نفس راتب رئيس الحكومة عندما يتقاعد . " إنتهى نص الشرق الأوسط . إذن هذا هو مربط الفرس....كما يُقال ، الراتب التقاعدي ، وأي راتب تقاعدي...؟ 40 ألف دولار شهرياً بالتمام والكمال، ولنجعل خيالنا يسرح بين هذه الآلاف الأربعين من الدولارات لنجدها تُمثل أكثر من 200 مرة لمعدل راتب الموظف العراقي ، ولنجدها بأنها يمكن أن تسد رمق أكثر من 200 عائلة عراقية تيتمت بسبب تغييب معيلها من قبل النظام البائد ولم يسعفها النظام الجديد لحد الآن ، ولنجدها على الجانب الآخر ايضاً بانها تُعبر عما يُفكر به " ممثلو " الشعب في ممارسة عملهم ، هذا التفكير الذي دفعهم لسن القوانين التي تعالج زيادة مرتباتهم الشهرية ومخصات الحماية والنثريات والتقاعد بسرعة ملحوظة وكأن قائلهم يقول : اليوم اليوم وليس غداً ، حيث لا يعلمون ماذا يخبئ هذا الغد لهم ، بعد ان أثبت اكثرهم بأنهم ممثلون حقاً ولكن ليس للشعب ، بل على مسرح قاعة البرلمان .
الشخص الذي يصفه زملاؤه بأنفسهم بأنه فشل في أداء مهمته كرئيس لمجلس النواب وإنه أضرّ بسمعة المجلس بسبب تناوله بعض المصطلحات التي لا تليق بمقامه هذا، والذي أُقيل بسبب تصرفاته المهينة هذه التي رفضتها حتى جبهته بالذات ، ذلك ما صرح به السيد فؤاد معصوم حول رئيس المجلس النيابي السابق . إن شخصاً كهذا يُكافَأ على ذلك كله بمبلغ كهذا كتقاعد شهري ، هذا هو المُعلن عنه وربما يكون الخافي أعظم ، إن هذا التصرف يُذكرنا بما قاله شاعر العرب الأكبر محمد مهدي الجواهري حول موظفي العهد الملكي البائد ، خاصة من كبار موظفي الإنكليز ، بأنهم يُخربون البلد إلا انهم يتقاضون الرواتب العالية على هذا التخريب واصفهم بقوله : مُستأجرين يُخربون ديارهم ويُكافَئون على الخراب رواتبا
فماذا قدم هذا الشخص من خدمات إلى البلد حتى تُقدَم له هذه المبالغ الضخمة التي لم يكن يحلم بالبعض اليسير منها أثناء حياته في أحضان النظام البائد...؟ ولماذا هذا الترف الآن على حساب الجماهير التي ظلمتها البعثفاشية وسلبت منها كل مقومات الحياة الإنسانية ، ولم يقدم لها النظام الجديد ، البديل من المقومات التي يمكن ان تستعيد بها إنسانيتها وتشعر برفع مظلوميتها وهي الأَولى بذلك كله من هؤلاء الذين لا ندري كيف يغمض لهم جفن وهم يعلمون تماماً أن ما يتقاضونه من أموال الشعب ، بأي وجه كان ، ما هي إلا سرقات مُقننة صاغوا قوانينها هم أنفسهم في غفلة الزمن التي أتت بهم إلى أعلى مؤسسة تشريعية لها موقعها المحترم في كل دول العالم التي تمارس النظام البرلماني الحق . إلا أن السيد الرئيس السابق لهذه المؤسسة جعلها مهزلة وأضحوكة يتندر بها حتى البسطاء من أهل العراق. إلا أن الملفت للنظر حقاً هو حديث المتحاصصين عن تقاعد هذا الرجل في حين ان المعروف عنهم وعنه بأنه قدم الإستقالة فقط . فهل يعني هذا بأنه أُحيل على التقاعد أيضاً ، وهكذا بكل سهولة....؟ وهذه هي المأساة الأخرى ، حيث إن ما نسمعه ونقرأه عن إجراءات ألإحالة على التقاعد وحتى البدء باستلام أول راتب تقاعدي تستغرق شهوراً إن لم نقل سنيناً . فهل أن هذه الإجراءات الطويلة هي من حصص " أولاد الخايبة " من فقراء الناس والمعوزين فقط الذين لا ناصر لهم بين جوقة المتحاصصين والذين هم بأمس الحاجة إلى هذه الرواتب التقاعدية على بساطتها...؟ في حين يتمتع المدللون والمدللات من النواب والنائبات بمعاملة خاصة حينما يستقيلون أو يتقاعدون حيث تُنجز لهم معاملاتهم على الفور وهم في قصورهم داخل او خارج الوطن ، لا يحركون ساكناً من أجل ذلك .
ايها الناس الإنتخابات المحلية على الأبواب والإنتخابات البرلمانية قادمة نهاية هذا العام وانتم الذين ستقررون إستمررا هذه المهازل باسمكم ام لا واستمرار سرقة أموالكم بقوانين يضعها من ستنتخبونهم أم لا واستمرار الوعود الكاذبة التي وعودكم بها قبل سنين والتي يعدونكم بها اليوم أيام الإنتخابات المحلية أم لا . فإن قلتم لا وثم لا فما عليكم إلا مراجعة ضمائركم أمام صناديق الإقتراع والتصويت للنزاهة والصدق والحق ومناصرة المظلومين والمعوزين والفقراء والعاملين على إستتباب الأمن حقاً لا تبجحاً والساعين إلى مكافحة الفساد الإداري ومن الذين لم يشتركوا فيه فعلاً ولم يجمعوا الأموال ويشيدوا العقارات في السنين الخمس الماضية حتى صبحوا يملكون كل شيء وحرموكم من كل شيئ ، والساعين بحق إلى مكافحة البطالة وإيجاد فرص العمل ، وإلى المناصرين الأشداء لكل مَن ظلمتهم البعثفاشية واستمر ظلمهم حتى بعد زوالها ، وإلى المُجدين بتقديم جميع الخدمات التي ظلت تطرق مسامعمكم فقط دون ان تروها ، وأخيراً إلى كل من لا يريد أن يشتري أصواتكم بما سرقه من أموالكم.
#صادق_إطيمش (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الفساد ألإداري : هل ستساهم نتائج ألإنتخابات اللاحقة بعلاج ما
...
-
الفساد ألإداري : هل ستساهم نتائج ألإنتخابات اللاحقة بعلاج ما
...
-
إنتخب ولا تنتخب / القسم الثاني
-
إنتخب ولا تنتخب / القسم الأول
-
ماذا....لو....؟
-
التجارة بالأصوات الإنتخابية ....تجارة خاسرة
-
ألإزدواجية في فكر الإسلام السياسي / القسم الرابع
-
ألإزدواجية في فكر ألإسلام السياسي / القسم الثالث
-
ألإزدواجية في فكر الإسلام السياسي / القسم الثاني
-
الإزدواجية في فكر الإسلام السياسي / القسم ألأول
-
الحكيم بالأمس والقزويني اليوم
-
لغة القنادر مرة اخرى
-
الحوار المتمدن قفزة حضارية رائدة
-
لماذا وكيف ومَن أنتخب....؟ 2/2
-
لماذا وكيف ومَن أنتخب....؟ 1/2
-
مَن إستطاع إليه سبيلا
-
فزع ألأنظمة العربية من الإعلام الحر
-
أحزاب المحاصصات الدينية والقومية مصابة بفقر الدم الوطني.....
...
-
أحادية التفسير لتعدد الزوجات في الإسلام
-
إنهيار التجربة وصعود النظرية
المزيد.....
-
بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في
...
-
-الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
-
حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش
...
-
انطلاق فعاليات معرض الكويت الدولي للكتاب 2024
-
-سرقة قلادة أم كلثوم الذهبية في مصر-.. حفيدة كوكب الشرق تكشف
...
-
-مأساة خلف الكواليس- .. الكشف عن سبب وفاة -طرزان-
-
-موجز تاريخ الحرب- كما يسطره المؤرخ العسكري غوين داير
-
شاهد ما حدث للمثل الكوميدي جاي لينو بعد سقوطه من أعلى تلة
-
حرب الانتقام.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 171 مترجمة على موقع
...
-
تركيا.. اكتشاف تميمة تشير إلى قصة محظورة عن النبي سليمان وهو
...
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|