|
مكائد النساء تبعثر خيالات الأمكنة ..(( قرية شوبنكن الألمانية أنموذجاً )..
نعيم عبد مهلهل
الحوار المتمدن-العدد: 2485 - 2008 / 12 / 4 - 05:37
المحور:
الادب والفن
هنا عندما يشعل الغرام سيجارته ، كل القلوب تنطفئ ، وحده قلبكِ مصباح لليل هذا العالم ، فليمر يوليو بشمسه الساطعة على نخل المودة ، فواحدة لها عطر أميرة أكدية ستمطر بثلج الشتاء السيبري ، وسنحتاج إلى المعاطف ، فتاتينا شفتيها وظل نهد الحليب وحلاوة أفخاذ أنثى محشية بلوز البهجة ، وفستق رغبة سريالية تقول ارسمني وأنا عارية فيك ... تولد المرأة عندما تشعر طفولتنا بالرجولة ، لهذا سيكون إيقاع الرغبة مولدا بفعل توترات نفسية وحسية وجسدية ، ثم يتكون فينا ذلك الهاجس الأناني الذي يحمل الأنا الأبدية أن تكون المرأة للرجل وحده ... تلك المقدمة الايروتيكية أضعها وأنا أعيش أيام القرية الألمانية ( شوبنكن ) ، حيث المدى الساحر لكل شيء ، البيوت ، الحدائق ، الشوارع ، الصمت الذي يلف الأشياء حتى عندما تقود العجائز دراجاتهن الهوائية أو تمر عجلة مرسيدس ببطء يشبه بطء السلحفاة في شاطئ الفرات بعدما تغمرها الشمس بأخبار الحروب والغبار وموت السمك لتضطر كي تعود إلى قاع النهر وهناك تفضل أن تقضي عمرها الطويل .. هنا في دلمون الدوشلاند ، الأعمار الطويلة تنتهي بمتعة الحب والعناية بلوح الورد وسماع الموسيقى بعد خمسة أيام من العمل في الفلاحة أو التعليم أو فرن الصمون اللذيذ الذي تمنحني ابتسامة صاحبته مزيداً من الأمل بأن موتي السومري سوف لن يجئ مبكراً وأن الأشياء هنا في ( شوبنكن) ، هي لتدوم لا لتقع ضحية تقادم العمر فتمشي بعد ذلك على عكازين ...هذه الميتا الزرقاء تقودني إلى فصول من مودة امتلاك الشيء . والشيء في تعريف كل راغب هو ( الحلم الذي نريده ونتمناه ) وحين تحققت أحلام آدم ولدنا نحن لنحلم من بعده ولم أكن مرميا في حشرجات ( نتيشة ) القائلة ( ينبغي أن تتوقع مزيدا من الهزائم والمصائب القادمة ) . بل كنت أضع الموضوع في اللاضياع وأجعله معي دائما وأحاول أن أحسن من صناعته . قد يكون في ذلك مشقه لكن الرؤية تخلق الرؤى ، والرؤى تخلق الصدق ، والصدق يقود إلى حقيقة وهنا لا أسقط في التماهي والتناهي لأني أثبت وجودي بنقطة من خلال عمل شئ كأن أؤلف معزوفة أو أكتب قصيدة أو أجعل شهيقي مع التي أودها أملاً لرغيف ينام هادئاً في بطن جائع وتلك ما كانت الفلسفة تطلق عليه عبارة ( صناعة الحكمة من ممكن الحلم ) وبذلك أكون قد أوجدت لحياتي المعنى والمنى والهاجس وحين تشعر بوجود الهاجس في المكان الأرضي الذي تتخيله كما الجنة التي فتحت لك رؤيا أن ترى وأن تولد من جديد بعيد عن كل تلك الهموم المعقدة لوجدانك الذي صنعته الأساطير والمراثي وغضب الملوك وخجل أميرات الشبابيك الموصدة . فأنت ربما ستشعر بعد لحظات بالولادة الجديدة وتلك في آدمية الحب غاية المنى بعد لحظة أكمال بناء البيت لأن القادم هو شروع للجديد ولا شروع يتم من دون نغمات .وبهذا أكون قد وجدت نفسي ورأيت مدى طريقي لأعود مرة أخرى لأصغي لمعزوفة أحبها وأتوسد أحضان امرأة أعشقها فيتكامل لدي المنى في لحظة النشىء ويصبح بمقدوري أن أزاول مهنة الكشف عن الذي يتمناه بدني وتتمناه أحشاء الجائع وفي أي حالة أكون قد وصلت إلى ضرورة أن أكون ضمن الموجود الفاعل وهذا عائد لفضل النغمة والرحمة وأغماضة الجفن . أغمض أجفاني تنساب موسيقى الشمس كما تنساب قطرات المطر على خد الوردة ، يذهب بي خيال المكان إلى أزمنة بعثرتها السيوف ومكائد النساء ، فأطلق حسرة على ما مضى من حياتي واتسائل لماذا لا يقدر سكان هذه الأمكنة ( الفردوس ) من كتابة كتاب شعر كل يوم. فيأتي الرد ، إن الولادة الشعر تأتي عندما يكون هناك مؤثر صنيعته الدمعة والجرح وزمزميات عطش نهار القيض .. لماذا يكتبون في كل ليلة من هذا المناخ الناعس كما لحظة نشوة كائنين في عري بعضهما ، يكتبون نصا لموسيقى الروح التي خلقت لتغرق في تأمل بحيرات النجوم. فيجئ الرد ، لأن أوتار قلوبهم لم تتقطع بسكاكين الجوع لهذا تكون الموسيقى مناخا نادراً مادامت الحدائق تمسك كماناتها وتعزف لهم. لحظتها تقفز دمعتي لتعزف موسيقاها ولتتخيل كيف كان أجدادنا يضعون دلمون في صدر الخاطرة والقصيدة والمعزوفة الموسيقية ثم يتمددون في استرخاء الفقر على التراب الرطب وليمتوا بصمت ، ثم بعد ذلك إلى أقبية رطبة ومعاول رجال آثار لا يفقهوا من أحلامنا سوى سطور في التوراة أو تكليف من متحف أجنبي أو طمع في مال. إن الموسيقى والشعر وتضاف إليهما الفلسفة يشكلان خلقا للفكرة العظيمة والقائلة على لسان يسوع ( ع ) ( الإنسان بناء الله ..ملعون من هدمه ). هذا الهدم ترممه الموسيقى وتمنع الفلسفة انهياره التام وتضيف له المرأة لمسة الأمل فيما الرجل بمناه يعيد بناء الهدم مكوناً ذاتياً مشعة لحياة جديدة . والحياة في تعبير الفلسفة زمن لذاكرة بثقافات متنوعة . أنها مجموعة من تفاعلات مدار اليوم ، وهي دوران الوقت وتأثير المكان .والحياة في الفلسفة هي الحب المصاغ بتعبير مختلفة ، فيما تصبح الموسيقى بالنسبة للفلسفة والحياة كما الملح على صحن الرز بدونه لن يصبح الأكل طيباً . وفي كل سعي لفهم وقيعة الحياة وفق خاطرة الفلسفة علينا أن نعي ماوراء الواقع .أي نذهب إلى أبعد من أمكنتنا .هناك نجد الخلق بمطلقه السابح في سدم عظيمة لاتنتهي حتى حين ينتهي الخيال . مجرات وكواكب وسماوات تذهب إلى حيث تذهب دموعنا لحظة الخشوع له . هنا كانت الفلسفة تبحث عن كنهه مايكون ، وهنا تحركت روح الموسيقى رغبة بخطوة جديدة في الطريق إلى المنى حيث فكرَ الرجل بأن يخترع حباً يرميه كحجاب على المرأة ومن ثم يسلب قلبها . لأن الأزل يقول : الحصول على قلب المرأة يعني الحصول على أول الغايات. بين المرأة ودلمون خيط من المعرفة وهاجس القلب ورؤى صنعت الدهشة البدائية فكان على الإنسان أن يفكر في صنع ما يجعل الاقتراب من هذه الدمية اقتراب العاطفة إلى رغبتها ، فهي كانت ممانعة في إعطاء الحاجة لشعورها بشيء من الضعف والاستعباد ، لهذا خلقت المرأة مع الفردوس على شكل خطأ جسيم لتصبح اقل جبروتا . هناك نجد الخلق بمطلقه السابح في سدم عظيمة لاتنتهي حتى حين ينتهي الخيال . مجرات وكواكب وسماوات تذهب إلى حيث تذهب دموعنا لحظة الخشوع له . هنا كانت الفلسفة تبحث عن جوهر مايكون ، وهنا تحركت روح الموسيقى رغبة بخطوة جديدة في الطريق إلى المنى حيث فكرَ الرجل بأن يخترع حباً يرميه كحجاب على المرأة ومن ثم يسلب قلبها . لأن الأزل يقول : الحصول على قلب المرأة يعني الحصول على المنى المفترض إن يكون هو منى المكان والزمان والرغبة المطلقة. أفترض تقابلات وعي ، وإيصالات فهم ، ومبادئ متعارف عليها حتى قبل أن يولد أبو قراط . يقودني التفكير إلى كينونة لحظة هائمة في دمعة من الحيرة والتخيل وأدرج بلحظة ظن يتساوى فيها الهائم والنائم ( ديالوجاً ) متخيلاً حدث بين صانعي أزل الحب البشري الأول . أبوينا آدم وحواء ( عليهما السلام ). آدم : أفكر أن نتشارك سوية بصناعة دمعة تكشف رغبتنا بالعودة إلى بهاءه . الندم يأتي مع ألم المشاعر . ومشاعرنا تتألم وأرغب أن تذهب مع الدمعة أشجان مساعدة لفعلها كخرير الماء وهديل الحمام وحفيف الشجر إنها ترسل أنغاماً أحس فيها فيضاً من عواطف صادقة ونحن في لحظة نسينا صدقنا وسهونا وها نحن ندفع ثمن ذلك بالنزول إلى الأرض . حواء : لا تدخل المقدر بالدمع فتنال منه شعوراً بالضعف . والمنغمات التي تريد إرسالها هي وليدة شجنه وبعضاً من خلقه فكيف نتوسط أليه بموجداته . أن الذي قدر هو قادر ودعنا نصنع من هذه النغمات وجودنا الجدي لنعيش من أجل سعادة جديدة ، وبهذا نعطي لهاجس النسيان ذاكرة جديدة لما سنؤسسه على الأرض وما تركناه هناك ، فلنتركه لأماني العودة. وفعلاً أغمضا أجفانهما وتخيلا بيتاً يأوي لحظة المودة الأولى وما أن فتحا جفنيهما حتى وجدا حمامة وفي منقارها غصن زيتون ،عرفا أنه ينبغي أن يوضع على بوابة البيت تعبيراً عن السلام فيما حملت لهما الريح قصبة ومن صوتها المعبر عن مودة السكن البشري الأول صنع آدم ناياً لمساء الرعي وتأمل عظمة الوجود الفوقي الذي غادره منذ أيام . فيما أهداهم الشجر ظله ليستريحا عليه بعد فصل من ساعة الاشتغال ببناء البيت . وهكذا يخلق التصور الافتراضي شكل المودة التي تحاورت بروح الصراحة والكشف للوصول إلى ذاكرة جديدة لمكان جديد. ليست شوبنكن دلمون ..وليست دلمون شوبنكن ...لكني وجدت في أوراق ( غوته ) ما يجعل الجمع بين الشرق الذي أتيت منه وهذا المكان ( الجرماني ) ممكناً. ومن هذا الممكن تخيلت الشاعر الألماني وهو يجمع مودة الشوق لدية لرائحة القهوة العربية واباعرها وخيام صحاريها وظلال نخيلها الباسق.فأجد إن غوته قد مسك الفهم من خياله فأعطى لذاكرته جموح الذهاب بعيدا فكانت قصائده تؤنس روحه التي استشرفت المكان بعاطفة العاشق. أفعل مثله ولكني أجيء إلى الغرب بشرقيتي لاستغرب منه هذه الأطياف المتماثلة في نقاوة المناخ والروح والصورة ، فأتذكر أمكنة كانت هي ذات يوم ذاكرة لحضارة الخليقة ، أمكنة صنعت الدهور والرجال والأساطير وسفن النجاة ، لكنها غارقة الآن في غبار الحروب وبطاقات التموين وتصفية الحسابات المستعجلة ، فتذوب في الرغبة والحنين وأطلق لهاجس الشعر تخيله الغربي ولكن بروح الشرق تلك التي قال عنها غوته : إنها روح تنبض بإشراق الروح قبل الملامح ، غير إن لهذا المكان ملامح أخرى هي في المقارنة التاريخية لما وصفه الأجداد لدلمون المفترضة تبدو ضعيفة ، ففي هذه القرية الهادئة يبدو الجمال مرئيا وحيا فيما فردوس أجدادي ظل مجرد لوح تناقلته الرغبات والأرغفة وخوذ الجنود وشهقة الشهداء ويأس الثمل من نفاد الكأس والقريحة. لهذا ما سأقوله هو أنني باق على عهد الشوق لذلك التراب وذلك الحزن وتلك الزقورات التي يصبغها قير أسى قدر المكان وتاريخه المتعرج كخطوات العكاز المكسور ، فأدرج من ذلك الوحي القديم قصائدي وأعطيها بلاغة الشوق والتأمل فلعل طيفها ينتصر على هذه البيوت التي تتحصن بعطر الياسمين وحركة الأراجيح الملونة والهدوء الذي لو عاشته أمي ساعة واحدة لأخذت مزيدا من العمر ولم تقوس ظهرها أخبار جبهات القتال التي سكنت حتى كتبنا المدرسية وصارت تداف مع عجين الرغيف وتشتعل مع ضوء الفانوس....ستكون دلمون خيارنا لنذهب بعيدا ، وسيكون لنا المزيد من القلق وتقلبات العاطفة والمناخ ، لأننا لم نبصرها بعد ، ولم نعش لحظة شم نسيم صباحاها المعطر بكل ما يسرق من القلب لهفته الفانية ليعيش خلود الأزل المطعم بدفء أسرة القطن المحلى بخيوط الذهب والمعطر بشهقةٍ موسيقية من أنثى تضيء شفتاها كما يضئ العنبر في بيدره قبل أوان الحصاد .. أصابع الله هو الضوء الذي يملئ العالم . وأجفانهُ هي الغيوم التي تمطر على حدائقنا وشتاءاتنا وأحزاننا المتلبدة بعاطف الرغبة إلى دفء وأنثى تستطيع من خلال أنفاسها أن تحصي سكان الصين بسهولة . بين دلمون وشوبنكن جسور من نظرة متبادلة . هذا جدل لا غبار عليه . وفي هاذين المكانين أضع رؤيا خاصة للجمال الذي افترضه نابعاً من موسيقى جسد المرأة وأرش عليه رذاذ عطر النمر الذي يفترس بنظراته تلك الحواء العجيبة فأصل إلى قناعة أدرك فيها إن أزمنة الغبار التي تركتها هناك في أور هي أزمنة أغرقت حواسها في طبول الحروب وتخيل الأساطير التي تنتظر من الآلهة مطرا كي تقتل يباب الجوع والحرمان والقسر الذي مشى معنا منذ أن بنى الإنسان بيت الطين في أريدو وحتى أزمنة ناطحات السحاب... عندما تعطش المرأة تشرب الرجل . وعندما يعطش الرجل يشرب خيال المرأة ، تأتي إليه أو لاتاتي هذا يرتهن بالحظ . الحظ الذي يتعثر بإقدامنا كما قطرات المطر وهي تتعثر بدموع أمهاتنا يوم تموت الحروب فينا ونفترض إن العاج الذي يصنع جسد المرأة هو بدن البندقية ، فلكي تصيب الهدف على شفتيك أن تلامس شفتيها بدون ميلان . عندها النمور تتمطى وتتثاءب وينتهي كل شيء . قنينة العطر تصير اسطوانة . ضوء الله ينشر عباءة الحس على ما يتلى من كلمات في طقس آدم وحواء . توراة خضراء تفتح متعة القديسين في أقبية بعيدة وترطن بسريانية غامضة ما معناه : إن لقاء الأجساد متعة الخلق ، وان روح الإنسان في طقس الاشتباك تتحول إلى لغة بدائية تصنعها ميكانيكية القصد ، والقصد هو أن نصل إلى ذروة لا تخلد إنما مشاعرها تبقى مثل نار أوليمب ( خالدة إلى الآبد ). في كتاب ( علاقة الجنس بالحس ) يقول المؤلف : إن قيمة ما يحدث في التلاقي يمثله توهج الرغبة عند واحد فقط ، أما الثاني فينساق إلى الواحد كما تنساق الفراشة إلى الوردة . احدهم يربط الآخر بحبل ولكنه لا يُرى . ويقول أيضا ( إن المضاجعة والمدامعة تفكير واحد ، ولكن فلسفتهما في مغايرة دائرة لأن المدامعة نتاج حزن في اغلبها ، والمضاجعة نتاج شهوة ورغبة بافتراس شيء نريده ) ويقول أيضا ( وربما أنا من صنع هذا الكتاب ) : إن التشوق لصناعة لحظة حب تأتي من ذاكرة همجية أولاً ، وخطوة خطوة تلبس رداء الحنان والإنسانية ويصبح التموج في المكان كما ديك يفترس عُرفه . اقرأ في الكتاب وأتخيل شراسة النمور ( أتخيل أفريقيا كلها وكيف ينام رجال القبائل البدائية تحت ظلال أشجار البامبر وهم يمارسون مع نساءهم طقساً اسمه ( الهلو ــ هوما ) . إنها مفردة تعني إننا نستعد لنتشاجر ونحن عراة . أصور مشهد ذكر إفريقي وأنثاه وهم يفعلان ( الهلو ــ هوما ) ،يبدو المشهد مثل عراك ذبابتين ، لا تعرفان ماذا يحصلان من تشابك لولبي وصراخ بهجائية مندثرة . يسحبها إليه بعنف وتسحبه إليها بعنف أكثر،وفي النهاية هي تظهر من فمها غيوما حمراء وهو يبتسم كأي بليد . يعلق مؤلف كتاب ( علاقة الجنس بالحس ) : إن هذا مرتبط ببلادة يوم خلقه الله هكذا . مشاعر ليس لها آن ولم تصنعها رسائل حب ، بل هي عبارة عن غريزة تشبه جذع شجرة . علق الفرنسي طيب الذكر ( آرثر رامبو ) وهو يجوب بشهوته المضادة غابات أفريقيا : إن هؤلاء البدائيون يشبهون خصية ثور . تنتفخ متى امتلأت بالبرسيم . رامبو يقول هذا وهو يدرك بحسية بالغة التعقيد ماذا كان يريده من هؤلاء وربما فعل الشيء نفسه مع احدهم أو إحداهن تحت شجرة البمبر ، لكن من المؤكد إن وعي التلاقي بين الفريقين ( الذكر والأنثى ) أو بين رامبو واحدهم يمثل وعيا لتشابك بدائي وربما يفترضه عالم ما انه تشابك حضاري ، غير إنني وأنا أشم بأنف نمر اعتقد إن التقابل الذي حدث في طقس ( الهلو ــ هوما ) هو إدراك لحاجة صنعها نور الله . طالما أعدت قراءة ما تفكر فيه السيدة ( نوال السعداوي ) إزاء هكذا طقوس . وأتعجب وأنا أتساءل وهي تغور وتفصل وتبحث في هكذا قواميس صعبة ومحرجة . كيف رشحت نفسها لتكون رئيسة للجمهورية ؟ مرات حين يختارني القدر لصحبة مع أخر رقيق ، ضفائره كما أغصان اللبلاب ، وعينيها مثل شاشة عرض سينمائية ، ويبدأ فصل العزف ( الحلال أو الحرام ) أتذكر ما في كتب هذه المرأة ، تتسابق جمل كتبها بارتباك في اللحظة التي أكون فيها أدور بالأرض وليس الأرض من تدور فيَّ فأصل إلى قناعة إن كشف المغاير في إظهار ثقافة الجنس كنوع من التبشير أمر صعب وخطر ، لأن من جبتَ معها الأرض تقول لي في النهاية : أرجوك لا تخبر أحدا . هذا مذكور في حديث صاحب الكتاب أعلاه ( علاقة الجنس في الحس ) حين يقول بصفحة لا رقم لها : إن الخوف والرعب والندم واللذة يجتمعان في صحن واحد كما سلطة خضروات وينتهيان إلى هذه الجملة ( أرجوك لا تخبر أحدا ) . والخلاصة في باعث النطق هو الوضع الاجتماعي ـ البدائي الذي كانت تتحدث عنه نوال السعداوي دائما . ينبغي أن تعلم النمور أن الجنس صانع ماهر للسعادة حتى فيما يخص ( الهلو ــ هوما ) وان إدراك ما في لب الحب لا يأتي إلا مع جولة الملاكمة هذه . أتذكر جملة غيوم أبولونير الهائلة : حين يكون وجهك مقابل للقمر أستفز بكاملي . تحيطني هذا الجملة برعشة بدن هزازة كما ( مناخل جداتنا ) يوم ينخلن سنين العمر حكايات وهذيانات . العبارة الشعرية بطاقة مثل هذه تحفز إلى شيء . شيء يذهب بنا إلى مكان . المكان هو المرأة حتى لو كانت خيالاً . تعريف هكذا طقس لا ينتهي ، يبدأ مفتوحاً مثل عولمة لها أجنحة نورس يحلق في فضاء الفراش ، ينقر بمنقاره المدبب الصغير حبات قمح الأنثى المنشرحة كخارطة مدن الأوقانوس على ذاكرة الرجل . انه في لحظة الملامسة هذه ينسى لماذا تدور عقارب الساعة ولماذا يلقي رؤساء الجمهوريات خطبهم السنوية في أيامهم التي يعتقدونها إنها أكثر وطنية من الحب. ولكن ليس هناك وطنا ينتمي إلى الصدق والفضيلة كما الحب. ومن الحب نصنع ما يأتي في الليل أو النهار أو تحت شجرة البمبر. المرأة ومدن الفردوس وقنينة العطر هم إكسسوارات ما تحدثت فيه بشجاعة خائفة . والحق إن هذا العنوان كان مقررا لنص شعري ، لكن مشيت عارضة أزياء في فضائية ما أثارت في ما شئت أن اربط فيه نور الله بشفة حبيتي ( الوهم أو لنقل الهلو ــ هوما ) لقد كانت تمشي كما عقرب على لسعة خد . ولأني لا املك حذاء اعبر فيه الحدود صفعت القصيدة وعنوانها وسرحت مع تلك الجغرافيا الفاتنة ( اقصد عارضة الأزياء ) التي براتبها قد أستطيع أن اشتري بيت الملك السومري شولكي وكل قيثاراته . ولكن الله بأصابع قدسيته يضع الأقدار بمهارة. وقدري هو كما يقولون في عامية بلادي ( شوف وأسكت . واسمع ولا تدمع ). ربما لأن السكوت هو شهوة الفقراء لهذا قالوا هكذا . وربما لأن الدموع هي قلائد المحرومين أعطونا هكذا نصائح. كل ما أدرجت من كلام في متن هذا اللوح هي آت من صباح واحد من صباح النزهة في قرية شوبنكن الألمانية التي أتخيل أن ريلكه قد قاد خطاه ذات مرة في صباح من صباحاتها المدهشة عندما تعكس الشمس ضوء فستانها البرتقالي على ذاكرة الشعر التي فيه فيكتب : رائق صباح القرية بصياح ديك وطائرات ورقية وفراشات بلون الفضة تلعب النرد مع الورد وفناجين القهوة ... أتذكر أور ، أتذكر دلمون وقيثارة شبعاد وطائرات أف ــ 18 وأقبية الموت الجماعي فداء لرغبات الملوك ، وأقارن خليقة الطين بخليقة الورد وفناجين القهوة .. فأقول : لهم الله ولنا الله .. وبين أل( لهم ولنا ) كنسية تقرع أجراس التبشير لأفارقة قدموا مع طوطمياتهم لاجئين وبين مؤذن الجامع وهو يهتف في مدى الريف الألماني : ننظركم متى تعود دلمون مطمئنة ويحاسب غربانها الملثمون ....
دورتموند / 11 حزيران / 2008
#نعيم_عبد_مهلهل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أبي ولينين ويوم العطلة في الصين
-
الحزب الشيوعي العراقي وأسطرة الفتوى ...
-
كِشْ وبَره .. كش ملك .. كش العجوز..
-
تراكمات الوجع الكبير
-
المندائيون ومنظمة اليونسكو والدولة العراقية...
-
جنود ميثولوجيا زقورة أور..
-
عيون خضر ، فراشة حمراء ، وماعون صيني...
-
بطيخ من المريخ ..مشمش من العواشك ...
-
مدينة عفك ، لا تحب مدينة شيكاغو...
-
مديح لزهور حسين ..عتب على البرلمان ...
-
دموع التماسيح ودموع المطر ...
-
كلام عن أنوثة المحظور..في وطن محتل
-
مسيحيو سهل نينوى ...
-
مارتن لوثر .. وعشائر بني ركاب ..
-
الدجاج وبطون اهل النيجر والمشخاب ..!
-
ساهر الناي وشارب الشاي وغولدا مائير ..
-
صيف مدينة العمارة
-
الموت في العراق هو ثمن الشجاعة
-
نعوم جوميسكي ..والمستكي ...
-
أفارقة البصرة ..وأغنيات الهله هولو ..
المزيد.....
-
-ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
-
-قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
-
مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
-
فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة
...
-
جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس
...
-
أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
-
24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات
...
-
معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|