علي الشمري
الحوار المتمدن-العدد: 2501 - 2008 / 12 / 20 - 03:12
المحور:
ملف: الانتخابات والدولة المدنية والديمقراطية في العراق
الطبقة الاقطاعية _العشائرية كانت موجودة في المجتمع العراقي وهي بقايا النظام العثماني الذي أوجدها وأغدق عليها العطاء من خلال منحها أراضي زراعية شاسعة,..
بعد الاحتلال البريطاني للعراق سنة1914 م تعزز دورها من خلال أعتماد الاحتلال عليها لتثبيت نفوذه والسيطرة على الاوضاع في العراق, بل وأزداد نفوذها وأعدادها من خلال خلق طبقة جديدة من الاقطاعيين, والادهى من ذلك عمد الاحتلال البريطاني الى أعطاء الاقطاعيين وشيوخ العشائر مناصب مهمة في الدولة العراقية بما فيها الوزارات ومجلس الاعيان, وبقي الحال على ما هو الى ثورة 14 تموز سنة 1958 م والتي ألغيت النظام الاقطاعي العشائري من خلال تشريع قانون الاصلاح الزراعي والذي بموجبه مصادرة أراضيهم وطردهم من مناصب الدولة العليا, والغاء قانون العشائر الذي كان معمول به في الزمن الملكي... وبقي الاقطاعيين وشيوخ العشائر يتحينون الفرص لاستعادة أمجادهم وأستعادة نفوذهم بمختلف الوسائل عسى وأن تأتيهم الفرصة للانقضاض على النظام الجمهوري وأسقاطه من خلال دعمهم للمؤامرات والانقلابات العسكرية والمشاركة فيها بكل قواهم ..
في خلال فترة حكم البعث وفرضه النظام الشمولي على المجتمع العراقي, وبما أنه لا يملك أيدولوجية سياسية واضحة المعالم, ظل يتخبط في رسم سياسة البلد الاقتصادية , فمرة نظام أشتراكي خاص وعلى الطريقة البعثية, ومرة نظام اقتصادي مختلط, وتارة أقتصاد السوق الحر, وتارة أقتصاد أسلامي ولكن على طريقة البعث من خلال الحملة الايمانية المزيفة التي قادها االمقبور صدام.,لعله يطيل من عمر حزبه ونظامه, وخلال السنوات العشرة الاخيرة من حكم النظام,.
وبعد أن أفرغ الساحة السياسية من الاحزاب الوطنية السياسية وأعتقال وقتل أغلب كوادرها وقياداتها, وهروب الباقي الى مختلف دول العالم( معتقدا أنه بعمله هذا قد أبعد الخطر عن حزبه ونظامه) التجا النظام العفلقي الى مغازلة العشائر والاقطاع ولكن تحت ضوابط وسيطرة الحزب ومؤسساته الامنية,, فعمد الى أستحداث مديرية العشائر في وزارة الداخلية,وأعطاء الشيوخ الذين صنعهم صدام وفق مقاسات حزبه الرواتب والامتيازات الخاصة محاولا جعلهم وسادة يستند عليها نظامه المتهري,من خلال تجنيد الاكثرية منهم في أجهزة الدولة الامنية, وأصبح للشيوخ متنفس جديد في الحياة السياسية والاجتماعية , ورموا بكل ثقلهم وراء النظام البعثي حماية لمصالحهم ونفوذهم ولاستعادة أمجادهم في المجتمع العراقي. .
بعد سقوط النظام عام 2003م وأحتلال العراق من قبل أمريكيا, عمد قادة الاحزاب الدينية التي وصلت الى السلطة بمساعدة المحتل الى ألغاء قانون الاصلاح الزراعي وأعادة ملكية الاراضي المصادرة الى الاقطاعيين والشيوخ وخلق طبقة جديدة من الاقطاع والشيوخ , كون ان أغلب القوى الدينية هي المتضررة أصلا من قانون الاصلاح الزراعي,لان أمتداداتها الطبقية تعود للطبقة الاقطاعية _ العشائرية, وأن هذه القوى الدينية قد أخترقت جميعها من قبل شيوخ صدام وعيونه ,حيث ضمتهم الى كياناتها لغرض توسيع قاعدتها الجماهيرية التي تفتقر اليها أساسا ,لان الطبقة المثقفة والواعية لا يمكن جرهم الى صفوفهم مهما كثرت المغريات المقدمة اليهم. وبهذا تكونت الاحزاب الدينية من خليط غير متجانس ومتناقض في أن واحد , ومتضاربة الافكار والمصالح ولكنها تتلاقى في قاسم مشترك هو نهب اموال الدولة,وأستغلال الشعب وعدم الوطنية والاخلاص لهذا الوطن كونهم يرتبطون بمصالح ونفوذ دول أقليمية ومجاورة .
وتجسد هذا التخندق الاقطاعي _ العشائري مع الاحزاب والقوى الدينيةالرجعية من خلال أنشاء مجالس شيوخ العشائر من قبل بعض القوى ,وأنشاء مجالس الاسناد من الطرف الاخر وهذا ما ولد صراعات ومهاترات كلامية شكلت المشهد الضبابي للصورة السياسية في العراق,أما اوجه هذا الصراع بين التيارات الدينية هو ليس صراعا أيديولوجيا بقدر ما هو صراع من أجل النفوذ والاستحواذ على المال العام وتقسيم الغنائم ,لان جميع الاطراف الدينية المتصارعة تنتمي الى نفس المدرسة الدينية المتزمة,وبما أن خلال 5 سنوات من حكمهم الملي بالاخطاء والتجاوزات على حقوق الشعب ,فأن كل هذه التراكمات من الاخطاء أدت الى تغيرات نوعية في تركيبتها السياسية وهذا ما تجلى الى تشظي الاءتلاف الحاكم الى كتل واحزاب وتجزأت الكتل نفسها الى كيانات صغيرة ومبعثرة.
أما صراعها الطبقي فيتمثل بينها كطبقة بيروقراطية وبين طبقة الفقراء من الشغيلة, حيث أنهم خدعوهم في بداية الامر بشعاراتهم الدينية الزائفة وزادوهم فقرا وتعاسة من خلال الثراء على حسابهم والاستئثار بالسلطة والمال العام والنظر اليهم بأزدراء كطبقة عبيد أجراء..
أن صراع الطبقة الفقيرة يسير في محورين الاول يتمثل في صراعهم مع قسوة الظروف المعيشية التي ألمت بهم من أجل ضمان الحصول على لقمة عيشهم وبين الطبقة الارستقراطية التي اوجدتها الاحزاب الدينية الحاكمة, رافضة كل الشعارات الدينية وطروحاتهم الفكرية التي اوجدوا من خلالها الطائفية ونظام المحاصصة, وهذا يتجلى أنعاكسه على الشارع العراقي من خلال أصرار الناخب العراقي لاختيار الأصلح والانزه بعيدا عن أي معيار ديني.
أما الصراع الفكري فيتمحور بين قيم وتعاليم الاسلام السياسي وقوى اليسار والعلمانية والقوى التقدمية المستقلة من خلال طروحات وبر امج كل طرف في الحملة الانتخابية الجارية في العراق.
حيث أن الاحزاب الدينية لم تطرح في برامجها الانتخابية اى خطط اقتصادية طموحة لانتشال الواقع العراقي المزري ولم تشر الى مكافحة الفساد والمفسدين, ولم تستطع تقديم الوعود للناخب العراقي بالبناء والاعمار , حيث أن الشارع سوف يجيبهم [انكم 5 سنوات خلت وأنتم لم تقوموا بالبناء, وان الفساد والمفسدين هم منكم, وأن أغلبية قوائمهم المقدمة تحمل نفس الاسماء الحالية التي هي في السلطة , مع تغيير بعض الوجوه ولكن من نفس مدرستهم وأفكارهم البعيدة عن الوطن والوطنية..أما قوى اليسار والعلمانية والمستقلة المؤمنة بعملية التغيير الجذري للواقع العراقي فقد قدمت برامج طموحة وطروحات لاقت القبول والاستحسان من قبل الشارع العراقي لانها معبرة عن أمال وتطلعات العراقين جميعا, ورافضة النظام الطائفي والمحاصصة والذي جلب الويلات والدمار للشعب العراقي, وقد رشحت أسماء وكفاءات قادرة على تغيير الواقع جاذبة اليها كل القوى المتضررة من سياسة الاحزاب الدينية بما فيهم شريحة المثقفين والمتعلمين.
أن الصراع الفكري بين التيارات الدينية والقوى اليسارية ليس وليد الساعة , وأنما هو أمتداد لصراع قبل ثورة تموز 1958 م وما بعدها , حيث أن المساهم الاول في أسقاط الثورة هي القوى الدينية المتحالفة مع الاقطاع والرجعية, وغالبا ما تلجأ الى الفتاوي الدينية المحرفة لاسقاط التيار اليساري مستغلة مشاعر العراقيين الدينية .
حيث انها تجيد الضرب على الوتر الديني والطائفي وقت الازمات , والان بدأت بالعودة الى نفس النهج من خلال تثقيف الناس البسطاء في الجوامع والحسينيات بواسطة أئمة الجوامع وخطباء المنابر بضرورة الانتصار للمذهب والدين وأنتخاب القوائم الاسلامية كي لا تفسحوا المجال للكفرة والمشركين والملحدين من القوى اليسارية بالوصول الى الحكم , وغيرها من الخزعبلات , وأخرها قبل أيام الفتوى الصادرة من القزويني والتي تذكرنا بفتوى الحكيم في الستينيات من القرن الماضي والتي على اثرها قتل الالاف من الابرياء على الضنة والشبهة ويتحمل وزر تلك الدماء من أفتى بها.
وهذا أسلوب الضعيف والذي لا يمتلك من الطروحات الفكرية المقبولة لدى الوسط الاجتماعي,بعد أن أنكشف زيفها وبان معدنها خلال 5 سنوات من حكمهم الاستبدادي وأضطهادهم الفكري لبقية مكونات المجتمع والنهب لاموال العراق وعدم تقديم الخدمات ,وسقوطهم في نظر الجميع كونها خادمة لمصالها وليس لمصالح الشعب.....
فهل تلجأ الى شماعة الدين وشعاراته المترهلة في هذه المرحلة من الصراع وربما الاقتتال الداخلي وتضاد المصالح بينها وبين الشعب؟
وهل سيلدغ المؤمن من جحره مرتين وينخدع بشعاراتهم ويصوت لهم؟؟؟
أم أن أسقاطات حكمهم الماثلة للعيان قد ولدت ردة فعل عنيف ومعاكس لرفظهم وأستبدالهم بالاكفأ ؟
وهل يلجأو الى أسلوب التصفيات الجسدية وتهديد الناخبين؟
أم أن الناخب العراقي له رأي أخر سوف يطرحه في الانتخابات القادمة...... وهذا ما نترقبه بصبر وأمل وحذر
#علي_الشمري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟