|
غزّة..وخيار السلام!
سنان أحمد حقّي
الحوار المتمدن-العدد: 2513 - 2009 / 1 / 1 - 04:27
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
الخطاب السياسي العربي مازال هو هو! رغم حصول تغيّرات على الواقع من مختلف الوجوه في منطقة الشرق الأوسط بشكلٍ عام وفي المنطقة العربيّة بشكل دقيق وفي الواقع الفلسطيني بشكل أدقّ إن مسار عمليّة السلام في المنطقة لم يكن فاشلاً أبداً كما يُروّج دعاة منهج السلاح من كلا الطرفين الإسرائيلي والعربي المشكلة أن الأطراف الدوليّة على اختلافها لا تستطيع أن تُلقي بكل ما تهدف على الطاولة وهذا أمر طبيعي وأن هناك تحت الطاولة كثيرٌ مما لم يحن وقته لكي يُقال وليس هذا معناه أن المجتمع الدولي بكلّ أطرافه مستعدّ للتخلّي عن طروحاته السابقة بالتمام والكمال وليس هذا هو مبتغى المعتدلين أيضا في العالم العربي وفي منطقة الشرق الأوسط والمحتوى الإقليمي بشكل عام ولكن مما هو معروف أن هناك عمليّة سلام تجري في المنطقة برعاية أمريكيّة وهي وإن كانت متلكّئة شيئاً ما فهي تتقدّم على النحو الذي لم يُفقد مريديها الأمل وإن لم تستقطب كثيراً من الكثل السياسيّة في المنطقة لأسباب مختلفة منها عدم الثقة ومدى صدق الأطراف المختلفة مع بعضها البعض..وبسبب عوامل متعددة أخرى. ولكن ، ولا شك فإن عمليّة السلام تعزّزت بعد حرب تشرين فقد اعترفت مصربإسرائيل وهي البلد العربي الأكبر وأحد اهم ما كان يُدعى بدول المواجهة،كما تبعها الأردن بعد أن فكّ ارتباط الضفة الغربيّة بدولة الأردن والتي كانت مرتبطة به بعد عام 1948 وتشكل الحكم الذاتي الفلسطيني وقامت حكومة فلسطينيّة وصدرت وعود بقيام دولة فلسطينيّة على الأرض الفلسطينيّة ودخلت الأطراف المختلفة في مباحثات مباشرة وقد دعمت الدول العربية التي تُسمّى بالمعتدلة تلك العمليّة مثل المملكة العربيّة السعوديّة ودول الخليج ثم خدم سقوط نظام صدام حسين في العراق تلك العمليّة بإزالة تهديد واضح لأحد أطراف عمليّة السلام وأصبح السير في تلك العمليّة أمرٌ أكثر إمكانيّة ،وبالرغم من التحليلات المتنوعة لحرب جنوب لبنان فإن من نتائجها أنها ساهمت ولو قليلا في تكافؤ عتلة التوازن في المنطقة حيث أقنعت المتطرفين الإسرائيليين أن خيار الحرب أو خيار التراجع عن السلام أمرٌ ليس واقعياويبدو أن سلسلة التوازن المتتابع هذه إن صحت تسميتي الخاصّة لها (Successive Balance Approximation) شجّعت بعد فترة وجيزة بعض الأطراف الفلسطينيّة مثل حماس لعزيز خيار السلاح من جانبها وقد تكون أصابع إسرائيل قد لعبت من تحت الستار لتشجيع حماس على اختيار تعزيز عمليّة الخيار المسلح بهدف تعزيز وترجيح عمليّة التوازن التقريبي لصالحها ولكنّ الأهداف الآن تقترب من نجاح العمل العسكري الإسرائيلي في كسر شوكة خيار السلاح وترجيح الكفّة إلى أوضاع ما قبل أحداث جنوب لبنان كما أن شقّ الصف الوطني الفلسطيني لم يخدم المفاوض العربي ودعاة العمليّة السلميّة منهم بل جعلت الشارع يغضب ويميل إلى المطالبة بردع أفعال العنجهيّة العسكريّة الإسرائيليّة من ناحية أخرى هناك ركن أساسي في عمليّة السلام إذا ما أريد لها الحياة وهو الركن السوري أو المسار السوري وهو قد دخل الميدان السياسي منذ أن أبدت تركيا وهي القوة الإقليميّة الشرق أوسطيّة المهمة استعدادها للتوسط بين إسرائيل وسوريا وبهذا فإن قيادة حماس يُمكن أن تكون تحقّق أهدافا سوريّة لا سيما وأن أهم قياداتها تتخذ من دمشق مقرّاً لها وليس لشقّ العصا على زعامة فتح معاني كثيرة اخرى إن مسار انتهاء مشكلة الشرق الأوسط الأزليّة والمعضلة العربيّة غير مرتبط بحكومة عبّاس كما تريد سوريا أن تقول بل هو مرتبط كذلك بسوريا وعودة الجولان وأن أية مقاربات عربيّة إسرائليّة في موضوع التوازن لا بد أن تمرّ بمسار سوريا وهذا هو ما تريده سوريا وخلافه فإن لديها أوراقاً كثيرة منها حماس ولبنان وقوة الدفع الإيراني وتأجيج الطائفيّة في عموم المنطقة. ولكن غزّة لم تستند ولم تكن يوماً على المسار السوري فهي في المواجهات السابقة كانت ضمن المسار المصري ولهذا فإن مصر ترغب لو تُرك لها الخيار للتعامل مع القطاع من خلال الوحدة الوطنيّة الفلسطينيّة وعن طريق حكومة عبّاس وعلى الجانب الآخر وكما لم يعد خفياً وكما اتضح من خلال ندوات عقدتها القناة الفضائيّة (روسيا اليوم) أن عددا متزايداً من اليهود والإسرائيليين ينتشرون في العالم بحثا عن جزر ومناطق واسعة لشرائها وتطويرها تحت ستار المحميات الطبيعيّة والسياحيّة والبيئيّة وما شابه ذلك وهذا الذي لم يعد سرّاً هو بالتأكيد له معاني ومغازي واسعة ومن شان أحد تلك المعاني أن تُشير إلى أن عمليّة السلام لم تكن أقرب منها اليوم والحديث ليس إلقاءٌ على العواهن ولذا وبتقديرنا المتواضع فإنه ليس أجدر للعرب من الإبتعاد عن خيار السلاح إذ أن إسرائيل لن تسمح ولا حلفاؤها بانهيار واسع للمرتكزات الغربيّة بل سيتم برأينا الإستمرار باتباع سياسة التوازنات التقريبية المتتابعة كما قلنا وأن نبتعد عن خيار السلاح كلما أمكن ذلك كما أن إسرائيل بموجب وثائق السلام ستبقى ولكن المهاجرين العرب سيعودون وكذلك المهاجرون اليهود يجب أن تتاح لهم الفرصة كاملةً للعودة إلى أوطانهم العربيّة بدون نقاش وهذا ولا شكّ يخدم القضيّة الفلسطينيّة وقضايا السلام في الشرق الأوسط . أمّا سوريا فإنها يجب أن تُعطى الضمانات الكافية بعودة الأوضاع كما كانت عليه ليلة الخامس من حزيران عام 1967 بالنسبة لها، وعلى الأغلب أن مثل تلك التطمينات ستُعطى بنفس طريقة توالي التوازنات التقريبيّة إن الأمور من جميع جوانبها قد طرأ عليها تغيير كبير ويجب ان لا ننظر إلى القضيّة الفلسطينيّة بنفس المنظار الذي كنّا ننظر لها فيه وفي كل الأحوال ..فإننا نامل أن تكفّ الأطراف عن تكبيد الشعوب والمدنيين كل هذا الثمن الباهض ، إن أبناء فلسطين وأبناء البلدان العربية وأبناء المنطقة قد دفعوا ثمنا غالياً من دمائهم ودماء أبنائهم ومن أموالهم ومن استقرارهم ومن مستقبل الأجيال القادمة ما يفوق الوصف وما دامت الجهود المطروحة يتوفر لها حظ من النجاح لا يمكن إهماله فإنه يجب الكف عن كل ما يسبب نزف الدماء وهدر الأموال والطاقات فبالرغم من كون المنطقة من أغنى بقاع الأرض بثرواتها المختلفة فإنه لا يوجد أيضا أحوج منها إلى الإستقرار والتنمية والإعمارلتجاوز الوضع البائس اجتماعيا واقتصاديا .
#سنان_أحمد_حقّي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
وفاءٌ كسر قلوبنا جميعا!
-
زها حديد..عبقريّة متعاظمة!
-
بلادٌ بظفائر سوداء ..وشرائط حمراء ..وياقات بيضاء منشاة!
-
وطني الغالي ..ما أحوجك إلى تعاطف وتعاون العالم أجمع!
-
ليلة أن هجمت قبائل التوتسي!
-
هوامش على مقال إنصاف مناطق الجنوب
-
السوناتة النقديّة..!
-
الصبر جميل!
-
هل من فضائيّة متخصّصة في الموسيقى العالميّة!؟
-
تخطيط حضري وإقليمي ! ..لا تخصيص مبالغ وتوقيع مشاريع!
-
آفاق الإشتراكيّة
-
فنطازيا الغش!
-
عودةٌ إلى الواقع الحضري والإقليمي!
-
مجرد المساس بقدسيّة قوانين السوق لا يعني الإشتراكية!
-
ماهي مؤشرات ومعالم تلاشي شبح الحرب الأهليّة؟!
-
هل أن شعوبنا لا تقرأ.. حقاً؟
-
خصخصة Χ عمعمة
-
تحسين الأداء من أهم دعائم النزاهة ومواجهة الفساد!
-
ثقافة الفساد
-
أضواء على جوانب من الواقع الحضري والإقليمي العراقي
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
لمحات من تاريخ اتفاقات السلام
/ المنصور جعفر
-
كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين)
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل
/ رشيد غويلب
-
الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه
...
/ عباس عبود سالم
-
البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت
...
/ عبد الحسين شعبان
-
المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية
/ خالد الخالدي
-
إشكالية العلاقة بين الدين والعنف
/ محمد عمارة تقي الدين
-
سيناء حيث أنا . سنوات التيه
/ أشرف العناني
-
الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل
...
/ محمد عبد الشفيع عيسى
-
الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير
...
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|