أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - جواد البشيتي - في نقد نقَّاد -الحذاء-!














المزيد.....

في نقد نقَّاد -الحذاء-!


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 2503 - 2008 / 12 / 22 - 08:27
المحور: كتابات ساخرة
    


إلاَّ المتحضِّرون، العقلاء، الحكماء، منَّا فأبوا الانضمام إلى السرب، واستكبروا، مفضِّلين "التغريد" خارجه؛ وبعضهم (وليس كلهم) شذَّ عن الإجماع، فـ "غرَّد"، عملاً بمبدأ الشهرة الشهير "خالِف تُعْرَف"!

وجاء "تغريدهم" على شكل "لعنة".. فقد لعنوا "الحذاء"، ومنتعله، وخالعه، وقاذفه، والهاتف به، أي الملايين من العرب وغير العرب، فليس بـ "الحذاء"، أو بلغته، أو بـ "إساءة استعماله"، ننال مطالبنا، ونُسْمِع العالم صوتنا، ونتوصَّل إلى ما نبتغي، وننتصر لقضايانا، وعلى أعدائنا، ونؤكِّد للصديق والعدو أننا أمَّة ذات رسالة خالدة.

وفي الحملة التي جرَّدوها ضد المنتشين من فرحة الحذاء، لم تَفُتْهم "المقارَنة"، فراحوا يسألوننا عن ردِّ فعل صدام حسين لو تعرَّض لِمَا تعرَّض له بوش؛ وكان جوابهم عن هذا السؤال الافتراضي هو أنَّ الزيدي وعائلته وعشيرته سيصبحون جميعاً في خبر كان. وبفضل ما تمتَّع به صدام حسين من قوَّة ردع كهذه ما كان ممكناً تخيُّل أن يحدث له ما حدث لبوش.

إننا لا نختلف معهم في جوابهم عن سؤالهم الافتراضي ذاك؛ ولكننا ضدَّ هذه "النسبية السياسية"، التي طالما قال بها أناس لا عمل يؤدُّونه على خير وجه إلاَّ قول كلمة حقٍ يراد بها باطل، فجوابهم مُغْرِض؛ لأنْ لا غرض له سوى تجميل الوجه القبيح لبوش، وإدارته، وسياسته، والسعي إلى إقناعنا بأنَّ تجرؤ الزيدي على إطلاق حذائه على "ضيف العراق الكبير" هو في حدِّ ذاته خير دليل على ما يتحلى به الرئيس بوش من مناقب ديمقراطية، ومن أصالة ليبرالية، فذاك "التجرؤ" من هذا "السمو الديمقراطي"!

وكثيراً ما استعملوا تلك "النسبية السياسية" في سعيهم إلى إقناعنا بأننا ننعم بحرية وديمقراطية نُحْسَد عليهما، إذا ما قارنَّا حالنا بحال غيرنا مِمَّن ابتلوا بحكومات تجعل للحذاء العسكري سلطاناً عليهم، مع أنَّ كل الديمقراطيين في العالم، أكانوا صادقين أم منافقين، يقرِّون بعالمية المقاييس والمعايير الديمقراطية، فللديمقراطية "متر عالمي" تقاس به في كل مكان.

لاعنو "الحذاء"، عن حُسْن نية، لعنوه؛ لأنَّه، على ما أخبرتهم "الحكمة"، ليس بالوسيلة التي إنْ استعملناها يغدو الهدف النهائي في متناولنا؛ ولقد استنفدوا وقتهم وجهدهم لإقامة الدليل المفحم على أنَّ "حذاء الزيدي" لن يفضي إلى تحرير العراق!

ولعنوه؛ لأنَّه حيلة العاجز، أو حيلة من أعيته الحيل؛ ونحن ينبغي لنا أن نُريَ العالم قوَّتنا لا عجزنا، حتى يحترمنا، بدلاً من أن يشفق علينا. وقد دلَّنا أحد الكُتَّاب في هجاء "الحذاء" على وسيلة أجدى وأنفع، فلو أنَّ الزيدي استعمل لسانه بدلاً من حذائه، وقذف الرئيس بوش بسؤال صحافي يُلَعْثِمه في الإجابة، ويُعْجِزه عنها، ويُظْهره أمام العالم على أنَّه صاحب سياسة لا يمكن الدفاع عنها، لخدم شعبه وقضيته على خير وجه. إنَّه كاتب يريد للزيدي أن ينتمي إلى عالَم العقول المجرَّدة والنفوس الكلية الذي ينتمي إليه هو، أي إلى "الملأ الأعلى"!

هذا الكاتب (وأمثاله كُثْر) لم يُظْهِر أقلَّ انتماء إلى "الملأ الأعلى" في موقفه من النصف الآخر من المشهد، فالوحشية في ضرب الزيدي على مرأى ومسمع من إمام الديمقراطية في العالم، وسادن أوثانها ومعبدها، ومن غير أن يحرِّك ساكناً ولو على سبيل النفاق، ليست بالأمر الجدير باللعنة؛ بل يمكن فهمها وتفسيرها على أنَّها أقل عقاب يمكن أن يناله مرتكِب هذا "العمل القبيح".

كل جرائم بوش لا تبرِّر أن يعاقَب عليها بحذاء يرميه به الزيدي، فـ "الحضارة" تَنْبُذ العقاب بالحذاء، أو "تسييس استعمال الحذاء"؛ أمَّا "جريمة" الزيدي فتبرِّر أن يعاقَب عليها بالضرب الوحشي، وبسكوت بوش عن هذه الوحشية، وهو الذي يفاخِر بتعصبه لجمعيات "الرفق بالحيوان"!

لقد جاهد الرئيس العراقي صدام حسين في سبيل أن يُنفَّذ قرار إعدامه برميه بالرصاص وليس بشنقه، فأبوا إلاَّ أن يعاقبونه شنقاً؛ لأنَّ في الشنق إذلالاً له.

وإذا كان بوش جديراً بالدرك الأسفل من الإذلال، فهل من وسيلة لإذلاله هذا الإذلال غير "وسيلة الزيدي"؟!

إذا وافقنا معشر "الحكماء" و"العقلاء" من المؤلَّفة قلوبهم بالدولار (ومشتقاته) على أنَّ إذلال بوش من الأهمية الأخلاقية بمكان، فما هي الوسيلة الفضلى التي يقترحونها علينا توصُّلاً إلى ذلك؟!

هل نذله بالصفح عنه أم بسؤالٍ صحافي يُلَعْثِم لسانه (الملعثم أصلاً)؟!

هل نذله بقصيدة هجاء أم بالدعاء عليه؟!

هل نذله بإعدامه شنقاً وهو الذي تستقبح رأسه أعواد المشانق؟!

إنَّكم، وإذا ما تواضعتم على ضرورة وأهمية إذلاله، لن تجدوا من وسيلة إذلال له أفضل من "وسيلة الزيدي"، الذي يُوْهِم نفسه إنْ هو ظن أنَّه كان حرَّاً في اختياره فاختار تلك الوسيلة، فبوش، والحقُّ يقال، هو الذي أوحى إليه بها!



#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -التهدئة-.. نتائج وتوقُّعات وعِبَر!
- -الإرهاب- بعد بوش!
- إذا تكلَّم الحذاء فأنصتوا!
- ليفني تساعد نتنياهو ضدَّها!
- بعث -المجتمع-!
- بوش إذ تقمَّص حكمة الفلاسفة!
- نحن المسؤولين عن الأزمة المالية والاقتصادية العالمية!
- اتفاقية تؤسِّس للبقاء وليس للرحيل!
- اتفاقية تنهي الاحتلال بإنهاء العراق!
- الشارني وموسم ازدهار المنجمين!
- الشفافيَّة!
- فلسطينيو -توتسي- وفلسطينيو -هوتو-!
- قصة الولايات المتحدة مع النفط المستورَد!
- -الرئيس- الذي يصنعونه الآن من أوباما المنتخَب!
- سرُّ أوباما!
- فاز أوباما.. وظهر المهدي!
- نظام الرواتب يحتاج إلى إصلاح!
- بوش يتوعَّد العراق ب -القاعدة-!
- النظرية الاقتصادية الإسلامية في حقيقتها الموضوعية!
- حملة غربية للسطو على السيولة العربية!


المزيد.....




- بعد حكم الإعدام.. حكم جديد ببراءة مغني الراب الإيراني توماج ...
- Admhec “القبول بالجامعات” معدلات القبول الموحد في الجامعات ا ...
- انطلاق الدورة الـ77 لمهرجان -لوكارنو- السينمائي الدولي في سو ...
- البحر الأحمر السينمائي يعلن عن فتح الانتساب لدورته الرابعة 2 ...
- -أوروبا-: رؤية سينمائية تنتقد وحدة أوروبية مفترضة
- نجم شهير يتعرض لموجة غضب كبيرة بسبب انسحابه فجأة من فيلم عن ...
- تونس: الحكم بالسجن أربع سنوات على مغني الراب -كادوريم- وحرما ...
- 60 فنانا يقودون حملة ضد مهرجان موسيقي اوروبي لتعاونه مع الاح ...
- احتلال فلسطين بمنظور -الزمن الطويل-.. عدنان منصر: صمود المقا ...
- ما سبب إدمان البعض مشاهدة أفلام الرعب والإثارة؟.. ومن هم الم ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - جواد البشيتي - في نقد نقَّاد -الحذاء-!