أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - سعدي يوسف - يومياتٌ ذاتُ مغزى














المزيد.....

يومياتٌ ذاتُ مغزى


سعدي يوسف

الحوار المتمدن-العدد: 772 - 2004 / 3 / 13 - 10:17
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


باترِك كوكبورن
ترجمة وإعداد : ســعدي يوســف

قد كنتُ نشرتُ ، قبل فتــرةٍ ،مادةً لباترِك كوكبورن
-وهو من كتّاب London Review of Books- حول سوق الكتب في
شارع المتنبي ببغداد ، لكن مادته هذه التي نشرتها الصحيفةُ في عددها الأخير ذاتُ
مغزىً للذين يريدون أن يطّلِـعوا على صورة حالتنا كما يراها الآخرُ .

س . ي

قبل ستة شهور ، مع تزايد في عديد الهجمات الفدائية والإنتحارية ، اعتادَ صديقٌ لي عراقيٌّ من رجال الأعمال
أن يطَـمْـئنَ نفسه بالقول : " لن يتحمل الأميركيون الإخفاقَ في العراق " ، لكن ثقته تلاشت مع انحدار البلاد إلى الحرب الأهلية. قُتِلَ حوالي مائتي شيعيّ في هجمات انتحارية بكربلاء والكاظمية ، الثاني من آذار . وقبل شهر حدثَ هجومٌ على القادة الأكراد وأتباعهم في العيد بأربيل ( كردستان العراق ) ، وقُـتِل مائة . الفظاعةُ تفوقُ سابقتَها. في كانون ثاني قُتِـل واحدٌ وثلاثون عاملاً كانوا مصطفين لدخول البوابة الرئيسة للأميركيين في بغداد.
الطريقة الأسرع لاختبار التقدم الأميركي ، هي في أن يسلك المرءُ الطريقَ السريع ذا المسارب الأربعة المتجه غرباً من بغداد إلى الفرات . إنه لَـطريقٌ موحشٌ ، شـقّه صدّام حسين في ذروة الحرب الإيرانية- العراقية ، ليكون خطَّ
إمداداته الرئيس .
في مَـخارج بغداد ، قطع الأميركيون النخيل والأشجار أو أحرقوها ، كي لا تكون ساتراً للفدائيين ، لكن ليس ثمّت ما يشير أيضاً إلى أخطارٍ في هذا الطريق . إلاّ أن كثيرين من الجنود الأميركيين قُتلوا ، في الشهور التسعة الأخيرة ، هنا ، أو غير بعيدٍ ، في أبو غرَيب ، والفلوجة والخالدية والرمادي – أكثر من أي مكان آخر في العراق.
في أوائل هذا العام قالت القيادة العسكرية الأميركية إن عدد الهجمات على قواتها انخفض منذ القبض على صدام حسين في كانون أول. من الناحية الأخرى يقول جنود الميدان إنهم في الغالب لا يُبْـلـغون القيادةَ بما يتعرضون له من هجماتٍ وإطلاق نارٍ ، تجنّـباً للتعقيدات .
قررتُ أن أقطع الأميال السبعين إلى الرمادي لأرى إن كان الطريق قد صار أكثر أمناً . لم نستطع الوصول . ففي ضواحي بغداد صادفْـنا قافلةً متوقفةً مكونة من دبابات وناقلات جنود مدرّعة محمولة على شاحنات هائلة . أوقفَنا
جنديٌّ : " اكتشفنا قنبلةً على الطريق ، ونحن نحاول نزع فتيلها " ، وهكذا مع سيارات عراقية أخرى حِـدْنا عن الطريق وسلكنا درباً ترابياً بين مجرى ماءٍ آسـنٍ ومزبلة .
بعد نصف ساعة ، وصلنا أبو غرَيب ( حيث أضخمُ سجن في العراق ) ، في سوق ملأى ببسطات مترنحة تبيع الفواكه والخضار . خرجت من السيارة لأتكلم بهاتف الثريّـا . وبينما كنت أتكلم وصلت دوريةٌ أميركية بسياراتها الـهامفي. فجأةً توقفت العجلات ، وركض ستة جنود نحو سيارتنا ، موجهين بنادقهم إلى صدورنا . صرخوا بنا : " اركعوا ، وارفعوا أيديكم فوق رؤوسكم " . فعَـلْـنا الأمرَين . أحد الجنود اختطف مني الثريّـا . وعندما تفوّه محمد الخزرجي ، السائق ، ببضع كلماتٍ عربية ، صاح به الجندي : " اخرسْ فمك المنيوك " -
Shut the fuck up
قلتُ إنني صحافيّ بريطاني . ظللنا راكعين ، حتى سئمَـنا الجنودُ وعادوا إلى عجلاتهم الهامفي . وبينما كنا نغادر أبو غرَيب سمعْـنا خطيب الجامع القريب يندد بالإحتلال قائلاً : " الإحتلال الآن يهاجم الجميع ويجعل الحياة مستحيلةً " .
بعد عدة أميالٍ ، بلغْـنا المنعطَفَ إلى بلدة الفلوجة ، لكن الأميركيين وأفراد قوة الدفاع المدني العراقية كانوا يغلقونه. قال جنديٌّ عراقيّ سمينٌ وهو يريح يده على الرشّـاش : " الأميركيون يقومون بعملية كبيرة ، وهناك معركة كبيرة مع المجاهدين حول جامع الفلوجة " . كان يبدو غير مهتمّ بما يجري ، وأشار إلى دربٍ نستخدمه لدخول البلدة المطوّقة .
لم يكن ذلك اليوم عنيفاً ، في هذا القسم من الطريق .
فقبل عدة أيامٍ أُسقِـطتْ هليكوبتر بلاك هوك للإخلاء الطبي بصاروخٍ حسّـاس حرارةٍ قرب الفلوجة ، وقُتِلَ الجنودُ التسعة الذين كانوا على متنها . ويُقتَل الكثيرون حين تتعرض سيارات المؤونة وعجلات الهامفي الخفيفة للعبوات المزروعة على جانبي الطريق . الجنود يسمون هذه العبوات " قاتلة القوافل " ، وهي مركّـبة ، عادةً ، من
قذائف مدفعية ثقيلة 155ملم و 122ملم مع صاعقٍ . هذه القنابل دمّرت الكثير من العجلات ، مع مقتل جنديين أو ثلاثة كل مرة .
***
يقول القادة العسكريون الأميركيون إن خسائرهم بلغت 3600 بين قتيل وجريح ، وهو رقم غير كبير إذا أخذنا بالإعتبار عديد القوات . لكن الأمر ليس هكذا ، فهناك نوعان من حروب الأنصار : النوع الأول يبني المقاومة خطوةً خطوةً إلى أن يتشكل جيشٌ نظاميّ ، والمثال الكلاسيكي هنا هو مثال ماو تسي تونغ في الصين .
النوع الثاني يتضمّـن هجماتٍ متفرقة يقوم بها عدد محدود من الفدائيين ، بقصد إدامة ضغطٍ سياسيٍّ لا يقاوَمُ ، على العدوّ.
هكذا كانت طبيعة الحملة التي قام بها الجيش الجمهوري الإيرلندي 1919-1921 ، والأرغون في فلسطين في الأربعينيات ، ومنظمة أيوكا بقيادة غريفاس في قبرص الخمسينيات ، والجيش الجمهوري الإيرلندي ، ثانيةً ، في إيرلندة الشمالية .
هذا النوع الثاني من الحرب هو ما تواجهه الولايات المتحدة في العراق الآن ، ولا تعرف كيف تنتصر فيه .

لندن 12/3/2004



#سعدي_يوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مســتعـمَــرةٌ رومانـيّــةٌ
- ذَبـــذَبـــــةٌ
- ســاعات أندريه جِـيد الأخيرة
- ســاعاتُ لوركا الأخيـرة
- لو كان الصبحُ جميلاً
- عُـرسُ بناتِ آوى الباريسيّ
- أمُّ المعاركِ : حربُ - القَـبَـضايات -
- البــلدُ المستحيــلُ
- امبراطوريةٌ ليست كالأخريات ، أيضاً
- طبيعةٌ غيرُ مـيِّـتةٍ
- إمبراطوريةٌ ليست مثلَ الأُخرَيات
- حــياةٌ جـــامدةٌ
- الليلةَ … لن أنتظرَ شـيـئاً
- - قوائمُ - بلا حدود …
- صــلاةُ الوثــنِــيّ - إلى عبد الرحمن منيف
- بِــمَ نُـبـاهي الأُمَــم ؟
- جورج بوش في حضرة الطفلِ المعجزةِ
- موســوعةُ النهب الأميركي لآسيا
- الطفل‘ المعجزةُ
- الغَــيــارَى


المزيد.....




- آخر ضحايا فيضانات فالنسيا.. عاملٌ يلقى حتفه في انهيار سقف مد ...
- الإمارات تعلن توقيف 3 مشتبه بهم بقتل حاخام إسرائيلي مولدافي ...
- فضيحة التسريبات.. هل تطيح بنتنياهو؟
- آثار الدمار في بتاح تكفا إثر هجمات صاروخية لـ-حزب الله-
- حكومة مولدوفا تؤكد أنها ستناقش مع -غازبروم- مسألة إمداد بردن ...
- مصر.. انهيار جبل صخري والبحث جار عن مفقودين
- رئيس الوزراء الأردني يزور رجال الأمن المصابين في إطلاق النار ...
- وسيلة جديدة لمكافحة الدرونات.. روسيا تقوم بتحديث منظومة مدفع ...
- -أونروا-: إمدادات الغذاء التي تدخل غزة لا تلبي 6% من حاجة ال ...
- رومانيا: رئيس الوزراء المؤيد لأوروبا يتصدر الدورة الأولى من ...


المزيد.....

- لمحات من تاريخ اتفاقات السلام / المنصور جعفر
- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - سعدي يوسف - يومياتٌ ذاتُ مغزى