أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - أماني أبو رحمة - أطفالُ للموت ... بيوتُ للخراب














المزيد.....


أطفالُ للموت ... بيوتُ للخراب


أماني أبو رحمة

الحوار المتمدن-العدد: 2530 - 2009 / 1 / 18 - 08:14
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


غزة صباح اليوم الثاني والعشرين من الرصاص المسكوب.
في غزة يتحكم الموت بالحياة, ويسيطر الماضي على المستقبل.

الأرواح -التي تخلصت من عبء الحياة , من الذُعر والفرح , من الدهشة والرتابة - تحلق فوق رؤوس الأحياء , تجاورهم في الطرقات والأزقة, تتجمع معهم في الساحات ,تتمدد على الأسرة, تتشعبط فوق الخزانات والرفوف ,تنتظر قرب النوافذ, تزيح أكاليل الشوك عن الدروب, تتفقد الأحبة اللذين غادرتهم قبل اكتمال الحلم, تمسح الغبار عن صور أجسادها المعلقة في صدر البيوت .
فلا تعجبن إذاً ؛إذا ما حدثك أهل غزة- بحرارة الواثق- عن أمور من قبيل المعجزات, عن صور شهداء لا يعلوها الغبار, وعن قناني مياه بجوار أسرتهم لم يأسن ماؤها مذ غادروا, وعن أصص أزهار على شرفات نوافذهم لا تذبل .

لا فرق بين الأحياء والأموات في غزة إلا في كثافة الجسد .
يتحدث الناس في غزة عن الموت بأُلفة غريبة. يعالجون تكاليف الحياة اليومية برتابة تخلو من الدهشة والحماسة. لا يذكرون المستقبل إلا نادرا وبتوجس موحش.
ُيشّيدون بيوتا للهدم ,وينجبون أطفالا للموت. يفرحون ليقدموا أفراحهم هدايا للحزن.
يعيشون الماضي في الحاضر. يتحدثون بلا ملل عن أحبتهم اللذين غادروهم شنقاً, أو ذبحاً, أو قصفاً ,أو حرقا,ً أو بالسم .. فنادرا ما يموت الناس في غزة ميتة طبيعية كبقية البشر.

تحدثك أم -وهي تتحسس القلب المثخن بالشوق كي لا يهوي- عن ابنتها الصبية التي كانت تجهزها للعرس فعاجلتها قذيفة مدفعية وهي في طريقها للبيت فقصفت الحلم.
وأم تعتصر ثدييها كل مساء ,وتتذكر الشفتين الورديتين على قبة الحلمة ,حين انتزعت غربان سوداء طفلها البكر.
"لم يكمل شهره السادس" تقول بذهول..
لم تفطمه, لم ترتوي من بحر عينه, ولم يرتوي من نهر صدرها .
كان أجمل من سطح بحيرة غادرها لتوه المطر.
كان أجمل من حلم.
نثر الورد على درج البيت واختفى في غمزة عين.

ويحدثك رجل: عن ابنه الذي أوقف عليه أغنياته, وممتلكات الحنين, فقصفت ارتال من الدبابات عمره, ورحل كضيف خفيف طري .لم يكن مستعداً حين غادره لصفعته الماحقة فنذر حياته للبؤس والذكرى.
فيما تصمت عاشقات خجولات غَادرهُن الحبيب قبل أن ينتهي الخيال من لعبته المحمومة.

الوجوه في غزة سمراء, كالحة باردة.
تغوص ملامحها في ماضٍ سحيق, وتذوي ابتساماتها قبل أن تعتلي الشفاه اليابسة.
عيون منطفئة, تحرس يقظتها دبابيس مدببة ,تحرمها لذة الكرى فلا نوم ولا سلوى.
آهات الضلوع تتفجر في المدى, والحزن المتربص يقضم تفاح القلوب .

اسأله : مُرّة يا صديقي
فيجيب : مُرّة مُرّة.

أماني أبو رحمة
غزة،
17/1/2009



#أماني_أبو_رحمة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وغضبت اسرائيل
- حاييم بريشث*: دولتان: ضئيل جداً , متأخر جداً
- نويل اغناتيف:نحو حل الدولة الواحدة,الصهيونية ومعاداة السامية ...
- أليكس كالينيكوس - لماذا -دولتان- ليس هو الحل في فلسطين
- جورج حبش
- المفاوضات في جنوب إفريقيا ؛ الدروس لفلسطين
- اللوبي الإسرائيلي و-المصلحة الوطنية-
- إسرائيل / فلسطين : -هل هو معقد!-… أم انه ؟
- تحدي حل الدولتين
- الإجابات قد تغيرت
- لم يوجد يسار حقيقي قط في إسرائيل. الفصل العنصري الإسرائيلي ه ...
- دولة واحدة ليست زيت الأفعى : ردا على مايكل نيومان
- استعراض كتاب : نهاية التسامح -- العنصرية في القرن الحادي وال ...
- لماذا لا يعترف الإسرائيليون المناهضون للصهيونية بحق إسرائيل ...
- ماذا ستكون فلسطين الجديدة ؟
- خارطة الطريق إلى الفصل العنصري الإسرائيلي : نقاط خطة -السلام ...
- فلسطين : دولة واحدة للجميع
- طريقا واحدا للأمام : دولة واحدة
- الصهيونية باعتبارها إيديولوجيه عنصرية : إحياء موضوع قديم لمن ...
- ثنائية القومية إسرائيل /فلسطين


المزيد.....




- تحليل للفيديو.. هذا ما تكشفه اللقطات التي تظهر اللحظة التي س ...
- كينيا.. عودة التيار الكهربائي لمعظم أنحاء البلاد بعد ساعات م ...
- أخطار عظيمة جدا: وزير الدفاع الروسي يتحدث عن حرب مع الناتو
- ساليفان: أوكرانيا ستكون في موقف ضعف في المفاوضات مع روسيا دو ...
- ترامب يقاضي صحيفة وشركة لاستطلاعات الرأي لأنها توقعت فوز هار ...
- بسبب المرض.. محكمة سويسرية قد تلغي محاكمة رفعت الأسد
- -من دعاة الحرب وداعم لأوكرانيا-.. كارلسون يعيق فرص بومبيو في ...
- مجلة فرنسية تكشف تفاصيل الانفصال بين ثلاثي الساحل و-إيكواس- ...
- حديث إسرائيلي عن -تقدم كبير- بمفاوضات غزة واتفاق محتمل خلال ...
- فعاليات اليوم الوطني القطري أكثر من مجرد احتفالات


المزيد.....

- لمحات من تاريخ اتفاقات السلام / المنصور جعفر
- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - أماني أبو رحمة - أطفالُ للموت ... بيوتُ للخراب