|
القائمة الوطنية العراقية ..تدمير من الداخل
امين يونس
الحوار المتمدن-العدد: 2532 - 2009 / 1 / 20 - 08:59
المحور:
ملف: الانتخابات والدولة المدنية والديمقراطية في العراق
حين تَشكلَتْ " القائمة الوطنية العراقية " ، قبيل إنتخابات 2005 ، إسْتبشرَ الكثير من الناس خيراً ، وإعتورهم أملٌ ، في ان تستطيع هذه القائمة ( الغير طائفية والغير قومية ) ، ان تحصل على عددٍ كافٍ من المقاعد في مجلس النواب ، بحيث تستطيع ان تلعب دوراً أساسياً في العملية السياسية . غير ان هذه " الآمال " لم تتحقق . وان احزاباً وحركات طائفية اسلامية ، إكتسحت الساحة . فالتيار الصدري وحده " رغم حداثة تشكيله وعدم اشتراكه في الانتخابات في اماكن مهمة " ، حصل على ثلاثين مقعداً . والحزب الاسلامي العراقي حصد عدداً من المقاعد يوازي ماحصلت عليه القائمة الوطنية العراقية . ناهيك عن المجلس الاعلى الاسلامي ومنظمة بدر ، من جهة ، وحزبي الدعوة وحلفاءهم المستقلين ، من جهة ، الذين فازوا " كلٌ على حِدة " بمقاعد أكثر من القائمة الوطنية العراقية . والحزبين الكردستانيين حصلوا على ضعف عدد مقاعد القائمة الوطنية العراقية . القائمة الوطنية العراقية ، كانت كما ظهرَ لاحقاً ، تحملُ اسباب ضعفها منذ قيامها . فعلى الرغم من إحتواءها على أسماء لامعة ، فأن بعض التناقضات المهمة أثَرتْ على فاعليتها ومصداقيتها . فالقائمة ، على كل حال ، طرحت نفسها عموماً ، بإعتبارها ( قائمة علمانية ) في مواجهة القوائم الاسلامية الطائفية والقومية . فرغم وجود شيوخ عشائر " غازي الياور ، جمال البطيخ ، وغيرهم " و رجال دين " خيرالله البصري ، أياد جمال الدين " ، فأن مقعدي الحزب الشيوعي العراقي ، و " مهدي الحافظ ، وصفية السهيل ، وميسون الدملوجي ، ووائل عبد اللطيف ، وغيرهم " ، جعلَ صفة " العلمانية " غالبة . هذا من الناحية النظرية . ولكن عملياً ، لم تكن الامور سائرةً على هذا المنوال . فمنذ الاشهر الاولى بَدَتْ المشاكل الجدية تطفو على السطح : - ظهِرتْ بوادر " مَيْل " رئيس القائمة ( اياد علاوي ) ، الى الإنفراد بإتخاذ المواقف والقرارات ، بعكس ما كان يُبديهِ قبل الإنتخابات . الى جانب غيابهِ المتواصل وتواجده في الخارج على الاغلب . - العديد من شخصيات القائمة ، حذوا حذو اياد علاوي ، ونافسوهُ على الغياب المتكرر عن جلسات مجلس النواب ، مما أدى الى ضعف تأثير الكتلة ، على مجريات المناقشات الجارية . - بعد تخلي " غازي عجيل الياور " عن مقعده لأسباب صحية ، كان إختيار شقيقه " انور الياور " بدلاً عنه ، سابقةً غير معهودة ، عندما تجاوزت ( القائمة الوطنية العراقية ) على " علمانيتها " وقبلت هذا الحل العشائري العائلي ! بعيداً عن الاصول الديمقراطية المتبعة . - هشاشة التنسيق ، بين مختلف مكونات القائمة . فمنذ وقتٍ مُبكر ، ظهرت خلافات حول مسائل جوهرية ، مثل العلاقة مع الحكومة والاشتراك فيها من عدمهِ ، وكيفية معالجة المشاكل الامنية ، وسُبل إدارة المناقشات مع الكتل الاخرى . حيث كانت التوجهات الفردية المستقلة ، قوية وبادية للعيان . فعدا عن " حركة الوفاق " التي يتزعمها علاوي نفسه والتي لها عدة مقاعد ، والحزب الشيوعي العراقي الذي له مقعدين ، فأن ( المُستقلين ) يشكلون أغلبية شخصيات القائمة الوطنية العراقية . فالسيد ( وائل عبد اللطيف ) مثلاً ، وهو من الشخصيات المعتدلة المقبولة على نطاق واسع في الاوساط السياسية العراقية ، لم يستطع الإستمرار ، وخرج من القائمة ، مُفّضِلاً عدم الإنصياع الى بعض الطروحات البعيدة عن رؤاه . و ( حاجم الحسني ) كذلك . ( صفية السهيل ) من أشجع النساء البرلمانيات العراقيات ، لم تؤازرها القائمة بصورةٍ فعالة ، ضد الإنتهاكات المُبتذلة لرئيس المجلس المشهداني ، فخرجت عن القائمة ايضاً . (مهدي الحافظ ) شخصيةٌ اخرى مهمة لم يستطع التواصل فأبتعد لفترة . الحزب الشيوعي العراقي ، بمُمَثليهِ البارزين ( حميد مجيد موسى ) و ( مفيد الجزائري ) ، لم يجدا اُفُقاَ لترسيخ أرضيةٍ مشتركة مع الاعضاء المتبقين ، فأبتعدا بدورهما ، خاصةً بعد إمتناع الحزب عن سحب وزيرهِ ( رائد فهمي ) من الحكومة . السيد ( اياد جمال الدين ) ، هذه الشخصية الإشكالية ، الذي كان من " المُفْتَرض " ، ان يلعب دوراُ اكثر اهمية في مُجمل العملية السياسية ، بإعتبارهِ رجل دين مُعّمَم ، ولكنه في نفس الوقت علماني ليبرالي . لم يستطع او لم تُسنح له الفرصة ، لكي يبرز في الساحة ، كبديلٍ مُحتَمَل لجوقة الاسلام السياسي الطائفي . فأرتضى لنفسهِ ان يقبع في المواقع الخلفية ، مُكتفياً بلقاءٍ تلفزيوني او تصريحٍ صحفي بين الحين والآخر ! المرأة الباسلة ( ميسون الدملوجي ) ، يكفيها فخراً انها رّشحتْ نفسها لمنصب رئيس مجلس النواب ، ورغم ان حظوظها في الفوز ، ضئيلة ، فأن مجرد خوضها هذا الغمار ، بعلمانيتها وسفورها ، جرأة تُحسب لها . ان القائمة الاصلية التي كانت تضم ( 25 ) مَقعداً ، كانت حقاً كبيرةً بشخصياتها ، فرئيس القائمة ، هو رئيس وزراء سابق واحد الفاعلين في بداية العملية السياسية ، وعضو آخر كان أول رئيسٍ للجمهورية بعد التغيير ، وآخر كان رئيساً للبرلمان ، وعدة أعضاء كانوا وزراء في الحكومة الاولى . ولكن " تركيز " اياد علاوي ، على نقطة واحدة ، وهي محاولة إلغاء " إجتثاث البعث " ، وإهمال الجوانب الاخرى ، وكذلك " إعتمادهِ " المُتنامي على البُعد العربي وإفساحهِ المجال للتدخل في الشأن العراقي ، وغيابه الطويل عن بغداد وعن إجتماعات مجلس النواب ، وعزوفهِ عن مشاورة شركاءهِ في القائمة في كافة الامور ، كُل ذلك أدى الى خروج شخصيات مهمة ومحورية . وكذلك فتح السبيل الى " بروز " توجه متطرف مُغامر ، يمثلهُ ( اسامة النجيفي ) ، ليتحدث بأسم القائمة ، ويقع في مطباتٍ لا تُحمد عقباها . ان " تجيير " النجيفي ، للقائمة العراقية ، لحسابهِ الخاص ( تحت نظر اياد علاوي وسكوتهِ ) ، كان من الاسباب الرئيسية ، لتآكل القائمة وخروج اهم أعضاءها منها . ان سعي النجيفي الحثيث ، للإيقاع بين رئيس الوزراء المالكي ، وبين التحالف الكردستاني ، بإدعاءه ان المالكي " أخبرهُ " بان التحقيقات اثبتت تورط الكرد في تهجير المسيحيين من الموصل ، و ( نفي المالكي ذلك ) ، يُعَدُ سابقةً خطيرة . مما حدا بالتحالف الكردستاني ، بتقديم طلبٍ رسمي الى رئاسة مجلس النواب بصدد " إسقاط عضوية " النجيفي من المجلس ، بإعتباره خرقَ شرطاً اساسياً من شروط العضوية ! وترشيح النجيفي لنفسهِ لرئاسة مجلس النواب وإدعاءهِ بأنهُ المرشح الوحيد عن القائمة العراقية ، فضيحةٌ اخرى ، حيث ان اياد علاوي صرح مباشرةً بأن النجيفي " ليس " المرشح الوحيد للقائمة ! وحتى النائب ( عزت الشابندر ) قال : ان تمثيل النجيفي للقائمة الوطنية العراقية ، هو خسارة كبيرة للقائمة ! ان بقاء اسامة النجيفي ضمن القائمة العراقية ، بمواقفهِ المتشنجة ، وضيق اُفقهِ السياسي ، وإصطفافهِ مع التطرف ، سيقضي على البقية الباقية من هذه القائمة !
#امين_يونس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
دعايات نصف مُغرضة !
-
أهالي ضحايا حلبجة ينتظرون الجواب
-
الإصلاح السياسي في اقليم كردستان .. ضرورة مُلّحة
-
إستثمار نَزْعة العمل الطوعي الجماعي
-
ميزانية 2009 ، تحتَ رحمة سعر برميل النفط
-
شعب غزة .. بين همجية إسرائيل والسلطات المغامرة والفاسدة
-
لِيِكُنْ عيد رأس السنة الإيزيدية ، عطلة رسمية في الاقليم
-
محمود المشهداني ..نهاية مسيرة رَجُل.. بداية مرحلة جديدة
-
إنتخابات مجلس محافظة نينوى .. إضاءة
-
تكافؤ الفرص في إنتخابات مجالس المحافظات
-
علي الدّباغ ومواعيد عرقوب !
-
حذاء خروتشوف وقندرة منتظر الزيدي !
-
في ذكرى تأسيسهِ الثلاثين .. تحية الى pkk
-
عودة العشائرية
-
بين الإصلاح السياسي والإتفاقية
-
كاريكاتير ديمقراطي
-
ثمانية اسباب مُحتملة ، لإغتيال باراك اوباما
-
إنتخابات مجالس المحافظات .. مؤشرات اولية
-
الآغا والاسطة محمد
-
مجالس إسناد كركوك .. جحوش موديل 2008 !
المزيد.....
-
فيضانات غير مسبوقة تجتاح بريتاني الفرنسية والسلطات تدعو للحذ
...
-
رئيس أركان الجيش الجزائري يبحث مع وفد -الناتو- سبل تعزيز الح
...
-
روسيا تدين أعمال المتمردين في الكونغو الديمقراطية
-
رئيس وزراء سلوفاكيا يهدد زيلينسكي بمنع المساعدات المالية لأو
...
-
وفد حماس يبحث مع المخابرات المصرية تطورات ملف التهدئة بغزة
-
العقل المدبر وراء -ديب سيك-: من هو ليانج وينفينج؟
-
بانتظار قرارات القضاء.. البحرية الإيطالية تنقل إلى ألبانيا 4
...
-
احتجاجات حاشدة في دالاس ضد سياسات ترامب للهجرة وترحيل الأسر
...
-
العراق.. الأمين العام لمنظمة -بدر- يعلق على إقالة رئيس هيئة
...
-
رويترز: صور تظهر تشييد الصين منشأة كبيرة للأبحاث النووية
المزيد.....
المزيد.....
|