مريم نجمه
الحوار المتمدن-العدد: 2499 - 2008 / 12 / 18 - 07:40
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
1 – الأسرة
هل مفهوم الأسرة عموماً مرتبط في مسألة الإهتمام بالتراث المجتمعي المتخلف ينبع من الأساس الإجتماعي المدرك الواعي ..؟–
أم هو النظرة الإقطاعية والبرجوازية للمرأة كسلعة في سوق النخاسة – للمطبخ – والإنجاب – والمصالح الأنانية الأخرى – مع سيف الطلاق والتشريد المشهَر عليها دوماً , الأمر الذي انعكس سلباً أو إيجاباً على تربية الأجيال الصاعدة .
إن لموقع الأسرة الطبقي , والإجتماعي أهمية كبرى في فهم الترات ككل , ونقل الجيد النافع للأبناء وحثهم للإهتمام به كقيمة حضارية .. وخزين جمالي في تربية الحس والذوق والأخلاق بنكهة الماضي , وديناميكية وتقنية وجمالية العصر . ونبذ كل ماهو رجعي واستبدادي وعنصري ..
أما السلطة الأبوية المستبدَة أو الجاهلة التي تضع الأبناء والزوجة في قوالب جامدة وإقفال عقولهم على ثوابت لا تقبل النقاش من التراث , يفرض عليهم ترديدها كالببغاء , تختار منها ما يتناسب مع القهر والظلم والقمع والسلطة الأبوية , وسحق شخصية الطفل والزوجة وإرضاعهم عبودية الفكرة الثابتة الصنمية ليقدم لها فروض الطاعة العمياء .
إن تقديس التراث كما هو , أو الفكرة الثابتة دون نقاش وحوار وتحليل , يغتال كل شعاع نور في التراث للتحرر والتطور , ويلغي العقل البشري , ويمنعه من التفكير المنطقي السليم المنفتح على الجديد بقيمه الحضارية .
إن أسرة منغلقة كهذه , لا يمكنها أن تنتج إلا أجيالاً مشوَهة هزيلة الشخصية لاتثق بنفسها و لا تعرف دورها في الحياة , وموقعها من التاريخ .
ولم يستطع الإستبداد , ولن تستطيع أفكار السلطة الرجعية المهيمنة أن تضع الأجيال في قوالب التقليد الأعمى وإلغاء عقولهم وتدجينهم ,
كما لم تستطع منعهم من الإنزلاق في مهاوي الليبرالية و الأخلاق الرأسمالية في عصر التمركز الإمبريالي والهيمنة , لتتمرَد على السلطة الأبوية المستبدة نفسها أو إلى ماهو أسوأ من الضياع الذي يريده أعداء الشعوب للشباب اليوم , لا تراث .. لا مستقبل .. ولا بناء ..
.......
2 – دور الدولة ومؤسساتها :
تعمل معظم الدول العربية كغيرها من القوى الظلامية التابعة في العالم , لإبقاء الجانب الرجعي من التراث سلاحاً مشهَراً ضد الشعب وطموحه للتحرَر .
أما الجانب الثوري الديمقراطي منه فتعمد لتشويهه وطمسه وحذفه من مناهج التدريس , والإعلام . فهي تؤمن وتفهم التراث طبق مصالحها الطبقية والسياسية . وفي نفس الوقت , تفتح الباب على مصراعيه أمام الشباب والشابات لتقليد قشور ونفايات ومظاهر الإنحلال البرجوازي , والركض حول الجنس والمال كثقافة وسلوك , ليصبح المثل القائل :
" من يغتصب , أو يأخذ أمنا , نسميه عمنا " – حقيقة في مدرسة الإنتهازية والإنحطاط واقعاًملموساً غريباً عن أرضنا وشعبنا وهذا أكبر هدف حققه أعداء الأمة في الداخل والخارج حيث طبق المثل القائل على هذه الأنظمة : " كالغراب الذي أراد تقليد مشية الحجل , فلم يستطع , فنسي مشيته القديمة " .
لقد حولوا المدرسة , ومعظم الإعلام المرئي والمسموع , والفن والأدب إلى أدوات ميتة لا حياة فيها تخدم نظام الطغاة وحسب, ولا تمت بالصلة لا بالماضي ولا بالمستقبل المرجو , بل لتكريس العادات والأفكار التافهة المرضية , واللامبالاة والعبودية والنزعة الذاتية والرعب من قول – لا - في المجتمع واجترار كل ما هو سئ ورجعي , وطمس كل ما هو إيجابي من التراث .
3 – دور الأحزاب السياسية , والنقابات , والمنظمات , والجمعيات , والنوادي , والحركات الثقافية والإجتماعية :
معظم هذه التنظيمات والتجمعات على مختلف إنتماءاتها الطبقية والفكرية لم تكن في هذه الأيام سوى الوجه الاّخرا لمشوَه للدولة , بعد أن تحولت إلى دكاكين سياسية لخدمتها وتبرير جرائمها وممارساتها ضد أبسط الحريات العامة ومصالح الأكثرية الساحقة من الشعب , هذه الشرائح والمؤسسات الإجتماعية وقفت في الماضي واليوم في قفص الإتهام أمام الإيجابي والثوري من التراث الشعبي من جهة , وأمام أجيال اليوم الضائعة , وأجيال المستقبل القريب التي ستعيد للوجه النضال الشعبي إشراقه لبلوغها الهدف الكبير لتحقيق وحدة الذات البشرية الممزقة بين الأنا , ونبذ الأنا والغيرية ووحدة الأمة العربية الديمقراطية - التي مزقتها الإحتلالات وعروش القراصنة – ووحدة تسلسل الإيجابي من الماضي النضالي الخلاَق المبدع والمستقبل المتحرر عبر مسيرة الكفاح الطويل ..
وفي الحقيقة إن عملية التنقيب عن التراث والتاريخ الشعبي , ليست عملية سهلة في الواقع , ولا يمكن الكشف عنها من وراء المكاتب والكتب بل أنها عملية العيش مع الجماهير الطيبة البسيطة المنتجة والتعلم منها , لأنها خير مدرسة لإعادة تثقيف حملة الشهادات والألقاب .
كما لا يمكن أن تتهم بالجمود الفكري , والعودة إلى الوراء لأنها من صلب التقدم والتحرر بعيدة كل البعد عن التعصب القومي أو الحزبي أو الفكري أو الديني الضيق المتكلس , بل هي على العكس تماماً .
إنها عملية خلاقة مبدعة متوازنة تنهل من ينبوع المعرفة الحسية للجماهير النابعة من ممارستها العملية في الإنتاج , وحياة المجتمع خلال حقب طويلة موغلة في معطيات الزمان والمكان .
إن رفد هذه العملية بجداول جديدة , عذبة , يحقق ديمومة الحياة وتخلق مصباً غزيراً دفاقاً بالحركة والخيروالخصب والنماء .. يفرض على الإنسان الجديد أن لا يكون سلبياً في موقعه وتاريخه وزمانه .. وبين أبناء شعبه .
..............
الأمثال الشعبية " ... هذا الجانب البسيط من التراث الذي اخترته كموضوع للكتابة والتدوين , والتنقيح , هذا ( القاموس الفكري الشعبي ) , هو في اعتقادي جزء من الأدب والفن والفكر , والبناء الفوقي للمجتمع , مثل الشعر الشعبي ( الزجل – العتابا – المعنَى – الدبكة – الرقص – أغاني الأفراح والأحزان - الملابس – الأزياء الشعبية – والأشغال اليدوية – الخ ... ) , وكل نتاج الفلكلور الذي يتلهف الفنانون والمخرجون اليوم للعودة إليه وتقليده وتطويره , بعد أن أصابت شعبنا تخمة تقليد مساوئ الثقافة الهابطة وسلبياتها حتى كاد يفقد أصالته واعتزازه بالإنتماء ..
لهذا .... فالكشف عن جانب الأمثال الشعبية من حياة شعبنا عبر عملية التدقيق والتمحيص المستمرتين بشكل وضع اللبنات الأولى لهذا البناء , تاركة للأجيال الجديدة إكمال وتطوير هذه اللوحة الجمالية في لغتنا الخصبة – وأدبنا الثر ومكتبتنا العريقة التي تبتدئ من :
الكهف – الجدار – والقبر – إلى الرقم – والبردي – المعبد – والأهرام – والزقورة – والأختام – إلى المسلات والنصب والحجر والتحف والنسخ اليدوي – الى الكنائس والمساجد والأديرة والقلايات ووووو ..) حتى يومنا هذا .
إن حبي لهذا اللون من أدبنا الشعبي واهتمامي به , دفعني للإصغاء إليه من أفواه الناس في وطني الحبيب ( الصغير والكبير ) واختزانه في ذاكرتي , ثم تدوينه على الورق لئلا يفوتني مثل أو حكمة أو قول من فم الشيوخ والمسنين , أو في حديث مع جارة أو صديقة والزملاء في العمل , أو مع الطلاب في المدرسة , .... في الباص .. في المتجر , مع السياسيين والمناضلين العرب والأكراد والأجانب .. من فم الأهل والأقارب والجيران والأصدقاء داخل الوطن أو في بلاد المهجر والغربة .. مثلا ... حيث كنت شغوفة لسماع أحاديثهم المؤيدة والغنية بالأمثال وأبيات الشعر لشرح فكرة ما أو عمل من الأعمال , أو موقف من المواقف , وفي ذلك راحة وسعادة كانت تنسيني هموم الحياة والعمل , وتنقلني إلى معايشة حية عملية عميقة ومتفاعلة داخل المجتمع ..
ومما لاشك فيه أن السياسي والمدرَس والمناضل , أو الإنسان العادي الناجح في قوة الحجة والإقناع والشرح وتقريب الموضوع أو الفكرة للذهن , هو الذي يتقن فن الكلام بلغة الناس البسطاء العاديون حيث تشكل الأمثال نكهتها المعطرة وتمنح للحديث رونقاً وجرساً موسيقياً لا ينساه المستمع , وربطاً مقنعاً للأفكار والأحداث والموضوع المطروح للمعالجة أو البحث .
وقد كنت عندما أكتسب أو أسمع مثلاً أو حكمة جديدة كمن وجد درَوة أو وردة يضعها في بستانه خوفاً من ضياعها ..
نعم .. هذا ما كنت أشعر به فعلاً , ولكن هذا الجمع من الكم المتراكم , هو المرحلة الأولى من عملية الحصاد التي تشكل الخطوة الأولى نحو تقنين وتنظيم وبلورة جانب هام من تراثنا المنسي ....
ولنجعله يتألق من فجر إلى فجر , علينا واجب الإضافة والعطاء واتسجيل والإبتكار , بتلخيص خبرة ما من واقعنا ومعايشتنا وتجربتنا الغنية في عالم التربية والتعليم والتدريس والعمل والنضال والسياسة والمجتمع والكفاح اليومي المرير .... الطويل .. الطويل .. داخل الساحة السورية والعربية , والعالمية , لأن الإنسان العصري إنسان غير متقوقع ومنعزل غير مغلق أو متعصَب الإطلاع على كل شئ واكتشاف كل شئ حتى لا يبقى وحيد النظرة والثقافة فهو يعيش في دوائر إجتماعية عديدة , وفي ساحات سياسية وثقافية متنوعة , وطنية , وإنسانية .
إذاً ... فعملية الأخذ والعطاء أوسع وأغزر , وعملية التلقيح الفكري أخصب وأسرع .. وأذكى وأرقى جمالية وفناً , وعلماً ....... للبحث بقية ......... من مؤلفي : أمثال من بلادي – المقدمة – 1987 – 1988
............
لقد نقلت وكتبت في مقالات سابقة تحت عنوان : ( من كل حديقة زهرة ) الكثير من الأمثال المتفرقة والاّن أنقل بعض الأمثال من الباب الأول لهذا المؤلف :
الباب الأول
في الوطن – البيت – والأسرة
في الوطن :
1- " حب الوطن من الإيمان " .
2- " الدين لله , والوطن للجميع " .
3- " الوطن , قتّال " .
4- " عمَر الله البلدان , بحب الأوطان ".
5- " فقر الإنسان في وطنه غربة " .
6- " لو ما كان حب الوطن قتال , كانت بلاد السود خراب " .
7- " زيوان بلدك , ولا قمح الغريب , أو القمح الصليبي " .
8- " ألأرض , أغلى من العرض ".
9- " أرضك , عرضك " .
10- " يا وطني , ياسندي " .
11- " الغربة , كربة " .
12- " الغربة , ضيَاعة الأصول " .
13- " من تغرَب ضاع , ومن رهن باع , ومن تقاعس جاع " .
14- " من يشلح أهله , يبرد " .
15- " الغنى بالغربة وطن , والفقر في الوطن غربة . "
16- " لا نبيَ في وطنه مقبول " .
17- كل غريب للغريب , نسيب " .
18- " يا غريب , خليك أديب " .
19- " لاتنسوا إضافة الغرباء " .
20- " ليضيف بعضكم بعضاً بدون دمدمة " .
21- " حدا بيطلع من ثيابه ؟ " .
22- " اللي بياكل من صحن غيره لا يشبع " .
23- " أهلك ولا تهلك " .
24- " ثوب العيرة لا يدفئ , وإن دفأ لا يدوم " .
25- " الروحة باليد , العودة ليس باليد " .
26- " الرستلة ( المكتوب ) , ثلثين المشاهدة " .
27- " بنت البلاد , بتحمل عالخير والشرّ " .
28- " الكلب في بيته سبع " .
29- " الكلب ع باب صاحبه , نبّاح " .
30- " الرزق اللي مو ببلدك , لا إلك ولا لولدك " .
31- " كل ديك على مزبلته صيّاح " .
32- " مكان ما ترزق , إلزق " .
33- " لا غايب إلا واستغنينا عنه , ولا حاضر إلا واحتجناه " .
34- " إبعد تا حبَك , واقرب تا سبَك " .
35- " يا ذل الماتغرّب , اللي ماتغرّب في صباه " .
36- " الغايب ليس له حصَة " .
37- " إذا تغيَرت المراعي , سمنت العجول " .
38- " يارايح , كثر ملايح " .
39- " يا رايح , كثر قبائح " .
40- " الغريب أعمى , ولو كان بصيراً " .
41- " اللي بعيد عن العين , بعيد عن القلب " .
42- " النقلة فيها فرج " .
43- " لا تلوم الغايب , حتى يحضر " .
44- " الغايب عذره معه " .
45- " الغايب حجته معه " .
46- " إذا رجعت من السفر , قدَم لأهلك ولو حجر " .
47- " من تذكرني بعظمة , كنت عنده عظيماً " .
48- " كل نبي في وطنه غريب " .
49- يا باني في غير بلدك , يا مربَي غير ولدك " .
50- " نار القريب , ولا جنة الغريب " .
51- " كوخ في بلدك , ولا قصر في الغربة " .
52- " من ترك داره ,. قلَ مقداره " .
53- " بلاد الله , لعباد الله " .
54- " يللي بيطلع لبراَا , بشوف الله " . .... يتبع
#مريم_نجمه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟