صبري يوسف
الحوار المتمدن-العدد: 2516 - 2009 / 1 / 4 - 07:29
المحور:
الادب والفن
14
.... .... ... .. ....
كم مرّةٍ رحّبْتَ بفرحٍ
وأنتَ تعبرُ ( مشفى المجاذيب!)
تهمسُ
إنها نعمةُ النِّعمِ مقارنةً بخنادقٍ
مكتنـزة بالعناكبِ والموتِ المؤجّلِ
أنْ يرحّبَ شاعرٌ
في مشفى (المجانين!)
معتبراً هذا النُّـزول نعمةً
ولا كلّ النِّعمِ
أن يرحّبَ شاعرٌ
في أزقّةِ هذا الزَّمان
بعيداً عن أحضانِ الأحبّةِ
هرباً من جلاوزةِ العصرِ
أن يفرحَ شاعرٌ
لا يملكُ درهماً مبخوشاً
موجّهاً أنظارَهُ
إلى شعراءٍ من لونِ المحبّة
من لونِ خصوبةِ الشِّعرِ
مرتمياً بين إنكساراتِ الشَّفقِ
أن يفرحَ شاعرٌ
تاركاً خلفَ ظهرِهِ حقائب العمرِ
عابراً بهجة المسافاتِ
تاركاً خلفه عظامَ الحضارةِ
تطحنُ ما تبقَّى من لجينِ العمرِ
صارخاً في وجهِ الشُّعراءِ
أين قنينة الكونياكِ
ما هذا البخل؟ ..
آهٍ .. قمّةُ الانتهاكِ والانهاكِ
يحذِّرونَهُ أن لا يشتمَ أحداً منهم
أن يكونَ هادئاً طبيعياً
يُجحظُ عينيه
مشترطاً عليهم بعنجهيةٍ غارقة
في بهجةِ التسكُّعِ
أريدُ كاساً من النبيذِ المسكّر أولاً
أريدُ أن أُخْرِجَ أحزانَ العراقِ
من هذا القفصِ العلويّ
واضعاً سبابته على صدغِهِ
الطَّافحِ بأوجاعِ النَّخيلِ
آهٍ .. إنّه زمنُ الانزلاقِ
انزلاقُ أسوارِ الحضارةِ
نحوَ أبراجِ الجنِّ!
يختفي طوالَ النَّهارِ
هارباً من الخدمةِ الإلزاميةِ
ساخراً من فكرةِ الجيشِ
من فكرةِ الحروبِ
من فرقعاتِ الشُّعراءِ
.... ... ... ......!
صبري يوسف
كاتب وشاعر سوري مقيم في ستوكهولم
[email protected]
www.sabriyousef.com
#صبري_يوسف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟