مصطفى العوزي
الحوار المتمدن-العدد: 2516 - 2009 / 1 / 4 - 04:04
المحور:
الادب والفن
على مشارف البيت كان الصبية يلعبون الكرة مع بعضهم البعض ، يتنافسون بروح عالية و معنويات متذبذبة ، بالأمس ودعوا عددا كبيرا من رفاقهم ممن كانوا يلعبون معهم ،فتقلص عدد اللاعبين ، فبعدما كان كل فريق يتشكل من سبعة عناصر أصبح اليوم لا يتشكل إلا من أربعة لاعبين فقط ، فضعف دفاع كل فريق ،و تقلصت مدة اللقاء أيضا ، فالأمهات بطبعهن يخشيان أن تظل فلذة أكبادهن في الشارع وقتا أطوال يعرضهم لتلقي رصاص الاحتلال على أجسادهم النحيفة ، لدى فهن يخرجن من بيوتهن في وقت مبكر من المساء لحث أبنائهن على العودة إلى المنازل ، يسمع زياد صراخ أمه و هي تناديه من وراء جدار البيت :
هيه زياد أسرع إلى البيت أبوك سيعود حالا و أخشى أن يخاصمك على خروجك إلى الشارع هذا اليوم
و بحركات تنم عن فتى متمرد ، يتردد زياد قبل أن يحمل الكرة معه و يودع أصدقائه في الملعب ، ثم يعود إلى البيت مسرعا و نداء أمه لا يفارق أذنيه ، عند مدخل البيت يضع زياد الكرة و يغسل رجليه بالماء قبل أن يتجاوز عتبة الدار ، لينطلق لسانه مخاطبا أمه :
أمي كم فضل من الوقت على بدء سلسلة كونان ؟
لست ادري ، تجيب الأم
فيندفع زياد نحو التلفاز يحاول تشغيله ، لكنه يفاجئ بكون الجهاز معطل ، يستفسر أمه :
ماذا حل بالتلفاز ؟
لقد قطعوا التيار الكهربائي عن المنطقة بني، لن تشاهد السلسلة هذا اليوم
مرة أخرى ؟ ، يستفسر زياد ، ثم يلطم الكرة بالحائط تعبيرا عن سخطه الكبير على هذا الوضع البئيس ، فتنهره أمه لأنه برميه الكرة على الحائط ترك فيه بقع سوداء صغيرة عادة ما تتعب الأم في تنظيفها عندما تقتضي الضرورة ذلك ، لكنها سرعان ما تهدأ من روعها و تعود إليه مبتسمة تحاول أن تواسه ، و تعيده بشراء سلسلة المحقق كونان على شكل قرص ديفيدي حالما تتحسن الأوضاع .
يلجأ زياد إلى غرفته مصحوبا بتعب اليوم الكامل ، ممنيا نفسه بلقاء كروي غدا صباحا .
قي الصباح تناول زياد فطوره في عجلة من أمره و صياح رفاقه خلف الدار يتزايد شيء فشيء ، ثم يستجيب لهم ويلتحق بهم في ملعب الحي ، في هذا الأخير ينقسم الصبية إلى فريقين كالمعتاد ، ثم يبدأ الجدال في كل فريق على من سيتولى مهمة حراسة المرمى بعدما فقدوا حراسهما الرسميين في غارة وحشية حطت بهم في الأيام القليلة الماضية ، يستعصي عليهم التفاهم و التوافق ، فيقررون تغير طريقة اللعب لكن الأمر مرة أخرى يفضي إلى نفق مسدود ، فيعلوا الضجيج بينهم و الشجار ، و ينتهي بهم الأمر كل في منزله بعدما سئما الآباء من تصرفاتهم هذه .
يتسأل زياد ما السبب ؟
يجيب الأب : غارة و مات الحراس .
#مصطفى_العوزي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟