|
كاسك يا ملك
عطا مناع
الحوار المتمدن-العدد: 2484 - 2008 / 12 / 3 - 00:18
المحور:
القضية الفلسطينية
بعض المواقف تحفر لها مكانا في الذاكرة، هي مواقف تعبر عن مقدرة خيالية في استكشاف المستقبل بكل بشاعته، ومن الكلمات التي رددها المواطن العربي من المحيط إلى الخليج ما تنبأ به الكاتب السوري محمد الماغوط في مسرحية كاسك يا وطن، هذه المسرحية الاجتماعية السياسية الكوميدية الناقدة التي حققت انتشارا ملحوظا في وطننا العربي، وجاء نجاح مسرحية كاسك يا وطن للتناغم والتطابق بين فكر الماغوط والثقافة الشعبية السائدة والمنسجمة في تقيمها للنظام العربي الرسمي وادواتة.
لقد ناقشت مسرحية كاسك يا وطن الواقع السياسي العربي الرسمي والشعبي من المنظور العلمي الجدلي الذي اعتمد التراكم السلوكي السياسي للنظام العربي الرسمي واستطاعت أن تخرج بخلاصة مفادها أن هنالك من يسرق الوطن ويشرع لنفسه الهبوط في الممارسة التي انتقلت من السرية الخجولة إلى العلنية الفاضحة بالاعتماد على الفتاوى المشروخة والمختومة بختم البلاط.
المريح في هذا النهج أن اللعب بات على المكشوف وان عملية التراكم ستفعل فعلها خلال السنوات القادمة لنصل مرحلة الفرز الطبيعي بشكل لا يدع مجالا للشك رغم أن الواقع العربي يتحدث عن نفسه عبر عقود الصراع مع دولة الاحتلال الإسرائيلي التي أصبح حاخاماتها وآبائها الروحيون يصولون ويجولون في العواصم العربية دون تحفظ وخاصة في ظل الموقف العربي المعلن بالاستعداديه المطلقة بالتطبيع مع دولة الاحتلال التي باتت تفرض مواقفها على المنظومة العربية المريضة، تلك المنظومة الغارقة في وهم البحث عن التسوية رغم اللاءات الإسرائيلية والنظرة الدونية للقرارات العربية في القمم المتعاقبة.
ما يثير الحنق أن المؤسسة الرسمية العربية تمارس الرذيلة وتتهمنا بعدم المعرفة والغباء، ففي الأيام الماضية وعلى هامش مؤتمر نيويورك لحوار الأديان الذي عقد في الفترة من 11 إلى 13 تشرين الثاني 2008 قام شيخ الأزهر محمد سيد طنطاوي بمصافحة رئيس دولة الاحتلال شمعون بيريز، وبالطبع كانت كاميرات الصحفيين بالمرصاد حيث التقت المصافحة الحارة وابتسامة الشيخ طنطاوي التي كادت أن تتحول لعناق للرئيس الإسرائيلي.
الملفت في مصافحة الشيخ طنطاوي أنها جاءت في ظل الحصار الخانق على قطاع غزة والانتهاكات المستمرة للمسجد الأقصى ومدينة القدس المحتلة بشكل خاص،أما المضحك لدرجة البكاء على حال امتنا وعلماءنا أن مكتب الشيخ طنطاوي أصر على تلك الفعلة الشاذة من خلال تبريراته بالقول تارة أن الصورة التي التقطتها الكاميرات مزيفة وان المصافحة جاءت بالصدفة والشيخ الطنطاوي تفاجأ بالرئيس الإسرائيلي وخاصة ان المصافحة لم تستغرق إلا ثواني، وقد ذهب مكتب طنطاوي لأبعد من ذلك ليقول أن الشيخ طنطاوي لا يعرف شمعون بيريز"أنة العذر الأقبح من ذنب".
مشهد آخر على هامش مؤتمر الأديان وهو الفلم المصور الذي تناقلتة المواقع الالكترونية صورة والصحف العربية بالكلمة وهو تناول العاهل السعودي عبد اللة بن عبد العزيز النبيذ والوضوح الذي لا يترك مجالا للشك أنة شرب نخب الرئيس الأمريكي جورج بوش بحضور شخصيات عالمية، أللقطة موجودة على العشرات من المواقع الإخبارية، ويقول بعض المتعاطفين مع العاهل السعودي أنة كان يشرب الماء رغم أن الوضوح لا لبس فيه.
مشهد ثالث بعبر عن الحالة المتردية التي نعيشها كفلسطينيين وعرب هي قضية الحجاج التي تحولت إلى حلبة للتناطح بين الأطراف المتصارعة التي لاقت تشجيعا بالمواقف العربية الهشة المؤزمة للوضع الداخلي الفلسطيني المتأزم أصلا والقابل للانفجار، وما مقتل المواطن ألغزي كامل محمد عاشور بهراوي مليشيات حركة حماس على رؤؤس الأشهاد في وسط سوق مخيم المغازي ألا دليل واضح على تلقي الشعب الفلسطيني وجبة جديدة من انتهاكات حقوق الإنسان التي لن توفر احد حتى الصحفيين كما حصل مع الزميل الصحفي عيد العزيز محمد سلامة مراسل إذاعة القدس الذي انهالت علية شرطة الحكومة المقالة بالضرب خلال تغطيته عملية منع الحجاج من الوصول لمعبر رفح، هذا إلى جانب المضايقات بحق الصحفيين العاملين في وكالة رامتان التي تحدثت عن جملة من الاعتداءات والمضايفات للصحفيين العاملين فيها.
لقد كانت القضية الفلسطينية تأخذ بعد وطنيا عربيا، ومع مرور الوقت تحولت إلى قضية تخص الفلسطينيين، وحولها ملوك الحرب الداخلية الفلسطينية بصراعهم لقضية تعبر عن مصالح وأجندة خارجة، والأكيد أن لا تناغم في الممارسة العربية والفلسطينية، وهذا ينذر بكارثة تعرض الشعب الفلسطيني لمذبحة سياسية وجسدية دون أن يحرك العرب ساكنا سوي القبل وشرب الأنخاب والغرق في التطبيع مع دولة الاحتلال التي تعرف تماما من اين تؤكل الكتف واستغلالها "للهفوات" التي تصدر عن القيادات السياسية والدينية في العالم العربي" هذا إذا أحسنا النوايا" مما يضعنا كفلسطينيين في زاوية معتمة تؤدي لتكالب العالم علينا حتى ابنا جلدتنا، فالحصار والصراع الداخلي وعمليات القتل اليومية بحقنا والاعتداءات والانتهاكات اليومية لأرضنا وقدسنا ما هي إلا انعكاس طبيعي وواقعي للممارسة العربية الرسمية والفلسطينية اليومية التي تؤكد مقولة يا وحدنا في ظل مرحلة تشرب فيها الأنخاب وتعانق ارفع شخصية دينية عربية رئيس دولة الاحتلال.
#عطا_مناع (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
سعدات...من يحاكم من
-
عن شهداء الأرقام وسرقة أموال الأسرى
-
جنون فلسطيني بالجملة
-
لماذا فشل الحوار الوطني الفلسطيني
-
المستوطنون قادمون...ما العمل
-
ضوء في آخر النفق
-
هل نجحت حماس باستبعاد اللواء الطيراوي
-
عن ثقافة هز الذنب ومسح الأحذية
-
انك ليس أحمد سعدات
-
الشرطة الفلسطينية ترد الصاع صاعين للحاخام الأكبر
-
القدس والجعجعة بلا طحين
-
لمن الغلبة..؟ لا غالب والكل مغلوب
-
الشعب الفلسطيني وحتمية الثورة على الثورة
-
الأعلام الفلسطيني بين العسكرة والانجزة
-
السماء تمطر دما على مخيم عايدة للاجئين
-
أبو أنور: نحبكم بعد موتكم
-
من أجلك يا سيدتي
-
أنا في عرض الحكومة.. أكلنا زبالة
-
الحرية للمعتقلين السياسيين في السجون الفلسطينية
-
اتفاق كنيسة المهد جريمة بلا عقاب
المزيد.....
-
تركي آل الشيخ وآخرون يتفاعلون مع لقطة بين محمد بن سلمان وأحم
...
-
قصة العالم النووي كلاوس فوكس.. -لا تتحدثوا معي عن المال مرة
...
-
من قطر إلى السعودية.. لغة التفاصيل في دبلوماسية الشرع
-
خبير يعلق على اعتراف زيلينسكي الذي صدم الغرب
-
ترامب: الوكالة الأمريكية للتنمية تديرها مجموعة من المجانين
-
إعلام: تركيا قد تنشئ قاعدتين عسكريتين وتنشر مقاتلات -إف 16-
...
-
-الأورومتوسطي-: الحالة الصحية التي يخرج بها المعتقلون من سجو
...
-
ترامب يكشف عن موعد اتصاله مع ترودو ويؤكد: سيدفعون الرسوم الج
...
-
برتراند بيسيموا زعيم حركة -إم 23- في الكونغو الديمقراطية
-
تداعيات فصل ضباط أتراك بعد حادثة أداء قسم الولاء لأتاتورك
المزيد.....
-
اعمار قطاع غزة بعد 465 يوم من التدمير الصهيوني
/ غازي الصوراني
-
دراسة تاريخية لكافة التطورات الفكرية والسياسية للجبهة منذ تأ
...
/ غازي الصوراني
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
المزيد.....
|