|
قانون حرية الأسعار فشل في ضبط السوق
عبد السلام أديب
الحوار المتمدن-العدد: 2526 - 2009 / 1 / 14 - 08:58
المحور:
مقابلات و حوارات
نص الحوار الصحفي الذي أجراه الصحفي عبد الرحيم ندير مع عبد السلام أديب، وفيما يلي نص الحوار. * رغم أن أسعار المواد الأولية في السوق الدولية شهدت تراجعا في الشهور الأخيرة، إلا أن الأسعار في المغرب، على العكس من ذلك، ما فتئت ترتفع، في نظركم لماذا ذلك؟ ** السياسات الاقتصادية والاجتماعية التي تعتمدها الحكومات المغربية المتعاقبة موجهة من جهة من طرف المؤسسات المالية الدولية التي تملي على البلدان المدينة وصفات جاهزة لخدمة الانتشار العالمي للرأسمال وإيجاد منافذ مربحة له وموجهة من جهة أخرى من طرف التحالف الطبقي الحاكم الذي يعمل في نفس الوقت على تعظيم أرباح شركاته وتجاوز انعكاسات الأزمة المالية والاقتصادية العالمية، كما أن هذه السياسات الاقتصادية والاجتماعية لا تجد في الساحة المغربية معارضة حقيقية من طرف الأحزاب السياسية والمركزيات النقابية ومجموعات الدفاع عن المصالح، لذلك كله لا تخضع القرارات الحكومية لمنظومة الأخلاق الديمقراطية التي نشهدها في باقي البلدان، فلم تستجب لنداءات المركزيات النقابية سواء فيما يتعلق بالزيادة في الأجور أو فيما يتعلق بالتقليص من ارتفاع الأسعار. ومعلوم أن الدولة حققت منذ تراجع أسعار برميل النفط نحو خمسة ملايير درهم، كما حققت عائدات أخرى على مستوى استيراد المواد الغذائية والأولية نتيجة انخفاض أسعارها في السوق الدولي. ومع ذلك فإن الدولة تبارك الزيادات في أسعار المواد والخدمات بل وتكون في غالب الأحيان الدافع لهذه الزيادات نتيجة ما تقرره من رفع معدلات الضرائب والرسوم. وإذا ما أضفنا إلى كل ذلك احتكار بضعة شركات للمنتوجات الأساسية كالزيوت والحليب ومشتقاته والسكر ... الخ وتمتع هذه الشركات بهيمنة اقتصادية وسياسية فتصبح هي المتحكمة في تحديد الأسعار التي لا تتوانى عن رفعها نحو الأعلى وتمنع أي منافسة في هذا الإطار على الرغم من مرور تسع سنوات على قانون الأسعار والمنافسة ووجود هيئة شكلية للمنافسة. * تم هذا الأسبوع تنصيب المسئولين عن مجلس المنافسة، هل تعتقدون أن هذا المجلس يمكن أن يكون له تأثير على مسألة تحديد الأسعار؟ ** كلما اشتدت الانتقادات للمغرب حول ظاهرة سلبية معينة إلا وتحدث له مجالس وقوانين لايهام الرأي العام الوطني والدولي بالسير في طرق محاربة الظاهرة، ومع الأسف نلاحظ ذلك في جميع المجالات، كما هو الشأن بالنسبة للهيئة المنصبة لمحاربة الرشوة وهيئة الإنصاف والمصالحة ومجلس المنافسة بل والمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان بل وحتى في مجال الأمية والتعليم والصحة فرغم تواجد الإدارات والهيئات فإن الوضعية تزداد سوءا نظرا لغياب إرادة سياسية حقيقية للتغيير، بل نجد أن إحداث الإدارات والمجالس والهيئات وسيلة لتثبيت الوضع القائم إن لم يكن وسيلة لتكريس الانحراف السائد كما هو الشأن بالنسبة لتحرير الأسعار والمنافسة. * لماذا فشل قانون حرية الأسعار والمنافسة في ضبط السوق؟ ** الارادة السياسية القائمة لا تتوجه نحو ضبط السوق عبر قانون حرية الأسعار والمنافسة، فهي تفهم أن حرية الأسعار تعني رفع الأسعار السائدة في بلادنا لتتماثل مع الأسعار الدولية للعمل على إغراء المزيد من رؤوس الأموال الأجنبية الخاصة للاستثمار في المغرب لكن رفع الأسعار هذا لا يعني رفع سعر العمل أي الزيادة في الأجور والمرتباث كما هو سائد على المستوى الدولي ولا يعني احترام حقوق الشغل كما هو سائد أيضا دوليا، أما بالنسبة للمنافسة فلا يجب أن يتجاوز الأمر حد الخطاب الموجه نحو الاستهلاك الخارجي بينما يتم في الواقع إخضاع السوق لاحتكار لا يتجاوز المحتكرون بضعة شركات ذات النفوذ السياسي والاقتصادي، وبذلك يمكن القول أن التدبير الاقتصادي في المغرب يخضع بالفعل للضبط حتى يكون في خدمة رأس المال المحلي والأجنبي وعلى حساب الطبقة الكادحة. * عودتنا التنسيقيات على الاحتجاج باستمرار على الزيادات في الأسعار، ما الذي تعده التنسيقيات مستقبلا في هذا الإطار؟ ** أنا لم أبق مسؤولا داخل التنسيقيات منذ سنة تقريبا، وأعتقد أن البعد السياسوي لبعض الأطراف التي تريد الهيمنة على التنسيقيات وتسخيرها لخدمة أهداف انتخابوية ضيقة هو ما أدى إلى انحرافها عن الخط الكفاحي الذي سارت عليه وحضي بانخراط جماهيري واسع منذ ظهورها في خريف 2006، وإذا كان الأمر ليس معمما على جميع التنسيقيات حيث لا زال بعضها وفيا للخط النضالي الذي سارت عليه مثل تنسيقية بوعرفة على سبيل المثال، فإن الجماهير الشعبية هي أكثر ذكاء مما قد يعتقد البعض، وهي قادرة على إبداع اشكال متعددة ومتجددة من أجل الاحتجاج على الغلاء وتدهور الخدمات العمومية كما أنها قادرة على فضح كل من يحاول استغلالها لبلوغ اهداف انتخابوية، خصوصا وأننا أصبحنى على مرمى حجر من الانتخابات الجماعية. * في نظركم ما هي الطريقة الأمثل التي يمكن من خلالها التحكم في الأسعار؟ ** بناء مؤسسات ديمقراطية حقيقية على أساس دستور ديموقراطي شكلا ومضمونا يجعل القانون فوق الجميع ويقوم على مبدأ فصل السلط، وتكون للحكومة المنتخبة بالكامل بشكل ديمقراطي كامل السلطات لتطبيق برنامجها السياسي والاقتصادي الذي اختاره الشعب في انتخابات حرة ونزيهة. إننا نطبق سياسات اقتصادية واجتماعية مملاة من الخارج وليست نابعة من الشعب، وتساهم هذه السياسات في التفاوت الطبقي السائد وفي الاستغلال البشع لليد العاملة وفي نقل الفوائض المالية نحو الخارج وفي استيراد التضخم وفي المديونية الخارجية، ففي ظل هذا الوضع لا معنى للتحكم في الأسعار لأن الأسعار متحكم فيها بالفعل لخدمة مصالح رأس المال على حساب العمل، وأن النتائج العملية لهذه السياسات بالإضافة الى تحقيقها للتراكم الرأسمالي لدى البرجوازية النافذة ونقلها للفوائض المالية نحو الخارج تترك بلادنا تدور في دوامة الفقر والتخلف بلا نهاية.
#عبد_السلام_أديب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قراءة نقدية سريعة في مشروع ميزانية 2009
-
في الذكرى الستين للاعلان العالمي لحقوق الانسان
-
الأزمة المالية وآفاق الرأسمالية المأزومة
-
الحد من الجريمة والإجرام لا يعالج بالوسائل الأمنية
-
اندثار الأمل
-
وضعية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية بالمغرب
-
السياسة الاجتماعية في المغرب ومواجهة الفقر
-
أثرياء يمارسون التهريب القانوني للعملة
-
الأزمة والانتفاضات الاجتماعية في المغرب
-
حكومة بدون شعب، وشعب محروم من حكومة تعبر عن ارادته الجماعية
-
قراءة سريعة في 10 سنوات من الأداء الاقتصادي
-
أسباب فشل الملتقى الرابع لتنسيقيات مناهضة الغلاء
-
نداء إلى تنسيقيات مناهضة الغلاء وتدهور الخدمات العمومية
-
مسؤولية الدولة قائمة في محرقة ليساسفة
-
سلطات الباطرونا تتغلب على سلطة الدولة
-
هجوم رأسمالي على الطبقة العاملة وخمول سياسي ونقابي في مواجعة
...
-
أوضاع الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للكادحين بالمغرب
-
المغرب بين الوضع الحقوقي الدولي والجهوي
-
لا يمكن توقع ردود فعل الجماهير إزاء ارتفاع الأسعار
-
السياسة الاقتصادية لا تخدم سوى مصالح رأس المال المحلي والدول
...
المزيد.....
-
-لا خطوط حمراء-.. فرنسا تسمح لأوكرانيا بإطلاق صواريخها بعيدة
...
-
الإمارات ترسل 4 قوافل جديدة من المساعدات إلى غزة
-
الأمين العام لحلف شمال الأطلسي روته يلتقي الرئيس المنتخب ترا
...
-
رداً على -تهديدات إسرائيلية-.. الخارجية العراقية توجه رسالة
...
-
ماذا وراء الغارات الإسرائيلية العنيفة في لبنان؟
-
زيلينسكي: الحرب مع روسيا قد تنتهي في هذا الموعد وأنتظر مقترح
...
-
الإمارات.. بيان من وزارة الداخلية بعد إعلان مكتب نتنياهو فقد
...
-
طهران: نخصب اليورانيوم بنسبة 60% وزدنا السرعة والقدرة
-
موسكو.. اللبنانيون يحيون ذكرى الاستقلال
-
بيان رباعي يرحب بقرار الوكالة الذرية بشأن إيران
المزيد.....
-
قراءة في كتاب (ملاحظات حول المقاومة) لچومسكي
/ محمد الأزرقي
-
حوار مع (بينيلوبي روزمونت)ريبيكا زوراش.
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
رزكار عقراوي في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: أبرز الأ
...
/ رزكار عقراوي
-
ملف لهفة مداد تورق بين جنباته شعرًا مع الشاعر مكي النزال - ث
...
/ فاطمة الفلاحي
-
كيف نفهم الصّراع في العالم العربيّ؟.. الباحث مجدي عبد الهادي
...
/ مجدى عبد الهادى
-
حوار مع ميشال سير
/ الحسن علاج
-
حسقيل قوجمان في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: يهود الع
...
/ حسقيل قوجمان
-
المقدس متولي : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
«صفقة القرن» حل أميركي وإقليمي لتصفية القضية والحقوق الوطنية
...
/ نايف حواتمة
-
الجماهير العربية تبحث عن بطل ديمقراطي
/ جلبير الأشقر
المزيد.....
|