أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نمر سعدي - شيء عن الأيديولوجيا الضالَّة والحُبِّ والحربْ














المزيد.....

شيء عن الأيديولوجيا الضالَّة والحُبِّ والحربْ


نمر سعدي

الحوار المتمدن-العدد: 2531 - 2009 / 1 / 19 - 08:56
المحور: الادب والفن
    



في البدءِ حيثُ كانَ الحُب أصرخُ صرخةَ قلبٍ مسحوق ومحروق بالفوسفورِ غير المرئيِّ " أحبُّكِ غزَّة أحبُّكِ " أيتُّها القدِّيسةُ العالية. أحبُّكِ وأتساءلُ في خضّمِ هذهِ المعمعةِ غيرِ المنتهيةِ المجنونة الملتهبة. ألا يوجدُ في هذا الكونِ الموبوءِ بالظلمِ ومزاجِّيةِ الجنرالاتْ وعاطفةِ الروبوتِ الأحمقِ من يوقفُ شلاّلَ دمكِ النورانيّْ ؟
من يمنعُ ذبحكِ أيتها العذراءُ بسيوفِ الأعرابِ الدخلاءِ والأصلاء ؟
من يُنـزلكِ عن الصليبِ العامِ العربيِّ والأجنبي ؟
أتساءلُ وأتألَّمُ بكلِّ ما في الصباحِ الشتائيِّ من وجعٍ وحمَّى . ما قيمةُ ما يُكتبُ ويذاعُ ويُنشرُ ويُلقى في محافلِ الصمتِ أمامِ دمِ صغاركِ الملائكة ؟
ما قيمةُ هذيانِ كلِّ شعراءِ العالمِ المحمومِ وعويلهِم في شوارعِ العالمِ المتحضِّرْ والمغسولِ بالظلامِ لا بالنورِ ؟
وما قيمةُ ركضهم ككلابِ بابلَ في شوارعِ وسهوبِ العالمِ الثالثِ أو العاشرِ أو ربَّما المنسيِّ إلى أبدِ الآبدينَ وقيامةِ إخوةِ يوسفَ من الجبِّ ؟
أتساءلُ وأتخيَّلُ نفسي شاعراً في مقهى مسائيٍّ بقلبِ فضائكِ المخزونِ بالألوان البيضاءِ والودِّ الدافئ .. أتخيَّلُ نفسي مسيحاً آخرَ يُرجمُ حتى الموتِ ويُرفعُ على جلجلتكِ الطاهرةِ.. ولا أحدَ في العالمِ يُجيبُ صدى صُراخهِ المسكوبِ على أعتابِ القطبِ الشماليِّ الأصمِّ .
أحبُّكِ غزَّةَ وأحملُ وجعي وأرقى إلى سدرةِ المنتهى.. أرقى إلى سدَّةِ الكونِ وأبكي بخضوعْ... بخضوعٍ كأنني في حضرةِ عشتارْ .
أحبُّكِ وأتساءلُ ما معنى أن يترككِ العالم في هذا الليلِ التتريِّ القاسي .. أينَ التأثيرُ الفعليُّ للشعوبِ والحُكَّام ؟ أليسوا بشرا مثلنا.... ألسنا بشراً مثلهم ؟
كلُّ ما يحصلُ من شجبٍ واسنكارٍ لا يوقفُ دم طفلٍ واحدٍ يسيلْ على صدرِ الأرضْ .... أنتِ وحدكِ يا غزَّة ونحنُ العربُ نتفرَّجُ على مسرحيَّةِ موتكِ المُعلَّقةِ على تاريخِ هزيمتنا فهل نحنُ بشرٌ.. هل حكَّامنا بشر ؟ لستُ في محفلٍ لتعريةِ الذاتِ أو جلدها.. أبداً.. ولا أقصدُ سخريةً ما في قولي هذا فنحنُ اليوم أبعدُ ما نكونُ عنها ولستُ هنا بصددِ مناقشةِ فكرة أيديولوجية أو أرمي إلى استفهامٍ حولَ الهوِّيةِ العربيِّةِ البائسة .. لا شيءَ غيرَ ما يلتاعُ بي من تلكَ الحادثةِ المستنكرةِ الغريبةِ والتي تذكرتها الآن وكانَ حدثَّني بها صديقٌ صدوق حينَ قالَ لي أنهُ تراسلَ كتابياً عبر الشبكةِ العنكبوتية مع فنانةٍ تشكيليةٍ وكاتبةٍ من أصلٍ عربي تعيشُ في عاصمة ألمانيا برلينْ منذُ سنواتٍ عديدة . وحاولَ أن يسألها بفضولِ جاهلٍ عن طبيعةِ الحياةِ هناك وما إذا كانَ هناكَ تشابه معيَّن بينَ الحياةِ في دولةٍ عربيةٍ والحياة في دولةٍ أوروبيةٍ كألمانيا ؟ وحاولَ أيضاً بسذاجةٍ أن يستفزَّها بسؤالٍ آخر حولَ الفوارقِ الأساسيةِ التي يتميَّزُ بها الإنسانُ الغربي عن الإنسانِ العربي المقيم في الأقطارِ العربيةِ.. فأجابتهُ حينها إجابةً لاذعةً واصفةً العربَ بأقلِّ من بشر وقالت كلاماً ظلَّ في نفسي كالجمرِ المتوقدِّ لا يخبو أبداً .
ردَّت الفنانةُ التشكيلية والكاتبةُ العربية بسؤالٍ آخر وهو " هل العرب بشر "
حتى نقارنَ بهم الشعوب الأخرى المتحضِّرة ؟ ونصحتهُ أن لا يستفزَّها بشأنِ أبناءِ جلدتهِ العربْ وأن يبتعد عن هذهِ الأفكار التي تزعجها والسخيفةِ أشدِّ السخفِ في نظرها. وقالتْ أنهُ إذا أرادَ أن يقارنَ العربَ بشيءٍ فليقارنهمْ أوَّلاً وقبلَ كلِّ شيءٍ بغيرِ البشرْ وبعدها بأيِّ شيءٍ آخرَ يدبُّ على قدمينِ أو أكثرْ . ولكن حتى الحيوانات الضارة لا يجوزُ قتلها بهذه الطريقة فما بالك بالبشرْ .. كلُّ الضلالية والإنفصام النفسي والبعدِ عن الحقيقةِ لدى المنشقِّين عنَّا من " المفكرِّين والكتَّابِ والفنانين " لا يبرِّرُ قتلَ طفلٍ واحدٍ منَّا .
الآن وفي ظلِّ عجزنا وعدمِ تأثيرنا وهواننا على الناسِ يطفو على السطحِ هذا السؤالْ ويسيتيقظُ في الضميرِ الإنساني في أحلكِ الفتراتِ التي واجهت وتواجه أهلَ غزَّة خصوصاً والفلسطينيينَ عموماً ويقفُ حيالها العالمُ عاجزاً لا عن توفير العيشِ الكريم للإنسان العاديِّ بل من أجلِ وضعِ حدِّ لهذا الوضع الذي لم يعد يطيقهُ حتى الحجرْ.. ومن أجلِ وضعِ حدٍ نهائيٍّ لشلالاتِ الدمِ والدموعِ.
أعترفُ أن سؤالَ الكاتبةِ المُتأوربةِ يثيرُ الاشمئزاز وهو لا يصدرُ عن عقلٍ سويٍّ ويحملُ كلَّ معاني الوجعِ وهو متجذِّرٌ لا شكَّ في أعماقِ الخسارةِ.. لكن لا أستطيعُ أن أعبرَّ عمَّا ينتابني أنا أيضاً لرؤيةِ هذا الدمار الشاملِ الذي لا يستطيعُ عقلٌ أو خيالٌ منطقيٌّ أن يتقبلاهُ .
اليوم عندما أتذكرُّ كلامَ ذلك الصديق أحسُّ بالمرارةِ وبرمادِ الخسرانِ على طرفِ لساني ولا أستطيعُ أن أشمَّ من كلامِ الكاتبةِ العربيةِ المتأوربةِ أيَّ حقدٍ أو روح انهزاميةٍ أو ضلالٍ.. فقط أجلسُ أمامَ مرآةِ العالمِ وأتوجَّع بصمتٍ ولكن بعنفٍ أعمقَ وأشدَّ من ذي قبلْ .
أتوَّجع لا من أجلِ ما حدثَ وما سيحدثُ في الآتي والغدِ بل من أجلِ هذا السؤالِ التائه ومن يقيني بأنهُ لا يوجد في هذا الكونِ قوةٌ واحدةٌ عادلةٌ تقفُ إلى جانبِ العربْ وحقهم المهضوم والضائع في اختيارِ مصيرهم... قوة واحدة لا غير تملكُ ضميراً إنسانياً يقظاً بل ومتوهجاً.. تفصلُ بينَ الطرفين وتفضُّ النـزاعَ العبثيَّ الدائرَ منذُ ما يقربُ المئةَ عامٍ وأكثرْ .
نحنُ لسنا مخلوقاتٍ هلاميةٍ ولا كائناتٍ سرياليةٍ تعيشُ على هذهِ الأرضِ الحبلى بالألمِ منذُ النبيِّ آدم.. والمحمولةِ كصخرةِ سيزيف على أكتافِ بنيها.. نحنُ بحاجةٍ إلى حلِّ موضوعيٍّ ونهائيٍّ لهذهِ القضيةِ المتأرجحةِ على كفِّ عفريتٍ أجنبيٍّ.. حلٍّ يمكِّنُ الشعبينَ من العيشِ بسلامٍ وأمنٍ عادلين وشاملينْ .. ولسنا بحاجةٍ إلى حربٍ ودماءٍ وأشلاءٍ وجنونٍ ومعاركَ استنـزافٍ سياسيِّ عقيمٍ لا يغني ولا يسمنُ من جوعٍ... وكفى .



#نمر_سعدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا تسكبينَ دمي على الشطآنْ ؟
- حنانكِ غزَّة
- ثلاث قصائد
- قصيدتان
- أقمارٌ مائيَّةٌ لشرفةِ السيَّابْ
- هي شهقةٌ أخرى
- قصائد مبتلة بالضوء / قصائد مختارة
- شمسُ يوشع
- كلمات في وداع أجمل الفرسان محمود درويش
- كلُّ هذا البهاءِ المراوغِ حريَّتي ليسَ لي
- عذابات وضَّاح آخر
- خطىً لظباءِ القوافي على القلبِ
- قصائد مختارة من ديوان أوتوبيا أنثى الملاك
- كأني سوايْ
- إنفلاتُ هوميروس العرب إلى الأزرقِ الورديّْ
- محمود درويش.... أقربُ من زهرِ اللوز
- ماركيز ويوسا : رحمةً بنا
- مهزلة - أمير الشعراء - المُبكية
- كأنَّ الوردَ يهذي
- رؤى يوحنَّا الجَليلي


المزيد.....




- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نمر سعدي - شيء عن الأيديولوجيا الضالَّة والحُبِّ والحربْ