أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - عزيز باكوش - الحمار يحتل مرتبة الشرف بفاس العالمة














المزيد.....

الحمار يحتل مرتبة الشرف بفاس العالمة


عزيز باكوش
إعلامي من المغرب

(Bakouch Azziz)


الحوار المتمدن-العدد: 2527 - 2009 / 1 / 15 - 08:52
المحور: كتابات ساخرة
    


في هذه المدينة العالمة فاس ، شيئان يحتلان مرتبة الشرف، حيث لا يمكن الحسم في أمرهما من غير الاحتماء بالأولياء وصناع الدجل ، الحمار والمتسول .
فمع دخول القرن الواحد والعشرين، وزحف العولمة ، تخلى معظم سكان الأرض عن استعمال الحمير كوسيلة عمل، باستثناء المناطق الريفية، والفقيرة ، وفاس العالمة ، في حضرة الحمير باتت فقيرة وريفية بلا منازع.
يحتل الحمار هذا الكائن الأليف المدوجن، سليل الحصان وآل البغلية مرتبة الشرف، ليس لكونه أقدم وسيلة نقل عرفته البشرية على الإطلاق ، بل لان جغرافية فاس المعلقة ، وتضاريسها الشاقة المعقدة التي تقطع الأنفاس كل صعود ،تحتاج الى الحمير في كل شيء ، فالحاجة الماسة للمواطنين والحرفيين لنقل وتخزين البضائع والمنتوجات الجلدية والمعدنية من المعامل والمشاغل تحت أرضية الى المصانع والمحنيات المظلمة عبر مدارج الطالعات الصغرى وأختها الكبرى بتفريعاتها المتاهية ، يحتاج الى قوة بلهاء تحمل أضعاف وزنها ، لا ترفض طلب، وليس في أجندتها تمرد أو عصيان ، وللحمير الفاسية هذه الخاصية على ما يبدو ، لذلك تصل أحيانا درجة التفضيل عن الكائن البشري ، فإذا أنت تذمرت من ركلة حمار بزنقة في فاس البالي ، فأنت بذلك تكشف عن هويتك البرانية ، وتعلن عن نفسك ذاك الغريب العابر ، والعازف عن بخورها وتعاويذها وكرامات أوليائها ، مرتبة الشرف هذه احتلها الحمار، ذلك حيوان المستأنس ، الرفيق الدائم للإنسان، حامل المشقة، في وهادها وتضاريسها الوعرة ، وما يزال ، لم يتمرد ، ولم يتقاعس في أداء دوره القديم في الطاعة البلهاء منذ تدجينه أول التاريخ من غير ثورة ولا تمرد أو عصيان. أشا...شا..أرا...را.."
أما التسول ذاك الزاحف عبر التخوم والاحواز بلا هوادة ، فله عاداته وتقاليده ومسلكياته العجيبة والغريبة ، ممارسات ممأسسة تدخل في صميم أعراف و سلوكيات المجتمع الفاسي ، وقد تتم هذه المسلكيات الغريبة أحيانا برعاية من رب الأسرة وبتوجيه رشيد من طرفه ، كما سنتحدث عن ذلك في ما سيأتي من غرائب التسول وعجائبه بفاس ، حيث يتم الترتيب له بطريقة تجعل من التسول سلوكا انحرافيا شعبيا و مقبولا، مثلما يطلب الجار لجاره عود ثقاب ، أو عرش من شاي أخضر .. ، التسول غدا أمرا طبيعيا عاديا، كما لو أنه دخول إلى موسم ديني أو مهرجان مفتوح ، فلا يكاد يخلو درب أو زقاق ، باب متجر صغير أو كبير من حمار صاعد يحمل أثقالا ، أو متسول ضارع ، و الاثنين معا يشكلان ديكورا أساسيا للواجهة السياحية التي يصرف المغرب الملايير من الدراهم كي يصدرها خارج حدوده ، يقفان مثل تماثيل برونزية منتصبة قابلة للنشاط المدر للعملة ، ولهذا، يجد الزوار من العرب والعجم في فاس التي يتوجع تاريخها في صمت ، كل ما يريدونه من أشكال التسول الفاسي الذي هو في الأساس يدخل السوق تحت عنوان قطاع إنتاجي كبير خارج سيطرة الدولة .
حتى إن متسولة في عمر الزهور قالت مرة" لو خيرت ماذا أكون في مستقبلي، لأجبت دون تردد متسولة في فاس".

أهو القبح يصول ويجول في أرجاء فاس
أهو يوم عالمي للتكافل البشري من كل الأجناس والألوان والأديان ترفع فاس لواءه .
هو فضاء للتسول المتجانس، لنقل إنه اليوم العالمي للتسول بفاس .
والمدينة، فاس العالمة التي تندب هذه الأيام 12 قرنا على ولادتها هي في الأساس، ببنيانها المتهالكة ومبانيها القديمة المسندة على قوائم من خشب، ما فتئت تصر على الاهتراء تتآكل يوما بعد يوم ، بعد أن أدت وظيفة الكومبارس الحمائي ضد الطبيعة مقابل الملايير من السنتيمات في جيوب مالكي تدبير الشأن العام، والمتشبطين بتلابيب السلطة من الارتزاقيين والوصوليين وفئة منتخبة من فتات مركب مصالحي فاسد ،فلا حرج ، تنهض المدينة الروح مجهزة ومؤهلة كبنية تحتية صامدة للتسول على نحو عولمي ، بدءا من دروبها الضيقة ، المركونة بأكياس القمامة السوداء ، وبكل أصناف قنينات الخمور المتلفة التي أفرغت في صدور العشرات من الشباب اليائس الذي يتقن رطن عشر لغات ، ولا يتقن لف القمامة في كيس بعيد عن انف الزائرين ، أو حتى رطن كلمات نشيد الوطن ،باختصار تتحول فاس إلى "جامعة عربية للتسول " حيث تعمل كل الأجناس فيها بممارسة التسول بكل اللغات.
ويذكر في هذا السياق أن البنت المتسولة ذات الملامح المنفرجة القادمة من أحواز فاس هي من أغلى الفتيات المتسولات دخلا ، وأكثرهن إثارة واستجداء من قبل الزبائن
وينتشر في فاس ونواحيها جيش عرمرم من المتسولين ، و قبائل المتسولات النازحات من عبدة ودكالة والغرب بأكمله، وهن معروفات بلهجتهن ، وموسميات الهجرة . وقد شجعهم اللا تمركز الذي أحدثته الدولة ، ووجدوا في كل مدينة تطأها أقدامهم، أبناء قراهم ومدنهم، وينالون من العطف والشفقة ما لم يكن يخطر لهم على بال.
أين الدولة ؟ أين الجماعة؟ أين الوزارة؟ أين الجمعيات والمجتمع المدني ؟إنها تتسول إنهم يتسولون ...؟ يتبع عزيز باكوش



#عزيز_باكوش (هاشتاغ)       Bakouch__Azziz#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حوار مع المخرج السينمائي المغربي بوشتى المشروح
- حوار مع رئيس النادي التازي للصحافة عبد الاله بسكمار على ضوء ...
- الكريدي… ذلك الإدمان
- تحديد السعر الأدنى للتسول بفاس في درهم واحد
- الوكالة المستقلة للنقل الحضري لولاية فاس بين الحال والمآل
- المساء والشيشة بفاس
- الكاتب المغربي أجير بالدولار في المشرق، مناضل ببلاش في المغر ...
- حذاء يزار
- الصحافة: سؤال الماهية ومنطق الممارسة تقديم وحوار: عزيز باكوش
- قراء المساء المغربية يدفعون ثمن جرأتها4/6
- عن المستوصف الذي ولد ميتا قبل عشر سنوات بمنطقة -بلكرون-
- كلمة بمناسبة الذكرى السابعة لإنشاء الحوار المتمدن
- قراء المساء المغربية يدفعون فاتورة جرأتها 3 /6
- -جماليَّات الموت في شعر محمود درويش- كتاب جديد للشاعر والناق ...
- خمس مجموعات قصصية جديدة للأطفال آخر إصدارات أحمد هشيمي
- صراع الأفيال تدفع ثمنه الحشائش2
- جريدة المساء المغربية دردشة حول الحكم والتأويلات
- الشاعر المغربي بن يونس ماجن يواصل مسيرته الإبداعية شاعرا بكل ...
- دفاعا عن الضحك خارج أسوار رمضان
- إمكانية التسليم المؤقت للأطفال المتخلى عنهم- الكفالة- بات مت ...


المزيد.....




- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - عزيز باكوش - الحمار يحتل مرتبة الشرف بفاس العالمة