|
حصانُ الدرويش
عدنان الظاهر
الحوار المتمدن-العدد: 2509 - 2008 / 12 / 28 - 07:12
المحور:
كتابات ساخرة
(( كتبتها ونشرتها عام 2000 في كتابي " رملٌ وبحر " ، وهي موجهة أساساً للشاعر الفلسطيني محمود درويش مع نقد ساخر واضح من صدام حسين ونظام حكمه . فلقد نشر الشاعر الفلسطيني قبل ذلك شعراً بعنوان : لماذا تركتَ الحصانَ وحيداً ؟ )). 1 ) في بغداد وسامراء
(( لماذا تركتَ الحصانَ وحيداً ؟؟ )) لِمنْ هذا السؤال ؟ لشخصٍ ضئيلٍ بحجمي أنا ؟ لأدونيس التحولاّت وتقلّبات الطقس ؟ لأبي الطيّب المتنبي قتيلاً في أواسط العراقِ عادَ لتوِّهِ مُحمَّلاً بطنافسِ فارسَ وإستبرق الفردوس ؟ لإمريء القيسِ يموتُ بسمِّ الرومِ ؟ أمْ لأبي " زهوة " المعمدان يقدِّمُ التهاني حاسرَ الرأسِ لأخته " سالومي " في تل أبيب ؟؟
أيها الشاعرُ الجليلُ الرفيعُ العمادِ وضّحْ سؤالكَ فإنه بحجمِ قذيفةِ مدفعٍ بعيد المدى ومفعولِ رأسٍ نووي .... وضِّحْ سؤالكَ كيما نحبك أكثر وكيما نفهمك بشكلٍ أفضل ولقد أحببناك شاعراً من فلسطينَ وعشقنا فلسطينَ فيكَ شممنا الروحَ القٌدْسَ فيكَ وفي أشعاركَ حفظناها عن ظهرِ قلبٍ كما يحفظُ الأعمى أغانيهِ وغنّت " فيروزُ " لكَ ومجّدكَ شاعرُ لبنانَ " الأخطلُ الصغيرُ " : -
يثرِبٌ والقدسُ منذُ احتلما كعبتانا وهوى العُربِ هوانا
ضممنا ترابَ القدسِ إلى صدورنا جَبلنا منه كُحلاً للعيونِ طبّاً وزينةً ومآربَ أُخرى أجلْ، أحببناكَ وشجّعنا طلاّبنا أنْ يقتنوا دواوينكَ وأنْ يمشوا وراءكَ أنّى مشيتَ وكيفما مشيتَ وأنْ يقلّدوا طريقتك في تصحيحِ وضعِ نظارتكَ على عينيكَ وأنْ يقبسوا من لهيبكَ الدافيء فإنه أكبرُ من نار " موسى " على الطورِ وأشدُّ ضراماً ويومَ ألقيتَ أشعاركَ على طلبةِ " الجامعةِ المستنصريةِ " في بغدادَ أوائلَ سبعينيات القرن الماضي.... عتبَ عليكَ طلاّبُ " جامعةِ بغدادَ " سألني بعضُهم : هل حضرتَ ؟ قلتُ كلاّ أُفضِّلُ قراءةَ أشعارِ الرجلِ على أنْ أسمعها منه، - المكتوب لا أو قلّما يتغير، أما الرجالُ.... فلا - الآنَ... وبعد مضي حُقَبٍ من الزمانِ - تسألُ ببراءةٍ شخصاً مجهولاً : لماذا تركَ الحصانَ وحيداً ؟؟ - حَسَناً، سأعفيكَ عزيزي من الجواب - فالشعرُ ألغازٌ ومن حق الشاعر أن يتزملَ ويتدثّرَ ويتلفّعَ وأن يتدهلزَ وأنْ يتمطّى.... هذا حقه - فالشعرُ رموزٌ وألغازٌ - أما كان " بيكاسو " سُريالياً و " رامبو " و " بودلير " ؟ - هل رأيتَ حصانَ بيكاسو في لوحة غيورنيكا ؟ من حقي إذاً أنْ أسالكَ عن سرِّ حصانك : هل هو حصانُ طروادة أم أنه حصانُ العربِ الأصيل المؤصّل أو كذاك الذي إمتطاهُ طارقُ بن زياد ٍ فإجتازَ به المضيق ليركزَ رايةَ العرب البائدة فوقَ أعلى صخرةٍ في بلاد الأندلس ، وطن بيكاسو وفردوس الشاعر الإنكليزي الأعمى ملتن المفقود أم إنه حصانُ المهديِّ المُنتَظَر وقد غابَ في سردابٍ في سُرَّ مَن رأى منتظراً أنْ يعمَّ الجورُ والطغيانُ بلادَ العربِ من المحيطِ إلى الخليج وبالعكس وأنْ يضربَ الذلُّ والجوعُ والعزلةُ أهلَ العراق ؟ ألهذا إبتنى الخليفةُ المعُتصِمُ مدينةَ سامراءَ وأقامَ فيها ملويته الشهيرةَ التي ما زالت تتلوى ( طرباً أم جوعاً ؟ ) بُرجاً يُشرفَ منه مذعوراً متعالياً على بغدادَ الجائعة والمهينة والمحاصرة ؟؟ أيها الناس : أذكروا حصارَ بغدادَ وانسوا حصارَ طروادةَ ، أنسوا حصارَ لينينكراد ... لم يدمْ إلا ثلاثة أعوامٍ تذكّروا حصارَ بغدادَ فإنه طويلٌ ولسوف يطولُ ما دامَ المعتصمُ معتصماً ... هكذا قالت قارئةُ الفنجانِ بغدادُ مُحاصرةٌ من البطنِ والظهرِ كحصان الشاعر الكوفي القرمطي وقد أجاعه وأنهكه كافورُ مصرٍ فقال فيه : فليس يُطالُ لهُ فيرعى ولا هوَ في العليقِ أو اللجامِ
عزيزي محمود فكّرْ في حصان المتنبي واسمعْ ما يقولُ فيه :
وأصرعُ أيَّ الوحشِ قفيّتُهُ بهِ وأنزلُ عنهُ مثلَهُ حينَ أركبُ
وما الخيلُ إلا كالصديقِ قليلةٌ وإنْ كَثُرتْ في عينِ مَن لا يُجرِّبُ
فهل في حصانك بعض هذه الشيات ؟ إذاً لا تعرضهُ للبيع ، إِياكَ إِياك فإنه يستحقُّ جائزةَ نوبل للأدب وللسلامِ وللحربِ !! ما أعجبهُ من حصان : وأنزلُ عنه مِثله حينَ أركبُ مرسيدس ؟ فيراري ؟ رولز رايس ؟ ( أعوذُ باللهِ من هذه الرايس )
2 ـ حصانُ إمرئ القيس
مِكرَ مِفَرٍّ مُقبلٍ مُدبرٍ معاً كجلمودِ صخرٍ حطّهُ السيلُ من علِ
ماذا ؟ أسمعُ همهمةً وصهيلاً خلفَ نافذتي في الشارع وضربَ حافرٍ وقصفَ مدافعٍ وأكادُ أرى أُذنيهِ من خللِ الزجاجِ ماذا ؟؟ هل عادَ امرؤ القيسِ من سفرهِ ولماذا عادَ وحيداً وكيف إستقبتله ، تُرى ، قيصرةُ بيزنطة المدام تانسو ؟ واين صاحبهُ الذي بكى لمّا رأى الدربَ دونهُ وهل إستضافته السيدة الزبّاء في قصور تدمرَ على نهر الفرات وهل مارسَ الجنسَ الحرامَ معها كما فعلتْ قبلاً بلقيس الهُدهدَ مع إبن العم سُليمانَ ، أو كليوباترا مصرَ الفرعونية المؤمنة مع مارك أنطونيو الروماني الكافر ؟ من أين جاءَ وكيف جاءَ حيّاً ؟ قالوا خذلته القيصرة طردته شرَّ طردةٍ قالت له إنك خائنٌ لا يثقُ مثلي بمثلك ، خُنتَ صاحبك ووليَّ نعمتكَ كِسرى فارسَ . سمّتهُ القيصرةُ البيزنطيةُ ... ألبستهُ رداءً ملكيا جميلا ً مسموماً ـ وقد فاجأته عارياً في الحمام التركي من نوع زاونا ـ فتساقطَ جلدهُ ولحمه حتى مات / الفاتحة ّ . محمود : لقد هامَ في بلاد الرومِ مَلكٌ ضالٌّ ضلّيلٌ إسمه بالنبطيِّ أو الآراميِّ بِر القيس كانَ شديد الغرامِ ببناتِ حوّاءَ المظلومة حتى يومنا هذا ـ لا يحبّه طه حُسين ولا يعترفُ حتى بوجوده ـ وكان حفظهُ اللهُ عاهلاً على الحيرة في العراق جنوب بابلَ وكان ـ يُقالُ ـ أولَّ من قيّدَ الآوابدَ وأولَّ من قصّدَ القصائد ولما كانت الخمرةُ مُحرَّمةً على أتباعِ النبي حبقوق الذي تعرف ، غادرَ اليمنَ إلى حيرة العراقِ مُعتنقاً النصرانية ديناً جديداً له يلائمُ أهواءهً ، إذْ وكما تعلم عزيزي الدرويش ، لا نساءٌ ولا شعرٌ دون عرقِ العراقِ والحيرةُ كما تعلم مشهورةٌ بتمورها . عزيزي محمود : الأمير الكندي الحيري أو الحائري بِرّ القيس كحصانه يكِّرُّ مرةً ويفِرُّ أخرى ولمّا فرَّ من الحيرةِ طالباً نجدةَ القيصرة في بلاد الأناضول فرَّ ولم يكِّر ... تركَ مكانه وعرشه خالياً ما بين حيرة العباديين وكوفة حفيده المتنبي !
#عدنان_الظاهر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
سيدوري وصديقة الملاية على جسر كارل
-
الحافيات / رواية لدينا سليم
-
كلكامش وأنكيدو وعشتار
-
أماني دون كيخوت لسنة جديدة
-
بحر الصمت / رواية للكاتبة الجزائرية ياسمينة صالح
-
ومن البليةِ عذلُ مَن لا يرعوي ...
-
مرارة في حلق التلفون
-
النابحون وراء السراب ...
-
سِن السقوط وسَنة السقوط
-
إستحضار الأرواح
-
سيدوري في براغ
-
الخريف والشتاء
-
توضيح وإعتذار / حول كتاب بشت آشان ...
-
ثلاث فتيات ورجل واحد في براغ
-
مع كتاب بشت آشان للدكتور كاظم الموسوي {1}
-
أسماء الأعلام في الأغاني
-
عودة ُ عشتار إلى عالم الأحياء
-
ملاحظات حول كتاب الأستاذ جعفر حمّود الهجوّل
-
مع فؤاد نمري مرة ً أخرى ...
-
لي في بابلَ حبيبٌ ...
المزيد.....
-
جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس
...
-
أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
-
24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات
...
-
معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
-
بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
-
بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في
...
-
-الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
-
حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش
...
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|