أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - جهاد علاونه - الحضارة هي القتل 1














المزيد.....

الحضارة هي القتل 1


جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 2530 - 2009 / 1 / 18 - 08:07
المحور: كتابات ساخرة
    


إن أبشع أنواع الجرائم وأبشع القوانين البشرية قسوة لم تكن في يوم من الأيام من صُنع الإنسان المتخلف عقليا بل هي من صُنع الإنسان المتحضر , والجريمة والقتل والعقاب تتقدم كلما تقدمت المجتمعات البشرية وتتراجع الجريمة نسبتها كُلما كان الإنسان أكثر تخلفا , فمن الملاحظ أن المدن المتحضرة والمتقدمة تنتشرُ بها الجريمة أكثر من القرى النائية , ففي المدينة تيارات سياسية وثقافية وسخة جدا وهذه التيارات نادرا ما نلاحظ وجودها في القرى أو في المدن البسيطة .

وحين تعلم الإنسان صناعة الحضارة وطهي الطعام بالنار , كان قد تعلم معها كيف يستخدم صناعاته السلمية في الصناعات الحربية , وكيف يكون جبارا يبني الأهرامات ويقلع عيون الأبطال , وكيف يحفر في الجبال , وكيف يصنع السفن , وحين أراد حرث الأرض صنع الفأس وحين تنازع الإنسان الزراعي مع أخيه الإنسان كان قد إتخذ من الفأس سلاحا يشجُ به رأس أخيه ,وكل تلك المكتشفات من صناعة الإنسان والتي يبدو لنا جميعا من خلالها أنها هي الحضارة .

فأدوات الحضارة تتحول بين ليلة وضحاها إلى أدوات حرب وقتال , وهذا يعني أن القتل صفة من صفة الإنسان المتحضر وليست صفة من صفات الإنسان الحجري الأدنى (35000-7000ق.م.).
ولننظر إلى الديناميت الذي صنع أول مرة , فهل كان من أجل إستخدامه في الحرب ؟
طبعا لا .
ولكنه خدم الصناعات الحربية بقدر ما خدم الصناعات السلمية وأحيانا أكثر من ذلك .
الحضارة هي القسوة والقتل والتدمير والتعذيب وما زال الإنسان حيوانا أو أقل من حيوان فالحيوان الذي يعيش في الغابة يقتلُ من أجل أن يأكل , أما الإنسان اليوم فإنه يقتل وهو شبعان وبطنه ممتلأة !!!

والقتل والظلم والقسوة سمة من سمات الحضارة فلا توجد حضارة من غير قتل وظلم فحتى تنشأ حضارة لا بدّ من وجود ظالم ومظلوم , وهذه الصفة من صفات الذكور وليست من صفات الإناث , لذلك الحضارة التي نراها ونشاهدها اليوم هي حضارة القسوة الذكورية البطريركية الأبوية المتسلطة , وقبل إكتشاف الحضارة والثقافة لم يكن هنالك ظالم ومظلوم ولا قاتل ومقتول بالمعنى الذي نعرفه اليوم ولكن كان هنالك قتل بالصدفة ولم يكن مقصودا بذاته كأن يلقى الإنسان إنسانا آخر فيتقاتلا رغبة منهم بإبراز القوة أو بسبب التنازع على أشياء بسيطة .
ولم يكن هنالك في المجتمعات المتخلفة عقليا طبقة تعيش على حساب طبقة أخرى , ولم يكن هنالك سجون ولا مصحات عقلية ولم يكن الإنسان يعاني من مشاكل نفسية وعصبية كتلك التي يعاني منها اليوم ,
وبفضل التقدم إنتشرت الجريمة وأنواعها الكثيرة فأحيانا يرتكب الإنسان الشرقي جريمته من أجل الشرف وأحيانا من أجل الإنتقام وأحيانا من أجل لقمة الخبز , غير أن التقدم التقني منح الإنسان فرصة الشبع وإمتلاء البطن ولكن يبدو أن الجشع قد تمكن من غرز وزرع صفاته في الإنسان , فواضب على إرتكاب الجرائم .

الحضارة والثقافة هي التي دنست الإنسان وقبل أن يكتشف الإنسان الثقافة لم يكن مجرما بل كان مسالما في أغلب الأحيان .
إن منظر الإنسان العاري من الثياب هو منظر بحد ذاته يعيدُ إلى أذهاننا صورة الإنسان منذ آلاف السنين قبل أن يكتشف الملابس وقبل أن يعبد المعبودات الأنثوية والذكورية , وهذا يعني عصر البراءة(الفردوس المفقود) وإن الفردوس المفقود ليس إسطورة في أشعار (جون ملتون) أو آدم وحواء وهما في الجنة , بل حقيقة كانت موجودة قبل أن يتعلم الإنسان الثقافة .

القتل من أجل لُقمة العيش صفة من صفات الإنسان والحيوان معا وبذلك يشترك الإنسان مع الحيوان في هذه الصفة , والصراع من أجل البقاء صفة من صفات الإنسان والحيوان معا , وبهذا فالإنسان والحيوان شريكان من شركاء صناعة الجريمة وملحقاتها , ولكن هنالك صفة مُلحقة بالجريمة يمتاز بها الإنسان وحده عن الحيوان وهي القتل من أجل التعذيب والإنتقام .

إن الحيوان يقتلُ لأنه يريدُ أن يأكل أما الإنسان فإنه يقتلُ أخيه الإنسان أحيانا من أجل الإنتقام والتعذيب فهذه الصفة ليست من صفات الحيوان هذه الصفة يمتازُ بها الإنسان عن الحيوان وبالتالي فالإنسان يفوق الحيوانات إجراما بل ويتفنن بالقتل ويطلق أسماء ومبررات على قتله لأخيه الإنسان .

ترى كيف بدأت قصة القتل :
يبدو أنها كانت في البداية من أجل الطعام والشراب فكان الإنسان يأكل لحم أخيه الإنسان بسبب الجوع , وأحيانا إذا رأى بأخيه الإنسان صفة من صفات الإعجاب كان يقتله ويأكل لحمه من أجل أن تنتقل تلك الصفات إليه عن طريق مضغ اللحم وشرب الدم .

وفي كل مرة كان يرى أو يجد الإنسان مبررا لإرتكابه لجرائمه , وأول جريمة تخبرنا بها الأساطير الدينية هي جريمة أو قصة قابيل وهابيل أو قايين وهابيل ,وكلنا يعلم أن فيها قاتل ومقتول وكلنا يضع اللوم على القاتل ولكن لا أحد فينا سأل هذا السوآل :
لماذا إرتكب المجرم جريمته ؟
يبدو أن المقتول قد قتل قاتله أكثر من 100مئة مرة حتى أقبل على قتله جسديا , وبعبارة أكثر شاعرية : المقتول قتل القاتل روحيا أكثر من 100مرة حتى قتله القاتل قتلا جسديا .

القتل صفة من صفات المجتمعات الرأسمالية فمن يوم عرف الإنسان المُلكية الفردية والذهب والفضة فمنذ تلك اللحظة باع الإنسان قوته العضلية للحصول على قوته الغذائية , وباع أيضا أرضه وداره وبيته وممتلكاته وباع أشياء ثمينة لا تقدر بالذهب والفضة والعملة النقدية , باع روحه وأولاده ودمه , وبهذا إنتشر نظام العبيد والقيان , فكان أصحاب الأملاك والقوة يأخذون أبناء المدينين عوضا عن ديونهم وتسديدا عن ديون آبائهم , ومن هنا شعر الإنسان بالإهانة وحاول إسترداد ما أخذ منه بالحيلة فلما عجز إتخذ القوة والقتل والسبي وشن الحروب من أجل السيطرة على منابع النمو والثراء .



#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نهاية الحضارة الإسلامية
- لماذا يشتمونني؟
- لماذا يريدون إبادة جمهورية إسرائيل ؟
- من ينظمُ المظاهرات في العواصم العربية ؟
- لماذا يخرج المواطن العربي للمظاهرات ؟
- تساؤلات حول السيرة النبوية
- ما هي الموآمرة التي تحدث عنها جلالة الملك عبد الله الثاني ؟
- رسالة لمجلس القمة العربية
- الحرب تحل المشاكل التي لا يستطيع السلام أن يحلها
- مع من يقف الله اليوم ?....أو بصف من سيقاتل ؟
- الدين مشكلة كبيرة
- أسيادُنا الجُدد
- المُخدرات الفكريةُ
- إفهموني : ماركس مسيح العمال
- هذا المقال يسمم البدن
- خُرافةُ اليسار العربي 2
- هذا المقالُ يُسمم البدن
- خُرافةُ اليسار العَربي1
- يا يسوع خلّصنا يا رب هللولي هللوليه
- اليسار يكذب علينا


المزيد.....




- -ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - جهاد علاونه - الحضارة هي القتل 1