|
حان الوقت لاعادة النظر في صفة التكبر لدى امريكا
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 2483 - 2008 / 12 / 2 - 07:02
المحور:
العولمة وتطورات العالم المعاصر
بعد انفكاك الاتحاد السوفيتي ، لم يبق عائق يذكر امام تخطيط و تنفيذ ما رامت اليه الولايات المتحدة الامريكية خلال عقود صراعاتها المتعددة الجوانب خلال الحرب الباردة ، و ترسخ الوضع على سيطرة القطب الاوحد و بدات النظريات تتهافت حول ما يؤول اليه الوضع العالمي و اعلنوا انه اخر المطاف كما هو نهاية التاريخ، و فرضت امريكا بكل جهودها الشروط المفروضة على كافة بقاع العالم من الناحية الاقتصادية الثقافية السياسية و استغلت المؤسسات التي تعمل تحت امرتها بشكل مباشر او غير مباشر كما هو حال الاقتصاد الحر ، و اشعلت حروب عديدة و اصابها الغرور و تكبرت على الخلق كله. و بعدما وصلت الى هذا الحال بعد فترة ليست بقليلة و فشلت في العديد من اهدافها السياسية و العسكرية ، اصابتها اخيرا الازمة الاقتصادية الخانقة و هي تعاني الان الامرٌين و لم تنفك من افرازاتها و لم تجد لحد اليوم لخطة حل جذرية لانقاذها من الوحل الذي وقعت فيه ، لذا التغيير يفرض نفسه عليها ، بداية من النظام الاقتصادي العام و نظرتها الى قوانين و فلسفة عبور الحدود للتجارة و المالية و التي تديرها مؤسسات اقتصادية مالية تابعة لنظامها الراسمالي العام ، و اصابتها الامراض و الازمات لعدم وجود الشفافية التي تتشدق بها امريكا نفسها و تطلبها من العالم و لم تهتم بما لديها و هي تعتمد على الانغلاق و المصالح الشخصية المسيطرة و هذا ما ادى الى اتساع الثغور في نظامها المالي المصرفي ، و اليوم بعد تضخم الازمة و تفاقمها و اثارة الشكوك و نفاذ الصبر و التحمل لدى الجميع ، فانها تحاول ان تسبح وهي غارقة و تريد التشبث بالقشة لاعادة تنظيم نفسها و محاولة بقائها كما هي لتبقى مسيطرة على الوضع العالمي و فرضها للشروط على الاخرين و اذعان الدول الاخرى لمطاليبها رغما عما تعيشه و ما هي فيه من الازمة المالية العميقة ، و كلما ازدادت في التخبط اقتربت كثيرا من نهاية عصرها الذهبي . و ان ما تتسم به بعد الازمة ، هي اتساع الثغرة الاساسية بين النظام السياسي و النظام الاقتصادي و المالي للمعادلات العامة المتبناة وفقا لارادة و متطلبات و تدخٌل الدولة في الضد من مباديء نظامها السياسي الاقتصادي ، و عليها ان تقرر في النهاية الاختيار بعد دراسة ما فرضت عليها العودة عن ما تشدقت بانتهاء دور الدولة في الاقتصاد و هي اولوياتها القريبة . الواقع يفرض نفسه علي امريكا لتحديد خطة ملائمة لاعادة النظر في منظومتها السياسية الاقتصادية بحيث يجب ان تعطي شكل و تركيبة لائقة للاقتصاد العالمي و العالم المرتبط بها، و هنا يبرز الصراع بين الواقعية في الفكر و الفلسفة الجديدة و الخيال اوالمثالية ، و هذا ما يفرض الصراعات و مجموعة من المتطلبات و منها اعادة تنظيم الاقتصاد وفقا للقيم و المفاهيم دقيقة و واضحة و محسوبة النتائج استنادا على مصالحها القومية التي تفرض نفسها على تفكيرها ، في حين تقع هي نفسها في صراعها مع ذاتها نتيجة الضرورات من المحظورات الفكرية من كونها اعتمدت في عهدها الذهبي على عزة نفس و الاعتزاز بالفكر الراسمالي و التشدق و الغرور، و هذا ما يمنعها من خطو الخطوات الواقعية في هذا الجانب ،على انها دولة عظيمة متعالية و متكبرة وطليعية، و عليها تنفيذ ما تفرضه الازمة من الخطوات و لكن على استحياء ، و لكنها تدرك انه عليها ان تنتهج طريقة و خطة ممكنة التطبيق و الحلول و يجب ان تكون واقعية ، و هذا ما يفرض على الدول المرتبطة بها ان تعيد النظر في علاقاتها ، و عليه يعيدون تقييم العوامل و القرارات التي وضعهم في هذا المأزق ، و يتبادر الى اذهان هو سؤال، ما مصير الراسمالية و نظامها الاقتصادي السياسي ، الا ان كل المؤشرات تشير الى بقاء الراسمالية الامريكية قوة عظمى للفترة القليلة المقبلة على الاقل ، غير انها لم تبق راعية و معلمة للدروس و العبر و النصائح للنظم و الافكار للعالم ، و هي التي تحاول ان تبقى بعض الدول المهمة اقتصاديا و سياسيا مرتبطة بها و تدور في فلكها ، و هذا ما يفرض عليها الواجبات العديدة سياسيا و اقتصاديا ، منها الانسحاب التدريجي من العراق و اعادة ترتيب قواتها العسكرية و انها تنتظر الى ما ستتوضح من مسيرة احداث افغانستان للتوجه اليها بخطوة مرسومة . لابد ان نتذكر ان الكثير من دول العالم مسؤولة بشكل مباشر عما وصلت اليه امريكا ، و هم الذين ساعدوها و مهلوا الطريق امامها للوصول الى هذا الوضع من الهيكل الاقتصادي و هم ارتبطوا بها بشكل متسلسل و هذا ما ادى الى تضررهم هم ايضا ، و هم يعيدون النظر الان فيما يكونوا بعد استقرار الوضع و بيان ما يؤول اليه و ما يترتب على الاقتصاد العالمي ، و هذا ما ينبئنا على ان الفترة القريبة المقبلة هي مرحلة بناء عصر جديد للنظام العالمي الجديد ، و هذا بدوره يحتاج الى خطاب سياسي عالمي جديد و صارم و في المقابل يحتاج الى خطاب سياسي اقتصادي ثقافي امريكي جديد في التعامل مع العالم. و عليها التنازل و اعادة النظر و ان كانت ياستحياء ، و النزول من برج العاج لاعادة النظر في فلسفة حكمها ، و هذا ما يفرض نفسه اخيرا . وكل هذه العمليات المفروضة من ذاتها على اصحاب القرار تكون مفيدة للعالم ، و تقع في خانة الصالح العام للقوى المغلوبة على امرها و كل ما يضر بالطبقة المترهية المثالية الوضع يفيد حتما الطبقة الفقيرة المعدمة ، و كل ما ينتظر ان ترديم الهوة الكبيرة بين الغني و الفقير قليلا، الى ما نصل اليه من واقع تقترب نهاية الاحتكارات و تبدا المرحلة ما بعد الراسمالية الجشعة ، و هذا ما يؤكد ان الراسمالية المفرًغة من القيم و المباديء الانسانية تنخر نفسها بنفسها ، و هذا ليس بمغالاة اومبالغة في التصورات اليسارية كما يدعي البعض دائما الواقع الذي نراه اليوم ينبئٌ ما نحن نعلنه نتيجة انعدام العدالة الاجتماعية والتخلخل في الوضع العام .
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الشفافية و طرد مفتشي مكافحة الفساد في حكومة المالكي
-
تحزٌم بعض المثقفين بحزام العفة المذهبية!!
-
هل الازمة المالية العالمية قوضت العولمة ام حاصرتها ؟
-
هل شخصت روسيا ما فكك الاتحاد السوفيتي لمعالجته او ازالته ؟
-
مهما طال الزمن سيتجه العالم نحوضمان العدالة الاجتماعية
-
هل تقرأ القوى السياسية العراقية استراتيجية امريكا و نظرتها ل
...
-
اليس حجب وسائل الاعلام التقدمية دليل على خوف و تخلف السلطات؟
-
ما هي اهم معطيات مواقف روسيا حيال القضية الكوردية في المنطقة
...
-
ما اهم معطيات مواقف روسيا حيال القضية الكوردية في المنطقة؟ (
...
-
اي عراق تريده امريكا و اية سياسة امريكية يريدها العراق
-
جوهر الفلسفة اليسارية الحقيقية لا يتوافق مع الحرب و الارهاب
-
احساس بالمسؤولية تضمن نسبة جيدة من السعادة المشتركة للشعب
-
هل مستقبل و نوع الدولة العراقية معلوم لدينا ؟!
-
الايحاء بمجيء شبح الموت للسلطة العراقية عند استفحال كل ازمة
-
ماذا تجني الدولة الليبية من زيارة القذافي لمنطقة قوقاز
-
ادعاء وجود لامركزية دكتاتورية تبرير لتجسيد و ترسيخ المركزية
...
-
هل اوباما غورباتشوف امريكا القادم ام ...........؟
-
الواقع الاجتماعي المتخلف سبب لتفشي مايسمى بجرائم الشرف
-
الصمت الخانق للمثقفين المرتبطين بالقوى المحافظة في العراق اي
...
-
ضمان حرية الفرد نتاج النظام السياسي و الثقافي المترسخ في الب
...
المزيد.....
-
الحوثيون يزعمون استهداف قاعدة جوية إسرائيلية بصاروخ باليستي
...
-
إسرائيل.. تصعيد بلبنان عقب قرار الجنايات
-
طهران تشغل المزيد من أجهزة الطرد المركزي
-
صاروخ -أوريشنيك-: من الإنذار إلى الردع
-
هولندا.. قضية قانونية ضد دعم إسرائيل
-
وزيرة الخارجية الألمانية وزوجها ينفصلان بعد زواج دام 17 عاما
...
-
حزب الله وإسرائيل.. تصعيد يؤجل الهدنة
-
مراسلتنا: اشتباكات عنيفة بين مقاتلي -حزب الله- والقوات الإسر
...
-
صافرات الانذار تدوي بشكل متواصل في نهاريا وعكا وحيفا ومناطق
...
-
يديعوت أحرونوت: انتحار 6 جنود إسرائيليين والجيش يرفض إعلان ا
...
المزيد.....
-
النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف
...
/ زهير الخويلدي
-
قضايا جيوستراتيجية
/ مرزوق الحلالي
-
ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال
...
/ حسين عجيب
-
الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر )
/ حسين عجيب
-
التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي
...
/ محمود الصباغ
-
هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل
/ حسين عجيب
-
الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر
/ أيمن زهري
-
المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع
/ عادل عبدالله
-
الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية
/ زهير الخويلدي
-
ما المقصود بفلسفة الذهن؟
/ زهير الخويلدي
المزيد.....
|