أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي سالم - سبعة عشر إنجليزياً مسموماً / قصة غابريل غارسيا ماركيز















المزيد.....



سبعة عشر إنجليزياً مسموماً / قصة غابريل غارسيا ماركيز


علي سالم

الحوار المتمدن-العدد: 2511 - 2008 / 12 / 30 - 07:29
المحور: الادب والفن
    



ترجمة علي سالم عن الانكليزية
عن مجموعة
Strange Pilgrims
الصادرة عن دار
Jonathan Cape London 1993.
ترجمة : علي سالم
هذة ترجمة ثانية لقصة من قصص ماركيز وهي واحدة من اثنتي عشر قصة كتبها ماركيز بعنوان "حجاج غرباء " وقد تُرجمت هذة المجموعة من قبل الاستاذ صالح علماني الى العربية بعنوان اثنتا عشرة قصة قصيرة مهاجرة ونُشرت الترجمة في طبعتها الاولى عام ١٩٩٣ عن دار الأهالي للطباعة والنشر والتوزيع في دمشق ولا أدري عن أي لغة تمت . لقد أطلعت على ترجمة السيد علماني ، لكني أقدم ترجمتي هذة عن الأنكليزية ،
سبعة عشر إنجليزياً مسموماً
غابريل غارسيا ماركيز
الشيء الأول الذي لاحظتة السنيورة برودنثيا لينيرو عندما وصلت ميناء نابولي هو رائحتة التي ذكرتها برائحة ميناء ريوهاشا . وبالطبع لم تخبر أحداً بذلك ، لأن لاأحد من ركاب تلك الباخرة الخطية العجوز من طليان بوينس آيريس العائدين لرؤية وطنهم الأم ، لأول مرة منذ الحرب ، والذين تكاد الباخرة تفيض بهم ، كان سيفهم مغزى ملاحظتها هذة ، لكنها على أي حال ، رغم عمرها البالغ إثنان وسبعون عاماً ، ورغم السفرة الطويلة التي أستمرت لثمانية عشر يوماً متواصلة في بحار عاتية بعيداً عن أهلها وبيتها ، شعرت بأنها كانت أقل وحدة ، وأقل خوفاً ونأياً .
كانت أضواء اليابسة قد برزت للعيان منذ الفجر . وكان المسافرون قد غادروا أسرّتهم في وقت أبكر من الوقت المعتاد ، مرتدين ثياباً جديدة ، وقلوبهم مثقلة بشكوك النزول على الشاطيء ، بحيث بدا لهم الأحد الفائت الذي أمضوة على متن السفينة وكأنة اليوم الوحيد الحقيقي في الرحلة كلها . كانت السنيورة برودنثيا لينيرو من القلائل الذين حضروا القداس . وخلافاً للثياب الشبيهة بثياب الحداد التي أرتدتها من قبل ، لتقوم بجولة حول السفينة ، أرتدت اليوم ثوباً من التُنك الأسمر الغليظ مزنراً بحبل القديس فرانسس ، و نعلين جلديين خشنين لايشبهان نعلي حاج ، فقط لانهما كانا جديدين تماماً . كانت تلك الثياب تمثل بادرة شكر مبكرة للرب تعبيراً عن العهد الذي قطعتة على نفسها أمامة بإرتداء مسوح الراهبات بقية حياتها لو حقق لها أمنيتها بالسفر الى روما لرؤية الحبر الأعظم ، و الآن تعتبر إن الرب قد أستجاب لها و بارك لها تلك الأمنية بالفعل . عند نهاية القداس أوقدت شمعة الى الروح القدس عرفاناً بالجميل على إلهامها الشجاعة التي مكنتها من تحمل أنواء البحر الكاريبي ، وصلت لكل طفل من أطفالها التسعة وأحفادها الأربعة عشر الذين كانوا يحلمون بها في تلك اللحظة بالذات ، في ليلة من ليالي ريوهاشا العاصفة .
عندما صعدت الى سطح المركب بعد الفطور ، كانت الحياة قد تغيرت على ظهر السفينة . كان العفش مكوماً في صالة الرقص ، الى جانب جميع أنواع الحقائب السياحية التي إبتاعها الطليان في أسواق الأنتيل السحرية ، وفوق بار البهو جلس قرد من فصيلة المكاك جُلب من برنام بوكو داخل قفصة الحديدي . كان صباحاً رائعاً من صباحات أوائل أغسطس / آب . واحداً من صباحات تلك الآحاد الصيفية المثالية لفترة مابعد الحرب التي كان فيها الضوء يشبة إلهاماً يومياً . تقدمت السفينة الهائلة بتؤدة ، وبأنفاس متقطعة كأنفاس رجل مريض ، خلال الماء الساكن الشفاف . ولاح في الأفق الحصن الكئيب لأدواق أنجو ، وظن الركاب الذين تجمعوا على السطح أنهم تعرفوا من جديد على أماكنهم المألوفة ، فأخذو يشيرون اليها حتى قبل أن يكونوا قد رأوها تماماً ، وهم يصيحون فرحين بلهجاتهم الجنوبية . أما السنيورة برودينسيا لنيرو ، التي كسبت الكثير من الأصدقاء العجائز الأعزاء على المركب ، وكانت تتبرع برعاية الأطفال الذين يذهب آبائهم للرقص ، حتى انهم قامت بخياطة أحد أزرار بدلة الضابط الأول ، فقد وجدت ، لدهشتها ، ان جميع أصدقائها قد أصبحوا غرباء وبعيدين . وأحست بإن الروح الإجتماعية والدفء الإنساني اللذين سمحا لها بتجاوز مشاعر حنينها الاولى تحت حرارة المدار الخانقة قد أختفيا الآن . وهاهي تشهد بمجرد أن ظهر الميناء للعيان كيف تنتهي قصص الحب والصداقات الأبدية التي تُنسج في أعالي البحار. ظنت السنيورة برودنثيا لينيرو ، التي لم تكن معتادة على طبيعة الطليان المهذارة ، إن المشكلة لاتكمن في نفوس الآخرين بل في نفسها هي بالذات ، لأنها كانت الوحيدة التي تسافر بلا رفيق مع هذا الحشد العائد الى أرض الوطن . وفكرت وهي تشعر للمرة الأولى بذلك الألم المبرح الذي يصاحب إدراك المرء لغربتة المفاجئة بأن أي رحلة أخرى لابد أن تكون مثل هذة . أتكئت على الحاجز وأخذت تفكر بمخلفات الكثير من العوالم المنقرضة المترسبة في أعماق المياة . فجأة أفزعتها بصرخة مرعبة فتاة جميلة جداً تقف الى جانبها:
Mamma mia
صرخت الفتاة مشيرة الى الأسفل ، أنظري هناك
لقد كان رجلاً غريقاً . رأتة السنيورة برودنثيا لينيرو يطفو على ظهرة ، رجل ناضج ، أصلع ، ذو مهابة طبيعية نادرة ، عيناة المفتوحتان السعيدتان لهما لون السماء في الفجر . كان يرتدي بدلة سهرة كاملة مع صديري مقصب ، وحذاء جلد مفصل خصيصاً لة ، وفي طية سترتة كان ثمة زهرة يانعة . في يدة اليمنى كان يمسك علبة صغيرة مربعة ملفوفة بورق هدايا ، وأصابعة الحديدية الشاحبة متمسكة بمقدم السفينة ، وهو الشيء الوحيد الذي أتيح لة التمسك بة لحظة موتة .
لابد انة سقط من حفلة عرس قال أحد ضباط السفينة يحدث هذا الشيء كثيراً في هذة المياة أيام الصيف .
لقد كان مشهداً عابراً ، لأنهم في تلك اللحظة بالذات كانوا يدخلون المرفأ ، حيث شرعت أمور أخرى أقل مأساوية تستحوذ على أهتمام الركاب . لكن السنيورة برودنثيا لينيرو ظلت تفكر بالرجل الغريق ، الرجل الغريق المسكين ، الذي كان ذيل سترتة الطويلة يتموج في فورة الماء الخارجة من تحت السفينة .
تقدم قارب سحب عتيق ، حالما دخلت السفينة الى المرفأ ، وأقتادها من أنفها عبر متاهة من حطام مراكب عسكرية دُمرتها الحرب . وعندما شقت السفينة طريقها عبر غابة الهياكل الصدئة ،أخذ الماء يستحيل زيتاً ، وأصبحت الحرارة أشد حتى من حرارة ريوهاشا في الثانية بعد الظهر . وبرزت المدينة على الجانب الآخر من القنال الضيق ، متألقة تحت شمس الضحى بقصورها الخيالية وبيوتها العتيقة الملونة المكدسة فوق التلال . في هذة اللحظة إنبعثت من القعر المضطرب رائحة عفن شديدة ، ذكّرت السنيورة برودنثيا لينيرو برائحة السراطين النتنة المنبعثة من فناء دارها .
وبينما كانت هذة المناورة تجري ، ميّز الركاب الذين كادوا يطيرون من الفرح أقاربهم وسط الحشد الذي تجمع على رصيف الميناء . و معظم هولاء الأقارب كن سيدات في خريف العمر ذوات صدور ضخمة ، يرتدين ثياب حداد سوداء تكاد تخنقهن ويملكن أكثر الأطفال جمالاً وعدداً في العالم . الى جانبهن كان يقف أزواج صغار الأجسام ، يقظون ، من النوع الخالد الذي يقرأ الصحف بعد فراغ الزوجات منها ، والذي يتلفع دوماً بثياب رسمية صارمة كثياب كتاب العدل ، رغم أنف الحرارة .
في وسط هذا الهرج الكرنفالي قام رجل عجوز يرتدي معطفاً قذراً ولة وجه يتجاوز بؤسة حدود المواساة باخراج حفنة كبيرة من كتاكيت الدجاج الصغيرة من جيبية بكلتا يدية . وفي لحظة غطت الكتاكيت كامل الرصيف ، مهتاجة وموصوصة ، وبسبب كونها كتاكيت سحرية فقد نجا العديد منها وواصل جرية حتى بعد وطئها بأقدام الحشد الذي لم يكن منتبهاً لهذة المعجزة . قلب الساحر قبعتة ووضعها على الأرض ، لكن لاأحد من الواقفين عند الحاجز قذفة بقطعة نقد واحدة ، ولو على سبيل الإحسان .
أفتتنت السنيورة برودنثيا لينيرو بغرابة هذا العرض العجيب الذي بدا وكأنة كان يقدم على شرفها ، لأنها الوحيدة التي قدرتة حق قدرة ، ونتيجة لإنشغلها بالعرض لم تنتبة للحظة التي أنزلوا فيها معبر النزول الذي أحتلة على الفور سيل بشري إنهال على السفينة بزخم مدو كزخم هجوم قرصاني . أصابها صوت الإبتهاج الجامح هذا ورائحة البصل الزنخة المنبعثة تحت وطأة القيظ من أفواة العديد من العوائل ، بالدوار ، ووجدت نفسها تُدفع هنا وهناك من قبل زمر من الحمالين المتنافسين على نقل العفش لحد تبادل اللطمات . وشعرت بأن الموت الشائن الذي كان يتهدد الكتاكيت الصغار على الرصيف كان يستهدفها هي أيضاَ ، فجلست على صندوق ثيابها الخشبي ذو الزوايا المعدنية المطلية غير آبهة بشيء ، وشرعت ترتل سلسلة من الصلوات الحميمة لحمايتها من الغواية والأخطار في هذة الأرض التي فقدت إيمانها . عندما أنحسر المد البشري وجدها الضابط الأول تجلس وحيدة في صالة الرقص المهجورة .
لايسمح لأحد بالبقاء هنا الآن قال لها الضابط بود حقيقي . هل تسمحيلي في المساعدة بشيء ؟ .
قالت يجب علي إنتظار القنصل
كان ذلك صحيحاً . فقبل يومين من إبحارها ، أرسل إبنها البكر برقية لصديقة قنصل نابولي ، راجياً منة ملاقاة والدتة في الميناء ومساعدتها في إتمام إجراءات الدخول لكي تواصل مسيرها الى روما ، ذاكراً لة أسم السفينة ووقت وصولها ، وإمكانية التعرف على أمة لأنها ستكون مرتدية مسوح القديس فرانسس عند وصول سفينتها الى المرسى . لقد كانت متمسكة جداً بهذة الترتيبات بحيث لم يجد القبطان بداً من تركها تنتظر لفترة أطول ، رغم إقتراب موعد غداء أفراد الطاقم ، الذين شرعوا فعلاً بوضع الكراسي على الطاولات و بدأوا بغسل الأرضية بجرادل الماء ، مضطرين لتحريك صندوق ثيابها عدة مرات لمواصلة العمل ، لكنها كانت تغير مكانها كلما طلبوا منها ذلك دون أن يطرأ أي تغيير على تعابير وجهها ، ودون أن تقطع صلواتها ، حتى أخرجوها أخيراَ من صالة الإستجمام وتركوها تجلس في وهج الشمس وسط قوارب الإنقاذ . وهناك وجدها الضابط الأول للمرة الثانية غارقة في عرقها داخل مسوح التوبة مرددة صلواتها دون أمل لأنها كانت تشعر بالخوف والحزن ، سلاحيها الوحيدين الذين كانت تدرأ بهما الإنخراط في البكاء .
قال الضابط وقد تبخرت من وجهة ملامح الود كلياُ من الغير المجدي بالنسبة لك الإستمرار في الصلاة ، فحتى الرب نفسة يذهب في أجازة أيام أغسطس
ثم قال لها بأن نصف ايطاليا في هذا الوقت من العام تذهب الى الساحل ، خصوصاً أيام الأحد . و إن القنصل لم يذهب على الأرجح في أجازة ، نظراً لطبيعة عملة ، لكن من المؤكد إنة لن يفتح مكتبة حتى يوم الاثنين . إذن الشيء الوحيد المعقول هو النزول في فندق ، والنوم جيداً لليلة واحدة ، ثم الإتصال بة تلفونياً في اليوم التالي ؛ ولاشك أن نمرتة موجودة في دفتر التلفونات . لم تكن السنيورة برودنثيا لينيرو تملك أي خيار غير القبول بقرار الضابط الأول الذي ساعدها في إجراءات الهجرة والكمارك وتبديل النقود ووضعها في سيارة أجرة ، مقدماً للسائق تعليمات غامضة حول ضرورة أخذها الى فندق محترم .
شرعت سيارة الأجرة التي لاتزال تحمل آثار حياتها السابقة كعربة لنقل الموتى في السير مترنحة داخل الشوارع المهجورة . وظنت السنيورة برودنثيا لينورا للحظة إنها والسائق كانا آخر من بقي على قيد الحياة في هذة المدينة المهجورة التي تتدلى أشباحها من حبال الغسيل المنتشرة وسط الشارع ، لكنها فكرت أيضاً بأن الرجل أذا كان ثرثاراً ولايتوقف لحظة عن الكلام بقوة وحرارة ، كهذا السائق ، فلن يكون لدية الوقت الكاف للتفكير بإيذاء سيدة عجوز وحيدة جازفت بحياتها وتحملت أهوال المحيط من أجل رؤية الحبر الأعظم .
لاح لها البحر ثانية عندما وصلا الى نهاية هذة المتاهة من الشوارع . وواصلت سيارة الأجرة ترنحها على طول الساحل المهجور المشتعل المبقع بالعديد من الفنادق الصغيرة المطلية بألوان زاهية . لكن السيارة لم تتوقف أمام أي منها ، بل واصلت السير قدماً لتتوقف أمام فندق تلوح علية مسحة من الرصانة ، ينتصب داخل حديقة عامة فيها أشجار نخيل عالية ومصاطب خضراء . وضع السائق صندوق الثياب على الطوار المظلل ، و قال عندما شاهد التردد على وجة السنيورة برودنثيا لينورا ، بأن هذا الفندق من أكثر فنادق نابولي إحتشاماً .
رفع حمال وسيم ، طيب القلب صندوق الثياب على كتفية وتولى مهمة العناية بها . وقادها الى مصعد ذو باب حديدي مشبك أضيف بشكل مرتجل الى بئر السلم ، وأنطلق يغني بأعلى صوتة وباصرار مفزع لحناً لبوتشيني . لقد كانت البناية مهيبة ، وتحتوي على فندق مختلف في كل طابق من طوابقها التسعة المرممة حديثاً . فجأة ، وبنوع من الهلوسة ، شعرت السنيورة برودنثيا لينيرو داخل المصعد بأنها محصورة داخل قن للدجاج يصعد ببطء وسط اصداء فراغ السلم المرمرية ، ملتقطاً ومضات عابرة لنزلاء الطوابق الأخرى في شققهم وهم في أكثر لحظات غفلتهم حميمية ، بسراويلهم الداخلية الممزقة وصوت تجشئاتهم الفائحة بالحموضة . عندما وصلا الطابق الثالث توقف المصعد مرتجاً ، ثم توقف عامل الفندق عن الغناء ، وفتح باب المصعد الحديدي المشبك القابل للطي وأشار بحركة توقير مسرحية موضحاً للسنيورة برودنثيا لينيرو أنهما وصلا الى شقتها .
في الردهة شاهدت مراهقاً يجلس بتكاسل خلف مكتب خشبي مطعم بزجاج ملون ، ونباتات ظلية في أصص من النحاس . وأحبتة على الفور لأنة كان يشبة حفيدها الأصغر بخصلات شعرة الملائكية المجعدة . وأحبت أسم الفندق ، المحفورة حروفة على لوحة برونزية ، واحبت رائحة حمض الكاربوليك ، وأحبت أغصان السرخس المتدلية ، أحبت الصمت ، أحبت زهور الزنبق التي كانت تزين ورق الجدران . ثم خطت خارج المصعد ، وأنكمش قلبها عندما شاهدت مجموعة من السياح الأنكليز يرتدون بناطيل قصيرة وينتعلون صنادل خفيفة من النوع الذي يرتدية السياح على الشواطيء يغطون في النوم على صف طويل من الكراسي . كانوا سبعة عشر سائحاً ، يجلسون بشكل متماثل ، وكأنهم شخص واحد متكرر عدة مرات في ردهة للمرايا المتقابلة . مسحتهم السنيورة برودنثيا جميعاً بنظرة سريعة واحدة دون أن تفلح في تمييز أحدهما عن الآخر ، وكل مارأتة كان طابور من الركب الوردية الشبيهة بشرائح لحم خنزير معلقة في محل جزارة . فأحجمت عن التقدم خطوة ثانية نحو طاولة إستقبال الفندق ، وتراجعت الى داخل المصعد ، قائلة : دعنا نذهب الى طابق آخر .
قال عامل الفندق لكن هذا هو الفندق الوحيد الذي يحتوي على مطعم
قالت لايهم
أومأ العامل موافقاً ، وأغلق المصعد ، وشرع في غناء ماتبقى من الأغنية حتى توقفا عند الطابق الخامس . هنا بدا كل شيء أقل صرامة ، والمالكة كانت سيدة ذات سحنة ربيعية تتحدث الإسبانية بطلاقة ، ولم يكن ثمة أحد ينام القيلولة على الكراسي الموجودة في الردهة . لكن لم يكن هناك غرفة للطعام في الواقع ، ولحل هذة المشكلة كان الفندق متفقاً مع أحد المطاعم لتزويد زبائنة بالطعام لقاء أجر زهيد . وهكذا قررت السنيورة برودنثيا لينيرو المبيت لليلة واحدة ، بعد أن أقنعتها فصاحة سيدة الفندق ولطف شمائلها بالبقاء ، بنفس القدر الذي أقنعها أحساسها بالأرتياح لعدم وجود أنجليزي واحد أحمر الركبتين ينام في الردهة .
في الثالثة بعد الظهر أُغلقتْ الستائر في غرفة نومها ، وأمتصت العتمة الخفيفة داخل الغرفة الصمت البارد المنبعث من أيكة خفية ، وأصبح المكان مهيأً للبكاء . وحالما وجدت السنيورة برودنثيا لينيرو نفسها وحدها سارعت الى غلق الباب بالرتاج ، وتبولت للمرة الأولى منذ الصباح ، مطلقةً خيطاً مائياً رفيعاً متردداً ، جعلها تستعيد الإحساس بهويتها التي أضاعتها خلال الرحلة . ثم تمددت على جنبها الأيسر على السرير المزدوج الذي كان واسعاً جداً وموحشاً بالنسبة لإمرأة وحيدة ، وقامت بإطلاق سيل آخر من دموع طال إحتباسها .
لم تكن هذة هي المرة الاولى التي تغادر فيها ريوهاشا وحسب ، بل واحدة من المناسبات القليلة التي تركت فيها بيتها بعد زواج أبنائها ومغادرتهم للبيت ، تاركينها للعيش وحيدة مع خادمتين هنديتين حافيتين للعناية بجسد زوجها الغاط في غيبوبة أبدية . لقد أمضت نصف عمرها داخل غرفة النوم قبالة ذلك الحطام البشري العائد للرجل الوحيد الذي منحتة حبها ، والذي ظل غائباً عن الوعي قرابة الثلاثين سنة ، فوق حشية من جلد الماعز كانت تحتل السرير الذي شهد غرامياتهما الحميمة أيام الشباب .
وخلال شهر أكتوبر المنصرم ، فتح العليل عينية في ومضة صحو مفاجئة ، وتعرف على عائلتة ، وطلب منهم جلب مصور . وجلبوا مصوراً عجوزاً من الحديقة حاملاً كاميرتة ذات الردن الأسود ولوحة مغنيسيوم لإلتقاط الصور في البيت . وقام الرجل المريض بترتيب الصور بنفسة وقال ، واحدة لبرودنثيا من أجل الحب والسعادة التي منحتهما إياي في حياتي ، وألتُقطت هذة الصورة بأول ومضة للمغنيسيوم . ثم قال والآن صورتان أخريان لبنتي العزيزتين ، برودنثيا وناتاليا . والتقطت الصورتين. والآن صورتين أخريين لولدي ، اللذان أصبحا بحنانهما وسداد رأيهما مثالاً لجميع أفراد العائلة وهكذا دواليك حتى نفذ ورق التصوير وأضطر المصور الى أن يهرع الى بيتة لجلب المزيد منة . وفي الساعة الرابعة عندما أمتلأت الغرفة بدخان المغنيسيوم وبضجيج الحشد المؤلف من الأقارب والأصدقاء والمعارف الذين تدفقوا على المكان للحصول على نسخة من الصور أصبح الهواء داخل الغرفة غير صالح للتنفس ، وبدأ الرجل العليل يفقد الوعي فوق سريرة ، وأخذ يلوح للجميع مودعاً وكأنة يقوم بمسح نفسة من صفحة الوجود وهو يقف على حاجز سفينة .
لم يجلب موتة الراحة لقلب الأرملة كما كان يأمل الجميع . بل على العكس فقد سبب لها حزناً شديداً جعل أبنائها يجتمون ليروا كيف يمكن لهم مواساتها ، قالت لهم إنها ترغب بالسفر الى روما لمقابلة البابا
سأذهب لوحدي وسأرتدي مسوح القديس فرانسيس ، لقد نذرت لة نذرا ً
لم يبق لها من كل تلك السنين الطوال التي قضتها في السهر والرعاية غير الراحة والعزاء اللذان يمنحمهما البكاء . وعلى السفينة ، عندما أضطرت الى مشاركة أختين من الطائفة الكلاريسية * نفس الغرفة قبل أن تغادرا السفينة في مرسيليا ، كانت تقضي في الحمام وقتاً أطول من المعتاد ليتسنى لها البكاء دون رقيب . وبالنتيجة فقد كانت غرفة الفندق في نابولي المكان الوحيد المناسب الذي عثرت علية منذ مغادرتها لريوهاشا حيث يمكنها البكاء ماشاء لها ذلك حتى تتسلل الراحة الى قلبها . و كان يمكن أن تواصل البكاء حتى اليوم التالي، لولا مجيء صاحبة الفندق وقرعها الباب في السابعة ، موعد مغادرة القطار الى روما ، لتخبرها بأنها لن تجد ماتأكلة إن لم تنزل حالاً الى المطعم .
رافقها عامل الفندق . وفي هذة اللحظة كان نسيم منعش قد بدأ يهب من البحر، وعلى الشاطيء كان بعض السابحين لازالوا يتجولون تحت تحت شمس الصباح الشاحبة . تبعت السنيورة برودنثيا لينيرو عامل الفندق الذي سار بها في شوارع منحدرة ضيقة ذات أرض قاسية كانت تستيقظ للتو من قيلولة يوم الأحد ، لتجد نفسها داخل تعريشة مظللة تستقر تحتها طاولات مغطاة بقماش مقصب بخطوط حمراء وجرار أُنبتت فيها زهور ورقية . كان المطعم خالياً من الزبائن في تلك الساعة المبكرة من النهار وكان الوحيدون الذين شاركوها الطعام هم الخدم والخادمات وقس معدم كان يتناول خبزاً وبصلاً على طاولة سوداء . عندما دخلت شعرت بعيون الجميع تستقر على ردائها البني ، لكن ذلك لم يؤثر بها ، لأنها كانت تعرف بأن السخرية كانت جزء من كفارتها . من جانب آخر أثارت الخادمة إحساسها بالشفقة ، لأنها كانت شقراء وجميلة ، وتتكلم كما لو كانت تغني . وفكرت السنيورة برودنثيا لينيرو بأن الأوضاع في إيطاليا بعد الحرب كانت لابد سيئة جداً وإلا لما أضطرت فتاة مثلها للخدمة في مطعم . لكنها شعرت بالراحة تحت التعريشة المزهرة ، وأيقظت نكهة المرق المطهي بورق الكستناء المنبعثة من المطبخ إحساسها بالجوع الذي أجلتة متاعب و قلق ذلك اليوم . وأحست للمرة الأولى منذ زمن طويل بأنها لم تكن راغبة بالبكاء . ومع ذلك لم تتمكن من الأكل كما كانت تشتهي ، لأنها من ناحية لم تكن قادرة على التفاهم مع الخادمة الشقراء ، رغم ماأبدتة الأخيرة من حنان وصبر ، ومن ناحية أخرى لأن اللحم الوحيد المتوفر في المطعم هو لحم الطيور الصغيرة المغردة التي يربونها داخل الأقفاص في ريوهاشا . حاول القس الذي كان يلتهم طعامة في الزاوية ، والذي ترجم لها فيمابعد ، أن يفهمها بأن حالة الطواريء في اوربا لم تنته بعد ، وبأن وجود عدد قليل من طيور الغابات صالح للأكل يعد على الأقل معجزة بحد ذاتة . لكنها أبت أن تأكل و دفعت بالطعام بعيداً .
وقالت بالنسبة لي سيكون الأمر مثل إلتهام واحداً من أبنائي .
وأنتهى بها الأمر الى تناول حساء من الشعرية ، وصحن من القرع المطبوخ مع شرائح صغيرة من لحم الخنزير المقدد الزنخة ، وقطعة خبز صلبة كالرخام . وبينما كانت تأكل، أقترب القس من طاولتها وطلب منها أن تشتري لة قدح من الشاي على سبيل الإحسان . كان قساً يوغسلافياً عاش شطراً من حياتة مبشراً في بوليفيا ، وكان ينطق الإسبانية بطريقة خرقاء ، معبرة . وبدا للسنيورة برودنثيا لينيرو مجرد شخص عادي لايحمل محياة أي أثر للإنغماس في الحياة الروحية ، مستدلة على ذلك من يدية المخزيتين وأظافرة المهشمة القذرة ، ورائحة البصل العنيدة في أنفاسة والتي بدت على الأرجح كجزءأً لايتجزأ من شخصيتة . لكنة كان يعمل في خدمة الرب ، على أي حال ، وكان من دواعي سرورها كذلك ، وهي على هذا البعد السحيق عن الوطن ، أن تقابل إنساناً تستطيع التحدث إلية . تحدثا على مهل ، غير منتبهين لضجة الفناء العالية التي أخذت تطوقهم عندما أخذ المزيد من الزبائن يشغل الطاولات الأخرى المجاورة . كانت السنيورة برودنثيا لينيرو قد توصلت الى إتخاذ قرار قاطع يتلخص في عدم حبها لايطاليا . ولايعود السبب في ذلك الى كون رجالها غير محتشمين بعض الشيء ، وهو أمر يعني الكثير ، أو لأنهم كانوا يلتهمون الطيورالمغردة ، وهو أمر لايمكنها قبولة ، بل بسبب عادتهم الشريرة في ترك الغرقى يطفون على الماء .
أما القس الذي كان قد طلب على حسابها كأساً من شراب الغرابا وقهوة ، فقد حاول أن يوضح لها سطحية رأيها بالإيطاليين ، لأنهم أسسوا خلال الحرب نظاماً فعالاً جداً للإنقاذ والتعرف على ضحايا الغرق الذين يُعثر عليهم طافين في خليج نابولي ودفنهم في رحم الأرض المقدسة . وختم القس حديثة قائلاً قبل قرون إكتشف الايطاليون بأن الحياة تُعاش مرة واحدة ، لذا ترينهم يفعلون مابوسعهم لكي يحققوا ذلك على أكمل وجة . لقد جعلهم هذا الإكتشاف حريصين وثرثارين ، لكنة طهرهم أيضاً من أدران القسوة .
قالت إنهم لم يبادروا حتى الى إيقاف السفينة .
قال القس مايفعلونة عادة هو الإتصال بسلطات الميناء عبر الراديو . سيكونون قد التقطوة الآن ودفنوة بإسم الرب .
بدّل النقاش مزاجيهما . وفي اللحظة التي أنهت فيها السنيورة برودنثيا لينيرو طعامها ، إنتبهت الى أن جميع الطاولات أصبحت مشغولة . وشاهدت على الطاولات القريبة ، سواح شبة عراة يلتهمون الطعام بصمت ، وبينهم بعض العشاق الذين كانوا يتبادلون القبل ولايأكلون . وفي الطاولات الخلفية ، القريبة من البار ، كان أبناء الحي يلعبون النرد ويحتسون نبيذاً شفافاً . وفهمت السنيورة برودنثيا لينيرو بأنها كانت تملك سبباً واحداً فقط لوجودها في هذا البلد الكرية.
سألتة هل تعتقد إن رؤية البابا ستكون صعبة جداً ؟
ورد القس قائلاً بأن لاشيء أسهل من ذلك في الصيف . لقد كان البابا في الفاتيكان في قلعة غوندولفو ، وفي أماسي الأربعاء كان يلقي بموعظة جماعية لجموع الحجاج الوافدين من شتى أنحاء العالم . وكان رسم الدخول زهيداً جداً : عشرون ليرة فقط .
سألتة وكم يتقاضى لقاء الإستماع الى إعترافات شخص ما ؟
قال القس مفزوعاً الأب المقدس لايسمع الإعترافات ، عدا إعترافات الملوك طبعاً .
قالت لاأدري لماذا يحرم عجوز مسكينة من تلك المنة التي تجشمت لأجلها كل هذا العناء
قال القس وبعض الملوك ، رغم كونهم ملوكاً ، يموتون من فرط الإنتظار . لكن أخبريني هل إن خطيئتك كبيرة الى الحد الذي يدعوك الى هذا السفر الطويل لوحدك لمجرد الإعتراف أمام قداسة البابا .
فكرت السنيورة برودنثيا لينورا قليلاً ، وشاهد القس إبتسامتها للمرة الاولى .
قالت ياأم الرب ، سأرضى بمجرد النظر الية . ثم أضافت بإشارة بدت نابعة من روحها إنة الحلم الذي أنتظرتة طوال حياتي .
في الحقيقة كانت لاتزال تشعر بالخوف والتعاسة ، وكل ماكانت تطلبة هو أن تغادر دون إبطاء المطعم ، وإيطاليا على السواء . ويبدو أن الراهب فكر بأنة لن ينال من هذة العجوز المخدوعة أكثر مما نال ، فقرر تركها متمنياً لها حظاً طيباً وذهب الى طاولة أخرى ليستجدي بإسم الإحسان كوباً آخراً من القهوة .
عندما خرجت من المطعم ، وجدت السنيورة برودنثيا لينيرو نفسها في مدينة أخرى مختلفة . أدهشتها أشعة شمس التاسعة ، وأخافها الحشد الصاخب الذي أحتل الشوارع وحرمها من سلوى التمتع بنسيم المساء . لقد شعرت بأن الحياة مستحيلة وسط كل هذة الدراجات النارية من نوع فيسبا التي كانت تهدر بجنون ، والتي يقودها رجال عراة الصدور مع نسائهم الجميلات الجالسات خلفهم ، المتشبثات بخصورهم . كانوا يجعلون الدراجات تثب فجأة ، وهم ينطلقون بها متمايلين وسط لحوم الخنازير المعلقة وبسطات البطيخ . كان جواً كرنفالياً ، لكنة بالنسبة للسنيورة برودنثيا لينيرو كان كارثياً . فظلّت طريقها ، ووجدت نفسها فجأة في شارع غير مناسب تجلس فية نسوة صامتات على عتبات بيوت متشابهة وامضة بمصابيح حمراء جعلتها ترتجف ذعراٌ . تبعها مسافة عدة بنايات رجل أنيق يرتدي خاتماً ذهبياً ثقيلاً ويضع ماسة في ربطة عنقة وقال لها شيئاً بالإيطالية ، ثم بالانكليزية والفرنسية . وعندما لم يستلم منها رداً ، أراها بطاقة بريدية من علبة إستلها من جيبة ، وبلمحة سريعة لتلك البطاقة شعرت إنها كانت تجوس في دروب الجحيم .
فرت فزعة ، وفي نهاية الشارع عثرت ثانية على البحر الشفقي وشمت نفس رائحة المحار المتفسخ العطنة الشبيهة برائحة ميناء ريوهاشا فأحست بالسكينة تعود الى قلبها المضطرب . وميزت ثانية نفس الفنادق الملونة الموجودة على طول الشاطيء المهجور ، و‘ تكسيات ‘ المآتم ، وماسة أول نجم يظهر في السماء الشاسعة . وفي الطرف القصي للخليج ، ميزت سفينتها التي أبحرت على متنها ، تجثم وحيدة وعملاقة عند رصيف المرفأ ، متوهجة بالأنوار في جميع طوابقها ، وشعرت بأنها لاترتبط بها بأي صلة . إنحرفت نحو اليسار عند المنعطف لكنها عجزت عن الإستمرار بسبب وجود حشد أوقفتة شرطة الكاربينيري. وكان هناك صف من سيارات الإسعاف يقف منتظراً بأبواب مفتوحة خارج بناية فندقها .
وقفت السنيورة برودنثيا لينيرو على أطراف أصابعها لتنظر من خلف أكتاف المتجمهرين ، وشاهدت السياح الانكليز ثانية . كانوا يُحملون الى الخارج على نقالات ، واحداً تلو الآخر ، وجميعهم بلا حراك وفي وجوههم تلوح سيماء من الجلال ولايزالون يشبهون رجلاً واحداً مكرراً عدة مرات في ثيابهم الأكثر رسمية التي أرتدوها لتناول العشاء ؛ وهي سراويل من الفلانيل ، وربطات عنق مزينة بخطوط مائلة ، وسترات داكنة اللون مطرزة على جيب الصدر بشعار النبالة العائد لترينيتي كوليج . عندما كانوا يخرجونهم ، كان الجيران الذين يراقبون المشهد من الشرفات ، و الناس الذين مُنعوا من الإقتراب ، يعدونهم في آن واحد كما لوكانوا موجودين في ملعب كرة قدم . لقد كانوا سبعة عشر . وضعوهم إثنين إثنين في سيارات الإسعاف التي إنطلقت بهم على صوت صفاراتها الحربية .
دخلت السنيورة برودنثيا لينيرو المصعد ، بعد أن صعقها ماشهدتة من أحداث ، وأنحشرت مع نزلاء الفنادق الأخرى الذين كانوا يهدرون بلغات عصية على الفهم . وبعد تفرقهم في جميع الطواق عدا الطابق الثالث ، الذي كان مفتوحاً ومضاءاً ، لكن لم يكن فية أحد خلف طاولة الإستقبال أو على كراسي الردهة حيث شاهدت الركب الوردية للانكليز السبعة عشر النائمين . علقت مالكة الطابق الخامس على الكارثة بعاطفة مشبوبة ، قائلة للسنيورة برودنثيا لينيرو بالإسبانية لقد ماتوا جميعاً . لقد سممهم حساء المحار الذي تناولوة على العشاء . تخيلي ، محار في أغسطس !
ناولتها مفتاح غرفتها ، ولم تعرها مزيد من الإهتمام وراحت تقول للضيوف الآخرين بلهجتها الخاصة نظراً لعدم وجود غرفة للطعام هنا، فكل من يذهب للرقاد هنا يصحو حياً ! .
أقفلت السنيورة برودنثيا لينيرو الباب بالمزلاجين ، وهي تشعر بغصة أخرى من الدموع الحبيسة تتجمع في حنجرتها . بعد ذلك دفعت بطاولة الكتابة الصغيرة وكرسي الجلوس وصندوق ثيابها تجاة الباب ليكونوا متراساً يصعب إختراقة من قبل فضائع هذا البلد الذي تحدث فية الكثير من الأشياء دفعة واحدة . ثم أرتدت منامتها الخاصة بالأرامل ، وتمددت على ظهرها في السرير ، وتلت سبعة عشر صلاةً للإنكليز السبعة عشر المسمومين .
_____________
* طائفة كلاريس الفقيرة : طائفة من الراهبات تتفرع عن طائفة القديس فرانسيس الأسيسي و تنتسب الى سيدة من طبقة النبلاء تدعى كلاريس أو كلير الأسيسية تركت كل جاهها ومالها وعاشت حياة متقشفة كرستها للعبادة وطلب المغفرة متأثرة بالقديس فرانسيس الأسيسي .
المترجم عن الموسوعة البريطانية الميسرة .
علي سالم



#علي_سالم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصة قصيرة من النرويج
- اقنعة الوحش -قصيدة
- قصيدة نثر
- رواد الهايكو
- قصيدة الحادي
- أنطباعات عن مهرجان الفلم العراقي ,أفلام ، عزف عود، و جمهور غ ...
- أحمد مختار يستذكر ضحياً مقابر صدام الجماعية في أمسية للعود.. ...


المزيد.....




- مش هتقدر تغمض عينيك “تردد قناة روتانا سينما الجديد 2025” .. ...
- مش هتقدر تبطل ضحك “تردد قناة ميلودي أفلام 2025” .. تعرض أفلا ...
- وفاة الأديب الجنوب أفريقي بريتنباخ المناهض لنظام الفصل العنص ...
- شاهد إضاءة شجرة عيد الميلاد العملاقة في لشبونة ومليونا مصباح ...
- فيينا تضيف معرض مشترك للفنانين سعدون والعزاوي
- قدّم -دقوا على الخشب- وعمل مع سيد مكاوي.. رحيل الفنان السوري ...
- افتُتح بـ-شظية-.. ليبيا تنظم أول دورة لمهرجان الفيلم الأوروب ...
- تونس.. التراث العثماني تاريخ مشترك في المغرب العربي
- حبس المخرج عمر زهران احتياطيا بتهمة سرقة مجوهرات زوجة خالد ي ...
- تيك توك تعقد ورشة عمل في العراق لتعزيز الوعي الرقمي والثقافة ...


المزيد.....

- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي سالم - سبعة عشر إنجليزياً مسموماً / قصة غابريل غارسيا ماركيز