|
وسام استحقاق وبندقية رستم غزالة
وهيب أيوب
الحوار المتمدن-العدد: 2483 - 2008 / 12 / 2 - 07:02
المحور:
كتابات ساخرة
قد يُغري السير تحت قوس السياسة السائدة: يصافحك الرئيس، يربِّت القائد على كتفك، يبتسم لك التابع، يحييِّك المرافق، ثم يجيء نصيبكَ من البخّور الطالع من القصر. (أدونيس)
يظن سمير قنطار أفندي، أنه في مجيئه إلى موقع عين التينة في مجدل شمس- الجولان المحتل- وإلقائه خُطباً وشعارات تشابه تماماً خُطب وشعارات ووعود أسياده المندرجين سواء تحت اسم مقاومة أو ممانعة، أنه قد افتتح الأندلس واجترح معجزة! ويجهل قنطار أفندي أن تلّة الصيحات هذه ووادي الدموع أسفلها الممتلئ بدموع وآهات الأمهات والأحبة الذين يتنادون ويصرخون بمكبرات الصوت يومياً من على جانبي الشريط في عين التينة لتبادل التحيات وأخبار من مات ومن عاش، من تزوّج ومن أنجب من أحبتهم وأقاربهم المنشطرين إلى قسمين، في الأرض المحتلّة والوطن المُنهك... يجهل قنطار أفندي هذا ومن معه أنهم في خُطبهم المهترئة والوعود الكاذبة المنافقة، ينتهكون حرمة دموع الأمهات البريئة الصادقة المنسكِبة في الوادي على مدار أكثر من أربعة عقود، ويقضّون مضاجع أرواح الشهداء الذين سقطوا أثناء عبورهم الشريط وحقول الألغام لتأدية واجبهم الوطني، أمثال الشهداء عزت أبو جبل ونزيه أبو زيد وفايز محمود، أيام عهود النضال الصادق النقي المُجرّد من كل الشعارات البائسة والألفاظ المُصطنعة والتصريحات المقبوضة الثمن، سواء بوسام استحقاق أو وظيفة أو حفنة دولارات. لقد كانت تلّتا الصيحات في موقع عين التينة ووادي الدموع الكامخ بينهما في الأيام الخوالي، مكانا لتبادل الأشواق والمحبة الصادقة بين الأهل والأقرباء والأحبّة من على سفحيهما، قبل أن يرتادهما ثلّة من المنافقين الأفّاكين الانتهازيين من أزلام النظام وضيوفه أمثال وئام وهّاب وناصر قنديل ومن على شاكلتهم، ليسفحوا كل أكاذيبهم وشعاراتهم المُتهتِكة البالية من نفس المكان. فأصبح المكان تارة لتبادل المحبة الصادقة والأشواق المنزّهة عن كل غاية أو رياء، وتارة لتبادل النفاق والخطابات الموتورة التي تُزهِق الأرواح. وبات المشهدُ أشبه باختلاط مياه الشُربِ بمياه الصرف. فكيف الحفاظ على صدق التلتين ونقاء الوادي؟؟ كيف يستطيع قنطار أفندي ودون أن يرف له جفن، أن يجمع بين مقاومة الاحتلال من جهة، ثم التماهي مع الاستبداد ومدح الطغاة من الجهة الأُخرى؟! أيُّ سقوط مريع هذا في امتحان الحرية الحقيقي، وأيّ انفصام هذا في العقل، وأيّ شرخ هذا في ضمير تهتّك وتهاوى تحت أقدام السلطان من أجل وسام استحقاق أو كلمة استحسان؟! يعلم قنطار أفندي تمام العلم، أنه أمام حضرة السلطان الذي قلّده وسام الاستحقاق... أنه لا يستطيع قول إلاّ ما أراد السلطان سماعه ولن يستمع منه إلاّ ما أتاحه له، سواء هو أو كل الذين يأتون للتسول والارتزاق في قصور الطاعة والخضوع. فهل هناك أكثر من هكذا احتقار وإذلال، وهل كان لقنطار أو سواه أن يتعدّى أو يتحدى ويقاوم تلك المعادلة المُهينة؟! ونسأل قنطار أفندي، هل سمع قبل مجيئه وحلوله ضيفاً في قصر الخليفة، أن هناك معتقلين سوريين أحراراً أُودِعوا سجن النظام بسبب آرائهم السياسية والفكرية وبتهمة إضعاف الشعور القومي، هل سمع عن مُعتقلي إعلان دمشق، وهل يعرف باسم فداء حوراني وميشيل كيلو ورفاقهما، وهؤلاء لم يُطلقوا النيران على أحد ولم يقتلوا أحد ولم يختطفوا أحد، بل خُطِف منهم وطنهم وحريتهم وأُدخلوا السجن، فقط بسبب احتجاجهم على خطف الوطن واحتجازه ومحاولة قتله مع سبق الإصرار والترصّد؛ أم أن وسام الاستحقاق وكلمات الإطراء أصمّت أُذنيه وسملت عينيه عن رؤية وسماع كلمة الحق والعدل والحرية؟؟ يتجاهل قنطار أفندي أنه تعلّم وحاز على شهادة الـ ba))، وعَقَد قرانه وتزوّج في سجون العدو، بينما تعلّم وحاز أقرانه في سجون النظام السوري في وطنهم على شتى صنوف التعذيب والقهر والإذلال. وخرج قنطار من سجون العدو طافح الوجه عريض المنكبين غليظ الرقَبَة، على عكس ما رأيناه في صورة المناضل الأغر عارف دليلة وكأنه خارج من مجاعة حقيقية بعيد خروجه من سجن النظام السوري الذي يوزّع أوسمة الاستحقاق "للمناضلين" من الدرجة الممتازة! مبروك....! يتصرّف قنطار أفندي؛ وكأنه المقاوم الوحيد، والوحيد الذي قام بعملية ضد إسرائيل، والوحيد الذي قضى مدة سجن طويلة، والوحيد الذي تمّ تبادله، والوحيد... والوحيد.... ثم يذهب بعد كل هذا ويؤدي فروض الطاعة في حضرة السلطان ويقبض الثمن، ويأخذ إجازة مرور واصلا إلى عين التينة مقابل مجدل شمس، مُعتقِداً بخطابه وصوته الجهوري بأنه يلقننا درساً مميّزاً في المقاومة والحرية والنضال! ما أصعب حال المرء عندما تركبه الهواجس وتعتريه الأوهام، ويردِّد بينه وبين نفسه "يا أرض اشتدّي، ما حدا قدّي" عندها لا عتب عليه ماذا يقول وما يفعل. عند انسحاب جيش النظام السوري من لبنان قام تلميذ النظام رستم غزاله بإهداء سيّد "سمير قنطار" حسن نصرالله بندقية، أثناء مراسيم حفل الوداع، واليوم يتقلّد سمير قنطار أفندي؛ وسام الاستحقاق في حفل الاستقبال من معلِّم الممانعة ومعلّم سيّده حسن نصرالله. فالشيء بالشيء يُذكر، ومن شابه سيّده ما ظلم.
#وهيب_أيوب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
في ما خصَّ... احتقار النظام للشعب السوري
-
بين -رأس المال- ورأس زغلول النجّار
-
خازوق في إستِ الدرامة السورية
-
أكثرُ من وطنٍ...في الوطن
-
حواراتٌ بائرة
-
شعوب ما قبل الدولة والانتماء الوطني- و-الدراما التاريخية-
-
عندما يَهزمُ فأرٌ إماماً!
-
المَشاهِد المتقطّعة لمسرحية المفاوضات الإسرائيلية السورية!
-
أغوال دمشق وجهاً لوجه مع -غيلان الدمشقي-
-
الثالوث المُدمِّر الصهيونية والأصولية وأنظمة الاستبداد تحالف
...
-
- قصة مدينتين - لو أن غزّةَ يبتلعها البحر
-
بين تل الفخّار.. وظهر الحمار
-
جحيم الطائفية من حيث تدرون أو لا تدرون
-
نيلسون مانديلا...عقبال ال120 ))بوش الصغير... دَربْ يسدْ ما ي
...
-
ميشيل كيلو بين - السيف والمنسف -
-
خط بيروت الجولان
-
ليس بالبيانات وحدها يحيا الجولان!
-
-حزب الله- ذابَ الثلجُ وبانَ المرج
-
الأول من نيسان كالسابع عشر منه
-
لماذا سقط العرب ونهض الغرب؟! -2-
المزيد.....
-
مصر.. اقتحام مكتب المخرج الشهير خالد يوسف ومطالبته بفيلم عن
...
-
محامي -الطلياني- يؤكد القبض عليه في مصر بسبب أفلام إباحية
-
فنان مصري ينفعل على منظمي مهرجان -القاهرة السينمائي- لمنعه م
...
-
ختام فعاليات مهرجان القاهرة السينمائي بتكريم الأفلام الفلسطي
...
-
القاهرة السينمائي يختتم دورته الـ45.. إليكم الأفلام المتوجة
...
-
صحفي إيرلندي: الصواريخ تحدثت بالفعل ولكن باللغة الروسية
-
إرجاء محاكمة ترامب في تهم صمت الممثلة الإباحية إلى أجل غير م
...
-
مصر.. حبس فنانة سابقة شهرين وتغريمها ألف جنيه
-
خريطة التمثيل السياسي تترقب نتائج التعداد السكاني.. هل ترتفع
...
-
كيف ثارت مصر على الإستعمار في فيلم وائل شوقي؟
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|