|
المرأة في الانتخابات المحلية العراقية حضورٌ خَجِلٌ وغيابٌ مُسْتفحلٌ
محيي المسعودي
الحوار المتمدن-العدد: 2491 - 2008 / 12 / 10 - 09:51
المحور:
ملف: الانتخابات والدولة المدنية والديمقراطية في العراق
لماذا لا يكون وجود المرأة مساوياً للرجل في كوادر الحكومات المحلية العراقية ؟ ولماذا تعتمد المرأة على نظام "الكوتا" في وصولها الى مجلس النواب والى مجالس المحافظات والمجالس المحلية الأخرى ؟ ولماذا لا تنال المرأة حقها الكامل من الوظائف الحكومية العامة العالية ؟ ولماذا يغيب ويُغب دور المرأة في الحياة العامة ؟ أسئلة أخرى كثيرة تدور حول قضية المرأة العراقية مع أنظمة الحكم المحلي, مع اقتراب موعد الانتخابات المحلية . وليس هناك ثمة تشخيص دقيق يفضي بنا إلى الوقوف على العلّة أو العلل الحقيقية وراء ذلك ليتسنى للمعنيين العمل على معالجتها وتفعيل دور المرأة لتُمنح فرصة العطاء لمجتمعها بكل طاقاتها, ويكون لها حجمها الطبيعي في إدارة شؤون البلد , وإذا كان عدد النساء مساوياً تقريباً لعدد الرجال في العراق , لماذا لا يتساوى التمثيل لكليهما في المجالس المحلية والبرلمان .؟ ولماذا لا تمتلك المرأة الأغلبية في التمثيل النيابي كما هو حال الرجل حاليا ...............؟ من اجل الوقوف على حقيقة هذه القضية ومعرفة مفاصلها المهمة ينبغي إلقاء نظرة فاحصة على واقع المرأة ودراسة وتحليل هذا الواقع بعقلية واعية ومحايدة دون السماح للثقافة السائدة أو التقاليد أو العقائد أو المزاج الشخصي أو العام بالتأثير على النتائج.
القاعدة الاجتماعية والدينية للمرأة تعيش المرأة العراقية مثلها مثل المرأة العربية في مجتمع محكوم بتقاليد وأعراف ومزاج وأخلاق وثقافة تعمل جميعها على تعطيل عملية النهوض بواقع المجتمع عامة ومجتمع المرأة خاصة , ففي التعليم "مثلا" تميل أغلبية المجتمع العربي إلى تعليم الولد على حساب تعليم البنت وخاصة في المجتمع العشائري وشرائح المجتمع محدودة الدخل - وهؤلاء هم الغالبية في المجتمع العربي والعراقي - وعند المفاضلة الحتمية في التعليم يُفضّل تعليم الولد على البنت بلا أدنى تردد. ومن تقاليد المجتمع, الفصل بين الرجال والنساء بشكل عام ويكون الفصل أحياناً داخل الأسرة الواحدة, فالجلوس مع النساء معيب على الرجل, ويُقال عنه " تربية امرأة" ولا ينبغي للولد أن ينشأ بين النساء أو البنات لأن ذلك يؤثر على نشأته الرجولية !, ويُعد هذا الفصل نوعا من التميز الذي يحرم المرأة من الشعور بالمساواة ويعطي الرجل شحنة قوية من الثقة بالنفس على حساب المرأة, يصل حد الغرور ويمنحه فرصة اكبر من المرأة لكسب الخبرة والمعرفة ومميزات أخرى كثيرة , وتَعتبر بعض شرائح المجتمع "المتدينة " صوت المرأة عورة , فكيف يتسنى للمرأة الحديث والعمل والمطالبة بحقوقها إذا كان حتى صوتها يُردّ عليها كعورة !؟ وهناك الكثير من التقاليد التي تقف ضد حصول المرأة على حقها في قيادة المجتمع ناهيك عن الاعتقاد السائد الذي يقول ان المرأة اضعف من الرجل جسديا ونفسيا وعقليا . إلى ذلك يُوظَف الدين في قمع المرأة " فالرجال قوّامون على النساء" ولهم حق ضربهن "فاضربوهن" وشهادة رجل تساوي شهادة امرأتين . وزوجوهن في الثمان" والمرأة كالضلع الأعوج ان ذهبت لتُقيمه كسرته وان تركته تمتعت به على عوج" ولاحظ هنا "تمتعت به" أي ان المرأة متعة وهناك الكثير الذي يبرره ويفلسفه رجال الدين والمتدينين لخدمة بقاء المرأة على ما هي عليه ولكنه في الحقيقة يشكل عائقا حقيقيا وكبيرا أمام دخول المرأة معترك الحياة السياسية والحياة العامة بكل طاقاتها . والى ذلك لا يؤمن المجتمع عامة والرجال خاصة بقدرات المرأة على إدارة شؤون الدولة, وهي ثقافة وقناعة مترسخة في الوعي العام حتى لدى الأغلبية من النساء اللواتي اعتدنا التبعية للرجل واعتمدن عليه في تصريف أمورهنّ العامة والخاصة ويصل الحال إلى اختيار حتى ملابسهن من قبل الرجل . والخلاصة هي وجود ثقافة "العيب الاجتماعي والحرام الديني" لدى المجتمع اتجاه قيادة المرأة له, ويدعم هذه الثقافة حال المرأة المتردي الذي لا يُقنع المجتمع بقدراتها الحقيقية الظاهرة والكامنة والمقموعة, في قيادته إضافة لاستسلام غالبية النساء لهذا الرأي وأيمانها والمجتمع به........
الأحزاب السياسية: ليس لدينا أحزاب علمانية ليبرالية حقيقية , قوية وفاعلة تتصدى لقضية المرأة في الأقطار العربية كافة . ونجد المرأة في هذه الأقطار ذات الصبغة الديمقراطية . نجدها ضحية الدين مرّة كما في الكويت الذي تحكم برلمانه اغلبية سلفية اصولية. أو عشائرية دينية كما في السعودية أو قمع الحزب الواحد كما في مصر أو استشراء الطائفية كما في لبنان والبحرين.. أمّا واقع وعمل الأحزاب السياسية الدينية العراقية الحاكمة فانه يتناقض مع شعاراتها التي فُرضت عليها بحكم وصولها للسلطة من قبل قوة ليبرالية ديمقراطية خارجية تريد ان تكفل حقوق الإنسان عامة والمرأة خاصة, ويتعارض هذا الواقع وحقيقة عمل هذه الأحزاب والكيانات وأيدلوجياتها المبنية على ما اسلفنا قوله حول نقص المرأة, وهو نقص في حقها ودينها وجسدها وعقلها "للرجل حق الأنثيين" وشهادة رجل تساوي شهادة امرأتين " ويستغل الرجل في هذه الأحزاب الدينية السياسية المرأةَ من خلال مفاهيمه الدنية ويوظفها لصالحه مرة ولصالح حزبه مرة أخرى عن رضا المرأة وإيمانها مرة, وبخداعها مرة أخرى وبإجبارها مرة ثالثة . وتقول عن هذه القضية عضوة مجلس محافظة بابل السيدة عالية العراك: كان اختيار التمثيل الأول للمرأة داخل البرلمان العراقي جيدا وقد وصلت النساء المؤهلات وذوات القدرة والكفاءة والجرأة في طرح الرأي والمطالبة بحرية وحقوق المرأة ولكن في المرّة الثانية تنبهت الأحزاب لذلك فعمدت إلى اختيار نساء اقل قدرة وكفاءة وشجاعة وكان ذلك من اجل فرض إرادة هذه الأحزاب عليهن وتمرير ما يخدم مصالح الحزب" وتضيف العراك "ان المرجعية الدينية العليا لا توافق الأحزاب على ذلك . وعن تأثير الدين على المرأة تقول العراك ان المفاهيم الدينية السائدة تؤثر على وعي الرجل وعمله اكثر من تأثيرها على المرأة" وتقول عضوة مجلس محافظة أخرى وهي السيدة رباب الموسوي: لو خيروني بين النظام الليبرالي الديمقراطي المعاصر والشريعة الإسلامية لاخترت الشريعة دون تردد ابدا , وتؤيدها في هذا الرأي عضوة مجلس محافظة أخرى هي السيدة سهيلة عباس حمزة وتتفقان على القول ان المرأة قد مُثلت في البرلمان والمجالس المحلية بشكل جيد من خلال النساء اللواتي وصلن الى البرلمان ومجلس المحافظة . والعضوتان تنتميان إلى حزب سياسي ديني هو الأقوى على الساحة السياسية العراقية الراهنة وهذا الرأي ينسجم مع رؤية الأحزاب الدينية القائلة بكفاية وجود تمثيل شكلي للمرأة يسمى في الأوساط الدنية " بالاكتفائي ".. ويرى رئيس مجلس محافظة بابل المهندس محمد علي المسعودي : أن حال المرأة كحال الرجل , فهي لم تكن مستعدة ولا مُعدّة لممارسة العمل السياسي لأسباب عديدة, أولها حداثة التجربة كما هي عند الرجل ولكن المرأة كانت الأبعد عن الاستعداد والإعداد والممارسة بسبب الواقع السياسي السابق والواقع الاجتماعي الدائم الذي لا يسمح لها ان تستخدم كل طاقاتها من خلال منحها الحرية والحقوق والثقة بالنفس "ويضيف المسعودي": كانت التجربة السياسية للمرأة خلال السنوات القليلة الماضية ضعيفة بشكل عام باستثناء بعض التجارب الفردية التي نجحت بها بعض النساء أكثر بكثير من الرجال... ويرى المهندس قاسم الجراح - عضو مجلس محافظة - ان المرأة لم تنجح أبدا في التجربة السياسية العراقية السابقة ولن تنجح في التجربة القادمة وسيظل وجودها اشبه بالومضة التي سريعا ما تنطفئ دون ان يبقى لها اثر ويعزو الجراح هذه الحال الى أسباب عديدة من أهمها كما يقول: التربية الاجتماعية الخاطئة للمرأة والتي لم تمنحها الثقة بالنفس ولا الفرصة الكافية لإظهار قدراتها ناهيك عن خصائصها الفسيولوجية والسايكولوجية التي تحول دون مساواتها للرجل ... أمّا السيدة اميرة البكري نائبة رئيس مجلس محافظة بابل فتقول ان تجربة المرأة نجحت بحدود 60% والبكري تشك في وصول المرأة الى المجالس المحلية المقبلة بدون نظام "الكوتا" وتقول ان أمام المرأة مشوار صعب وطويل جدا لكي تنافس الرجل منافسة حقيقة ومتكافئة.. ويقول الأديب والباحث ناجح المعموري ان المشهد السياسي العراقي يبدو هلاميا , فالأمريكان الذين اسقطوا النظام العراقي السابق وتبنوا تحرير العراق والعراقيين من الدكتاتورية ودعوا الى احترام حقوق الإنسان وخاصة حقوق المرأة هم نفسهم الذين دعموا الأحزاب الدينية التي تقمع المرأة في الوصول للسلطة ولولا امريكا ما كان لهذه الأحزاب ان تحكم العراق كما لم يكن باستطاعة اصحاب الأفكار والتقاليد العشائرية الجائرة بحق المرأة ان يصلوا الى مراكز القرار في الحكومة المركزية والحكومات المحلية.... الى ذلك يتذمر رؤساء واعضاء معظم القوائم التي تنوي خوض الانتخابات من فرض المرأة على قوائمهم ويعدون وجودها ذيلا مفروضاً عليهم. ويأتي ذلك لقناعتهم بفشل المرأة في كسب اصوات الناخبين استطلاع محدود ومن اجل الاقتراب من شارع المرأة الانتخابي والوقوف على بعض سماته اجريت "انا كاتب المقال" استطلاعا محدودا للرأي في محافظة بابل شمل 100 امرأة من شرائح مختلفة ومتفاوته في التعليم والعمل والأعمار ومنطقة السكن, قالت فيه60 امرأة انها غير مهتمة بانتخابات المجالس المحلية ولا يفكرن هؤلاء النسوة بالذهاب للانتخابات, بينما قالت 19 امرأة انها سوف تذهب للانتخابات, اثنين فقط من الـ 19 قُلنَ انهن ينتخبن امرأة والباقيات قلن انهن ينتخبن رجل وقالت 15 امرأة انها ستتبع زوجها فيما يقرره "ينتخب او لاينتخب" وقالت 6 نساء انهن لم يقررن بعد أي شيء عن الانتخابات . وفي حديث مع اللواتي استطلعتُ آراءهن قالت المهندسة سهام ابو خماس ان النساء اللواتي وصلن البرلمان والمجالس المحلية لم يهتمن بقضايا المرأة ومشاكلها ولم يسعينّ بجد لتغيير واقع المرأة نحو الأحسن بل انشغلن بمكاسبهن الخاصة مثلما انشغل زميلهن الرجل بذلك وكانت الغالبية منهن تنصاع لرأي الرجل الذي يشاركها في المجلس ويقودها في الرأي والعمل . وتضيف مدرسة اللغة الانكليزية شكرية الشاهر قائلة: ان اغلب النساء لا يعرفن ما هي حقوقهنّ حتى يطالبنّ بها, وانا شخصيا لا اعرف حقوقي لأني لا اعرف بأية مسطرة اقيسها هناك مساطر عديدة ومختلفة تُطرح علينا ومنها المسطرة الاجتماعية والمسطرة الدينية والمسطرة الليبرالية والمسطرة الراديكالية اضافة لمساطر أخرى متفرعة عن المساطر الرئيسية ومساطر أخرى عديدة, ولكن المساطر المتاحة لنا دائما أو المفروضة علينا أحياناً هي المسطرة الدينية والمسطرة الاجتماعية . هذا وتعتقد بعض من النساء الأميّات والريفيات ان مقاعد الحكم المحلي محجوزة لذوي الجاه والمال والسلطة وهم اللذين يوصلون بناتهم أو نساءهم لهذه المقاعد وهي مقاعد تشريف وليس خدمة وتكليف, وعندما قلت لإحداهن "ان عضوة المجلس المحلي تخدمكن" قامت هذه المرأة من جلستها قائلة "استغفر الله" وهو تعبير عن ا التصاغر أمام جلالة الآخر أي "عضوة المجلس المحلي" المرأة تناصر واقعها المتردي الراهن تسعى وتؤيد وتناصر أغلبية النساء العربيات والعراقيات بقاء واقع المرأة على ما هو عليه. منطلقات من ثقافتهنّ الاجتماعية والدينية المترسخة في وعيهن الذي تغذيه احزاب سياسية ومؤسسات اجتماعية ودينية كثيرة . وإذا نظرنا الى المرأة العراقية وجدناها تميل بشكل كبير الى التدين والالتزام بالتقاليد الاجتماعية ولا تكاد تخرج عن هذا النهج إلاّ القليلات من النساء اللواتي يجدن معارضة من النساء اشد من معارضة الرجل لهن . وتعد المرأة العراقية مطالبة بعض النساء القياديات بتحرر المرأة بمثابة دعوة لتفسيقهنّ واخراجهنّ من دينهنّ ومجتمعهنّ والذهاب بهنّ الى الحياة والخلق الغربيين الذين يُعدا فجورا برأيهن . وبينما تعلن بعض منظمات المجتمع المدني المعنية بالمرأة انها تسعى لتحرير المرأة العراقية من واقعها الراهن والنهوض بها . تلاقي هذه المنظمات جفوة كبيرة من النساء تصل أحيانا إلى محاربة هذه المنظمات من قبل المرأة نفسها ويعود ذلك لأسباب كثيرة ذكرنا بعضها سابقا وبعضها يعود لطبيعة هذه المنظمات التي تتاجر بعضها بقضية المرأة لكسب الدعم المالي او السياسي أو الاجتماعي لمصالح أحزاب أو جهات أو مصالح شخصية قامت على أساسها هذه المنظمات ناهيك عن هزالة هذه المنظمات مقارنة بالتحدي الذي تواجهه والفساد المعروف الذي ينخر فيها, مما افقد المرأة الثقة بهذه المنظمات وخلق جفوة وفجوة كبيرتين بينهما. لا بل ان بعض هذه المنظمات تغالط نفسها بشكل مكشوف حينما تدعو لتحرير المرأة من جهة وتدعو للتمسك بالعقائد والتقاليد الاجتماعية من جهة أخرى ولا شك ان ذلك ناتج أمّا عن جهل معيب بعمل هذه المنظمات أو بقصد اللعب على قضية المرأة لتحقيق مكاسب معينة . في العراق عامة وفي محافظة بابل خاصة لدينا منظمات كثيرة من هذا النوع لا أريد ذكر أسمائها منعاً من إثارة الجدل والزعل وحتى لا نفتح باب الادعاء . ولكي نذهب إلى غايتنا نسأل : ماذا تغيّر من واقع المرأة منذ عمل هذه المنظمات وحتي اليوم أليس عملها تكريساً للتفريق بين الرجل والمرأة ولزيادة طغيان وجود الرجل وفعله في الميادين كافة !؟ والسؤال الأخر : أليس جفاء المرأة لهذه المنظمات يعني فشل هذه المنظمات من جهة وإصرار المرأة على بقائها تحت جنح الرجل تابعة مطيعة مستسلمة راضية كل الرضا بهذا الواقع .؟ أ ليس هذا الموقف هو بمثابة مساهمة من المرأة نفسها في عدم تحرير نفسها وطاقاتها من نظام اجتماعي وسياسي قمعيين ودخولها في النظام الديمقراطي الجديد الذي يُفترض ان يكون العراق قد دخله منذ اكثر من خمس سنين .
المرأة ضحية تيارين متناحرين سُمع صوت المرأة في بداية تجربة الحكم المحلي والبرلمان العراقيين من خلال تيارين متناحرين الأول كان إسلاميا والثاني راديكاليا وكلاهما متشددا ومن اللواتي مثلن التيار الإسلامي "مثلا" السيدة جنان العبيدي عضوة مجلس النواب العراقي حاليا أمّا التيار الراديكالي فخير من مثلته السيدة ينار محمد . الأولى كانت تدعو الى حضور المرأة في الحكم المحلي والحياة العراقية الجديدة من خلال المنظومة الثقافية الإسلامية التي تحدثنا عنها سابقا الى جانب المنظومة الاجتماعية المنسجمة مع الدين وتحتج العبيدي على التيار الخصم بان المرأة هي التي تختار هذا الاتجاه الإسلامي ويقع هذا الاختيار ضمن حقوقها وحريتها في تبني الرأي والمعتقد واختيار الحياة التي تريد " ..... هذا الرأي ينسجم مع حقوق الإنسان في ظاهره على الأقل" مما يمنح العبيدي حجة اقوى امام رأي ينار محمد التي تطالب بحتمية تخلص المرأة من الموروث الديني والاجتماعي الذي يُقيدها لكي تكون حرة تماما " وهو رأي يحمل صفة الإملاء "ظاهريا" مما يجعله ضد حقوق الإنسان باختيار ما يريد بحرية كاملة" وفي النهاية رأينا انتصار العبيدي على ينار محمد حين وصلت الأولى إلى البرلمان وخسرت الأخيرة هذا الوصول . والحقيقة ان العبيدي استغلت العقيدة الدينية والتقاليد الاجتماعية والثقافة السائدة – بسلبياتها – من اجل كسب أصوات الناخبين ورضا الأحزاب الدينية التي تنتمي لها بإرادتها ورغبتها وقناعتها السياسية . وخسرت ينار محمد وصولها الى البرلمان نتيجة إصرارها على رأيها ورفضها القاطع للعقائد الدينية والتقاليد الاجتماعية السائدة والتي تعتبرها العقبة الحقيقية امام تحرر المرأة... أمام هذه الصورة يتجلى لنا غياب وضعف التيار الواقعي والموضوعي الذي يعمل على تحرير المرأة من كل سلبي "ديني أو اجتماعي" قبل مطالبتها بصوتها أو العمل على مشاركتها بكل طاقاتها في المجتمع وبدخولها الحقيقي والفاعل في عملية الحكم المحلي .... ضعف الإعلام اتجاه قضية المرأة اذا كانت الحكومات المحلية الحالية لا تريد تحرر المرأة, وتراه منافيا لآيدلوجياتها ومصالحها وادبياتها فانها تفعل ذلك من خلال سنّ بعض القوانين المحابية للدين والموروث على حساب حقوق المرأة وتحررها وتعمل على إلغاء حتى قوانين الأحوال الشخصية القديمة التي تخدم المرأة ويشهد على هذه الحال ما اثاره القانون المرقم 137 . وإذا كانت منظمات المجتمع المدني ليس أحسن حالا من الحكومات فان الإعلام هو الأخر لم يعمل باتجاه نيل المرأة حقوقها وحريتها وذلك لأسباب كثيرة بعضها يعود لثقافة الإعلامي وعقائده وتقاليده ومزاجه الشخصي أو لأيدلوجية المؤسسة التي يعمل فيها أو ضعف ثقافة الإعلامي والمؤسسة معا في قضية المرأة , أو عدم وجود المحفزات الكافية لتحريض الإعلام على تبني قضية المرأة أو إخفاقات مهنية تعود لعدم قدرة الإعلام على صياغة الخطاب الإعلامي الموجه للمرأة أو عنها, ناهيك عن حداثة التجربة العراقية في الإعلام الحر والحكم المحلي الديمقراطي. ويُلاحظ في الإعلام خطأه الكبير عندما يعمل ويدعو الى إيجاد منظمات نسويّة ثقافية واجتماعية وحتى سياسية مستقلة عن الرجل ويروج لها بعيدا عن عالم الرجل بحجة الخوف من تدخله, بينما يكون هذا الإعلام وفي الوقت نفسه يعمل على عزل المرأة عن مجتمعها وقضاياه لأنّ المرأة لا يمكن ان تكون إلاّ متكاملة مع الرجل وإلاّ وقعنا في نفس الخطأ وهو التميز على اساس الجنس أو ما يسمى بالنوع ويرتكب الإعلام خطأ آخر عندما يطرح قضية المساواة في ظل مفهوم مغلوط أيضا وهو عندما يريد من المرأة ان تكون رجلاً على حساب انوثتها وخصوصياتها الجسدية والنفسية ووظائف هذه الخصوصيات . فإذا انتج الرجل في معمل للنسيج الف متر سنويا على المرأة ان تنتج الف متر أيضا وإلا فهي اضعف من الرجل ويكون هنا القياس غير عادل لانه قد تناسى وظائف المرأة الجسدية من الحمل والولادة والحضانة وغيرها من التغيرات الجسدية التي تحدث للمرأة وهي تغيرات ووظائف أعظم واهم من إنتاج الف متر من النسيج . وليس الإعلام وحده يتحمل هذه المسؤولية بل جميع قنوات الاتصال الشخصي والجماهيري المختلفة التي تقوم بها الجهات المعنية بقضايا المرأة ..... ما الذي ينبغي فعله لتفعيل دور المرأة في الحكم المحلي لا يمكن تفعيل دور المرأة في الحكومات المحلية من خلال الشعارات ولا بقرار سياسي فقط و لا حتى من خلال "الكوتا" لان المرأة نصف حقيقي من المجتمع اذا لم ينهض من خلال عملية كاملة شاملة تبدأ من القاعدة صعودا الى القمة وتشمل المجتمع كله "رجلا وامراة" لن تنجح كل المحاولات مهما كانت كبيرة ومتقنة ويفترض ان تتم مقاربة حقيقية في النوع البشري أي بين المرأة والرجل وان تذوب وتختفي الفروقات الذي خلقتها التقاليد والعقائد الخاطئة بينهما ومن اجل تحقيق كل هذا ينبغي وضع ستراتيجية وبرامج علمية وعملية تشرع الحكومة والمجتمع معا بتنفيذها من خلال العمل المباشر وغير المباشر وان يُجند لها الإعلام ومنظمات المجتمع المدني الحقيقية وكافة المؤسسات الرسمية وغير الرسمية . يسبقها وضع رؤية واهداف وآليات واضحة وشفافة يتفق عليها اصحاب القرار قبل غيرهم . ويتم العمل من خلالها على رفع الالتباس حول تعريف حقوق المرأة والاتفاق الصادق على نوعية الحقوق التي يتقدمها حق توعية المرأة بحقوقها ورفع سويتها الثقافية والاجتماعية والسياسية وعندما يتم اكتمال تأهيل المرأة حينها تترك لها الحرية في الاختيار وتقرير المصير ولا شك انها حينذاك سوف تكون عنصرا فاعلا وحقيقيا في المجتمع وشريكا كامل الشراكة في الحكومات المحلية أو الحكومة المركزية . وان الوصول الى هذه الحال يتطلب صبراً طويلاً وجميلاً وجهودا كبيرة وجبارة لن يقوم بها الا المخلصون لقضية المرأة من النساء والرجال معا.. وفي هذه الأيام التي تشهد تنافسا انتخابا شديدا للوصول الى الحكومات المحلية في المحافظات العراقية كافة, يجب ان تسبق "الكوتا" "كوتا" أخرى مختلفة ليس لفرض وجود المرأة في المجالس المحلية بل "كوتا" جماهيرية وإعلامية قوية لاختيار النساء القياديات القويات المؤمنات بقضية المرأة وتتخذ هذه "الكوتا" الجديدة المقترحة على عاتقها تنفيذ برنامج انتخابي تثقيفي يدفع الجمهور الى التصويت لصالح المرأة القيادية القوية الحقيقية ويكون من خلال وسائل الإعلام المختلفة وقنوات الاتصال الأخرى كافة "جماهيرية وشخصية مباشرة وغير مباشرة" وان يقوم على اعداد هذه الحملة وتنفيذها خبراء في الاتصال والإعلام وعلم المجتمع يظاهرهم جمهور مستعد ومخلص لقضية المرأة وان لا يسمح للمتطفلين والمتسللين والمدعين بدخولها , وان تكون هذه الحملة في كل محافظة وقضاء وناحية وقصبة وقرية وان تُخصص لها الأموال الكافية من الدولة والمساعدات التي تخصصها المنظمات العالمية المعنية بهذه القضية .
#محيي_المسعودي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
-ذي تلغراف-: الولايات المتحدة قد تنشر أسلحة نووية في بريطاني
...
-
-200 ألف جثة خلال 5 سنوات-.. سائق جرافة يتحدث عن دفن الجثث ب
...
-
وليد اللافي لـ RT: البرلمان الليبي انحاز للمصالح السياسية وا
...
-
ميزنتسيف: نشر -أوريشنيك- في بيلاروس كان ردا قسريا على الضغوط
...
-
خوفا من الامتحانات.. طالبة مصرية تقفز من الطابق الرابع بالمد
...
-
ألمانيا وفرنسا وبريطانيا تدعو إيران إلى -التراجع عن تصعيدها
...
-
طهران تجيب عن سؤال الـ 50 مليار دولار.. من سيدفع ديون سوريا
...
-
محكمة مصرية تؤيد سجن المعارض السياسي أحمد طنطاوي لعام وحظر ت
...
-
اشتباكات مسلحة بنابلس وإصابة فلسطيني برصاص الاحتلال قرب رام
...
-
المقابر الجماعية في سوريا.. تأكيد أميركي على ضمان المساءلة
المزيد.....
|