سعد محمد رحيم
الحوار المتمدن-العدد: 2512 - 2008 / 12 / 31 - 06:24
المحور:
المجتمع المدني
دوماً، مع استقبال كل عام جديد، لابد أن تلقي نظرة استكشاف على عام مضى وانطوى من صحيفة حياتك. وإذا كنت في مقتبل العمر فإنك تكون قد ارتقيت درجاً نحو ذروة حياتك مثلما تخيلتها، أما إذا كنت في عقدك الخامس ( أو أكثر ) فستفطن إلى حقيقة هبوطك درجاً آخر في الجانب الثاني من السفح، في جبل العمر، كما يصوّر الأمر الفيلسوف الفرنسي جاستون باشلار. وبقدر ما يحمل الالتفات إلى الوراء من مشاعر الأسى واللوعة والحسرة فإنه يكون مناسبة لتعمل جرداً بما حققت من آمال شغلت بالك وخطط رسمتها، وإلى أي حد أخفقت وكم ارتكبت من الأخطاء والحماقات؟. وهل بزغ نجم سعدك ووقف إلى جانبك الحظ، أم أنه خذلك؟. وجرد مثل هذا لا شك يكون ضرورياً لتلتقط أنفاسك وتعاود مسيرة الحياة مجدداً بخبرة مضافة وتجارب تعلمت منها وإلا فإنك منذور بتكرار الأ خطاء والاخفاقات والحماقات مرات ومرات. ويبقى السؤال الأهم هو؛ هل كنت مفيداً بأي شكل لنفسك وللآخرين أم إنك أهدرت الوقت أو جلّه فيما لا ينفع إن لم يكن فيما يضر ويخرِّب.
في الأحوال كلها فإن ظروف الحياة المحيطة بك وصروفها، والبيئة التي أنت فيها ومنها ستؤثر في اتجاه مسارك.. تدفعك أو تحبطك.. تحفزك وتمنحك الأمل أو تعوقك وتلقي في نفسك اليأس. إلا أن الظروف نفسها والبيئة نفسها هي من صناعة البشر أنفسهم، وكلما استطاع هؤلاء تحسين محيطهم كلما تهيأت لهم فرص أفضل للوصول إلى غاياتهم الشخصية. ولا يكفي أن نظل نلعن حظنا العاثر وظرفنا الصعب وزماننا الذي نظن أن العلة فيه وهي في الحقيقة فينا كما أكد منذ قرون أحد شعرائنا الفلاسفة.
منذ سنوات طويلة ونحن نعاني من قسوة أيامنا وقحط أعوامنا، ومن خطايا من كانت بيدهم أعنة شؤوننا وأرزاقنا ومصائرنا، ومن خبث ودناءة بعض الناس ممن خرجوا من بين ظهرانينا فأحالوا حياتنا جحيماً. ومن غير أن ننسى فعل أولئك الطامعين ممن يجاوروننا أو ما وراء ذلك، قريبين وبعيدين.. حتى وجدنا حالنا بهذا السوء.
علينا أن نفكر بأن الأخيار هم الأكثرية في كل زمان ومكان، ومصدر قوتهم هو بذرة الخير والحق التي يحملونها في دخائلهم، وحين يصمتون أو يعتكفون أو يكسلون تطل قوى الشر والظلام من جحورها لتعبث وتدمر وتنشر الفساد والموت والخراب. وما فعله أخيارنا الصادقين خلال عام واحد، ربما لم يكن كافياً غير أنه يقرّبنا أكثر من ضوء النهار. ومثلما ينبهنا الله تعالى فإنه سبحانه لن يغير ما بنا حتى نغير ما بأنفسنا.
وإلى عام جديد يرفل به عراقنا بالأمن والسعادة والبناء والرقي والسؤدد.
#سعد_محمد_رحيم (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟