صفوت بلاصي
الحوار المتمدن-العدد: 2521 - 2009 / 1 / 9 - 08:40
المحور:
كتابات ساخرة
إنها مسيرة وفاء منا لدماء الشهداء في غزه, إنها تظاهره للوحدة الوطنية, نمشي جميعا ً فيها تحت راية واحدة (علم فلسطين)
هكذا كانت الدعوة للمسيرة الطلابية , وهكذا كانت أهدافها ,الوفاء لدماء الشهداء في غزه والدعوة للوحدة الوطنية .
أثناء تلك النداءات الساخنة المحركة للمشاعر بدأت أفواج الطلاب تتحرك بسرعة متجهة صوب مكان انطلاق المسيرة , كنت أنا في هذه الأثناء متخذا ً ركنا للتأمل في هذا المشهد الرائع , الذي افتقدناه منذ فترة طويلة , هذا المشهد الذي نهتف فيه جميعا لفلسطين , لفلسطين وحدها بعيداً عن كل مظاهر التحزب والحزبية .
أثناء انشغالي الفكري هذا فوجئت بكوب بلاستيكي يمطرني برذاذ القهوة , كان حاثا عرضيا من احد الزملاء أثناء تدافع الطلاب للتجمع في موقع انطلاق المسيرة , حاولت تنظيف ما يمكن تنظيفه من بقع القهوة عن سترتي , ولكن بعض هذه البقع تشبث في سترتي رافضاً الخروج .
كان يوماً بارداً .... ولكي أحافظ على مظهري خلعت عن كاهلي حمل تلك السترة المتسخة ببقايا رذاذ القهوة, وأحسست بالبرد يلامس عظامي, لكني تحملت ذلك خجلاً من بقع القهوة تلك.
دقائق معدودة هي حتى انطلقت المسيرة وانطلقت معها مئات الحناجر هاتفة لفلسطين , لغزه وللوحدة الوطنية , ومشينا جميعا تحت راية واحدة , كانت ألوانها جميلة بهية , لا يسبقها إلا الجمال سوى اسم فلسطين .
مشينا ومشينا حتى بدأت الأصوات تتغير وأعلام فلسطين تختفي , بدأت رايات الحزب الحاكم بالظهور , وأخذت الحناجر تهتف باسم الحاكم الأوحد...... راحت موسيقى فلسطين ... تغيرت الحناجر ... تبدلت الوجوه .
كأنني في حلم لاستيقظ على مشهد لمئات من رجال امن الحاكم بألوانهم وعتادهم وعصيهم , ليكونوا حاجزاً بشرياً بيننا وبين إكمال مسيرتنا ذات الأهداف الوطنية .... والتي تحولت بقدرة رجال الأمن إلى تظاهرة مبايعة للحزب الحاكم والرئيس المبجل.
حينها فقط .... لم اعد اشعر بالبرد... وقررت أن ا أرتدي تلك السترة التي أوسختها بقع القهوة.... لأنني لم اعد اخجل .
#صفوت_بلاصي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟