|
ثورة الحسين والتجارة التي لا تبور
كامل النجار
الحوار المتمدن-العدد: 2523 - 2009 / 1 / 11 - 09:50
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
لم يكن العلم في يومٍ من الأيام هو أقوى سلاح تسلحت به الأمة العربية في تاريخها الطويل، فقد تسلحت القبائل العربية بالسيوف التي بالغوا في إهالة الأسماء والألقاب عليها قبل مجيء الإسلام، ثم تسلحوا بالخرافة منذ أن أتى محمد بسورتي المعوذتين "قل أعوذ برب الفلق من شر ما خلق" و "قل أعوذ برب الناس .... من شر الوسواس الخناس". وتفوقت الخرافة على السيف عندما سحر لبيد بن الأعصم نبي الإسلام وألقى السحر في بئر ذروان وجاء جبريل في مهمة عاجلة ليخبر محمد بمكان السحر، وكان في إمكان جبريل أن ينزع السحر من البئر بنفسه ويبطل مفعوله، ولكن كي يكتمل تطريز الخرافة حول العقل العربي، أخبر جبريل محمد بمكان السحر فاستخرجه أصحابه وقرؤوا المعوذتين فانحلت العُقد السحرية وشُفي نبي الإسلام. وهكذا أصبحت الخرافة تاجاً فوق رأس كل مسلم، تحجب الهواء النقي والفكر عن عقله وتغطيه بطبقة سميكة من "الثوابت" التي لا تقبل أن تتزحزح. وطبعاً هناك الرجرجة والدهماء في أمة الأميين، وهؤلاء لم يعرفوا المدارس ولا القراءة والكتابة ولا حتى اللغة العربية الفصحى التي كان يتحدثها الأعراب قبل الإسلام. ولهؤلاء العذر في إصرارهم على لبس تاج الخرافة فوق رؤوسهم حتى الآن، فهم لا يملكون تيجاناً أخرى. ولكن هناك من صرفت عليهم الدول الفقيرة من قوت شعوبها ليتعلموا في المدارس ثم الجامعات وحتى الدراسات العليا فوق الجامعية. وهؤلاء لا عذر لهم في مجاراة الخرافة التي تصدم العقل. وهناك طبعاً رجالات الدين الذين يمتهنون الخرافة وخداع البسطاء كما يمتهن غيرهم الصناعة أو الزراعة أو الكتابة. رجال الدين الشيعة يختلفون عن أمثالهم من السنة الذين توظفهم الدولة ليصبحوا أبواقاً للحاكم يخدرون الشعوب بالخرافة الدينية كي يكسبوا رضاء أولياء نعمتهم، وبالتالي تتغير خطبهم ومواعظهم حسب متطلبات السياسة، أما رجال الحسينيات والمراجع الشيعية فيعتمدون كلياً على ما يجود به أتباع المذهب الشيعي من التبرعات والضرائب التي يسمونها الخُمس. ولذلك لا بد لهم، من أجل كسب عيشهم وعيش أزواجهم المتعددة وأطفالهم الكثيرين، من إذكاء نار الخرافة والتأكد من أنها لا تنطفيء أبداً، لأن انطفاءها يعني قطع مصدر رزقهم. ولن أتحدث اليوم عن الخُمس الذي أحله محمد لنفسه ولأهله ولله من أموال الغنائم (واعلموا أنما غنمتم من شيء فإن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل) (الأنفال 41)، لأن موضوع أموال الخمس موضوع شائك في هذه الأيام. ويبدو أن المراجع الشيعية قد غيّروا في الآية القرآنية قليلاً وجعلوها (واعلموا أنما كسبتم) بدل (غنمتم) لأن الغزوات الشريفة التي هي مصدر الغنائم قد توقفت، فلم تعد هناك أي غنائم ليأخذوا خمسها، ولذلك جعلوها (ما كسبتم) من عرق جبينكم. ما دفعني لكتابة هذا المقال هو التكرار الممل كل عام للمقالات التي يدبجها أصحاب الأقلام من الشيعة عن ثورة الحسين، لتصاحب تلك المواكب الغوغائية التي لا تعدو أن تكون ماذوخية جماعية communal masochism تراق فيها كميات مهولة من الدم، كان الأجدر بهم التبرع بها للمستشفيات لإسعاف من تُقطّع أجسادهم التفجيرات الانتحارية. قرأت في هذا الأسبوع مقالين عن ثورة الحسين: أحدهما من وكيل إحدى الوزارات العراقية، والثاني من كاتب مرموق قد أكمل تسلق سلم التعليم وسلم الوظيفة، وعمل قاضياً بالمحاكم العراقية. ما أذهلني في المقالين هو افتقارهما إلى المنطق أو حتى محاولة إيهامنا بأنهما يحتويان على منطق. يقول أحدهما (والحقيقة التي ينبغي التوقف عندها مليا مع استحضار قيم العصر الذي كان يعيشها سيد الشهداء ، بالأضافة الى عدم غياب القيم والتقاليد التي نشأ عليها الأمام ، سواء تلك التي رضعها من والده الأمام علي بن ابي طالب ( ع ) ، او التي رضعها من ثدي فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين ، او تلك التي تلقفها بفطرته او بنبوغه منذ تبلور وعيه وأدراكه من جده المصطفى نبي الأمة ورسولها) انتهى. هل يرضع الطفل من أبيه؟ وما الذي جعل فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين؟ كتب التراث تخبرنا أن النبي قال لفاطمة (يا فاطمة اشتري نفسك من الله فإني لا أغني عنك من الله شيئاً) (الجامع لأحكام القرآن للقرطبي، سورة الزخرف 43-44). وكذلك الحديث الذي يقول (لا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى) (الدر المنثور لجلال الدين السيوطي، سورة الحجرات، 13). والقرآن نفسه يقول لنا (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا أن أكرمكم عند الله أتقاكم) (الحجرات 13). فهل التقوى يحكم عليها البشر حتى يفضلوا فاطمة أو الحسين على غيرهم، أم يقررها الله نفسه، إن كان موجوداً؟ وإذا كان من حق الشيعة تقرير التقوى وإضفاء التفضيل على الناس، لماذا أصبحت فاطمة سيدة نساء العالمين، ولم تصبح أختها زينب زوجة أبي العاص بن الربيع، والتي تكبرها سناً، سيدة نساء العالمين؟ أو أختاها رقية وأم كلثوم اللتان تزوجهما عثمان بن عفان؟ فكلهن بنات محمد بن عبد الله. فهل الزوج هو الذي أضفى على فاطمة هالة التفضيل؟ فإذا كان زوج فاطمة هو الخليفة علي بن أبي طالب، فزوج الأختين هو الخليفة عثمان بن عفان، الذي قال عنه محمد عندما اشترى البئر ووهبها للمسلمين (لا يضار عثمان بما فعل بعد اليوم). وكلا الزوجين قرشيان. إنه منطق اللا منطق. وإذا كان علي بن أبي طالب هو الذي أضفى الهالة على فاطمة، فقد قُتل مع الحسين من أبناء علي بن أبي طالب العباس و عبد الله و جعفر و عثمان و أبو بكر ، و هؤلاء اخوته لأبيه، فلماذا أصبح مقتل الحسين هو الذي يؤنب ضمائر الشيعة ولا نسمع ذكراً مقتل إخوانه؟ وإذا كان فعلاً لا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى، فهل يحوز عقلاً أن يفضل الله الحسين ويجعله سيد شباب الجنة، وسيد الشهداء بينما كتب التراث تخبرنا أن عمار بن ياسر لم يكسب فلساً في دفاعه عن الإسلام واستشهد وهو شيخ يحارب في صفوف الخليفة علي بن أبي طالب ضد معاوية لاستحقاق الحق؟ وقد شارك في كل الغزوات، كما كانت أمه أول شهيدة في الإسلام. فما فعله الحسين لا يقترب مما فعله عمار من أجل الإسلام. فما الذي جعل الحسين سيد الشهداء وحرم عمار من هذا اللقب؟ ولماذا المواكب تندب الحسين ولا تندب عمار بن ياسر؟ وهل فضّل الله الحسين عليه أو على أبي ذر الغفاري إلا لنسب الحسين إلى جده؟ وكيف نوفق بين هذا التصرف وبين قول القرآن (إن أكرمكم عند الله أتقاكم)، وقول محمد بن عبد الله: لا فرق بين عربي وأعجمي إلا بالتقوى؟ يستمر الكاتب فيقول (وحين تستذكر الإنسانية كل عام ذكرى استشهاد الأمام الحسين ( ع ) بالنظر لما تحتويه الذكرى من عبر ودروس وقيم ، وتعني فيما تعنيه الواقعة ليس فقط ما حدث في واقعة الطف من قتال القلة المؤمنة مع جيش الطغيان والظلم جيش سلطة الحاكم يزيد ، وليس ماجرى بعد ذلك من قتل وسبي خلافاً لما تعارفت عليه قيم العرب والرجولة من قيم في القتال والمنازلة والحروب والأسر وخلافا لأعراف المنتصر وقيم الفرسان والقيم الإنسانية الأخرى) انتهى. هل الإنسانية محصورة في الفئة الشيعية من خير أمة أُخرجت للناس؟ أنا لم أرَ المواكب تخرج في لندن أو باريس أو نيويورك أو الصين أو الهند لتستذكر ذكرى استشهاد الحسين. لا بد أن هذه البلايين من البشر لا تمت للإنسانية بصلة لأنها لا تستذكر استشهاد الحسين. ويستغرب المرء عندما يقرأ (، وليس ماجرى بعد ذلك من قتل وسبي خلافاً لما تعارفت عليه قيم العرب والرجولة من قيم في القتال والمنازلة والحروب والأسر وخلافا لأعراف المنتصر وقيم الفرسان). هل يتحدث الكاتب عن عرب الجزيرة العربية قبل الإسلام الذين كانوا يعيشون على الحروب والنهب أم عرب الإسلام بعد أن أباح محمد لأتباعه سبي ونكاح الأسيرات وسلب الموتى في ميادين القتال، وقال: لكل رجلِ سلب قتيله؟ وهل قام الحسين بثورة على يزيد؟ يقول لنا الكاتب (كما أن القيمة التي نستقيها من الواقعة تتمثل في صمود الثائر رغم يقينه ومعرفته بعدم وجود توازن أو تعادل بين قوته وقوة السلطان ، الا أن القيم التي تقيد الحسين وتملي عليه المواقف والخطوات التي يتقدم بها في دنياه مستندا على اسس دينه ، وتمسكه بعقيدته التي يعتقدها أنها الحق ورفضه مبايعة الحاكم الطاغية الباغي يزيد بن معاوية ولو بالكلام) انتهى الحسين لم يقم بأي ثورة، وإنما خُدع بالرسائل التي توالت عليه من الكوفة تطلب منه الحضور إليهم ليبايعوه بالخلافة، وقد نصحه عبد الله بن عباس وابن عمر وأخ الحسين، محمد بن الحنفية وعدد كبير من الصحابة بعدم الذهاب إليهم (ابن سعد في الطبقات (5/360) لأنهم كانوا قد خدعوا أباه (علي بن أبي طالب) قبله وتخلوا عنه. ولكن بريق سلطة الخلافة جعله يصر على الذهاب إلى الكوفة، فأرسل ابن عمه مسلم بن عقيل ليختبر صدقهم، فقال له مسلم إنهم صادقون وقد بايعوه، فتحرك من مكة، ربما بتشجيع من عبد الله بن الزبير، الذي أراد الانفراد بمكة وطلب الخلافة لأنه كان يعلم أن الحسين سوف يُخذل ويقتل. وسار الحسين في ستين رجلاً من أنصاره مع حريمه وأطفاله (أحداث التاريخ الإسلامي بترتيب السنين، د. عبد السلام الترمانيني، دار طلاس، دمشق، ثورات من أجل الخلافة) ويقال إنهم كانوا تسعة عشر رجلاً و نساء و صبياناً من اخوته و بناته و نسائه ، فتبعهم محمد بن الحنفية وأدرك الحسين قبل الخروج من مكة فحاول مرة أخرى أن يثني الحسين عن خروجه لكنه لم يستطع ( الطبقات لابن سعد 5/266) وعندما وصل الحسين إلى الطف، وعلم بمقتل ابن عمه مسلم بن عقيل أراد الرجوع ولكن قبل أن يتمكن من ذلك وافته سرية عمر بن سعد و طلبوا منه أن يستأسر لهم ، فأبى و طلب أن يردوه إلى يزيد، أو يرجع من حيث جاء أو يلحق بالثغور ، فامتنعوا من إجابته ثم لحقهم جيش يزيد يقوده شمر بن ذي الجوشن ولم يظهر ولا رجلٌ واحد من أهل الكوفة لنصرة الحسين. ولما رفض الحسين عرض ذي الجوشن بأخذه إلى والي الكوفة عبيد الله بن زياد دارت المعركة غير المتكافئة. ولنا أن نسأل هنا: لماذا دخل الحسين المعركة غير المتكافئة؟ ألم يعلم ما قاله جده من أن الحرب خدعة؟ لماذا عرّض أزواجه وأطفاله لمثل هذا المصير وهو كان يعلم علم اليقين أنه مقتول لأن رجاله الستين لم يكن في مقدورهم التغلب على جيش ذي الجوشن ذي الآلاف؟ فحتى لو تغلب إيمانه على عقله وردد الآية (إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين وإن يكن منكم مائة يغلبوا ألفاً من الذين كفروا) (الأنفال 65). فالرجل المؤمن يغلب عشرة، والستين الذين كانوا مع الحسين كان يمكنهم أن يغلبوا ستمائة، رغم أن الآية منسوخة وقد قلل الله العدد فيما بعد عندما علم ضعفاً في المؤمنين، كان لا يعلمه سابقاً، وجعل المؤمن يغلب اثنين فقط (والآن خفف الله عنكم وعلم أنّ فيكم ضعفاً فإن يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين وإن يكن منكم ألف يغلبوا ألفين بإذن الله والله مع الصابرين) (الأنفال 66). ولكن حتى لو غلب عشرة فما زالت المعادلة في صالح ذي جوشن، فلماذا دخل الحسين المعركة؟ وإذا كان رفض بيعة يزيد ثورةً فقد رفض عبد الله بن الزبير بيعته وخرج مع الحسين من المدينة إلى مكة في نفس الليلة، وقتله الحجاج بن يوسف بعد حرب استمرت عدة أسابيع بعد أن رمى مكة بالمنجنيق. فما الفرق بين الحسين وعبد الله بن الزبير؟ فالأول حفيد النبي والثاني ابن الزبير بن العوام ابن عمة النبي وأحد العشرة المبشرين بالجنة، وكلاهما رفض مبايعة يزيد وطلب الخلافة لنفسه. فلا الحسين ولا الحسن بن علي ولا عبد الله بن الزبير قام بثورة، إنما الذين قاموا بثورات ضد السلطة الغاشمة وضد الاضطهاد هم الخوارج الذين لم يطالبوا بالخلافة لأنفسهم وإنما طالبوا بالحاكمية لله وحده. وقد ثاروا في الكوفة سنة43، و52، و 58 هجرية. وفي البصرة سنة 45 هجرية. وفي الأهواز سنة 59 هجرية. وفي البحرين سنة 73 هجرية وفي طبرستان سنة 77 هجرية، واستمرت ثوراتهم حتى سنة 105 هجرية. فهذه كانت ثورة حقيقية وليست كثورة الحسين . ثم هناك الذين ثاروا على الظلم والإجحاف، منهم الزنوج في البصرة وكانت ثورتهم التي استمرت عدة سنوات وتمكنوا خلالها من الاستيلاء على البصرة وأسر الذين ظلموهم، ثورة حقيقية على الظلم والسخرية التي تعرضوا لها من ملاك الأراضي ومن الدولة الإسلامية. وكانت ثورتهم تشابه الثورة الفرنسية في أسبابها ومطالبها، وأصبحت الثورة الفرنسية مناراً لأوربا بينما تجاهلت كتب التراث ثورة الزنج التي سبقتها. وكانت هناك ثورة عبد الله بن الجارود الذي شق عصا الطاعة على الحجاج بن يوسف الذي سقى العراقيين من كأس الذل والمهانة عدة سنوات. وهناك ثورة المطرف بن المغيرة بن شعبة الذي خلع طاعة الحجاج بن يوسف وعبد الملك بن مروان، وانضم إلى شبيب بن يزيد الشيباني وجماعته الذين كانوا يحاربون من أجل إعادة الحكم بحدود الله وبسنة نبيه. فإذا كانت هذه ثورات، يكون من الإجحاف تسمية رحلة الحسين إلى الكوفة ثورة. فهي أقرب إلى المؤامرة السياسية منها إلى الثورة. ولكن رجال الدين الشيعة سموها ثورة وخدعوا البسطاء ليصدقوا بها ويحيوا ذكراها كل عام ويحجوا إلى كربلا ليصرفوا ما ادخروه طوال العام على المزارات التي يجمع ريعها رجال الحسينيات والمرجعيات لتضاف إلى أموال الخمس. وقد نفهم أن يجلد رجال الكوفة الذين غرروا بالحسين وخذلوه، أنفسهم بالسلاسل ندماً على تفريطهم في حفيد نبيهم، بعد أن خذلوا أباه قبله، ولكن نعجز أن نفهم سبب جلد رجال وأطفال العراق وإيران أنفسهم اليوم تكفيراً عن خيانة لم يرتكبوها، وقرآنهم يقول لهم (لا تزر وازرة وزر أخرى). ويستمر الكاتب فيقول (ولهذا فقد أتسع عقل الحسين في تلك اللحظات العصيبة ملتزما بموقفه السياسي والديني والأنساني ، ومعبرا أمينا عن رغبة الناس في عدم قبول الحاكم) انتهى. وأنا أستطيع أن أفهم أن يلتزم الحسين بموقفه السياسي الطالب للخلافة لنفسه، أما كيف يكون ملتزماً بموقفه الديني والقرآن يقول له (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون) (النساء 59). فعندما خرج معاوية على الخليفة عليّ بن أبي طالب حاربه عليّ. فالحسين تنازع على الخلافة مع يزيد، وبما أن الرسول لم يكن موجوداً وقتها، كان يجب عليه أن يرد الأمر إلى الله إن كان مؤمناً، والله يقول له أطيعوا أولي الأمر منكم. فيزيد كان من حقه أن يحارب الحسين كما حارب الخليفة عليّ بن أبي طالب معاوية. وكيف يكون الحسين قد التزم موقفه الإنساني وهو يعلم أن نصف جيشه يتكون من النساء والأطفال الذين سوف يكونون عرضة للسبي والقتل؟ وقد اعترف الكاتب نفسه بذلك حينما قال (وكما نعرف ايضا أن القلة التي قادها الحسين بن علي ( ع ) لايمكنها بالتأكيد أن تنتصر بالقوة على جيش الامبراطورية المدجج ، ومعرفة عدم التكافؤ مع الأصرار على الأستمرار على ذات الخط يشكل جدلية بين السيف والكلمة ، فالصراع بين الحاكم والمحكوم ، وبين السلطان وبين رفض الحسين كان بين القوة ومعنى الرفض) انتهى. فهل كان لاستمرار الحسين في العناد ومحاربة جيش السلطان إي ذرة من الإنسانية واعتبار ما سوف يؤول إليه حال النساء والأطفال الذين اصطحبهم معه بدل تركهم بمكة إلى أن ينتصر ويتسلم الخلافة؟ وكيف يكون الاستمرار على ذات الخط يشكل جدلية بين السيف والكلمة؟ فالحسين لم يحارب بالكلمة وإنما حارب بالسيف كما حارب جيش ذي الجوشن، ولو كانت حرب الحسين بالكلمة فقط لقبلنا بتسميتها ثورة ثقافية أو علمية. والكاتب الآخر قال (عاشوراء حركة من اجل الانسان، وهي لكل زمان ومكان، وان من يجتهد ليحصر نهضة الامام الحسين السبط عليه السلام بطائفة معينة او حتى بدين معين، انما يظلم الناس والبشرية، ويظلم نفسه قبل ان يظلم الحسين عليه السلام). هل حلّ الحسين السبط مكان إله السماء؟ ما قام به الحسين لم يكن ثورة بأي شطحة من شطحات الخيال، ولكن رجال الدين الشيعة جعلوه ثورة تدر عليهم ملايين الدراهم كل عام. وكان الأمل معقوداً على المتعلمين من المذهب الشيعي لتنوير الرجرجة والدهماء حتى نتخلص من الخرافة ونُلبس الإسلام ثوباً يمت، ولو بشيء يسير، إلى الحضارة، ولكن عندما يكتب مثقفو الشيعة مثل هذه المقالات، فقد ذهب الأملُ أدراج الرياح.
#كامل_النجار (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
إله السماء لا يعلم شيئاً
-
القضاء الإسلامي مكانه المتحف - السعودية مثالاً
-
تحريف الكتب -المقدسة-
-
آيات تُثبت عدم وجود الله
-
قد أخطأ الذين دافعوا عن السعودية
-
هل نطق الله بهذا الكلام؟
-
الذين يتحدثون بلسانين
-
بعض إشكالات القرآن مع المساواة
-
القرآن دستورهم
-
إدعاء الصلاحية لكل زمانٍ ومكانٍ
-
هذا ما فعله بنا الإسلام
-
الذين يفسرون القرآن بالفهلوة
-
الغيب الذي غيّب عقول المسلمين
-
لا ملكية فكرية على الإسلام
-
تشريح صورة القيامة
-
أيهما أعظم عند المسلم... الله أم محمد؟
-
عندما تسرح وتمرح ديناصورات الوهابية
-
القرآن والسحاب والمطر
-
لو كان من عند غير الله
-
تخبط القرآن في خلق الإنسان
المزيد.....
-
دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه
...
-
في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا
...
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
-
نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله
...
-
الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|