|
إزالة آثار عدوان غزة
سعد هجرس
الحوار المتمدن-العدد: 2520 - 2009 / 1 / 8 - 09:52
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
المهمة العاجلة الآن هى إطفاء الحريق المشتعل فى غزة، وإيقاف العدوان الإسرائيلى الغاشم الذى حول القطاع المحتل إلى "محرقة". ومن أجل ذلك يطالب الرأى العام العربى جميع الأطراف بأن ترتفع إلى مستوى خطورة الموقف وأن تسمو على تناقضاتها الثانوية وأن تركز طاقاتها وجهودها من أجل إيقاف نزيف الدم الفلطسينى وكبح جماح العدو الإسرائيلي المسعور ووقف جرائم الحرب والإبادة الجماعية و"الهولوكوست" التى يمارسها ضد أهلنا الفلسطينيين. وبعد أن يتوقف شلال الدم وتصمت المدافع يجب أن نعيد فتح ملفات الصراع العربى – الإسرائيلى وأن نعيد قراءة المشهد العام بصورة نزيهة ومتكاملة وغير مجتزأة أو انتقائية. وفى سياق هذه "المراجعة" المنشودة يجدر التوصل إلى تفسير حقيقة أن العرب – ونحن منهم وهم منا – يتعاملون مع التطورات التراجيدية المتتالية للصراع العربى – الإسرائيلى بـ "القطعة" وبمنهج "رد الفعل" – ففى كل مرة تقوم إسرائيل بالضرب وارتكاب المذابح والمجازر ونكتفى نحن بالشكوى والعويل والاستنكار والشجب لهذه الجرائم التى تقترفها إسرائيل وكأنها أمور مفاجئة نستغرب حدوثها! وتكون غاية المراد من رب العباد هى إزالة آثار آخر عدوان وننسى ما سبقه من اعتداءات تقضم بموجبها إسرائيل المزيد من الجسد العربى ثم تهضم ما سبق لها أن قضمته. وظل الحال على هذا المنوال حتى تراجعت القضية الفلسطينية بجلال قدرها إلى مجرد "نضال" من أجل فتح هذا المعبر أو ذاك والحصول على "سماح" إسرائيل بدخول الغذاء والدواء لسكان غزة! كما تحول حلم الدولة الفلسطينية إلى كابوس بعد الاقتتال العبثى بين "حماس" و"فتح" على الكعكة المسمومة لـ "سلطة" وهمية لا قيمة لها طالما ان السلطة الحقيقية والفعلية – براً وبحراً وجواً – هى للاحتلال الإسرائيلى. وبالنتيجة ضاعت القضية الفلسطينية فى دهاليز مفارقات التناقض الذاتى لهذه السلطة الوهمية بين كونها "حركة تحرر وطنى" من ناحية وبين وضعها كدولة، أو حتى كمشروع دولة، لا تقوم من بين وظائف الدولة إلا بوظيفة واحدة هى وظيفة القمع.. ولكن للفلسطينيين وليس للإسرائيليين الذين استفادوا من قيام هذه السلطة الوهمية التى أعفتها من تحمل تبعات مسئولياتها كقوة احتلال بينما تتمتع بـ "فوائد" هذا الاحتلال. كما أن الهدف الاستراتيجى العربى والفلسطينى المعلن رسمياً- وهو إقامة دولتين.. دولة فلسطينية إلى جانب دولة يهودية- يبدو هدفاً مراوغاً إن لم يكن هدفاً مستحيلاً. ليس فقط لأن المساحة التى يفترض أن تقوم عليها هذه الدولة الفلسطينية لا تزيد عن 20% من إجمالى مساحة فلسطين، بما يعنى التسليم بـ "شرعية" هيمنة إسرائيل على 80% من الأرض الفلسطينية، وإنما أيضاً لأن هذه المساحة الهزيلة مقطعة الأوصال بمئات الحواجز والجدران العازلة والمستوطنات، وأيضاً لأن هذه الدولة الفلسطينية المفترضة تفتقر إلى المقومات الحقيقية للدولة. وهذا ما يجعلنا نعيد النظر فى هذا الهدف، ونعيد التفكير فى هدف استراتيجي بديل تم رفعه من قبل هو إقامة دولة واحدة ديموقراطية علمانية، وهذا هدف نضالى يتطلب أساليب ووسائل كفاحية وتحالفات سياسية محلية وإقليمية وعالمية مختلفة تماماً عن كل من خيارات "حماس" التى تتعامل مع فلسطين باعتبارها "وقفاً إسلامياً"، وخيارات أنصار نهج التسوية السلمية عن طريق المفاوضات، والمفاوضات فقط. وليست الملفات الفلسطينية هى وحدها التى تستوجب الفتح وإعادة التفكير، دون مزايدات أو مناقصات، وإنما تتوازى معها كثير من الملفات العربية التى تحتاج إلى فكر جديد بعد أن ثبت أن الممارسات العربية بكافة شعاراتها قد فشلت فشلاً ذريعاً فى الدفاع عن الحد الأدنى من الكرامة العربية. هذا الفشل المتكرر – على مدار ستين عاماً – يطرح تساؤلات لا مفر من الإجابة عنها: كيف يمكن لدولة مصطنعة صغيرة الحجم أن تلحق هذا الأذى وذلك الاذلال المستمر لكل العرب من الخليج إلى المحيط والذين يبلغ عددهم قرابة 300 مليون يسدون عين الشمس، والذين يملكون ثروات كفيلة بجعل المنطقة أغنى من سويسرا، والذين يتسابقون على شراء أحدث الأسلحة التى لا تنطلق منها طلقة واحدة ضد إسرائيل؟! وهل هناك علاقة بين هذه المفارقة المذهلة وبين مخاصمة العرب للعلم والبحث العلمى وفكر الحداثة؟ وهل توجد علاقة بين هذه الهزائم الموجعة والمتكررة وبين الاستبداد الذى يستوطن العالم العربى منذ قرون؟ الأسئلة كثيرة .. وهى تحتاج إلى إجابات جديدة، غير الشعارات الجاهزة الصنع التى دأبنا على ترديدها فى مختلف العصور التى تتغير ولا تتغير معها حقيقة الهوان العربى أمام تلك الدولة المصطنعة الصغيرة .. إسرائيل . والمطلوب الآن .. أن تتضافر جهودنا من أجل إنقاذ غزة وأهلها وإيقاف هذه المجزرة الإسرائيلية المتوحشة.. وبعدها يجب أن نفتح كل الدفاتر من أجل رؤية مستقبلية جديدة.. حتى لا نصحو بعد فترة على مجزرة صهيونية أخرى.. نكرر فيها نفس البكائيات سواء كانت حقيقية أو تنتمى إلى دموع التماسيح.
#سعد_هجرس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
يا رجال الإعلام العرب.. اتحدوا
-
إعادة النظر فى كعكة «السلطة» المسمومة
-
نحن أفضل من أمريكا وأحسن من الغرب .. ولو كره الكافرون!
-
فقه الأولويات: إسرائيل هى العدو الآن .. يا عرب
-
فضيحة تغريم جابر عصفور
-
دبرنا يا وزير الاستثمار .. السطو على -قلب- القاهرة!
-
-عيد- الفساد!
-
عالم ما بعد الولايات المتحدة
-
حذاء -منتظر الفرج-!
-
عشاء -علمانى- .. مع أمين عام منظمة المؤتمر -الإسلامى-
-
من الذي يريد تعطيل القطار الهندى؟
-
اليمين المصرى يرتدى قمصان الشيوعية الحمراء!
-
نقيب النقباء .. كامل زهيرى
-
هل يشكل طه حسين حكومة الأمل؟!
-
اكتشافات كامل زهيرى الرائعة
-
رغم الاحتفالات بالمئوية: فضيحة ثقافية تهدد الفنون الجميلة
-
التعليم المفتوح.. يفتح عكا .. والمنصورة!
-
اليوم السابع
-
الرأسمالية ليست نهاية التاريخ
-
أرامل- ماما أمريكا-!
المزيد.....
-
السعودية تعدم مواطنا ويمنيين بسبب جرائم إرهابية
-
الكرملين: استخدام ستورم شادو تصعيد خطر
-
معلمة تعنف طفلة وتثير جدلا في مصر
-
طرائف وأسئلة محرجة وغناء في تعداد العراق السكاني
-
أوكرانيا تستخدم صواريخ غربية لضرب عمق روسيا، كيف سيغير ذلك ا
...
-
في مذكرات ميركل ـ ترامب -مفتون- بالقادة السلطويين
-
طائرة روسية خاصة تجلي مواطني روسيا وبيلاروس من بيروت إلى موس
...
-
السفير الروسي في لندن: بريطانيا أصبحت متورطة بشكل مباشر في ا
...
-
قصف على تدمر.. إسرائيل توسع بنك أهدافها
-
لتنشيط قطاع السياحة.. الجزائر تقيم النسخة السادسة من المهرجا
...
المزيد.....
-
لمحات من تاريخ اتفاقات السلام
/ المنصور جعفر
-
كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين)
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل
/ رشيد غويلب
-
الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه
...
/ عباس عبود سالم
-
البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت
...
/ عبد الحسين شعبان
-
المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية
/ خالد الخالدي
-
إشكالية العلاقة بين الدين والعنف
/ محمد عمارة تقي الدين
-
سيناء حيث أنا . سنوات التيه
/ أشرف العناني
-
الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل
...
/ محمد عبد الشفيع عيسى
-
الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير
...
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|