أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - نضال نعيسة - الحرب على الحذاء














المزيد.....

الحرب على الحذاء


نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)


الحوار المتمدن-العدد: 2502 - 2008 / 12 / 21 - 07:03
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


الحرب على الإرهاب تلك الذريعة التي اختلقها الرئيس الأمريكي "جورج دبل شوز"، وعذراً لتسميته هكذا فربما لا يوجد توصيف أبلغ منها، راهناً على الأقل، لترويج مذهبه الحربي في شن ما يسمى بالحروب الاستباقية Pre-emptive Warsضد الشعوب والبلدان والأمم الأخرى، وشرعنة العدوان والاحتلال. ومن ضمن ما جاء في تفسير تلك النظرية وتسويقها داخلياً وخارجياً، هو أنه بدلاً من يأتي الإرهابيون إلينا ليضربوننا ويعملوا تقتيلاً بنا في عقر دارنا كما حدث في 11/9/2001، علينا أن نذهب نحن إليهم ونقتلهم في عقر دارهم، ونجنـّب أمريكا والأمريكيين عواقب أية أعمال إرهابية محتملة مستقبلاً. ومن هنا فقد أتت أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001، التي شنتها منظمة القاعدة، والتي كانت تتخذ من أفغانستان- الطالبان والمأسوف على شبابه الملا عمر، مقراً لها، وباعتراف أسامة بن لادن نفسه في أحد أشرطته المسرّبة لقنوات التجهيل الشامل، كهدية من السماء أعطت الرئيس "دبل شوز" الحجة لإطلاق شرارة ما يسمى بالحرب على الإرهاب، والتي قادته بداية إلى احتلال أفغانستان، وإسقاط نظامها الديني المتشدد، والذي ما زال قادته وزعماؤه طليقين من يومها حتى الآن، ربما لأن القبض عليهم سيبطل كل شرعية لاستمرار تلك الحرب.

انفتحت من ثم قريحة وشهية "دبل شوز"، وفريقه المحافظ، على مصراعيها، لشن الحروب في أماكن أخرى، بعد ما تراءى له أنه انتصار سهل في أفغانستان، فوجد ضالته المنشودة في عراق صدام المترنح جراء الحروب والحصار والاستبداد الموروث المستفحل. فما كان منه إلا أن اتجه نحو هذا البلد الذي يسبح، في ذات الآن، على محيط من النفط وباحتياطي هائل يـُختلف كثيراً في تقديراته. غير أن رياح هذه الحرب، ورغم الانتصار السريع أيضاً، سارت وتبدّلت وتغيـّرت وتقلـّبت بعكس ما أرادت سفن بوش لها، ومن يقف وراءه من لوبيات الضغط السياسية والاقتصادية، والأوهام الدينية، ودخلت الولايات المتحدة في أتون حرب استنزاف مكلفة ومدمرة أنهكت الاقتصاد الأمريكي والعالمي، وكانت السبب الرئيس في ما يشهده اليوم من ركود وانكماش وانهيارات، لم توفر أكثر المؤسسات الاقتصادية والمالية عراقة وقوة وصلابة. وكانت لازمة الحرب على الإرهاب فزّاعة يشهرها "دبل شوز" بوجه خصومه ومناوئيه للاستمرار في سياساته الخارجية، لاسيما وأن غـُمام الحادي عشر من سبتمبر لم ينجل كلياً، بعد، ورائحة البارود ما زالت تتصاعد وتنتشر في موقع انهيار البرجين وكل أرجاء المكان أو الـ Ground Zero كما أطلق الأمريكيون على مكان الـ Twin Towers ، رمزي القوة والمال والسطوة الاقتصادية والعنجهية الإمبريالية الأمريكية، اللذين انهارا، وتداعيا بأسرع من لمح البصر، وبرمزية تأملية وفلسفية ستشير ربما، إلى ما حدث لاحقاً، وفعلاً، من انهيار مدوٍ وأكثر سرعة للاقتصاد الرأسمالي، الذي بدا أنه لم يكن سوى اقتصاد من وهم وورق.

وقد وصلت اليوم الحرب على الإرهاب إلى ما وصلت عليه من تخبط وضياع وهزيمة مجلجلة نكراء، لن يتمكن توقيع الاتفاقية الأمنية من تجميلها أو إخفاء آثارها الكارثية على عموم الإقليم الرابض على براكين غاضبة وبراميل ساخنة وكامنة من البارود، رغم ما عكر صفوها، وأجواءها الاحتفالية البروتوكولية من راجمات الأحذية الشهيرة. فالإستراتيجية التي تمكنت من هزم الاحتلال وجبروت القوة، قادرة اليوم، وغداً، من تمزيق أوصال اتفاقياته الأمنية. لكن من يضمن ألا يخترع منظرو الحروب، ويختلق الساسة الأمريكيون أية حجة وذريعة أخرى لإدامة سياسات العدوان والاحتلال، وإطالة أمدها، وكلما دعت الحاجة لتغذية موارد وشرايين شركات التصنيع الحربي والأسلحة واستمرار وجودها. أو حين يشعرون، تكاذباً وتوهماً، بأن هيبة أمريكا جرحت كما جرحتها طائرات محمد عطا والجراح والغامدي والشهري وغيرهم من "الفتية المسلمين الذين آمنوا بربهم" حسب غزليات غزوة مانهاتن المباركة. واستغلال أية حادثة أخرى، ومهما كان وقعها، وتأثيرها، لتشريع عقيدة الغزو وشن الحروب التي يقوم عليها بنيان وكيان النظام السياسي الأمريكي كرشقة الأحذية تلك التي هزت الكيان والوجدان الأمريكي من جذوره، برغم تصنع الهدوء، واللامبالاة، ومظاهر الوقار المزيف، وتبريرات الفروق الثقافية والحضارية التي قدمتها الإدارة للتخفيف من وقع الصدمة المؤثرة، التي لا يمكن لكل أدبيات أمريكا من تحريفها، أو تغيير مضامينها التي لا تحتمل التأويل والتغيير أو التحوير. فالذل والانكسار والمرارة، قد أصاب أمريكا في مقتل، وتلبـّسها، وتقمصها عبر أفشل، وأسوأ رئيس في تاريخها، وهذا ما تردده اليوم مختلف وسائل إعلام الغرب، وبكثير من الفصاحة والصراحة التي تبلغ مبلغ التجريح والشتم.

الإدارة الأمريكية، كما الإدارات الأمريكية السابقة، والمتعاقبة، واللاحقة لن تتعظ، ولن تتعلم من أخطائها، ومن دروس، وعبر التاريخ الكثيرة. فشريعة الحرب مستمرة، وأيا كان ساكن البيت الأبيض. فهل تكون حرب الإدارة القادمة، هي الحرب على الحذاء، الذي أذل رئيس أمريكا، كمجرد ذريعة أخرى لا تجد سواها اليوم، وهي لا تختلف كثيراً، من حيث المبدأ، عن ذرائع وأسباب أخرى قدمتها في أوقات سابقة؟ ولم لا فليس هناك ثمة فرق كبير بين الحذاء والإرهاب، وكله بالطبع من وجهة نظر فقهاء الإدارة، الذين لا يتورعون عن الأخذ، والبناء على أتفه الذرائع، والأسباب. ( ألم تعثر سلطات أمن مطار هيثرو على متفجرات في حذاء البريطاني المتحول للإسلام ريتشارد ريد" 28 سنة في حينه"، محاولاً نسف طائرة تابعة لشركة اميركان ايرلاينز قادمة من باريس في طريقها الي ميامي في عام 2001؟ والسلطات العراقية التي أشرفت على التحقيق مع الزيدي قالت بأنها أتلفت حذاءه في محاولتها البحث عن متفجرات فيه. وفي مطار هيثرو أيضاً أجبر كاتب هذه السطور على خلع حذائه ليتم تفتيشه، حين أصدر جهاز التفتيش إنذاراً يؤذن بوجود مادة معدنية اعتقدت سلطات المطار أن فيه أي "شيء مريب").

ما هو لهو وهرج ومرج، اليوم، قد يصبح جداً في أي يوم. إنها الحرب المقبلة على الحذاء، فاستعدوا لها.



#نضال_نعيسة (هاشتاغ)       Nedal_Naisseh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خبر عاجل: قصف مصنع للأحذية جنوب بغداد
- أحذية الإذلال الشامل العراقية: أصدق إنباءً من الكتب
- غزوة الشيخ دقماق
- صلة الرحم الإليكترونية
- مصافحة الأزهر: انكشاف دور الكهنوت الديني
- الانهيارات المالية الكبرى: اللهم شماتة
- الحوار المتمدن: كلمة حق لا بد منها
- أيام الولدنة، ودهر المتصابين الطويل
- سماحة الإمام الأكبر شيخ الأزهر: تقبل الله طاعتكم
- غزّة تحاصرنا
- رسالة عتب رقيق لحوارنا المتمدن الجميل
- أوباما والمهام الأمريكية القذرة
- في الدفاع عن الباطنية
- ما قال ربك ويل لمن سكروا، بل للمصلينا
- رسالة إلى جلالة الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود
- حوار ديني أم تطبيع سياسي؟
- لماذا الخوف من غزو ديني؟
- تضامناً مع أقباط المهجر
- I don’t have a dream
- الأوبامية وهزيمة ثقافة


المزيد.....




- -لقاء يرمز لالتزام إسبانيا تجاه فلسطين-.. أول اجتماع حكومي د ...
- كيف أصبحت موزة فناً يُباع بالملايين
- بيسكوف: لم نبلغ واشنطن مسبقا بإطلاق صاروخ أوريشنيك لكن كان ه ...
- هل ينجو نتنياهو وغالانت من الاعتقال؟
- أوليانوف يدعو الوكالة الدولية للطاقة الذرية للتحقق من امتثال ...
- السيسي يجتمع بقيادات الجيش المصري ويوجه عدة رسائل: لا تغتروا ...
- -يوم عنيف-.. 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية على ...
- نتنياهو: لن أعترف بقرار محكمة لاهاي ضدي
- مساعدة بايدن: الرعب يدب في أمريكا!
- نتانياهو: كيف سينجو من العدالة؟


المزيد.....

- لمحات من تاريخ اتفاقات السلام / المنصور جعفر
- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - نضال نعيسة - الحرب على الحذاء