|
عرفات يتلوى في قبره
ثائر الناشف
كاتب وروائي
(Thaer Alsalmou Alnashef)
الحوار المتمدن-العدد: 2521 - 2009 / 1 / 9 - 03:08
المحور:
القضية الفلسطينية
بعد استنكارها ورفضها التعاطي مع اتفاق أوسلو عام 1993 المبرم بين الرئيس الراحل لمنظمة التحرير الفلسطينية ياسر عرفات وإسرائيل ، عادت حركة حماس وقبلت به ليس كأمر واقع ، لأن الأمر الواقع يحتم عليها القبول والاعتراف بما هو موجود على أرض فلسطين التاريخية منذ عام 1948 ، إنما قبلته كمطية للوصول أو المشاركة في مؤسسات السلطة الفلسطينية . مشاركة حماس في مؤسسات السلطة تم بموجب الانتخابات التشريعية عام 2006 ، هذه المشاركة كشفت عن مفارقات عديدة في سياسة حماس التي انقلبت جذرياً على مدرسة زعيمها الروحي الشيخ أحمد ياسين ، وتكاد تلك المفارقات أن تحيلها إلى سياسيات ضبابية باطنية ، انطلاقاً مما يتبادر في الذهن من أسئلة ، أولها ، كيف قبلت حماس المشاركة في مؤسسات السلطة (البرلمان ، الحكومة) وبنفس الوقت لا زالت حتى الآن ترفض الاعتراف بشرعية منظمة التحرير الفلسطينية ؟ ثانيها ، لماذا خاضت الانتخابات التشريعية وهي تدرك جيداً أن قانون هذه الانتخابات والأرضية التي يقوم عليها أساسها السلطة الفلسطينية المنبثقة من اتفاق أوسلو ؟. وبالتالي ما معنى رفضها لوجود قوات دولية في قطاع غزة ، وقبولها بوجود مراقبين دوليين على المعابر ، هل أصبحت غزة ذات سيادة كاملة لترفض حماس وجود هذه القوات ، أم أن رفضها في الأساس هو لصالح مَن يريد أن تبقى غزة ساحة لتصفية حساباته الإقليمية مع إسرائيل تارة ، ومع العرب تارة أخرى كما حصل لجهود المصالحة المصرية التي رفضتها حماس المشاركة فيها ؟. ظل الرئيس عرفات حتى يوم وفاته ، محافظاً على الحد الأدنى من وحدة البيت الفلسطيني ، رغم اختلاف الخيارات السياسية بين فصائله ، إن على مستوى خيار المفاوضات ، أو على مستوى المقاومة ، ولم يرق هذا الاختلاف إلى درجة الخلاف ، مثلما هو حاصل الآن ، فأي أثر تركه عرفات في صفوف الشعب الفلسطيني أثناء وجوده ، ومن المسؤول عن انفراط عقد هذا الصف ، أهي إسرائيل كونها المستفيد الأول من غياب عرفات ، أم خصوم عرفات التقليدين في المنطقة ، الذين لم يتح لهم الإمساك بتلابيب القرار الفلسطيني ؟. أحداث غزة الدامية ، كشفت حجم الضرر الكبير الذي أصاب قلب القضية الفلسطينية بعد رحيل عرفات ، فهو الأب الذي لم يسمح في عهده أن تشق مبادرات التهدئة والمصالحة التي يكثر طرحها في هذه الأيام ، طريقها إلى البيت الفلسطيني ، ولعل السبب أنه لم يدع مجالاً للحساسيات السياسية بالتسرب إلى جسد القضية ، فلم يشعر نفسه أنه يمثل مصالح حركة فتح ، رغم الانشقاقات الكبيرة التي شرخت حركته والتشويه الأخير الذي طالها باسم الإسلام الحنيف (فتح الإسلام ) خير شاهد على ذلك ، كل هذا نتيجة الأدوار السلبية التي لعبتها بعض دول الطوق العربي ، بعدما حال عرفات دون متاجرتها بالقضية واستخدامها كورقة من أوراق اللعب السياسي مع إسرائيل والغرب . إن حجم الأذى الذي أصاب غزة ، يوازي ما أصاب جنوب لبنان في صيف العام 2006 ، فتشابه ظروف الحرب ، يشير إلى أن غزة باتت مسرحاً لتصفية الحسابات الإقليمية ، حالها حال لبنان ، ولطالما أن القرار الفلسطيني المستقل دفن في رام الله مع عرفات ، فإنه لا قرار مستقل بعد اليوم لأحد في فلسطين ، وكل ما تقوله حماس من رفض للمصالحة الوطنية مع فتح ، وقبول بالتهدئة المؤقتة مع إسرائيل ، أو ما قامت به من انقلاب وحسم للشرعية التي وصلت من خلالها سدة الحكم ، ما هو إلا تنفيذ مباشر أو غير مباشر لأجندات إقليمية بعيدة المرامي والأهداف ، تتخذ من دماء الأبرياء وقوداً لها ومن أرضهم المحتلة ساحةً للصراع .
#ثائر_الناشف (هاشتاغ)
Thaer_Alsalmou_Alnashef#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
صراع وجود أم صراع فناء ؟
-
العرب وإسرائيل : مَن يقول ومَن يفعل ؟
-
-حزب الله- وعبرية الخصم
-
السلام أم الاعتراف في إسرائيل؟
-
حذاء البربرية .. يدخلنا التاريخ !
-
إسرائيل في مواجهة نفسها
-
لبنان يسترد (عونه)... والأسد يسترد ( لبنانه)
-
هل يستحق الفلسطينيون دولة ؟
-
مصافحة إسرائيلية عابرة
-
الأحواز في القلب
-
مشايعو إيران ونبش الماضي
-
التعفن اليساري والبديل الليبرالي
-
اتفافية حفظ العراق
-
مسيحيو الشرق وذمية عون
-
انتظروا ردنا
-
حماس وسقوط المشروع الإخواني
-
هل الأسد على صواب؟
-
ماديات المعارضة السورية
-
انتظروا قنابل الصدِّيق
-
سيادة العراق بين أميركا وإيران
المزيد.....
-
بعد إعلان حالة التأهب القصوى.. لماذا تشعر اليابان بالقلق من
...
-
-روتانا- تحذف أغنيتي شيرين الجديدتين من قناتها الجديدة على ي
...
-
منطقة حدودية روسية ثانية تعلن حالة الطوارئ مع استمرار تقدم ا
...
-
كييف تتحدث عن تقدم قواتها في كورسك وموسكو تعلن التصدي لها
-
هاري كين يكشف عن هدفه الأبرز مع بايرن ميونيخ
-
منتدى -الجيش - 2024-.. روسيا تكشف عن زورق انتحاري بحري جديد
...
-
وزير تونسي سابق: غياب اتحاد مغاربي يفتح الباب للتدخلات الأجن
...
-
أيتام غزة.. مصير مجهول بانتظار الآلاف
-
سيناتور روسي يؤكد أن بايدن اعترف بتورط واشنطن في هجوم كورسك
...
-
حصيلة جديدة لعدد المعاقين في صفوف القوات الإسرائيلية جراء حر
...
المزيد.....
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق
...
/ الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
-
حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية
/ جوزيف ظاهر
-
الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية-
/ ماهر الشريف
-
اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا
/ طلال الربيعي
المزيد.....
|