أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - باسنت موسى - مكتئبات بدعوى الأمومة














المزيد.....

مكتئبات بدعوى الأمومة


باسنت موسى

الحوار المتمدن-العدد: 2504 - 2008 / 12 / 23 - 09:53
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


منذ أيام كنت في زيارة لإحدى قريباتي وفي كل مرة قبل زيارتي لها أمني ذاتي بوقت ممتع وجميل مع أطفالها الصغار، لذلك أزورها عادة عندما أفقد السيطرة على العوامل التي تدفع بأعصابي للتوتر ومن ثم الشعور بالإحباط وما شابه ذلك من مشاعر سلبية تطاردني من حين لأخر، وحقيقة أن مفعول صغار قريبتي على أعصابي يفوق أقوى مضادات الإكتئاب، فمعهم ومن خلالهم أشعر بعمق جمال الأشياء وأهمية الضحك واللعب وأخذ الحياة بكل بمفرداتها الثقيلة على محمل بعيد عن الجد والمعايير والثواب والعقاب وكل تلك الأمور المحددة.
بالفعل إنتهت الزيارة وقد أصبحت أفضل حالاً نفسياً وأقل توتراً عصبياً لكن ما أثار إنزعاجي هو توتر بل إكتئاب قريبتي رغم أن حياتها بعيدة إلى حد كبير عن كل عوامل بث التوتر حيث أنها لا تعمل ولا تعاني صراعات من أي نوع مع أي شخص، إضافة إلى أنها تحب زوجها إلى حد يشعرني وكأنه خطيبها وليس زوجها وهو كذلك يحبها بشكل يصعب أن نتخيل وجوده بعد مرور سنوات من الزواج وإنجاب أطفال.
لأنني دوماً لا أكتفي بأن أنزعج مما أراه في تقييمي غريباً ظللت أبحث في عقلي ومن خلال حديثي مع قريبتي عن سبب لشعورها الذي أراه غريباً بالإكتئاب كانت في البداية تقول لي ليس هناك أي سبب فقط ربما ملل وروتين الحياة لكن بعد أن باحت لي عما بصدرها كاملاً أدركت هي معي أن سبب إكتئابها أنها تعيش من أجل صناعة مستقبل لآخرين هم زوجها وأطفالها، فهي تستيقظ باكراً لتعد لهم الطعام ليذهب الزوج للعمل والأطفال للتعليم ثم تبدأ دورة تنظيف المنزل اليومية وإعداد طعام الغذاء لتنتهي منه وتبدأ في إستقبال طفلتها العائدة بواجبات مدرسية ترغب في مساعدة الأم لها لإنجازها على نحو جيد... بعد كل هذا المجهود يأتي الليل فتجد تلك المسكينة ذاتها شبة مغيبة عن كل ما حولها لا تفكر سوى في أمر واحد وهو كيف ستبدأ دورتها اليومية في الصباح التالي؟!
داخل عيادة طبيب للعلاج الطبيعي كنت في إنتظار دوري، ولقتل الوقت الصعب في الإنتظار بدأت حديثاً مع سيدة في منتصف الثلاثينات من عمرها يبدو على وجهها عبوس العالم أجمع، وربما هذا العبوس كان سبب مباشر في ظهور التجاعيد الجلدية على وجهها بما يعطي إنطباع بأنها في الخمسينات من العمر، بعد الحديث والكلام والضحك من حين لأخر أوضحت لي تلك السيدة بأنها تعاني الآم حادة في عمودها الفقري وغير معروف الأسباب فهي طبياً سليمة كما أوضح لها الطبيب لكن مع ذلك الألم يهاجمها بشكل مستمر مما جعلها تفكر بأن هناك سبب نفسي لذلك الألم، وبعد إستطلاع بسيط لمفردات حياتها إكتشفت كحال قريبتي أنها تعيش في الحياة من أجل العمل لصالح زوجها وأبنائها ولم تصنع طوال سنوات زواجها الخمسة عشر أي شيء لنفسها مما جعل زوجها يشعر بأنها إمرأة من كوكب بعيد لا تعرف عن الحاضر أي شيء، لذلك هو دائم السخرية من بساطة تفكيرها وتقييمها للأمور وتلك السخرية تحديداً وسعت من مساحة التلاقي مع هذا الزوج الذي وصف من قبل زوجته بالأنانية وعدم التقدير لمجهودها طوال سنوات في رعاية ثلاث أبناء.
قريبتي وتلك السيدة نماذج واضحة على أن الأمومة منحتهم الشعور بالحب والحنان ومشاعر أخرى جميلة لكنها أخذت منهن ذواتهن لصالح آخرين وأقول آخرين لأن الأبناء والزوج بإعتقادي أخر ولا يمكن أن تتحقق إمرأة -أي امرأة كانت- من خلالهم إلا إذا أرادات أن تخدع ذاتها وتصاب بالإكتئاب والآمه الجسدية والنفسية.



#باسنت_موسى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عرض كتاب أحاديث إلى الشباب للراحل سلامة موسى
- حوار مع بائعة متجولة
- حوار مع د. يحيى الجمل
- هل سبق وأن تعرضتِ لتحرش جنسي؟
- عمل المرأة وإحساس الرجل بذاته
- حوار مع . نادية عيلبوني
- التوائم مفاجأة سارة ومخيفة معاً للأم
- نساء وحيدات
- الدعوة الدينية هل أصبحت الطريق الأسرع للثروة؟
- حوار مع د.هالة مصطفى
- أحتاج إليك
- شاب يصر على التحرش بي
- حوار مع د. بسمة موسى
- علاقات خاصة
- حوار مع د. منى راداميس
- نقطة حوار تناقش مجدداً أزمة الرسوم الدنمركية
- وثيقة وزراء الإعلام العرب برأي أهل الصحافة
- تعاطف عائلي مع حالتي
- لؤلوة وأنطوانيت تجارب نسائية من العراق
- حوار مع د .أمال قرامى


المزيد.....




- سحب الدخان تغطي الضاحية الجنوبية.. والجيش الإسرائيلي يعلن قص ...
- السفير يوسف العتيبة: مقتل الحاخام كوغان هجوم على الإمارات
- النعمة صارت نقمة.. أمطار بعد أشهر من الجفاف تتسبب في انهيارا ...
- لأول مرة منذ صدور مذكرة الاعتقال.. غالانت يتوجه لواشنطن ويلت ...
- فيتسو: الغرب يريد إضعاف روسيا وهذا لا يمكن تحقيقه
- -حزب الله- وتدمير الدبابات الإسرائيلية.. هل يتكرر سيناريو -م ...
- -الروس يستمرون في الانتصار-.. خبير بريطاني يعلق على الوضع في ...
- -حزب الله- ينفذ أكبر عدد من العمليات ضد إسرائيل في يوم واحد ...
- اندلاع حريق بمحرك طائرة ركاب روسية أثناء هبوطها في مطار أنطا ...
- روسيا للغرب.. ضربة صاروخ -أوريشنيك- ستكون بالغة


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - باسنت موسى - مكتئبات بدعوى الأمومة