|
لا يمكن كسر عزيمة نساء العراق الباسلات !
يوسف ابو الفوز
الحوار المتمدن-العدد: 773 - 2004 / 3 / 14 - 08:01
المحور:
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
في لغات عديدة ، ترتبط جذور كلمة " المرأة " بكلمة " الحياة " ، وفي هذا معنى عميق ودلالة ذات مغزى ، ويأتي هذا باعتقادي توازيا مع ما منحته الرسالات السماوية من تكريم واحقاق للمرأة في منزلتها ودورها في الحياة الإنسانية . لست معنيا هنا ، في هذه السطور، بمناقشة الطارئ والدخيل على الرسالات السماوية ، وخصوصا ما نتج عن التفاسير المتأخرة لهذا النص الديني أو ذاك ، والتي جاءت غالبيتها على يد جيش من الرجال المفسرين من الفقهاء والعلماء والخ ، ولا أريد الخوض في مناقشات فقهية دينية ، ولكني احب ان أشير وانبه إلى حالة محددة، إلا وهي الشعور العالي بالاستفزاز لدى صنف من الكتاب من الرجال ، حين يشعر ان ثمة تجاوزا ما حصل في " المناطق الحيوية الذكورية " لحقوق الرجل ، ان استعرنا مفردات القاموس السياسي هنا . وهذا لفت نظري اليه ، وتحديدا ، التعليق الذي كتبه الأخ عبد الحليم علي الشاعر ( إيلاف ، الأربعاء 10 مارس 2004) الذي اسُتفز ، ومتناسيا القول المأثور" رفقا بالقوارير "، رد بشراسة ، على الأخت بلقيس حميد حسن ، الشاعرة العراقية والناشطة في مجال حقوق الإنسان ، حين كتبت وجهة نظرها ، في قضية لا تزال خلافية بين كثير من الباحثين ورجال الفقه الإسلامي ، إلا وهي قضية الحجاب . بالنسبة لي وحتى لا يظن قارئ عزيز ما بأني اخبأ وجهات نظري ، حول جوهر الموضوع ، خلف عبارات مطاطية وحمالة اوجه ، كما يفتينا بعض الكتاب ، بحيث لا نفهم منهم ماذا يريدون ، فأقول مقدما ، أنا من الناس الذين يشعرون بالخطر الشديد على حياتنا المستقبلية في العراق من جهل وظلامية أصحاب شعارات " السفور فجور " أو"خير النساء من لا يرين الرجال ولا الرجال يراهن!" ، وغير ذلك. وهنا انا احدد ولا أعمم ، والأمر ليس له علاقة بالشأن الطائفي ، فحملة هذه الشعارات باعتقادي هم من أعداء الحياة ، لانهم من الغارقين بجهلهم حتى فيما يخص مقتضيات دينهم الصحيحة ، ويريدون منا وحسب أفكارهم ان نعود الى عصور الظلام ، ونقبر نصف المجتمع خلف الجدران إكراما لهم ولعقليتهم الظلامية. وبالنسبة للأخت الشاعرة بلقيس حميد حسن ، والتي لم أتشرف بلقائها ، فانا وطوال سنين منفى العراقيين الإجباري ، واذ اجهد لمتابعة ما يكتبه وينشره الاخوة من المثقفين العراقيين حول شؤون وطنهم ، وهموم العراق في مجالات السياسة والثقافة ، راسمين أحلامهم بعراق ديمقراطي يسع الجميع ، ومن هؤلاء كنت أتابع ما تكتبه الأخت الشاعرة بلقيس حميد حسن ، التي لطالما عبرت نصوصها الشعرية ومقالاتها النثرية ، ونشاطاتها المتواصلة ، التي يكتب عنها ، عن التصاقها بهموم وطنها وحلم العراقيين بعراق جديد ، بلا حروب وديكتاتورية وظلم وتخلف . وهكذا ومثلما عرفنا ، عرف القراء الأخت الشاعرة بلقيس حميد حسن في الصفوف الأمامية من النساء العراقيات العاملات بنشاط من اجل مستقبل زاهر لشعبنا العراقي ، ولفضاء أوسع لمشاركة المرأة العراقية في كل مجالات الحياة . وعليه لم يحدث يوما ، ان تجاوزت الأخت الشاعرة بلقيس حميد حسن في كتاباتها ونشاطها حدود الحلم العراقي ، لتقفز مثلا في المستحيل ، وتفتي بما يعارض حدود الحلم العراقي المشروع . هي مواطنة عراقية ، وانسانة ، وشاعرة ، وكل هذا يمنحها الحق في ابداء وجهة نظرها ، بما تريد ، وبالشكل الذي تريد ، وضمن إطار الأعراف والتقاليد ، وهذا ما قامت به في مقالها حول الحجاب . ولكن الأخ الكاتب ، المستفز هنا كذكر أولا ، والغاضب عن دراية بما يفعل ، راح وببراعة يمرر كرة تهمة التكفير للأخت الشاعرة بلقيس حميد حسن ، ويساويها بسلمان رشدي ، وكأنها احتلت مناطقه الحيوية الذكورية ، وتجاوزت على حقوقه حين راحت تفكر وتستخدم عقلها وتكتب وجهات نظرها . ربما ارادها ان تقتنع بأنها بنصف عقل ، وان تكتفي باستخدام نصف عقلها هذا لكتابة الشعر فقط ، ولا بأس ان تكون قصائد غزلية ربما تنفع الذكور في جانب من حياتهم ، فقرر إرسال التحذيرات المبطنة ، عبر كلماته التي سطرها بحرفة وسخرية عالية من وجهة نظر الشاعرة وثقافتها . واللافت للنظر هنا أيضا ، يا ترى كم هو عدد الرجال الذين سبقوا الأخت بلقيس حميد حسن وكتبوا عن موضوع الحجاب وقدموا أفكارا ووجهات نظر ، وحتى اجرأ مما قدمته الأخت الشاعرة ، فلماذا يا ترى لم يتبرع الأخ الكاتب للرد عليهم ومناقشتهم وأيضا تكفيرهم ؟ والسؤال التالي أيضا : ولماذا استفزه بالذات مقال بقلم امرأة ؟ بحيث جعله يحاول ان يألب عليها الاخرين ، وان صاغ ذلك بلغة ماكرة خلطها بالسخرية ؟ لا ادري ما الذي يغيض البعض من كون امرأة تفكر وتستخدم عقلها ، وتطرح وجهات نظرها ، انسوا ان ثالث شخص الى جانب النبي محمد "ص" وأبو بكر الصديق وتعتبر من مؤسسي الدعوة الاسلامية هو امرأة ، وهي أم المؤمنين ، وسيدة نساء العالمين في زمانها، أمُّ القاسم ، خديجة بنت خويلد ، وهي أول من آمن بالرسول وصدّقه قبل كل أحد ؟ يبدوا ان هؤلاء يظنون ان كتابتهم وسطورهم تتيح لهم فرصة إخافة امرأة ، فهي عندهم كائن ضعيف ، خلقت لتقوم بواجباتها المحددة لها ، ومن قبلهم بالتأكيد ، في تدبير الشؤون المنزلية وتوفير أساليب الراحة للذكر ، ليكتب لنا عن الثقافة والحلال والحرام ، وان يسخر من كل صاحب وجهة نظر مغايرة ، خصوصا إذا كان امرأة ، نست نفسها من وجهة نظره وتجرأت على عالم الذكور . أود ان اذكر هؤلاء الاخوة الكتاب ، انهم وفي القرن الواحد والعشرين ، والبشرية توشك على وطأ المريخ بأقدامها ، لا يمكنهم وأد المرأة ، لانها الحياة ، والحياة مستمرة مزهرة ، ودائما تبشر بالجديد والأحسن والأفضل والازهى . وأيضا ان الكاتبات العراقيات ، الديمقراطيات ، الحالمات بحياة جديدة ، حياة ديمقراطية تنعم فيها المرأة العراقية بالحرية والمساواة ، لا وجود فيها للتميز والتسلط بسياط ديكتاتورية التكفير، هؤلاء النسوة الباسلات لسن وحدهن ولا يمكن كسر عزيمتهن واخافتهن أبدا .
سماوة القطب 12آذار 2004
#يوسف_ابو_الفوز (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
في فنلندا تضامن مع المثقفين العراقيين
-
ولنا عبرة في حكاية الفأس وشجرة البلوط !
-
بطاقات وفاء في يوم المرأة
-
بيـــــــــان استنكار
-
قبل 24 عاما … في ذكرى استشهاد الحسين
-
هيئة تنسيق القوى السياسية العراقية العاملة في فنلندا- في أول
...
-
معنى يوم الشهيد الشيوعي ؟
-
الشفافية عن هدر الأموال يا مجلس الحكم !
-
لسنا بحاجة إلى إجراءات تشرع الطائفية يا مجلس الحكم !
-
خذلتنا يا مجلس الحكم الانتقالي !!
-
سيناريو ــ هوامش يابانية
-
حين تكون في الشمال لن يكون هناك اتجاه نحو الشمال !
-
على حافة الشعر
-
هل أتاك نبأ المحلل السياسي الجديد ؟!
-
حقا ... من هو - الآخر - ؟
-
من يقف خلف الدعوة المشبوهة للحوار مع فلول النظام المقبور؟
-
رسالة مفتوحة إلى الأستاذ زهير كاظم عبود
-
من اجل سمو الكلمة المسؤولة و إعلاء شأنها
-
يا أهلنا ... عيدكم مبارك !
-
عن الخيانة والشماتة ، وما حول ذلك !
المزيد.....
-
وزيرة الخارجية الألمانية: روسيا جزء من الأسرة الأوروبية لكنه
...
-
الوكالة الوطنية توضح حقيقة زيادة منحة المرأة الماكثة في المن
...
-
ما حقيقة اعتقال 5 متهمين باغتصاب موظف تعداد في بابل؟
-
مركز حقوقي: نسبة العنف الاسري على الفتيات 73% والذكور 27%
-
بعد أكثر من عام على قبلة روبياليس -المسيئة-.. الآثار السلبية
...
-
استشهاد الصحافية الفلسطينية فاطمة الكريري بعد منعها من العلا
...
-
الطفولة في لبنان تحت رعب العدوان
-
ما هي شروط التقديم على منحة المرأة الماكثة في البيت + كيفية
...
-
الوكالة الوطنية تكشف حقيقة زيادة منحة المرأة الماكثة في البي
...
-
تحديد عيب وراثي رئيسي مرتبط بالعقم عند النساء
المزيد.....
-
الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات
/ ريتا فرج
-
واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء
/ ابراهيم محمد جبريل
-
الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات
/ بربارة أيرينريش
-
المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي
/ ابراهيم محمد جبريل
-
بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية
/ حنان سالم
-
قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق
/ بلسم مصطفى
-
مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية
/ رابطة المرأة العراقية
-
اضطهاد النساء مقاربة نقدية
/ رضا الظاهر
-
تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل
...
/ رابطة المرأة العراقية
-
وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن
...
/ أنس رحيمي
المزيد.....
|