|
المخيمات قلاع المقاومة الفلسطينية
نضال حمد
الحوار المتمدن-العدد: 768 - 2004 / 3 / 9 - 08:36
المحور:
القضية الفلسطينية
على هامش المجزرة في مخيمي البريج والنصيرات " وحدي اصرخ يا للعار قتلني السفلة في ليل ونهار . وحدنا نصرخ يا مرحلة ! لن تمري وفي مخيمنا باقٍ دار .."*
مجزرة جديدة في البريج والنصيرات..كل يوم لدينا مجزرة او مذبحة في المدن والقرى وبالذات في المخيمات، إن لم تكن مجزرة دموية وهمجية تحصد الشهداء والجرحى بالعشرات فهي مجزرة سياسية تحصد الحقوق والأرض والسلام، وتحصد ما تبقى من كرامة للعرب وللعروبة المهانة في صميمها. فمجازر آذار شهر الأرض الفلسطينية والكرامة الوطنية تأتي على هامش التحضير للقمة العربية المزمع عقدها في تونس الخضراء، وعبرها ترسل حكومة شارون رسائل سياسية هامة للمشاركين، تقول لهم عبر آلتها الحربية التدميرية أن عليهم في قمة تونس المقبلة ان يلبسوا الثوب الاسرائيلي بكل هدوء وإلا أنهم سوف يرتدونه ملونا بدماء حارة جديدة من المخيمات الفلسطينية في غزة، وإذا ما لبسوا الثوب الصهيوني فأن العار سوف يلاحقهم ليلا ونهار، وإذا ما عاجلوا للنهوض من واقعهم المخزي فأن بعض الأمل قد يعود لهذه الأمة الممزقة كما المنخل.
كل يوم مذبحة وكل مذبحة شهداء وجرحى وأسرى ودمار وعائلات بلا بيوت ومأوى، يعرف شارون ان البيت للفلسطيني مثل حياته. لذا أراد تدمير البيت واقتلاع الشجر ومصادرة الأرض حتى يقضي على هذا الجذر الفلسطيني المتأصل والضارب عميقا في ارض فلسطين. كما ويعرف شارون وأمثاله من قادة الصهيونية ان المخيمات هي البؤر التي تشكل خطرا على وجود اسرائيل وانها عنوان المقامة الفلسطينية ومصنع الشهداء والاستشهاديين، لذا يريد نحر تلك المخيمات وإيذاءها أشد الأذى علّ في هذا ما يشفي بعضا من غليله وما يمكن ان يحقق بعضا من مشاريعه، في اعادة تهجير اللاجئين وغير اللاجئين من الفلسطينيين نحو الاردن الذي يعتبره شارون الوطن البديل للفلسطينين. وتحضرنا الآن مقولة شارونية كان قد قالها شارون للمبعوث الدولي الأمريكي أثناء حصار بيروت فيليب حبيب، فقد قال شارون لحبيب حسبما جاء في كتاب ملعون صانع السلام فيليب حبيب حصار بيروت 82، أن الملك حسين رجل أناني يريد الأردن له وحده فقط ولا يريد توطين الفلسطينيين في الوطن البديل في الأردن الذي هو الضفة الشرقية. ويفهم من التصعيد الشاروني الأخير أن الرجل لازال ماضيا في مشروعه وتصوراته للمنطقة ولحل القضية الفلسطينية، وقد يكون للحديث عن تسليم مصر مهام في قطاع غزة صلة بتسليم الأردن لمهام في بعض مناطق الضفة الغربية، مما يعني تقسيم المناطق الفلسطينية وتجزيرها ومن ثم القضاء على أي طموح وطني فلسطيني. تبقى القضية مرهونة بالمواقف العربية وخاصة مواقف الفلسطينيين انفسهم سلطة ومعارضة وما بينهما من أبناء الشعب الفلسطيني ، ثم مواقف مصر والأردن اللتان ستخضعان لعملية ضغط وابتزاز أمريكية إسرائيلية ضخمة قد تؤثر على موقفيهما وتجبرهما على اتخاذ مواقف تسيء لهما وللفلسطينيين وتصب في خدمة مشروع شارون وتساعد على تحقيقه ورؤيته النور.
المخيمات الفلسطينية هي العنوان للثورة المستمرة وللمقاومة المتصاعدة وهي صمام أمان القضية الفلسطينية والصاعق الذي يفجر القنبلة الموقوتة في عملية السلام المسحوقة. لأن الثورة الفلسطينية ثورة مخيمات انطلقت من رحم تلك المعاناة التي تسببت بها النكبة ومن ثم النكسة في فلسطين. لذا لا يمكن لأي قائد فلسطيني ان يتجاوز المخيمات وإذا كان دكان ياسر عبد ربه اراد المتاجرة بقضية اللاجئين لمصالحه التجارية الخاصة فهذه التجارة فاشلة وسوف تقبر التجار من أمثال عبد ربه. وسوف تلحق الضرر الشديد بالذين لم يعطوا موقفا واضحا من تلك التجارة بل أرسلوا بعض تجارهم للاضطلاع على بازار البيع والشراء ولدراسة المشروع التجاري عن قرب وبشكل يضمن الربح والخسارة ويضمن العلاقات العامة مع السوق الدولية التي لا تتعامل منذ فترة طويلة مع التجار الضيوف المشاركين في حفل جنيف للتجارة بحقوق اللاجئين الفلسطينيين.
كل مذبحة والعرب يتفرجون على المجزرة وكل مجزرة والعرب يبحثون عن علاقات أفضل مع اسرائيل وتحالف أوطد مع امريكا حامية اسرائيل ، أمريكا المشاركة سياسيا ولوجستيا وماليا في كل مذبحة او مجزرة تقوم بها اسرائيل ضد الشعب الفلسطيني. فالذي يبرر المجازر يعتبر شريكا فيها وأمريكا اثبت خلال كل سنوات الصراع الصهيوني العربي شراكتها السوداء مع اسرائيل. ورغم علمنا بان امريكا تحكم العالم وتحتل أجزاء من عالم العرب والمسلمين وتحاول تبديل حياتهم وعاداتهم وقوانينهم ودساتيرهم وحتى التدخل في عبادتهم وقرآنهم ودينهم، وترتجف هذه الأيام دولنا العربية من المشروع الأمريكي للتغيير في الوطن العربي تحت شعار الحريات والديمقراطية ومكافحة الإرهاب، فيتسابق الرؤساء والزعماء على بيع المواقف لإسرائيل كي يكسبوا ود أمريكا. رغم كل هذا السواد العربي الرسمي والعداء الأمريكي المتجذر والمتجدد والآخذ بالازدياد والضراوة يوما على يوم، إلا أننا نعترف بأن الولايات المتحدة الأمريكية، القوة الأضخم والأقوى والأكبر في العالم ، التي تخيف الدول الكبيرة والصغيرة من روسيا وفرنسا وألمانيا والصين واليابان والهند حتى هايتي وبنما وجيبوتي فزائير سابقا. نعترف رغم هذا كله ونقول ان امريكا عدو للشعب الفلسطيني مثلها مثل اسرائيل ولا فرق بينهما لأنهما عدوان لا يكنان للشعب الفلسطيني سوى العداء والبغض والكراهية والحقد.
كيف يخرج الشعب الفلسطيني من هذا الوضع المأساوي ، حيث لا سلطة ولا سلام ولا أمان وحيث الحرب الطاحنة التي تنشر المجازر والمذابح بشكل يومي دونما رادع عالمي، وأحيانا كثيرة برعاية دولية. فالصمت العالمي في بعض الأحيان والتبرير العالمي في أحيان كثيرة والموافقة العالمية في معظم الأحيان وإن كان بأشكال وتبريرات وتعليقات وتحليلا منوعة، كل هذه الأمور هي بمثابة رعاية دولية لجرائم الحرب الإسرائيلية في فلسطين المحتلة. لذا لا يوجد أي دواعي للالتفات للموقف الرسمي الدولي، ويجب التركيز على الشعوب والرأي العام في أوروبا والأمريكيتين بالتحديد، ما عدا ذلك يعتبر مضيعة للوقت وساحة عمل ممتازة لشارون، بحيث المشاريع الشارونية والعمالية تتواصل و تمارس على الأرض الفلسطينية وتفرض حقائق ووقائع سيكون من الصعب إزالتها مستقبلا؟. الطريق الأنسب للخروج ولو بشرف وبعض الأمل من الدوامة التي وجدنا أنفسنا فيها يكون عبر تعزيز الوحدة الوطنية الفلسطينية ورص الصفوف الداخلية وتشكيل الجبهة الوطنية الفلسطينية العريضة ضمن ائتلاف م ت ف الذي لا يمكن ان يستمر ويكون دون إعادة تأسيسه ومن ثم بنائه وتجديده وفق المعطيات الموجودة.
* مقطع من مرثية جنين لنضال حمد
(انتهى)
#نضال_حمد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
اغتيالات وتصفيات في غزة
-
مجلس ثوري أم سلمي؟
-
آلام السيد المسيح وجدار المبكى ..
-
فوضى في غزة
-
معاداة السامية قميص الصهيونية
-
الانسحاب من غزة وامنيات شارون
-
شحم الخنزير لن يحميكم
-
عواصف ثلجية وعواصف سياسية
-
برلماني آخر زمن ..
-
مجزرة جديدة !ما الجديد في ذلك؟
-
اتفاقية تبادل الاسرى، ماذا بعد ؟!
-
القدومي والكويت و ابو مكر ..
-
العالم من حولنا يلف ويدور
-
ابو عريضة
-
غزة وفتح تحت المجهر
-
بشارة وبركة ليسا عميلان
-
أنور ياسين يُسَلِم على الحرية
-
النظر لعملية تبادل الأسرى بعينين مفتوحتين
-
ضمائر حرّة و حيّة
-
هنيئا للاسرى ، هنيئا للمقاومة وصبرا يا سمير الكبير
المزيد.....
-
هل يعارض ماسك الدستور بسبب حملة ميزانية الحكومة التي يقودها
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وأخرى تستهدف للمرة الأولى-..-حزب
...
-
حافلة تسقط من ارتفاع 12 مترا في حادث مروع ومميت في فلاديفو
...
-
بوتين يتوعد.. سنضرب داعمي أوكرانيا بالسلاح
-
الكشف عن التاكسي الطائر الكهربائي في معرض أبوظبي للطيران
-
مسيرات روسية اختبارية تدمر مركبات مدرعة أوكرانية في اتجاه كو
...
-
مات غيتز يتخلى عن ترشحه لمنصب وزير العدل في إدارة ترامب المق
...
-
أوكامبو: على العرب الضغط على واشنطن لعدم تعطيل عمل الجنائية
...
-
حاكم تكساس يوجه وكالات الولاية لسحب الاستثمارات من الصين
-
تونس.. عبير موسي تواجه تهما تصل عقوبتها للإعدام
المزيد.....
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|