|
تكافؤ الفرص في إنتخابات مجالس المحافظات
امين يونس
الحوار المتمدن-العدد: 2500 - 2008 / 12 / 19 - 03:12
المحور:
ملف: الانتخابات والدولة المدنية والديمقراطية في العراق
إفتقاد العدالة ، في الإمكانيات المادية المُتاحة ، للأحزاب والقوائم والشخصيات ، المُشاركة في الحملات الدعائية التي تسبق إنتخابات مجالس المحافظات ، من المظاهر المُلفتة للنظر . - قوائم " أحزاب السلطة " الغَنية ، مثل حزبَي الدعوة والمجلس الاعلى الاسلامي وبدر والحزب الاسلامي العراقي والحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني ، تتمتع بإمتيازات توفرها السلطة التي بيدها ، ولو بصورةٍ غير مباشرة ، في المحافظات الجنوبية والوسطى والغربية والعاصمة ونينوى وديالى وصلاح الدين . حيث ان ممارسة السلطة منذ سنوات ، وسط أجواء غياب الشفافية والقانون ، أتاح لهذه الأحزاب كلها التحكم بالعديد من مصادر الثروة ، والتي من خلالها يستطيعون التأثير على توجهات الناخبين . - طباعة مئات الآلاف من المُلصقات المُلونة للأحزاب والكيانات المُتّنفذة والصور المختلفة الاحجام للمرشحين وتوزيعها على مناطق واسعة ، يؤثر نفسياً على الناخب ، حيث انه " يرى " مُلصق الحزب الفلاني او صور مُرشحيه ، اينما يلتفت ! حتى تنطبع هذه الأشكال في مُخيلتهِ بصورةٍ لا إرادية . بينما لا يستطيع الحزب الذي ليس لهُ دورٌ يُذْكر في السلطة ، ان " يصرف " بذلك السخاء على الدعاية . ولا المرشح المُستقل يملك القُدرة على توفير المصاريف الكبيرة لهذه الحملات . - كل احزاب السلطة ، وكذلك بعض الاحزاب خارج السلطة والتي لها دعمٌ مادي خارجي ، تَمْتلك قنوات فضائية خاصة بها . ومن الواضح ان الإعلام المرئي لهُ تأثير مُباشر على المشاهِد المُتلقي . وهذهِ المحطات التلفزيونية تُوفر مساحةً شاسعة للدعاية الإنتخابية لِمالكيها او مُموليها . بعض الجهات مثل المجلس الاعلى الاسلامي وبدر وحزبي الدعوة والحزب الاسلامي العراقي والحزبين الكرديين ، يمتلكون عدة محطات فضائية وليست واحدة فقط ، ولو بواجهات مختلفة . وكذلك البعثيين والارهابيين و " المقاومة " ، لهم محطات عديدة تُرّوج ضد العملية السياسية وتستضيف يوميا " نواباً " و " رؤساء كتل " و " سياسيين " ، هّمهم الوحيد هو النَيل والإنتقاص من العراق الجديد ( رغم وجودهم في مجلس النواب والعملية السياسية ) . بينما الغالبية العظمى من الاحزاب والحركات العلمانية والتقدمية واليسارية والشخصيات المستقلة ، ليس لهم مَنْفذ إعلامي يستطيعون من خلالهِ طرح رؤاهُم وبرامجهم بصورةٍ تفصيلية . - لجوء كل أحزاب السلطة ، وخصوصاً في الآونة الاخيرة ، الى اسلوب توزيع " الاموال النقدية " و " الهدايا " ، كُلٌ في المناطق التي لهُ فيها بعض النفوذ او في نيتهِ تثبيت او توسيع ذلك النفوذ . وكما هو معلوم ، فأن هذا السلوك ، هو نوعٌ من الرشوة وشراء الاصوات الانتخابية تحت يافطة " المساعدات الانسانية " او " الدعم الاجتماعي " . وهذا النهج مرفوضٌ مِنْ قِبَل اليسار التقدمي والمستقلين ، ليس فقط لعدم تمكنهم من مُجاراة تلك الجهات في توزيع الهِبات والاموال ، بل من الناحية المبدئية ايضاً . - بدلاً من ان تُشّجع الاحزاب المُسيطرة على الحُكم في عموم العراق ، المُواطنة ، والولاء للدولة والوطن ، والإرتقاء بالفرد سياسياً ، فأنها إتجَهَتْ نحو إستمالة رؤساء القبائل وشيوخ العشائر ، عن طريق الإغداق عليهم من الاموال العامة وحتى تسليحهم ، في سبيل تجيير أصوات العشيرة الى هذا الحزب او ذاك . وليس نادراً ان ترى الان لافتات مرفوعة تُعلن " تأييد العشيرة الفلانية للزعيم او الحزب الحاكم " ، او تقرأ برقيات ولاء العشيرة وإستعدادها للوقوف وراء هذا السياسي الحاكم او ذاك المسؤول الطائفي . وكأننا في اطراف اليَمَن السعيد او الصومال ، حيث لازالت القبيلة تتحكم بمجريات الامور . وكأن افراد العشيرة عبيد او مجرد بيادق ، يُحّركها الشيخ كيفما يشاء وبالإتجاه الذي يريد ! ان العودة الى الخلف والتشبث بأذيال العلاقات العشائرية المُتخلفة ، والتكالب على " كسب " ود الشيوخ والآغوات ، هو إشهارٌ للإفلاس السياسي لأحزاب السلطة وتراجع فكري وثقافي الى الوراء ! - الضوابط " الخجولة " التي وَضَعَتْها المفوضية العليا للإنتخابات ، من اجل " تكافؤ الفُرص " لجميع المُرشحين وإفساح المجال بالتساوي ، في وسائل الاعلام المُمَولة مِنْ قِبَل الدولة ، هي مجرد نُكتة ! فشبكة الإرسال العراقية ، بكل فروعها وبكل إمكانياتها المادية الضخمة ، هل " خّطَطَتْ " مُسْبقاً وبشكلٍ عملي وعلمي ، لكي تكون منبراً مُحايداً لجميع الاطراف ؟ هل تقف فِعلاً على مسافةٍ واحدة من جميع الإتجاهات السياسية ؟ في الواقع ، بدلاً ان تكون شبكة الارسال ، بمحطاتها الفضائية المتعددة ومؤسساتها وإذاعاتها وصحفها ومجلاتها ، في خدمة ( الدولة ) ، فإنها في خدمة ( الحكومة ) ! وشتان ما بين الأمرين . مّرَتْ ايام عديدة ، منذ البدء بحملات الدعاية الانتخابية ، في الكثير من المحافظات ، وحدثت مخالفات وتجاوزات ، مثل إستغلال بعض الدوائر الحكومية ودور العبادة للدعاية ، وتمزيق المُلصقات والصور ، وتهديد بعض المُرشحين . فماذا كان رد فعل المفوضية ؟ لم تحرك المفوضية العليا للإنتخابات ساكناً لحد الان . المطلوب ان تُفّعل المفوضية دورها الرقابي ، لاسيما ونحن في الايام الاولى للحملة الانتخابية ، وتفرض عقوبات حقيقية على المُخالفين ، إبتداءاً بالغرامة المالية وإعلان الجهة المخالفة ونوع المخالفة وإنتهاءاً بشطب مشاركة الجهة المَعْنية بالإنتخابات ( إذا كانت المخالفات كبيرة ومتكررة ، حسب قوانين المفوضية ) ، لكي تردع الاخرين في الفترة القادمة ، وتساهم في جعل إنتخابات مجالس المحافظات ، نزيهة بدرجة مقبولة . - في كل الاحوال ، بعد ست سنوات من زوال الديكتاتورية ، فأن الإنتخابات المحلية القادمة في نهاية كانون الثاني المقبل ، ستكون خطوة مهمة في الإتجاه الصحيح . فبعد السنوات الاخيرة الصعبة والتجارب المريرة والثمن الباهض في سبيل تعلم الديمقراطية وتداول السلطة سلمياً . فأن معظم التجاذبات السياسية والإختلافات الكبيرة في الرأي والصراعات من اجل السلطة والنفوذ ، بين مختلف المكونات السياسية ، هو كما يبدو جزء من العملية الديمقراطية نفسها ، وسبيل الديمقراطية التوافقية على الطريقة العراقية ، ليسَ كلهُ مفروشاً بالورود !
#امين_يونس (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
علي الدّباغ ومواعيد عرقوب !
-
حذاء خروتشوف وقندرة منتظر الزيدي !
-
في ذكرى تأسيسهِ الثلاثين .. تحية الى pkk
-
عودة العشائرية
-
بين الإصلاح السياسي والإتفاقية
-
كاريكاتير ديمقراطي
-
ثمانية اسباب مُحتملة ، لإغتيال باراك اوباما
-
إنتخابات مجالس المحافظات .. مؤشرات اولية
-
الآغا والاسطة محمد
-
مجالس إسناد كركوك .. جحوش موديل 2008 !
-
بعد فوز - الحمار - على - الفيل - ..دروس وعِبَر
-
مليارات العراق الفائضة .. وقروض صندوق النقد الدولي
-
غارة البو كمال ..توقيتٌ سيء لخطوةٍ متأخرة جداً
-
الإتفاقية الامنية ..بين الواقع والطموح
-
- مفاجأت - علي بابا جان !
-
إنتخابات مجالس المحافظات ..حزب الفضيلة الإسلامي
-
إنتخابات مجالس المحافظات .. مؤشرات
-
البعثقاعدة يُهجرون المسيحيين من الموصل
-
الشَبَكْ : ما دامَ لدينا - قدو - ، فلسنا بحاجة الى - عدو - !
-
القادة العراقيون .. قبلَ وبعد التحرِلال !
المزيد.....
-
ويتكوف: وفد أمريكي سيتوجه إلى السعودية لإجراء محادثات مع وفد
...
-
إيطاليا.. الجليد والنار يلتقيان في مشهد نادر لثوران بركان إت
...
-
كيف يبدو مستقبل اتفاق وقف إطلاق النار بين حماس وإسرائيل؟
-
روبيو ونتنياهو يحملان إيران عدم الاستقرار في المنطقة، ويؤكدا
...
-
فيديو: مناوشات مع مؤيدين لإسرائيل أثناء مظاهرة مؤيدة لفلسطين
...
-
رئيس دولة الإمارات يستقبل النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء ال
...
-
سوريا.. هجوم على دورية تابعة لوزارة الداخلية في اللاذقية يسف
...
-
سيناتور أمريكي يوجه اتهاما خطيرا لـ USAID بتمويل -داعش- والق
...
-
السعودية.. القبض على 3 وافدات لممارستهن الدعارة بأحد فنادق ا
...
-
الخارجية الروسية تعلق على كلمات كالاس حول ضحايا النزاع الأوك
...
المزيد.....
|