أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زكية خيرهم الشنقيطي - أمل














المزيد.....

أمل


زكية خيرهم الشنقيطي

الحوار المتمدن-العدد: 2503 - 2008 / 12 / 22 - 01:23
المحور: الادب والفن
    



جلست أمل فوق صخرة على شاطىء البحر تتأمل غروب الشمس في النرويج، يجرها الفراق بعيدا عن منافى القلب ...فراق الوطن والغربة معا تلاشيا عند انقضاء الليل تحت جذوة وطن متجمد يعكس غموض ابتسامته، في أمل زرعته من أجله تحت الثلج لينمو عطرا وياسمينا.عشق الوطن حطم آمالها ولطخ فستانها الأبيض بقلق ينهمر من عيون ملوعة، ولهيب التمني يحرق المسافات ما بين وطن الطفولة وغربة الشباب. حسرة عاشقة تنتظر الشموع لتتشكل من ضوء الحيرة والظنون. تسير كلماتها في صمت وهي تفتش عن حجر الزمرد في وجه ذلك الوطن الغائب الحاضر خلف السماوات. لقد أكل المنفى كل شيء، ورغم ذلك مازالت تترقبه من وراء تلك المياه الزرقاء ... صانعة من آمالها قاربا ورقيا يطفو على تلك المياه العميقة باحثة عن ذلك الكنز الذي بددته نار تلك الأشياء. لعنة تسلقت في الروح ولا نهاية للسعتها القاتلة ... شوكة تصاحب الألم ... عالقة تأبى الزوال.

عيناها مسافرتان مع الشمس في إغفاءة حزن وإشراقة أمل، ويحين الأفول بانقضاء يوم آخر من عمر أمل، حاملا في طياته ذكريات أليمة حزينة. تلك اللحظة من الغروب، ذكرتها بفراق وطن عزيز رحل وترك القلب منكسرا كما الأمواج تتكسر على الصخرة التي كانت تجلس عليها.

أهي شوكة على شكل وردة صارت مدببّة ... تخز الأرواح ... وترجف القلوب؟ أم هو وجه بوجهين يحمل كل أنواع الجبن ورائحة الحروق حيثما حلت. مفقودة رغم الوجود ... مبتورة عن الحياة ... تتعكز الحزن وتدوس على الفرح، تفترش الأزمات وتتدثر بعباءة النميمة، صانعة من قصائد هجائها وذمها ومدحها واقعة خرافية عن الغيب والغائبين.

ضاعت كلمة الحق في كل مكان، وافترشت الأرض كذبا ورياء. تهدمت البيوت الكبيرة، وحلت محلها أكواخ عارية السقف من غير أساس واقفة تحتاج لركائز أو ركيزة على الأقل حتى لا تقع ...
أكواخ لا تستقر على حال. عواصف تهددها ... وأمطار تبلل داخلها ... ورياح تبعثرها على كل الجهات، فتطير جدرانها الهزيلة لاهثة لا تدري على أي مكان تستقر. حسراتها تضيع في المساءات الباردة بين وحدتها، تصارع الطوفان المخيف تترقب مغيثا من نافذتها الصغيرة كي يزيل عنها غبار العتمة.

آه ..! عن كلمة الحق ...عن صداها الذي يدوي في الأوراق والحجر وفي أعماق الجدار المنهار. هنا أجلس على هذه الصخرة ولا أعرف إن كنت أنعيك. أراقبك من وراء هذه المياه وأعلم أنك تراني.

رفعت أمل عينيها إلى السماء، فرأت غيوما متفرقة في تلك الزرقة والشمس حارقة تجلب الأوهام والدهشة التي تغتال ذلك الغروب. تمسح عن جسدها عرق المنفى، إلا أن روحها مستلقية على تل بعيد حيث الأزهار المورقة تكبر بين الصخور وتحت السماء وحيث الرياح والثلوج تغطي الجبال في الفجر لتعود إلى الوطن. نعم، ألست الأمل ...؟ لن أرضخ للسعة شوكة ولا للدغة سامة...سأعيش على أمل ...
أتذكر يا وطني روضة الورود وشمس الأيام ...؟ أتذكر السواحل والبحر والطيور والشجر ...؟ كناّ شعبا طيبا يسكن في أزهارك رغم أنه يكابد في الحياة بلا صوت، خوفا من المجهول الذي يعرف أنه قادم ولكن لا يدري متى... أتدري يا وطني كم أنني رقيقة إلى درجة العدم؟ أوجاعي تتسرب الآن من جسدي المنهك في زحمة حروبك ولهيب جحيمك. أجهضتني جبالك وأشعلتني رمالك بأنين مبحوح. رياحك تبعثرني ومازالت. أتذكر طفولتي حين كنت أحلق كاليمامة في فضائك، أنظر مبهورة في صفائك وفي نبع طيفك الذي يحاكي وجه القمر. هل نسيتني ...؟ أنا أمل ... أنا ذلك النور الذي يزرع في الروح حب الإبتسامة والإطمئنان ... لكن مياهك الآن عميقة لا ترى .. لقد كبرت يا وطني وفهمت سر جدولك الساكن ...

لا أعرف إن كنت أحبك أو أكرهك.!! دموعي تسيل من نفس تتلوى حنينا أكثر مما تشكو ألم الغياب.
أمل لسعته شوكة وردة غير كل الورود، وتوارى بعيدا مغلقا كل الأبواب، يتعثر في ظله المنكسر ويرتشف وحدة آلامه. أحلامه التي توارت وراء كواكب بعيدة، يبحث عن أمل لنفسه وكيف لأمل أن يبحث عن أمل ...؟ مازالت تؤلمه تلك الحكاية ...حكاية أمل وغربة وطن.

كان الثلاثة معا يعبرون طريق الحياة على قارب ورقي صغير، سعداء ...يغيبون في حديثهم عبر مروج ذلك الصيف، عن الحب والجمال وعن السلام والصفاء والحروب والخراب. عن كل شيء ...وتأتي أمل كما لو أنها خلقت في حلم، وجهها متورد بنشوة الشباب، هيفاء خطواتها قصيرة متتابعة، ابتسامتها عذبة تلون الأرض، تتوهج من شموع الأزمنة الغابرة، صامتة دون لغة في "غربة" ألقتها من ذلك القارب الورقي الصغير إلى أحضان المياه العميقة والوطن قبالتها في ابتهاج ينظر ويبتسم. أما أمل فلم تبلعها المياه ولكنها كانت تسبح وتبتعد كسمكة هاربة تاركة الوطن والغربة خلفها، لم ترهما مرة أخرى ...اختفيا منذ اللحظة التي شاركا في قذفها وراء البحار.

Zakia khairhoum
[email protected]
www.zakianna.se



#زكية_خيرهم_الشنقيطي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصة فصيرة
- كنوت سيرجع
- ثقافات بدون حدود
- الروائية النرويجية سيغريد أوندست
- مغربية في لبنان
- كريستيانيا
- بكاء ملك
- ثالثة الثلاثية الشعرية


المزيد.....




- صور| بيت المدى ومعهد غوتا يقيمان جلسة فن المصغرات للفنان طلا ...
- -القلم أقوى من المدافع-.. رسالة ناشرين لبنانيين من معرض كتاب ...
- ما الذي كشف عنه التشريح الأولي لجثة ليام باين؟
- زيمبابوي.. قصة روائيي الواتساب وقرائهم الكثر
- مصر.. عرض قطع أثرية تعود لـ700 ألف سنة بالمتحف الكبير (صور) ...
- إعلان الفائزين بجائزة كتارا للرواية العربية في دورتها العاشر ...
- روسيا.. العثور على آثار كنائس كاثوليكية في القرم تعود إلى ال ...
- زيمبابوي.. قصة روائيي الواتساب وقرائهم الكثر
- -الأخ-.. يدخل الممثل المغربي يونس بواب عالم الإخراج السينمائ ...
- عودة كاميرون دياز إلى السينما بعد 11 عاما من الاعتزال -لاستع ...


المزيد.....

- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / أحمد محمود أحمد سعيد
- إيقاعات متفردة على هامش روايات الكاتب السيد حافظ / منى عارف
- الخلاص - يا زمن الكلمة... الخوف الكلمة... الموت يا زمن ال ... / السيد حافظ
- والله زمان يامصر من المسرح السياسي تأليف السيد حافظ / السيد حافظ
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل مسرحية "سندريلا و ال ... / مفيدةبودهوس - ريما بلفريطس
- المهاجـــر إلــى الــغــد السيد حافظ خمسون عاما من التجر ... / أحمد محمد الشريف
- مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية / أكد الجبوري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زكية خيرهم الشنقيطي - أمل