|
المُخدرات الفكريةُ
جهاد علاونه
الحوار المتمدن-العدد: 2513 - 2009 / 1 / 1 - 04:27
المحور:
كتابات ساخرة
إن دولة التجار المحتكرة للدنيا والآخرة تظهر لنا بوضوح غباء الفقراء الذين يجلسون أمام التلفاز وهم يستمعون لنشرات دينية من الشعراوي ...الله ير ..وعمرو خالد الله ..إلخ وهم لا يدرون أنهم يشربون الأفيون والحبوب المنومة والمخدرة والمهدئة . إن الناس لا تستمع لدرس ديني فحسب بل يستمتعون أيضا بحفلة شراب من المشروبات المُخدرة لعقولهم وعيونهم , وهذه هي البلغة اللغوية !!! إن الأنبياء والرسل اليوم يجب أن يهتموا بقضايا المواطن والعُمال والشغيلة وعلى الشيوخ والقساوسة أن يخرجوا من بين كتبهم دروسا وعبرا تُحرم على الأغنياء بناء ناطحات السحاب , وبعض, أو الغالبية العُظمى من الناس لا تجد شقة تتزوج بها أو تسكن بها . وأن يستخرجوا المسكوت عنه من تراثهم الديني لقد ثار الأنبياء على الأغنياء في بعض الجوانب والتي يَسكتُ عنها اليوم الوعاظ ولا ينبزون منها بحرف واحد على الأقل .
إن غير ذلك هو بمثابة (الضحك على الشوارب واللحى ) كما يقولون بالأمثال العامية . أنا من جهتي ..خلص ..أو من زمان ما بشربش لا أفيون ولا مخدرات ..وكنت أشرب الأفيون والمُسكرات الدينية ..وأنا صغير أما الآن فخلص وتقريبا إنتهت علاقتي بالمُسكرات الدينية منذ أن رأيت بعض الناس تكسب ألآلاف من غير تعب وبعض أو غالبية الناس يموتون من أجل دينار واحد . ولقد رأيت مرة عاملا على سيارة نفايات (كابسة -ضاغطة ) من الحجم الكبير نزل إليها العامل من أجل الحصول على عُلبة ببسي فارغة وكادت الكابسة أن تطحن عظامه وأن تعجن لحمه , وذلك من أجل ثلاثة 3 أو أربعة ُ4قروش فقط لا غير , وليس من أجل حفنة دولارات ...إلخ .
هؤلاء الجالسون أمام المحطات الإخبارية يشربون الأفيون ويتعاطون بالمخدرات وهم كسالى جدا ولا يجدون ثمن فواتير الكهرباء والمياه وطوال النهار يغمسون خبزهم بالدم بدل أن يغمسوه بالعسل ..إنهم يلعقون عن أصابعهم الدم بدل أن يلعقوا (التطلي) والعسل , ويمتص الأغنياء دماأهم كما يمتص الأطفال قصب السُكّرْ.
إن الأفيون والمخدرات تحرمها الحكومات العالمية والإسلامية والمسيحية واليهودية ولكنه المواطن في الدول الرأسمالية البشعة في مظهرها يتعاطاها المواطن كل صباح ومع كل فريضة أكثر من خمسين مرة في اليوم الواحد . وإن هذه جريمة يجب أن يُعاقَبَ عليها المنظرون والمشرعون لها . أنظر في كل عاصمة عربية ..ماذا ترى ؟ ترى العمارات الشاهقة والفاخرة والتي تكفي كل واحدة منها لبناء وحدة سكنية كاملة . ماذا ترى ؟ ترى سيارات فارهة يركبها اللصوص , بينما يركب المأفونون (صراميهم ..كنادرهم )ذات النُمر الكبيرة والصغيرة , وهم يلهثون مشيا ويشهقون أنفاسهم من أفواههم من شدة التعب العصبي وينامون وهم يتنفسون من أفواههم أيضا من شدة التعب والإعياء الفكري .
الدين أفيون الشعوب والمساجد والكنائس تبيع الأفيون بدل أن تبيع الإحتجاج وهذا يعني أن البروتستنتية لم تنتصر لنفسها ولا لغيرها وكذلك كل الثورات الإجتماعية والسياسية . والأفيون يشربه الفقراء في فتاوي الشيوخ والقساوسة وهم وحدهم من يُحرّمُ المخدرات ومن ثم يبيعها فكريا لمجموعة من الملايين المساطيل المخدوعين بالعبارات الكاذبة والتي تشحذ روح الهمم نوح إمتلاك الملايين وتشحذ روح الهمم نوح الزهد والتعفف في الوقت الذي يسرق به اللصوص حليب الأطفال وأيامهم الجميلة .
إن نضالنا وكفاحنا لن يتحقق أبدا ما لم يؤمن الفقراء بأن أعدائهم موجودون بينهم دجاجلة يختبؤون بعباآت القرون الوسطى وبأحاديث مزورة لم يكن يؤمن بها قائليها .
إن آثار الجريمة البرجوازية للرأسمالية تنبعث راءحتها من كل مكان في هذا العالم ..فإذا دخلت عاصمة تتعامل بالرأسمالية فإنك فورا ستلاحظ علو المباني الحجرية الضخمة والتي لا يمكن بناءها من أي عمل شريف .
إن الأعمال الشريفة لأولئك المرابين النجس ولأفاكين لا يمكن أن تبني لهم قصورا حجرية ولا يمكن أن تجبرنا على بيع قوتنا العضلية للحصول على قوتنا الغذائية .
إن القصور العاجية والتي يسكنها الرأسماليون تشهد كل يوم على إرتكاب أفضع جرائمهم اللاإنسانية والتي تشهد لوحدها على حيوانية المجتمع الرأسمالي الذي زاد جدا في الآونة الأخيرة من قهره للعمال والشغيلة . إن رائحة العملة النقدية تشبه رائحة الدماء فالعامل الذي يقف أمامي الآن نزف من كعاب أرجله حتى إستطاع الحصول على قوت يومه وحين أمسك بالعملة النقدية ظهرت عليها طبعة حمراء دموية من بصمات يده حيث أنه مسح دمه بإبهام يده . إن رائحة العرق والدماء تنبعث من مخازن المستثمرين وبشاعتهم أكثر من بشاعة الذئب الذي يقتل بأعصاب هادئة وكأنه جراح أعصاب بريطاني . إن رائحة العرق والكفاح تنبعث من الشوارع والعمارات الشاهقة ومن بين الفساد الحكومي الكبير والذي يعاني منه مجمل سكان العالم . أي عمل شريف هذا الذي يجعل رجلا يملك ملايين الدولارات ..لا يوجد إطلاقا عمل شريف من هذا النوع . إن العمل الشريف يجعل بيننا فوارق لا تقاس بأرقام فلكية فأولئك المستهترون بمشاعر العمال والشغيلة تدعمهم صيغ الثقافة الإجتماعية السائدة في المجتمعات الرأسمالية فلولاها لما إعتلى بعضنا على بعض .
إن هذا الكلام ليس حقدا طبقيا وإنما يُظهر بشاعة الحقد البرجوازي الحقير على العُمال والشغيلة والذي لا يريدهم أن يشبعوا ولا لمجرد يوم واحد على الأقل .
#جهاد_علاونه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
إفهموني : ماركس مسيح العمال
-
هذا المقال يسمم البدن
-
خُرافةُ اليسار العربي 2
-
هذا المقالُ يُسمم البدن
-
خُرافةُ اليسار العَربي1
-
يا يسوع خلّصنا يا رب هللولي هللوليه
-
اليسار يكذب علينا
-
ليش المواطن العربي مش شبعان الخبز؟
-
لماذا 99% من الشعب العربي يؤيدون كندرة منتظر
-
لعبة السلّم والحية الأردنية
-
من عجائب الوطن
-
سرقوا المواطن شلةٌ ..واحد ورا الثاني هَربْ
-
لو أن الحوار المتمدن تصدر من دولة عربية
-
جفرا هي يا إلّرّبع صاير أعرف أرقُصْ
-
لماذا نحن خارج السجون ؟
-
طبّع الحرامي الأردني : يكره مجرد صورتي
-
حبوب عربية لمنع الإكتئاب في العيد السعيد
-
أهلا ثقافة أردنية وأهلا حرية
-
خايف على الأردن إذا مثلي ولا يسعد بعيد
-
مجموعة قصائد سياسية أردنية
المزيد.....
-
فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة
...
-
جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس
...
-
أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
-
24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات
...
-
معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
-
بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
-
بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في
...
-
-الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|