|
بهدوء.. دفاعاً عن الوطني العراقي منتظر الزيدي الصحفي والإنسان
أحمد الناصري
الحوار المتمدن-العدد: 2498 - 2008 / 12 / 17 - 09:02
المحور:
الصحافة والاعلام
السؤال الخلافي الأول الذي برز في الموقف من حادثة الصحفي الوطني العراقي منتظر الزيدي ضد المجرم الإرهابي بوش، هو هل كان التصرف الذي قام به الصحفي منتظر الزيدي، ضد المجرم بوش تصرفاً طبيعياً ومهنياً وحضاريا، على الأقل، كما يقول ويسأل البعض؟؟ رغم شكلية وسطحية وسقوط السؤال في حالتنا العراقية الرهيبة والوحشية، فأنني سأجيب مباشرة وبين ثنايا هذه السطور على هذه التساؤلات بوضوح تام. فمن يقف في أوحال الدم والدمار لا يفكر بهذه الطريقة المرتبة والمعلبة، ومن يشاهد الدمار الشامل ومسلسل وجرائم الاحتلال، لا ينظر الى بوش كونه زائر أو ضيف عادي( هو ضيفكم وزائركم ومحرركم) دع عنك إنه محرر كما يدعي الطالباني وازلام الطائفية المريضة والعملية السياسية، الذين قبلهم بوش وأجتمع بهم واحد بعد الآخر. وهناك من يؤدي الواجب لأنه قبض، وهناك من ينتظر في الطابور أمام معزل المنطقة الخضراء والسفارات والدوائر الأخرى، وهناك من أخفق وأخطأ في اجتهاده، وليس له حسنة تذكر وفق الفقه الوطني. وأصل القضية هو الخلاف، بين موقفين، موقف وطني، وموقف آخر موالي وتابع للاحتلال، وأسباب وأشكال هذا الموقف معروفة ومكشوفة. الزلزال العنيف الذي أحدثه موقف منتظر الزيدي في المؤتمر الصحفي ضد المجرم بوش، سيظل مستمراً في نشاطه وارتداداته العنيفة داخل العراق وفي عموم المنطقة وفي داخل أمريكا، وسوف لن يتوقف بسرعة. ولن تتوقف نتائجه وانعكاساته بسهولة أبداً، ولا يمكن لجهة ما أن تسيطر عليها وتوقفها. لقد أطاح الزيدي ببقايا هيبة بوش ومن وراءه أمريكا ومشاريعها في بلادنا، وأفسد العرس المشبوه ( عرس الواوية والثعالب) للاحتفال باتفاقية العار، وقلب الطاولة على الجميع. من هنا فقد جاءت الردود عنيفة وهائجة ومتوترة وفاشلة. وهي تخلط كل شئ وتحاول أن تمسك بالمشهد التلفزيوني والواقعي، أو تقلل من تأثير الصورة الرهيب عليهم. لقد صدمهم منتظر، وهز وكشف وضاعة وهشاشة المشهد الملفق. نحن نعرف إن الوضع الأمريكي الداخلي متداع الى ابعد الحدود، وهذا ينعكس مباشرة على القبضة الأمريكية ومشاريعها في الخارج، وخاصة في ورطة أفغانستان وبلادنا، حيث لا تزال تدور فيهما حرب عدوانية شرسة ومخططات خطيرة، لم تنجح ولم تكتمل بعد. لقد أضاف منتظر طاقة قوية للصراع المشتعل بين الشعب العراقي والاحتلال، وكسر حواجز كثيرة وكبيرة دفعة واحدة، وأطاح بها بعيداً بضربة واحدة. لم يكن هناك خلاف شخصي بين الزيدي وبوش، ولم يكن بوش زائراً عادياً أو ضيفاً طبيعياً ومرحباً به في عاصمتنا وبلادنا. فقد كان لص مسلح سطا على عاصمتنا بالقوة المسلحة ثم جاء ليأخذ الغلة ( الدخل). وهذا أصل الخلاف وأساس المشكلة وأصلها وجوهرها، هو مشكلة الاحتلال ونتائجه في بلادنا وليس شئ آخر، وهذا ما لا يمكن تجاوزه بالكلام الفارغ أو الدعاية الباطلة، أو التقليل من شأنه. الدلالة الرمزية والسياسية كبيرة ولا حد لها، بل مليئة بالثراء الرمزي الذي تنطوي عليه الحادثة، والتي أدت الى سقوط رمز مهزوز أصلاً، وسقوط معاني كثيرة. خاصة والمراكز السياسية والمخابراتية الأمريكية تدرس هذه المعاني والدلالات بمعناها المحلي، حول رمزية النعال والحذاء، ودرجات هذه الرمزية، وهذا ما استوعبته وفسرته الصحف الأمريكية والأوربية بإسهاب ودقة، حتى إنها فرقت بين التلويح بالحذاء ومعناه، والضرب به باعتباره أعلى درجات الإهانة. وقالت الصحف الأوربية إنها نهاية غير متوقعة وغير سعيدة. بل لقد تعرض بوش الى اغتيال رمزي. فما هو حجم الخسارة التي كان سيتعرض لها ماكين، لو كانت الحادثة قبيل الانتخابات الأخيرة مثلاً؟؟ العمل البطولي الرائع الذي قام به الصحفي العراقي منتظر الزيدي يصنف ضمن أعمال المقاومة الشرعية ضد الاحتلال ضمن تكييف وطني سياسي وقانوني. وقد دفع هذا الحدث الكبير العمل الوطني العام مراحل جديدة دفعة واحدة، بل غير شكل العمل الجماهيري المقاوم، وسوف تستمر التداعيات حتى نهاية الاحتلال. المشكلة الرئيسية التي تواجهنا الآن، هي إنقاذ منتظر الزيدي من براثن الاحتلال، وكشف مصيره ومكان وجوده، والتحقيق في قضية الاعتداء عليه في القاعة وأمام الكاميرات، من قبل الحرس الأمني الأمريكي والعراقي، والتعرف على ما جرى له بعد الاعتقال، ونقله الى المستشفى لتلقي العلاج، والسماح لأهله وللمحامين بلقاءه ومعاينة وضعه، حيث لا تزال الأخبار المتسربة عنه قليلة ومتناقضة، وحيث يقال أنه نقل سجن كروكر، أو أنه محجوز من قبل حرس المالكي، ويجري تعذيبه والتحقيق معه بأساليب غير قانونية وغير شرعية. منتظر الزيدي صحفي وطني معروف في الأوساط الصحفية والإعلامية. وسوف تسقط المحاولات الرخيصة والغبية لتشويه سمعته وتاريخه القصير، فهو شاب لم يتورط في أعمال وكتابات ضد الناس، أوفي خدمة الدكتاتورية أو الاحتلال. المبتذلون والتافهون والرعاع والخدم والحشم كثر، وهذه العبارات لهم وليست لنا، وعندما كنا صغاراً، كنا نقول أن من يشتم أو يسب، فأن الشتيمة والسبة ترجع وتعود عليه، وأن من يبصق الى السماء فأن البصقة ستسقط على رأسه ووجه لا محال، ولن يطول السماء. وآراءهم لا تستحق الرد فعلاً، إنما يمكن تجميعها في ( سلة ) الاحتلال وأرشيفه. لا توجد ثقافة ( قنادر)، فهذه القضية ليست لها علاقة بالثقافة، إنما هي سلوك احتجاجي اجتماعي معروف في بلادنا، باعتبار أن الحذاء الجزء الذي يمكن أن يطأ ويلامس ويدوس على الأوساخ والأقذار وأرضية المراحيض والشوارع القذرة في بلداننا، و( هذا لا ينطبق على أوربا طبعاً ) ومن هنا جاءت قيمته المعنوية العالية. وهي ليست ثقافة شارع، فثقافة الشارع شئ آخر، وهي ليست خاطئة وليست سبة، إنما هو سلوك شعبي، أو سلوك شارع شعبي، وهذا لا يضر ولا يضير، إلا بالنسبة للذين ابتعدوا عن الناس وعن شوارعهم. وهي ليست ثقافة بعثية أبداً، فقد سبقتهم بقرون طويلة، وربما سيكتشف الباحثون إنها عادة سومرية كانت سائدة في مدينة أور ( الناصرية حالياً ) أو عباسية على الأقل، وأنها لم تظهر بعد الفترة العثمانية. كما جرت معاملة ومعاقبة الدكتاتور البعثى بالقنادر، كلما ( قندل واحد) في بارات ونوادي بغداد والناصرية وباق مدن العراق، في حوادث مشهورة ومسجلة في الأمن العام والمحاكم الخاصة. البعض يخاف من هذا السلوك الاجتماعي – السياسي، لأنه يعرف أن المرشحين لهذه العقوبة وهذا المصير كثر والقائمة طويلة، ولا حاجة لذكر الأسماء، ليس خوفاً من المنع، أنما لأن الأسماء معروفة للجميع. سيحمل بوش الدمغة العراقية، ماركة مسجلة، باقي حياته، أينما حل وأقام، وربما يحمل ألقاب مثل ( المصفوع أو المضروب أو الممهور أو المحيود أو....) وسوف يضحك عليه أوباما كلما التقيا، وتضحك عليه عائلته ( وتعيره امرأته كلما شتمها وهو ثمل، وتقول له لو كان بك خيراً لما....)، كلما سهروا أو سكروا في مزارع كامب داود، أو على شرفة قصرهم، وسوف يتغامز عليه عمال الفنادق والمكاتب والمؤسسات التي سيمر بها، وسوف تنتج هوليود فلم باسم ( الحذاء الطائر، أو ضربة القدر، أو القندرة) وسيزهر سوق الكتب والأقراص والمسرح. وسوف تدخل هذه المفردة الجديدة والغريبة ( القندرة)، ( ولا ادري كيف ستكتب وكيف تلفظ بالأمريكي) في قاموس البيت الأبيض والحرس الرئاسي، وسوف توضع الخطط لرصد وصد الأحذية الطائرة نحو وجوه الرؤساء الإرهابيين والقتلة. التضامن العراقي والعربي والعالمي كبير وواسع ورائع، عبر عن الكره والمقت الكوني لبوش وللاحتلال الأمريكي لبلادنا، وحرك الشارع الوطني العراقي. لكن أجمل تضامن جاء من العلامة فضل الله ومن الرئيس الفنزويلي اليساري الثوري شافيز وهو يحيي الشاب الجيفاري والثائر العراقي منتظر الزيدي. شكراً لجرأة وشجاعة منتظر وشكراً لتضامن فضل الله وشافيز وكل المتضامنين في مشارق الأرض ومغاربها. والى اللقاء في حوادث وأعمال احتجاجية أخرى.
#أحمد_الناصري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بوش يغادر مرفوع الرأس لكن الى الأسفل
-
التوقيع والمصادقة على اتفاقية العار
-
بعض نماذج التهريج والوقاحة والنفاق السياسي الصارخ
-
النصيرات بطلات وأمهات وملائكة الثورات
-
اتفاقية العار ومسألة الانسحاب الأمريكي من بلادنا
-
العار واتفاقية العار
-
أمريكا والاحتلال ومستقبل بلادنا بعد فوز أوباما
-
ماكين الى النسيان
-
مياه الشرب الملوثة وانهيار شبكة المجاري من أخطر أسلحة الدمار
...
-
بوش - ماكين إلى الجحيم
-
لعنة العراق
-
الأزمة الرأسمالية الجديدة وطابعها البنيوي العميق
-
الماركسية وأطياف كارل ماركس
-
المعاهدة المفروضة كما هي
-
عن دمشق والإجازة والصيف ولقاء الأصدقاء وأحداث وأشياء كثيرة أ
...
-
ثلاثون عاماً من المنفى والتشرد والملاحقة والأمل
-
دلال المغربي
-
المعاهدة وألاعيب ومهازل الوضع السياسي
-
عن النقد والمراجعات ( المراجعات الشخصية والنقد الذاتي )
-
عن النقد والمراجعات
المزيد.....
-
-لقاء يرمز لالتزام إسبانيا تجاه فلسطين-.. أول اجتماع حكومي د
...
-
كيف أصبحت موزة فناً يُباع بالملايين
-
بيسكوف: لم نبلغ واشنطن مسبقا بإطلاق صاروخ أوريشنيك لكن كان ه
...
-
هل ينجو نتنياهو وغالانت من الاعتقال؟
-
أوليانوف يدعو الوكالة الدولية للطاقة الذرية للتحقق من امتثال
...
-
السيسي يجتمع بقيادات الجيش المصري ويوجه عدة رسائل: لا تغتروا
...
-
-يوم عنيف-.. 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية على
...
-
نتنياهو: لن أعترف بقرار محكمة لاهاي ضدي
-
مساعدة بايدن: الرعب يدب في أمريكا!
-
نتانياهو: كيف سينجو من العدالة؟
المزيد.....
-
السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي
/ كرم نعمة
-
سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية
/ كرم نعمة
-
مجلة سماء الأمير
/ أسماء محمد مصطفى
-
إنتخابات الكنيست 25
/ محمد السهلي
-
المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع.
/ غادة محمود عبد الحميد
-
داخل الكليبتوقراطية العراقية
/ يونس الخشاب
-
تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية
/ حسني رفعت حسني
-
فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل
...
/ عصام بن الشيخ
-
/ زياد بوزيان
-
الإعلام و الوساطة : أدوار و معايير و فخ تمثيل الجماهير
/ مريم الحسن
المزيد.....
|