|
وطن للفاشية ولا هوية قومية محددة لها
احمد سعد
الحوار المتمدن-العدد: 769 - 2004 / 3 / 10 - 10:52
المحور:
القضية الفلسطينية
* تصوروا ماذا كان سيحدث لو واصلت العصابة الفاشية العنصرية جرائم التفجيرات وقصفت بيت النائب محمد بركة بقذائف الهاون بعد محاولة اغتيال النائب عصام مخّول وبرمجة اغتيال باقي النواب العرب * لا مفر من تصعيد المعركة وبأوسع وحدة صف كفاحية يهودية - عربية لمواجهة وتكسير انياب الوحش الفاشي العنصري ودفن السياسة التي تغذيه * يا "ستّار تستر من آلاتي" أصبحت المقولة التي ترافقنا منذ عدة سنوات قبل الجلوس لسماع أخبار الصباح وارتشاف القهوة التي أصبح طعمها أمرّ من العلقم. "فواحة الدمقراطية في الشرق الاوسط" التي تروج لها وسائل الدعاية والتضليل وغسل الدماغ الاسرائيلية الرسمية والصهيونية العالمية والامريكية أصبحت اكثر من ذي قبل غابة يرتع في اوكارها وحوش الفاشية العنصرية "الجائعة" المشحوذة أنيابهم البهيمية استعدادًا للانقضاض وافتراس الضحايا.
لقد مضى ردح طويل من الزمن ونحن الشيوعيين نناقش مختلف القوى الموضوعة في خانة التعريف "تقدمية"، في داخل اسرائيل من قوى السلام والدمقراطية واليسار الصهيوني، وعالميًا بين قوى اليسار وخاصة الاوروبي، الذين ضلّلتهم الدعاية الصهيونية وغباء الإعلام العربي وكانوا على قناعة بأن شعبًا كان ضحية الفاشية والنازية وعانى الموت الزؤام في معسكرات الاعتقال النازية لا يمكن ان يصبح جلادًا ويخرج من رحمه بناديق الفاشية العنصرية. فكلمة الفاشية كانت تثير "حساسيتهم الانسانية". لقد اكدنا دائمًا ونؤكد اليوم بناء على الوقائع والمعطيات المخضبة بدماء الضحايا ان لا وطن للفاشية ولا هوية قومية محددة لها. فالفاشية تولد في رحم الرأسمالية وتنمو بأنيابها المفترسة وتترعرع على خلفية أعمق أزمة يواجهها النظام اقتصاديًا وسياسيًا واجتماعيًا. ولإخفاء مسؤوليته عن الازمة وللخروج من دوامتها يفتش عن اعداء وهميين في الخارج والداخل لتحميلهم المسؤولية او لغض الطرف وصرف الانظار عن المدلولات المدمرة لسياسته وأزمته الكارثية اجتماعيًا، فتوجه سهام السياسة العرقية العنصرية ضد الاقليات القومية وضد العمال الاجانب، او ضد بلدان وشعوب. كما أكدنا ونؤكد نحن الشيوعيين ان الصهيونية من حيث جوهرها الطبقي ومدلولها السياسي هي حركة سياسية عنصرية رغم التفاوت في مدى الشراسة والعنصرية بين تياراتها المختلفة، "اليسارية" والليبرالية واليمينية والفاشية العنصرية. وهذا ما نواجهه على ظهورنا نحن الاقلية العربية الفلسطينية في اسرائيل، نحن المواطنون العرب في اسرائيل، وهذا ما يواجهه الشعب الفلسطيني في المناطق الفلسطينية المحتلة.
أكدنا ونؤكد اليوم اكثر ان الاحتلال الاسرائيلي دفيئة وحاضنة ومستنقع ترعرع وانتعاش وزيادة مخاطر الحركات والتنظيمات الفاشية العنصرية اليهودية السرية والعلنية، وممارساتها الاجرامية ضد شعب الانتفاضة الفلسطينية وضد المواطنين العرب والدمقراطية في داخل اسرائيل. لقد قيّمت وحلّلت في معالجة سابقة في "الاتحاد" عن مأسسة الفاشية العنصرية في ظل حكومة الاحتلال والاستيطان اليمينية الشارونية ومدلولاتها الكارثية على السلام والأمن والدمقراطية والمساواة والتعايش في المنطقة وداخل المجتمع الاسرائيلي، ولن اعود الى هذا الموضوع اليوم، ولكن ارى من الاهمية بمكان التطرق الى امرين اساسيين يعكسان مخاطر التدهور الحاصل واهمية صقل الآليات الكفاحية لمواجهتهما.
الأمر الأول: عقد وزراء خارجية الجامعة العربية في منتصف الاسبوع الماضي اجتماعًا تحضيريًا لبلورة الموقف من"قضايا ملحة" لطرحها ومناقشتها في مؤتمر القمة العربية الذي سيعقد في نهاية شهر آذار الحالي في تونس. احد المواضيع التي طرحت على طاولة النقاش والمداولة كان المبادرة الامريكية حول "الشرق الاوسط الكبير" المقدمة من قبل بوش تحت اسم "معالجة مشاكل البطالة والفقر وقمع الحريات"!! ومجرد طرح هذا الموضوع يعكس مدى استهتار الادارة الامريكية بمكانة وقيمة ووزن ودور الانظمة العربية على الساحة الدولية وفي المنطقة. فطرح هذا الموضوع جاء بشكل املاء امريكي اذ لم يجر أي تشاور مع أي نظام عربي لأخذ رأيه او رأي شعبه التوّاق فعلا للاصلاح والدمقراطية، انه تدخل امريكي فظ في الشأن الداخلي للغير ويندرج في اطار استراتيجية الهيمنة الامريكية الاقتصادية والسياسية والثقافية على بلدان وشعوب المنطقة ومن خلال تسويق "النمط الامريكي" لحياة "الليبرالية الجديدة" وركيزتها الخصخصة وهيمنة القطاع الخاص واقتصاد السوق الذي سيحول بلدان المنطقة الى سوق استهلاكي تابع وتحت رحمة الواردات الاجنبية.
كما يعتبر طرح هذا الموضوع وقاحة امريكية امبريالية سافرة تستهتر بالعرب وبقضاياهم المركزية. فهل يمكن حل القضايا الاقتصادية في ظل عدم الاستقرار السياسي في المنطقة وتغريب القضية المفصلية والمركزية للعرب، القضية الفلسطينية والصراع الاسرائيلي العربي. وقضية العراق المحتل امريكيًا، من اجندة "الشرق الاوسط الكبير".
لقد خرج وزراء الخارجية العرب من مؤتمرهم "تيتي تيتي مثل ما رحتي اجيتي"، وقد "اتفق العرب على ان لا يتفقوا" ولو كانت دماء الانسانية تجري في الشرايين لرفضوا حتى مجرد بحث هذا الموضوع ومن منطلق التضامن مع الشعبين الفلسطيني والعراقي واستغلال هذا التضامن كمكبس ضغط يضغط باتجاه انه لا حل يسبق الحل العادل للقضية الفلسطينية والعراقية على جدول اولويات الجامعة العربية. وما يثير القرف والاستنكار ان النظام القطري، وفي "عز دين" تصعيد الجرائم والمجازر التي يرتكبها المحتل الاسرائيلي في المناطق الفلسطينية المحتلة، يوجه دعوة الى الفاشي العنصري، الوزير افيغدور ليبرمان (وزير المواصلات) للمشاركة في مؤتمر وزراء المواصلات في قطر في نهاية هذا الشهر.
الانكى من كل ذلك انه في الوقت الذي اختتم فيه وزراء الخارجية العرب اجتماعهم دون التوصل الى موقف موحد حول "مبادرة السلام العربية" او كيفية مواجهة مخطط شارون التصفوي الذي يطلق عليه اسم "فك الارتباط" من طرف واحد، في هذا الوقت بالذات جاء الرد الاسرائيلي سريعًا بتصعيد جرائم ومجازر المحتل الاسرائيلي ضد شعب الانتفاضة وقيادته الشرعية. والظاهر انه في ظل تخاذل الانظمة العربية وقبل سفر شارون الى واشنطن في نهاية هذا الشهر يسابق المحتل الاسرائيلي الزمن لفرض وقائع احتلالية جديدة من خلال التصعيد الجنوني للعدوان. فزرد الحزام من جديد على رقبة الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات بمحاصرة مقره في المقاطعة في رام الله ومحاصرة رام الله وضواحيها يندرج في اطار التآمر الاسرائيلي - الامريكي للتخلص من الرئيس الفلسطيني والسعي لايجاد قيادة بديلة مريحة لتحالف العدوان ومستعدة للتنازل عن بعض ثوابت الحق الفلسطيني المشروع. ولاذلال شعب الانتفاضة وكسر شوكته في اطار تهيئة الظروف لتمرير "خطة فك الارتباط" من طرف واحد في قطاع غزة قامت قوات الاحتلال صباح امس الاحد بارتكاب مجزرة دموية همجية جديدة في قطاع غزة، في مخيمي "البريج والنصيرات"، اذ قامت ارتال دباباتها ومجنزراتها وطائرات "الاباتشي" بقتل اربعة عشر فلسطينيا وجرح اكثر من ستين من المدنيين. وقد ادعى المحتل ان الدافع لارتكاب جريمة الحرب الجديدة والهدف تدمير "مصانع" صواريخ القسام. ولكن نتيجة المجزرة لم تكن ابدًا تدمير أي مكان بل زهق ارواح وقتل الناس الابرياء. وهذه المجزرة تكشف أبعاد تحويل قطاع غزة الى ارض محروقة في اطار خطة فك الارتباط. ان المجتمع الدولي بأسره يتحمل المسؤولية في عدم تحركه للجم هولاكو المجازر والتدمير وتوفير الحماية للشعب الفلسطيني وضمان أمنه من بطش وجرائم المحتل الذي يعرقل ويدفن كل مبادرة وكل جهد يبذل لوقف نزيف دم الصراع واستئناف المفاوضات السياسية لانجاز التسوية.
لقد اصبح واضحًا انه لا يمكن انجاز اية تسوية سياسية عادلة في ظل حكومة اليمين الشارونية. وواجب ومهمة الاسرة الدولية، هيئة الشرعية الدولية و"الكوارتيت" فرض الحل على حكومة الاحتلال والاستيطان والمجازر اليمينية الشارونية. الأمر الثاني: الفلسطيني غير آمن على حياته في ظل الاحتلال وجرائمه والمواطن العربي في اسرائيل أصبح غير آمن على حياته في ظل تصاعد المد الفاشي العنصري المعادي للعرب ونشاط عصابات ارهاب سرية فاشية عنصرية يهودية برنامجها كره وقتل العرب وترضع لبنها الفاسد من سياسة القهر القومي والتمييز العنصري المعادية للمواطنين العرب التي تمارسها الاوساط الرسمية، ترضع لبنها الفاسد من التحريض الدموي الذي يمارسه وزراء ونواب الكنيست ضد الجماهير العربية وممثليهم. ويتبين من المعلومات التي تنشر يوميًا ان الفاشي العنصري اليران جولان الذي وضع المتفجرات لقتل العرب في حيفا وفي سيارة النائب عصام مخّول لم يكن "ذئبًا وحيدًا" بل زعيم عصابة ارهاب فاشية تعمل بشكل منهجي ومنظم لقتل العرب والنواب العرب. تصوروا ماذا كان سيحدث لو ان هذه العصابة نفذت بناء على المعلومات التي جمعها المتهم بالعضوية لهذه العصابة الفاشية والمدعو يفغيني جرويسمان (المعلومات عن اماكن سكن النواب العرب) بتفجير البيوت وقتل النواب وعائلاتهم!! لقد اعترف جرويسمان انه بعد تفجير سيارة النائب عصام مخّول بهدف تصفيته جرى رصد وملاحقة النائب محمد بركة عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي الاسرائيلي ورئيس مجلس الجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة حتى مكان سكناه في مدينة شفاعمرو، حيث وضعت خطة لتفجير بيته بقذائف الهاون والصواريخ وتصفيته وابناء عائلته وان الدور على لائحة التصفية سيصل الى باقي النواب العرب؟ تصوروا ماذا كان سيحدث لو نجح المجرمون النازيون بتصفية بركة ومخّول والطيبي والصانع وبشارة؟ هل تريد حكومة الاحتلال والقهر القومي ان نصل الى وضع نطالب فيه بالحماية الدولية من دولتنا ونظامها العنصري وعصاباتها الفاشية العنصرية؟ ان قضية الساعة تستدعي رصّ اوسع وحدة صف كفاحية عربية يهودية، يهودية عربية لتكسير انياب الوحش العنصري ومن يقف وراءه ويغذيه. ومن يبدأ بالعرب تصل انيابه حتمًا الى الدمقراطيين اليهود والى كل معاد للفاشية. ولن يرهبنا الارهاب الفاشي وسنواصل دربنا من اجل السلام والمساواة والدمقراطية.
#احمد_سعد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ما هو المدلول الحقيقي ((لاسرائيل العظمى)) في تصدير الاسلحة؟؟
-
أمن واستقرار العراق يستدعيان وأد محاولات الفتنة وجلاء قوات ا
...
-
الخزيُ والعار للمجرمين قتلة المناضل خليل زبن
-
من ((جنين - جنين)) الى ((البعنة - البعنة))
-
لمواجهة أنياب الفاشية العنصرية المفترسة
-
هل ينجح تحالف قوى العدوان الاسرائيلي - الصهيوني - الامريكي ب
...
-
أي مخطّط تآمري ينسجه الوفد الامريكي مع حكومة شارون!
-
لِتُقرّ الكنيست اليوم موقف الاهالي بفك الدمج الكارثي
-
هل تنفجر في اسرائيل هبّة الفقراء والجياع؟
-
هل تستطيع لجان التحقيق طمس الأهداف الاستراتيجية الاساسية للح
...
-
ماذا وراء ((قنبلة)) شارون السياسة بتوصية وفرضية اخلاء المستو
...
-
السلطات المحلية وموظفوها السياسة الحكومية الاسرائيلية الاقتص
...
-
يخدم مصلحة من الاعتداء على الحزب الشيوعي العراقي؟
-
في الذكرى الثمانين لوفاته ويبقى لينين واللينينية منارة ارشاد
...
-
حكومة يمينية هذا منهجها ونهجها لا تقود الاّ الى الكوارث
-
لمواجهة تحدّيات استراتيجية الهيمنة العدوانية:التنسيق الكفاحي
...
-
بالتفاؤل الواعي نخطو لاجتياز عتبة العام الجديد
-
رفض ضباط احتياط من الوحدة المختارة في القيادة العامة للجيش ا
...
-
في مؤتمر هرتسليا: نتنياهو سكت دهرًا ونطق كفرًا بطرحه المعادل
...
-
حوار أخوي مع شيوعي عراقي حول الاوضاع المعقّدة والمتفجّرة في
...
المزيد.....
-
سفير الإمارات لدى أمريكا يُعلق على مقتل الحاخام الإسرائيلي:
...
-
أول تعليق من البيت الأبيض على مقتل الحاخام الإسرائيلي في الإ
...
-
حركة اجتماعية ألمانية تطالب كييف بتعويضات عن تفجير -السيل ال
...
-
-أكسيوس-: إسرائيل ولبنان على أعتاب اتفاق لوقف إطلاق النار
-
متى يصبح السعي إلى -الكمالية- خطرا على صحتنا؟!
-
الدولة الأمريكية العميقة في خطر!
-
الصعود النووي للصين
-
الإمارات تعلن القبض على متورطين بمقتل الحاخام الإسرائيلي تسف
...
-
-وال ستريت جورنال-: ترامب يبحث تعيين رجل أعمال في منصب نائب
...
-
تاس: خسائر قوات كييف في خاركوف بلغت 64.7 ألف فرد منذ مايو
المزيد.....
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|