صادق الازرقي
الحوار المتمدن-العدد: 2484 - 2008 / 12 / 3 - 09:41
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
الى ارواح موظفات التجارة
كانت البنات قد تعطرن جيدا ً في ذلك الصباح البغدادي الرائق بعد ان ارتدين ابهى ثيابهن وتبحرن في انفسهن جيدا ً في المرآة التي استعادت بعض حيويتها في الفجر بفعل تحسن الكهرباء وكانت امهاتهن المستيقظات معهن منذ الفجر يتطلعن اليهن بفخر وأمل .. ولكن هذه المرة لم تفلح (الطاسات) التي سفحت الماء خلفهن نشدانا ً للسلامة في ارجاعهن الى بيوتهن سالمات.
لم تنفع براءتهن الأنثوية في التوصل الى ديدن وقوانين المتوحشين والقتلة وحقدهم المتفاقم .. وبرغم يقين المغدورات انهن كن يتنقلن في شوارع خاوية تحفل بشباب بائسين متعبين فقدوا الاحساس بالأمل بدورهم فلقد تعطرن جيدا ووضعن المكياج اللائق ولم يدرين ان أياد سودا ً ستقطع حتى هذا الاحساس البسيط بالجمال ليتبخر العطر والثياب مثلما تبخرت أجسادهن بنار الحقد التي أشعلت سيارتهن.
تبا ً لهذا الزمن الاهوج الذي لم يرحم احدا ً وتبا ً لتلك الوحشية التي استأسدت على نساء بريئات ضعيفات وتبا ً لها شكيمة الموت والدمار التي خططت لوأد نساء بريئات مسالمات كل ما يعتمل في صدورهن احلام مؤجلة وآمال قضى عليها زمن بائس غادر لم يحفظ حتى دماء الصبايا.
أيام عراقية حبلى بالموت وعار ما بعده عار وأجلاف يترصدون ضحايا ضعفاء أبرياء لا حول لهم ولا قوة لينهوا حياتهم بوسائل جهنمية.
لم يقتل جيفارا حين تمرد وثار على حكومته فتيات وفتيان بوليفيا وتلك هي سر عظمته وشعبيته العالمية الطاغية ولم تقتل الألوية الحمراء اليسارية في ايطاليا حتى افراد الشرطة الايطاليين بل ان الناس عدوا تلك المنظمة منتهية سياسيا بعد ان قتلت الدو مور و رئيس وزراء ايطاليا في حينه ولم يقتل (الفيتكونغ) مواطنا فيتناميا بريئا واحدا فكيف يتجرأ قتلة العراق على ذبح البنات بصورة جماعية؟! هل نترك تحليل ذلك الى نظريات علم النفس والاجتماع ام ستجيبنا عنها دهاليز الظلام الذي يقبع فيها المتوحشون؟!.
كان السياسيون في الماضي يضحون بانفسهم ويرتقون على اعواد المشانق لأجل شعوبهم فهل يفكر السياسيون المعاصرون بقتل الناس ليحققوا مجدهم الشخصي؟!.
لم تكن البنات الثلاث عشرة التي أريقت دماؤهن في صباح الاثنين الدامي طرفا ً في صراع سياسي او انتخابي كل همهن هو الراتب وتدبير احوال عائلاتهن وتأسيس بيت يرفل في جنباته الهدوء والاطفال .. فلم قتلوهن وعوقوا الأخريات؟!.
عندما طرح الدكتور علي الوردي نظرته بشأن العلل الاجتماعية في العراق وافعال شقاوات بغداد لم يكن القتل شائعا في تلك الايام .. ترى ما الذي يقوله علماء النفس عن الوحشية التي يمارسها البعض هذه الايام بالقتل الجماعي من دون تمييز.
المحزن في مقتل موظفات وزارة التجارة ان القتل حصل قبل يوم واحد من احتفال المجتمع الدولي باليوم العالمي لمناهضة العنف ضد النساء فأي مفارقة وأي حزن فطر قلوب الأمهات والآباء والأخوة والأبناء.
#صادق_الازرقي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟