أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - سعدون محسن ضمد - حدُّ الأطفال














المزيد.....

حدُّ الأطفال


سعدون محسن ضمد

الحوار المتمدن-العدد: 2526 - 2009 / 1 / 14 - 03:38
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


في تموز 2002 كنت ومجموعة من الأصدقاء نجمع الفتاوى التي تبيح اشتراك النساء في العمليات الانتحارية التي تستهدف المدنيين اليهود. كنّا قد شكلنا، يومها، جماعة عراقية تسعى لنصرة الانتفاضة الفلسطينية؛ حيث كانت عمليات قتل المدنيين (المسلمين) تجري بشكل مسعور. ومع وحشية المجازر وما رافقها من زخم إعلامي وما قابلها من عمليات كيل بمكيالين يقوم بها المجتمع الدولي..
تحول الحق الفلسطيني بالنسبة لي إلى حقيقة ناصعة، وصارت القضية الفلسطينية مكوَّنة من كل متماسك لا يمكن أن يرقى الشك لصدق أي جزء من أجزائها، حتى ذلك المتعلق بقتل المدنيين اليهود، كسبيل وحيد لحماية المدنيين المسلمين.
أما بعد نيسان 2003 فقد أخذ الشك يتسرب لأول جزء من أجزاء تلك (القضية/ الحقيقة). وذلك عندما توجه لابسو الأحزمة الناسفة إلى العراق، إلى الكاظمية وكربلاء والنجف والحلة. وعند سقوط أول ضحية عراقية مسلمة من جراء حزام ناسف يحمله مسلم بدافع حماية المسلمين، سقطت أول خرزة من عقد تلك الحقيقة داخل وعيي. ثم وما أن فتح العراقيون ملف صدام حسين، بدءاً من اعتقاله ومروراً بمقتل ولديه وانتهاء باعدامه، حتى تناقضت تلك الحقيقة مع نفسها وانفرط عقدها وضاعت جميع الخرز، ليس بالنسبة لي فقط بل بالنسبة بل بالنسبة للكثير من العراقيين.
بعد ذلك وفي خضم الاشتعال العراقي ما عادت انفجارات غزة تحرك ساكن مشاعري، أنا الذي كنت أنام على انفجار وأصحو على آخر واعيش بين الانفجارين مخاوف الذبح أو الخطف او التهجير، وأحصي صباح كل يوم تقريباً وبحكم عملي ما يقرب من ثمانين مدنياً عراقياً يذهبون ضحية لتناقضات الحقيقة الفلسطينية، أقصد حقيقة حماية مدنيي هذا الطرف باستهداف مدنيي ذاك الطرف، بينما ينام أبطال الطرفين بسلام تام.
لكن في هذه الأيام، وعندما بدأ القصف الإسرائيلي الأخير لغزة، عادت ذكريات فتاوى إباحة الدم البريء من جديد. تذكرتها وتساءلت عن جدواها بخوف شديد. هذه الفتاوى التي آمنت بها سنة 2002 ثم كفرت بها بعد 2003، وها هي تصرخ بوجهي من جديد سنة 2009 وتتهمني بالخيانة، خيانة الأطفال على الأقل. خاصَّة بعد أن وصل عدد الضحايا من بينهم لأكثر من 200 طفل.
نعم فعند حد الأطفال تتزعزع أكبر اليقينيات وتستيقظ أتفه الشكوك.. لكن ولأن عموداً مكتوباً في صحيفة عراقية لا يمكنه أن يساعد طفلاً جريحاً أو مقتولاً أو مشرداً في غزة، عليه أنا لا أكتب بدافع مساعدتهم، لكنني وجدت ومن جديد أن دماء الأطفال تشكل محكاً محرجاً للحقيقة. الحقيقة التي كشفت دماءهم عن مقدار عهرها.
نعم الحقيقة عاهر لدرجة تمكنها من مضاجعة الف رجل في يوم واحد وتدعي، مع ذلك، بأنهم كلهم أزواجا شرعيون لها. وإذا لم تصدِّق ذلك، فاقرأ أعمدة الصحف العربية والعالمية، وشاهد الفضائيات، وستجد عندها بأن الحقيقة ليست فلسطينية فقط، بل يهودية ومسلمة وسياسية وحقوقية... وهي من جهة أخرى (حماسية وفتحاوية) و(سعودية/ مصرية) و(إيرانية/ سورية) بل وحتى تركية. لكن هناك بالتأكيد حقيقة أخيرة ضائعة بين كم الحقائق هذا؛ هي الحقيقة الطفولية.. تلك التي لا يصطبغ باحمرارها أي من شياطين باقي الحقائق، لكن يشوى داخلها الأطفال فقط، الأطفال الذين ألقت بهم الصدفة وحدها في مكان هو أقرب إلى الجحيم منه إلى المدرسة أو الروضة أو حتى البيت الآمن.
القضية عندي باختصار تقول: لو لم تكن الحقيقة عاهرة لهذه الدرجة لاستطاعت أن تكون ناصعة ومحددة لدرجة تتمكن معها من حماية الأطفال في العراق أو فلسطين أو في أي جحيم آخر يستعر بسبب ألوانها الكثيرة والزائفة.



#سعدون_محسن_ضمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثالث الثلاثة
- عصابات المسؤولين
- قف للمعلم
- أنت الخصم
- رسالة إلى هتلر
- ريثما يموت الببَّغاء
- الإنسان الناقص
- نبوئة لن تتحقق
- اغتيال مدينة
- كنت ثوريا
- التثوير الديني
- يقين الأحمق
- كلام المفجوع لا يعول عليه يا صائب
- البقاء للأقوى يا كامل
- اقليم الجنوب
- القرد العاري
- محمد حسين فضل الله
- وأعدائهم
- عبد الكريم قاسم
- ثقافة الوأد


المزيد.....




- لحظة لقاء أطول وأقصر سيدتين في العالم لأول مرة.. شاهد الفرق ...
- بوتين يحذر من استهداف الدول التي تُستخدم أسلحتها ضد روسيا وي ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل جندي في معارك شمال قطاع غزة
- هيّا نحتفل مع العالم بيوم التلفزيون، كيف تطوّرت -أم الشاشات- ...
- نجاح غير مسبوق في التحول الرقمي.. بومي تُكرّم 5 شركاء مبدعين ...
- أبرز ردود الفعل الدولية على مذكرتي التوقيف بحق نتنياهو وغالا ...
- الفصل الخامس والسبعون - أمين
- السفير الروسي في لندن: روسيا ستقيم رئاسة ترامب من خلال أفعال ...
- رصد صواريخ -حزب الله- تحلق في أجواء نهاريا
- مصر تعلن تمويل سد في الكونغو الديمقراطية وتتفق معها على مبدأ ...


المزيد.....

- لمحات من تاريخ اتفاقات السلام / المنصور جعفر
- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - سعدون محسن ضمد - حدُّ الأطفال