حسام محمود فهمي
الحوار المتمدن-العدد: 2499 - 2008 / 12 / 18 - 07:38
المحور:
كتابات ساخرة
حذاءان صوب بوش، تفادهما بخفةٍ، شتيمةٌ، كأنه لم يسمعها. امتلأت المدوناتُ وتعليقاتُ القراءِ في المواقع الإلكترونية فرحاً بالبطولة العربية والشهامة العراقية، الصحفيون تباروا في الانفعال تعليقاً علي الحدثِ الفخمِ، تماماً كما يفعل معلقوا الكرةِ ولو أمام مباراةٍ تافهةٍ. الصحافةُ والفضائياتُ اعتبرته الفتحَ الأعظمَ، الحكوماتُ العربيةُ سلطَت إعلامَها للتسخينِ، طبعاً حكامُها علي صوابٍ وبوش غلطان من أولِه لأخرِه.
الجوعانُ يحلمُ بسوقِ العيشِ، مشهدٌ غريبٌ علي الاجتماعاتِ العربيةِ التي يحضرُها الرؤساءُ ومن دونِهم بكثيرٍ، حيث إجراءاتُ الأمن تمنع التنفسَ واللفتاتِ والهمساتِ، ما بالك بمواكبِ التشريفةِ والزياراتِ والافتتاحاتِ؛ تتحولُ الحياةُ إلي سجنٍ كبيرٍ، إلي معتقلٍ. ما أكثر ضحايا التشريفاتِ العربيةِ، من بشرٍ ووقتٍ، ما أقسي انتهاكات الكرامةِ الإنسانيةِ لمواطنين في أراضيهم، ما أخزي سقوط إعلامِ النفاقِ والطبلِ والزمرِ وفضائياتِ الانتقاداتِ الفارغةِ.
حذاءان تفادهما بوش، أصبحا فرصةً ذهبيةً للظهورِ كمناضلين وثوريين وأحرارِ، ما أكذبُ ثورةِ العبيد، عبيدُ أنظمتِهم، وعبيدُ استحواذ الكراسي إلي الأبدِ، عبيدُ الإعلامِ المخادعِ؛ ما أتعس المحرومين الذين يفورون فرحاً لوهمٍ يخالونه حقيقةً. لنتخيل لو كان الحذاءان وُجِها لزعيمٍ عربي، سيُتطلقُ الرصاصُ في كلِ مكانٍ، سيصيبُ العشراتِ عشوائياً، لن يكون للإعتذارِ محلٌ ولا للأسفِ، سيكون حديثُ الإعلامِ عن المؤامراتِ وشجاعةِ الحراسِ وبسالتِهم ويقظتِهم.
شعوبٌ محرومةٌ من الانتصاراتِ، تتلهفُ نسمةً، تترقبُ فرصةَ فرحٍ، ولو كان زائفاً؛ أنظمةٌ غارقةٌ في الهزائمِ، تتلهفُ لحظةَ إلهاءٍ، يستحيلُ أن تغسلَ عقوداً من القهرِ. مولدٌ بلا صاحبٍ، ضجيجٌ وصخبٌ بينما يتابعُ بوش أسفارَه، غيرُ عابئٍ، ولا مكترثٍ، عادةٌ سقيمةٌ، فورانٌ ثم خمدانٌ، لماذا وكيف؟ لا شئ يهم، كله يُنسي ولا يبقي إلا حقيقةُ المرارةِ، بطعمِها ورائحتِها، بكلِ ما فيها، تعودُ الهزائمُ لتسيطرُ، الصراعاتُ لتمزقُ، الحوادثُ اليوميةُ لتحصدُ، انتظاراً لحذائين يُلقيان، متي اللهم أعلم، المؤكدُ أن ريما دوماً تعودُ بعدها لعادتِها القديمةِ،،
#حسام_محمود_فهمي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟