|
اليمن :غياب قوى التوازن السياسي الحقيقية
رداد السلامي
الحوار المتمدن-العدد: 2502 - 2008 / 12 / 21 - 03:08
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية
المهتمون أوالمعنيون بشؤون التحولات الديمقراطية في المنطقة يصوبون اهتماماتهم نحو رصد حجم تأثير القوى السياسية ودورها في عملية التطور السياسي في كل دولة على حدة، سواء عن طريق الضغط على النظام ومخاصمته أم عبر التفاهم مع الحكم ومشاركته. مع التأكيد على أن مشاركة السلطة أو معارضتها هو اختيار سياسي لا يجوز الاستهانة به في مسار دعم الديمقراطية وتطويرها، ولا ينبغي مقاربته بطريقة تعميمية وبمواقف مسبقة، وإنما عبر قراءة متأنية وهادئة. غير أن المشكلة العويصة في اليمن ، هي ضعف قوى التوازن السياسي الواعية، وحضور خفي لقوى مختلة لا تلعب دورا إيجابيا، بقدر ما تلعب دورا سلبيا ذو مردود متأزم ومثير للفوضى، والمزيد من الإرباكات، التي ترتد بالضد على السلطة ذاتها كونها جزء فاعلا فيها ،وتلعب دورا محوريا في صنع سلوكها السياسي. ففي ظل أزمات داخلية يعيشها نظام صالح ،الذي يتصارع مع ذاته ويخوض تصفيات ذاتية لجزء من قواه المتموضعة فيه ، وتلك الشابة التي تعمل على نفي القديم كلا من جهته للفوز بنصيب وافر من تأسيس قوى نفوذ جديدة ،تمهيدا لأحكام القبضة على مقاليد الأمور، أو بالأصح تقاسم ميراث الحكم بكامل منظومته الكئيبة التي قتلت بهجة اليمنيين، وجعلت البلاد اليوم على كف مستقبل مجهول معالمه تتبدى من خلال ملامح حاصلة ومخاضات سلبية تهدد وحدة اليمن ونسيجه الاجتماعي. فإذا كانت المعارضة اليمنية –تكتل المشترك- قوة ينظر إليها بعين الاعتبار من قبل الشعب والخوف من قبل السلطة ، إلا أنها سرعان ما تصاب بوهن الراحة بعد حركة إيجابية على مستوى الشارع ، إذ انها تفقد فورة حماسها معتقدة أنها بحشد قوي واحد ليوم واحد أو أيام على فترات متقطعة قد لقنت السلطة درسا في فن الإصغاء لها ، وإخراجها من حالة الصمم السياسي الذي تتعمد الرد به على مطالبها ، فالمعارضة لا تبدي جدية في المعارضة بدليل أنها ، تنسى أنها معارضة سياسية يجب أن تكون ذات نضال مستدام لا يهدأ ، و لا يعرف وقتا للراحة ، لا مجرد فورة حماس سرعان ما تتلاشى عند أول رغبة شعبية في التغيير ..!! ليس المطلوب منها المعارضة على الدوام من أجل المعارضة والصدام الدائم مع السلطة، ولا الموالاة الكاملة للنظام والتنازل عن المطالب السياسية والشعبية دون مبرر، وإنما يقاس نجاح القوى السياسية بقدرتها على الدفع في اتجاه إصلاح حقيقي يعمد إلى توزيع السلطة بين النخب الحاكمة والنخب السياسية، وإحداث توازن بين السلطات الثلاث، وتفعيل أدوات الرقابة والمتابعة، وتحرير السلطة من التمحور في خدمة المصالح الخاصة والمحدودة لنخبة الحكم، وهذا ما تبدو اليوم المعارضة غير قادرة على تحقيقه كحد تغييري أدنى ،فما بالكم بالتغيير الجذري للنظام الذي تردده نخبها السياسية على منابرها الإعلامية عديمة الجدوى والفاعلية ، والتي لم تراكم وعيا سياسيا حتى بين أعضاءها والمنتمين إليها بأهمية الإصلاح وخطورة استمرار النظام في إنتاج ذاته على البلاد ووحدتها وأمنها واستقراها وتقدمها. إن انتفاضة 27نوفمبر الماضية بصنعاء أوجدت كما- أخمن- حالة من الخوف لدى الصغار الطامحين بوراثة الحكم والمتصارعين خفية علية ، مما جعلهم يضبطون إيقاع صراعهم بحيث لا تؤثر عليه تدخلات أخرى-حتى ولو كانت من الداخل- أي أن يبقون مسار الصراع في إطار لا يخرج عن جعل العوامل الخارجية تعمل على حرف مساره لتستفيد منه فالكعكة يجب أن يقتسمها في النهاية الأبناء ، وإن تفاوتت القوة فيما بينهم ، لكن موقفهم من المعارضة واحد ، وإضعافها أمرا ضروري لعملية نقل ذلك الميراث الملغوم بأسوأ الأزمات. مع ما يبدو أنه يحدث الآن ، استطيع أن أقول أن القوى السياسية تبدو فاقدة لعنوان المعارضة ،وأصبح الانجاز الوحيد في أجندتها السياسية هو الخطاب الحماسي والحشد الانفعالي الآني الذي يفتقر إلى إستراتجية منظمة حتى على مستوى الشعار والمطالب المرفوعة فيه ، كل مجتمع لديه جملة من المطالب ينتظر من الدولة العمل على تحقيقها، ودور القوى السياسية في جوهره يستهدف إيجاد مناخ يقبل بتنظيم تلك المطالب وتحقيقها ، وفرزها ضمن عناوين واضحة تندرج في إطار أعم هو إصلاح ما يفترض أنها دولة ، وخلق وسائل عمل تنسجم مع ظروف هذه الدولة الموضوعية، والتي عادة ما تتمظهر في صيغة المعارضة من داخل النظام-وهو ما لايوجد ولن يوجد ، وإن بدأ يتخذ صيغة استقالات وتصريحات لشخصيات مؤثرة إلا انها وجدت ذاتها منفية ومشكوك بولائها وتهمة بنت الصحن ورسالة الوزير عبد القادر هلال دليل على ذلك- أو من خارجه. سيتهم البعض كاتب هذه السطور بأنه قد دفع له مبلغ مالي لقاء حديثه عن هزال المعارضة ، وأنه لم يذم السلطة إلا كنوع من محاولة إيهام القاريء بحياديته وموضوعيته ..ولكنني متشبث برأيي هذا مؤكدا للقارئ العزيز أني البارحة كنت أتململ جوعا وبردا ، ولم يسعفني إلا أخ صحفي بألف ريال منتصف الليل . وإذا كانت الانتخابات تمثل إحدى الأدوات الهامة الراقية في تصعيد القوى السياسية لتصبح قوى توازن وطني فاعل قد عطلت تماما -كمنظومة متكاملة- لترتد بالضد على هذه القوى بحيث أن تزويرها من قبل النظام جعلها تتدحرج نحو المزيد من الضعف واللافاعلية ، واليأس الشعبي من قدرتها على تشكيل ضغط على السلطة لدفها باتجاه إصلاح حقيقي اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا وثقافيا. ختاما في ظل هكذا معارضة لن تجدي المقاطعة أو المشاركة ، وفي كلا الحالتين يتنامى الأسوء..!! ----------------------------------------------------------------- *كاتب وصحفي يمني
#رداد_السلامي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حصافة سياسية مكشوفة
-
دكتور ياسين سعيد نعمان : ممكن نختلف معك..؟؟
-
إيدز اليمن السياسي..!!
-
اليمن : مستقبل الوحدة..!!
-
الكاتب ودور الكلمة في التغيير
-
السفارة السعودية والسيادة اليمنية ..!!
-
اليمن سيناريوهات التوريث..!!
-
كيف ينتقم الارياني من الرئيس صالح..؟؟
-
أوباما: سياسة غامضة لكنها خطيرة..؟
-
الرئيس صالح وحسين الأحمر وعلاقة شائكة
-
الرئيس صالح والتعديلات الدستورية والتوريث
-
اليمن: كيف ينهار نظام الرئيس صالح..؟
-
الرئيس صالح والقوى التقليدية ..من أعاق التحولات.؟
-
أمريكا تنتحر ذاتيا
-
عاشقة الدم تحتضر..؟!
-
اليمن: صحافة النفوذ ومنظمات الفيد.؟!
-
اليمن: النقد كضرورة للتطوير وتأسيس الشراكة الوطنية
-
اليمن وجنوبه وبداية الاهتمام الخارجي
-
ميلاد فجر جديد
-
حزب الاصلاح الاسلامي اليمني وصيغ المستقبل..رؤية نقدية
المزيد.....
-
السعودية تعدم مواطنا ويمنيين بسبب جرائم إرهابية
-
الكرملين: استخدام ستورم شادو تصعيد خطر
-
معلمة تعنف طفلة وتثير جدلا في مصر
-
طرائف وأسئلة محرجة وغناء في تعداد العراق السكاني
-
أوكرانيا تستخدم صواريخ غربية لضرب عمق روسيا، كيف سيغير ذلك ا
...
-
في مذكرات ميركل ـ ترامب -مفتون- بالقادة السلطويين
-
طائرة روسية خاصة تجلي مواطني روسيا وبيلاروس من بيروت إلى موس
...
-
السفير الروسي في لندن: بريطانيا أصبحت متورطة بشكل مباشر في ا
...
-
قصف على تدمر.. إسرائيل توسع بنك أهدافها
-
لتنشيط قطاع السياحة.. الجزائر تقيم النسخة السادسة من المهرجا
...
المزيد.....
-
واقع الصحافة الملتزمة، و مصير الإعلام الجاد ... !!!
/ محمد الحنفي
-
احداث نوفمبر محرم 1979 في السعودية
/ منشورات الحزب الشيوعي في السعودية
-
محنة اليسار البحريني
/ حميد خنجي
-
شيئ من تاريخ الحركة الشيوعية واليسارية في البحرين والخليج ال
...
/ فاضل الحليبي
-
الاسلاميين في اليمن ... براغماتية سياسية وجمود ايدولوجي ..؟
/ فؤاد الصلاحي
-
مراجعات في أزمة اليسار في البحرين
/ كمال الذيب
-
اليسار الجديد وثورات الربيع العربي ..مقاربة منهجية..؟
/ فؤاد الصلاحي
-
الشباب البحريني وأفق المشاركة السياسية
/ خليل بوهزّاع
-
إعادة بناء منظومة الفضيلة في المجتمع السعودي(1)
/ حمزه القزاز
-
أنصار الله من هم ,,وماهي أهدافه وعقيدتهم
/ محمد النعماني
المزيد.....
|