|
هي حرب ضد الشعب الفلسطيني كله!
جواد البشيتي
الحوار المتمدن-العدد: 2510 - 2008 / 12 / 29 - 09:34
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
موضوعياً، وحتى صباح السابع والعشرين من كانون الأول 2008، كان كل شيء يؤكِّد أنَّ الحرب الإسرائيلية "الحاسمة" ضد قطاع غزة واقعة لا محالة، وأنها إنْ لم تبدأ بعد ساعات، فإنها ستبدأ بعد بضعة أيام.
ولقد أرادت إسرائيل لحربها الجديدة أن تكون في بدايتها، أي في الضربة الأولى، نسخة من "ضربة الصدمة والترويع" التي ابتدأت بها الولايات المتحدة حربها ضد العراق، فمراكز الشرطة التابعة لحكومة "حماس" كان يجب تدميرها جميعاً، وفي زمن يقاس بالدقائق، أو ببضع ساعات، وبعشرات، إنْ لم يكن بمئات، الأطنان من القنابل والصواريخ المنطلقة من الجو والبحر، وبما يؤدي إلى ما رأيناه، ورآه العالم كله، من تلك الصور، التي يظهر فيها العشرات من المنتمين إلى تلك الشرطة في موت جماعي، إلاَّ صورة واحدة (أو بضعة صور) ما كانت إسرائيل تتوقَّع (أو ترغب في) ظهورها، وهي صورة ذلك الشرطي الجريح (والذي بدا مُشْرِفاً على الموت) وهو يرفع السبابة في يده اليمنى ناطقاً بالشهادتين، فصورة كهذه يمكن أن تكون لها مساهمة كبرى في إشعال فتيل غضب شعبي فلسطيني وعربي (وإسلامي).
توصُّلاً إلى نجاح "ضربة الصدمة والترويع"، كان لا بدَّ من خديعة إسرائيلية كبرى، يحقُّ لوزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني أن تفخر بكونها الصانع الأكبر لها، وأن تقطف ثمارها الانتخابية.
ويبدو أنَّ قيادة حركة "حماس" قد ذهبت ضحية تلك الخديعة، فثمَّة من أبلغها قبيل شنِّ الحرب أنَّ إسرائيل لن تشنها، وأنَّ الضغوط والدوافع الانتخابية هي ما يَحْمِل قادتها (في الحكومة والمعارضة) على إطالة "ألسنتهم الحربية"، وأنَّها لو قامت بعمل عسكري ضد قطاع غزة فإنَّ هذا العمل لن يكون في الحجم الذي تتحدَّث عنه.
قيادة "حماس" صدَّقَت "المعلومة الثمينة" التي ابلغوها إيَّاها، فتهيَّأ لـ "ضربة الصدمة والترويع" سبب النجاح، أو احد الأسباب المهمة لنجاحها.
لو لم تُصدِّق قيادة "حماس"، وتحلَّت بفضيلة "إساءة الظن"، لأمرت حكومتها، على ما افْتَرِض وأتوقَّع، كل أفراد الشرطة بمغادرة مراكزهم، والذهاب (في إجازة مفتوحة) إلى منازلهم. لو فعلت ذلك لأصبح من الصعوبة بمكان أن تحدث، أو أن تنجح، "ضربة الصدمة والترويع".
قبيل بدء الحرب الجديدة، أي قبل بضعة أيام من بدئها، كتبتُ الآتي: ولكن، ما هو هذا "الإنجاز الكبير" الذي يتَّفِق المتصارعون المتنافسون، وفي مقدَّمهم ليفني وباراك، على ضرورة وأهمية تحقيقه لإسرائيل.. إنَّه، في اختصار شديد، إكراه "حماس"، بالحديد والنار، وبمزيد من الحصار والضغوط، على قبول تمديد للتهدئة لا يلبي شروطها ومطالبها الأساسية، وفي مقدَّمها إنهاء الحصار الإسرائيلي المضروب على القطاع..
وقُلْت: عدا هذا "التمديد"، المكرهة "حماس" بقوى الضغط العسكري والاقتصادي.. الإسرائيلية على قبوله، والذي يستمر فيه، وبه، الحصار، ليس من "حلٍّ"، أو "خيار"، يمكن أن يجرؤ القادة الإسرائيليون على قبوله الآن، فـ "التهدئة التي يستمر فيها الحصار" هي الهدف الكامن في كل ما ستقوم به إسرائيل ضد القطاع من الآن وحتى بدء الانتخابات الإسرائيلية.
وخَتَمْتُ قائلاً: أمَّا الجدل الإسرائيلي في شأن الموقف من التهدئة فلن ينتهي إلاَّ إلى ما يؤكِّد أنَّ الحرب امتداد للانتخابات!
"الخديعة الكبرى" اسْتُكْمِلَت إذ سمح باراك بذلك الفتح الجزئي، وقصير الأمد، للمعابر الإسرائيلية مع قطاع غزة، وإذ أعلنت إسرائيل، قبيل بضع ساعات من بدء الحرب، أنَّ "القرار النهائي" سيُتَّخَذ بعد يومين.
والآن، لا تتوقَّعوا أن تنتهي الحرب الإسرائيلية ضد قطاع غزة قبل أن يتأكَّد قائداها، العسكري باراك والدبلوماسي ليفني، أنَّ نتنياهو لن يفوز في الانتخابات المقبل، أي لن يصبح رئيساً للحكومة الإسرائيلية المنبثقة من تلك الانتخابات.
لقد دمَّرت إسرائيل كل مراكز الشرطة التابعة لحكومة "حماس" في "ضربة الصدمة والترويع"؛ وسوف تشرع الآن، أو من الآن وصاعداً، في تدمير منشآت ومؤسسات تصفها بأنَّها من مكوِّنات "البنية التحتية" لـ "حماس"، تنظيماً وحكومةً.
أمَّا ما تتوقَّعه إسرائيل، ولكن ليس كثيراً، فهو أن تبدي قيادة "حماس" استعداداً (يُنْقَل إليها عبر طرف ثالث) لـ "حلٍّ"، يعدل في محتواه وشكله رفع "الراية البيضاء".
إذا لم يتحقَّق هذا التوقُّع (ونحن نتوقَّع عدم تحقُّقه) فستبدأ إسرائيل "حرب اغتيالات" ضد كبار قادة "حماس". ولسوف تشتمل الحرب الإسرائيلية على أعمال عسكرية برية، تنتهي باحتلال إسرائيل لبعض المواقع والأماكن ذات الأهمية الإستراتيجية، والتي لا يتسبَّب احتلالها لها، واحتفاظها بالسيطرة عليها، بخسائر كبيرة بين جنودها.
ما يهم إسرائيل في المقام الأول هو أن تنجح في خلق ما تسميه "الواقع الأمني الجديد"، والذي بفضله يستطيع باراك وليفني أن يقولا للإسرائيليين، أي للناخبين الإسرائيليين، إنَّ خطر تعرُّض سديروت وغيرها من الأماكن الإسرائيلية المحاذية لقطاع غزة قد زال نهائياً وإلى الأبد. بعد ذلك، وبناءً عليه، تتولى "الدبلوماسية" صُنْع "الحل السياسي النهائي".
هذا ما تريده إسرائيل، وتحاوله، وتسعى إليه؛ أمَّا ما نريده نحن، ونحاوله، ونسعى إليه، فهو أن تجري رياح فلسطينية وعربية ودولية بما لا تشتهي سفينة باراك وليفني، فالحرب الإسرائيلية ضد قطاع غزة يجب أن تُفْهَم، فلسطينياً، على أنَّها حرب ضد الشعب الفلسطيني كله، وضد قضيته وحقوقه القومية؛ ولا بدَّ للفلسطينيين جميعاً من أن يقفوا منها الموقف الذي يوافِق تماماً هذا الفهم؛ فكل خلاف أو نزاع بين الفلسطينيين يجب ألاَّ يَحُول بينهم وبين الوقوف وقفة رجل واحد ضد الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.
وهذا إنَّما يعني أنَّ مهمة الساعة لدى الفلسطينيين جميعاً أن يصارعوا ويقاتلوا بكل قواهم من أجل هدفين متَّحِدين اتِّحاداً لا انفصام فيه، هما: الوقف الفوري للحرب، والإنهاء الفوري للحصار.
#جواد_البشيتي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
العالم إذ اخْتُصِرَ زماناً ومكاناً!
-
لا تسأل -هل الله موجود؟- ولكن اسْأل..
-
حرب هي الامتداد للانتخابات!
-
في نقد نقَّاد -الحذاء-!
-
-التهدئة-.. نتائج وتوقُّعات وعِبَر!
-
-الإرهاب- بعد بوش!
-
إذا تكلَّم الحذاء فأنصتوا!
-
ليفني تساعد نتنياهو ضدَّها!
-
بعث -المجتمع-!
-
بوش إذ تقمَّص حكمة الفلاسفة!
-
نحن المسؤولين عن الأزمة المالية والاقتصادية العالمية!
-
اتفاقية تؤسِّس للبقاء وليس للرحيل!
-
اتفاقية تنهي الاحتلال بإنهاء العراق!
-
الشارني وموسم ازدهار المنجمين!
-
الشفافيَّة!
-
فلسطينيو -توتسي- وفلسطينيو -هوتو-!
-
قصة الولايات المتحدة مع النفط المستورَد!
-
-الرئيس- الذي يصنعونه الآن من أوباما المنتخَب!
-
سرُّ أوباما!
-
فاز أوباما.. وظهر المهدي!
المزيد.....
-
معالجات Qualcomm القادمة تحدث نقلة نوعية في عالم الحواسب
-
ألمانيا تصنع سفن استطلاع عسكرية من جيل جديد
-
المبادئ الغذائية الأساسية للمصابين بأمراض القلب والأوعية الد
...
-
-كلنا أموات بعد 72 دقيقة-.. ضابط متقاعد ينصح بايدن بعدم التر
...
-
نتنياهو يعطل اتفاقا مع حماس إرضاء لبن غفير وسموتريتش
-
التحقيقات بمقتل الحاخام بالإمارات تستبعد تورط إيران
-
كيف يرى الأميركيون ترشيحات ترامب للمناصب الحكومية؟
-
-نيويورك تايمز-: المهاجرون في الولايات المتحدة يستعدون للترح
...
-
الإمارات تعتقل ثلاثة أشخاص بشبهة مقتل حاخام إسرائيلي في ظروف
...
-
حزب الله يمطر إسرائيل بالصواريخ والضاحية الجنوبية تتعرض لقصف
...
المزيد.....
-
لمحات من تاريخ اتفاقات السلام
/ المنصور جعفر
-
كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين)
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل
/ رشيد غويلب
-
الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه
...
/ عباس عبود سالم
-
البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت
...
/ عبد الحسين شعبان
-
المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية
/ خالد الخالدي
-
إشكالية العلاقة بين الدين والعنف
/ محمد عمارة تقي الدين
-
سيناء حيث أنا . سنوات التيه
/ أشرف العناني
-
الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل
...
/ محمد عبد الشفيع عيسى
-
الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير
...
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|