|
أزهى عصور التحرش
خالد الكيلاني
الحوار المتمدن-العدد: 2482 - 2008 / 12 / 1 - 03:35
المحور:
كتابات ساخرة
تنظر محكمة الطور (عاصمة جنوب سيناء ) هذا الأسبوع القضية المتهم فيها شاب مصري بالتحرش بسائحة إنجليزية أثناء ممارستها السباحة بأحد شواطئ مدينة دهب السياحية، وكان المتهم قد طارد الفتاة لفترة طويلة وجذبها من الخلف وأمسك بصدرها محاولاً هتك عرضها واغتصابها لولا أنها استغاثت وتم القبض على المتهم حسبما جاء في الأخبار، وأنا انتهز هذه الفرصة وهذا المكان لتدشين حملة للدفاع عن هذا المتهم الذي أشارك ملايين المصريين في الإشفاق عليه - خاصة إذا ثبت أنه مدان حقيقة بتهمة التحرش – من مصير المجرم الذي تحرش بالفتاة الملعونة نهى رشدي، والذي حكم عليه ظلماً بثلاث سنوات سجناً ثم ظهر بعدها أنه لم يكن يستحق يوماُ واحداً لأن قانون العقوبات - حسب تفسير الفقيهة الدستورية الكبيرة محامية المجني عليها سابقاً ومحامية المجرم المحكوم عليه حالياً - لا يجب أن يعاقب المتحرش إذا كانت الفتاة المتحرش بها غير مصرية أو إذا كانت تحمل - بحكم الضرورة - جواز سفر إسرائيلياً، فما بالنا والمتحرش بها في تلك القضية الجديدة تنتمي لدولة إمبريالية استعمارية هي بريطانيا العظمى. ومن هذا المنبر أدعو السادة أعضاء البرلمان بأغلبيته الوطنية الرشيدة من الإخوان والحزب الوطني، وبمعارضته الصلبة الصامدة أن يبادر فوراً إلى تعديل قانون العقوبات بحيث يتم إعفاء المتحرش من العقوبة - وتكريمه إن أمكن - إذا ثبت أن المتحرش بها تنتمي لأصول غير مصرية، وتعديل الدستور وقانون المحاماة لإلزام دفاع المجني عليها أن يتحول لسلطة اتهام وماكينة فضح تليفزيوني فضائي للمجني عليها فوراً. كما أدعو علماء الدين الأفاضل الذين يملئون الشاشات أكثر من إعلانات الشيبسي (سواء البدري منهم أو المتأخر) بأن يصدروا فوراً فتوى شرعية بجواز، بل بوجوب، التحرش بغير المصريات، أما من يزعم أن السائحة الانجليزية كانت تسبح في أمان بأحد شواطئنا، وأن السباحة من الرياضات التي أوصى بها الرسول (صلعم) فمردود عليه أن الرسول قال "علموا أولادكم السباحة والرماية وركوب الخيل" ولم يقل علموا أولاد الفرنجة الكفرة الفجرة الذين لا صلاح لهم سوى تحرش شبابنا ببناتهم. ثم أن جدات هذه السائحة الإنجليزية سبق أن تحرشن في أربعينيات القرن الماضي بالبطلين المصريين عبد اللطيف أبوهيف ومرعي حماد السباحين الذين عبرا المانش، فقد كانت الفتيات الإنجليزيات والفرنسيات على جانبي القناة تنظرن بإعجاب للبطلين المصريين بينما كانا عاريين إلا من المايوه. وأدعو السادة المحامين الأفاضل أن يبادروا بإقامة الدعاوى القضائية ضد الفتاة المجني عليها ليطالبوا بإقامة بحبسها بتهمة الفسق والفجور وممارسة السباحة في البحور، وأن يتم تقسيم العمل بحيث يتولى الأستاذ نبيه الوحش إقامة تلك الدعوى، بينما يتولى الأستاذ سمير التطوع أولاً للدفاع عن السائحة أمام المحاكم الجنائية والقنوات الفضائية، ثم التحول "فجأتن" للدفاع عن المتهم وإصدار كتاب حول فضائح السائحة الإنجليزية وفضائل المتهم العظيم، أما الأستاذ مرتضى فسوف يتولى الشهادة أمام المحكمة بأنه يعلم شخصياً أن هناك مؤامرة دولية لتوريط المتهم البريء من تهمة التحرش. أما الجريدة "الأسبوعية" الشهيرة فسوف تقود حملة كبيرة للدفاع عن المتهم المستهدف من القوى الصهيونية والإمبريالية، وسوف يكتب رئيس التحرير بهذه المناسبة مقالات نارية ضد الخائن سعد الدين إبراهيم الذي يحمل جنسية أمريكا - حليفة بريطانيا التي تحمل الفتاة المجني عليها جنسيتها – باعتبار أن أمريكا دولة عدو لمصر يقاطعها النظام المصري ورئيسه حبيب رئيس التحرير، وسوف يدعو – بعد استئذان حبيب آخر – إلى قيام المظاهرات ضد هذه المحاكمة الظالمة، وسوف تخرج عشرات الآلاف من الفتيات المحجبات في مظاهرات تطوف الجامعات المصرية تندد بالمحاكمة الظالمة وتطالب بإباحة التحرش بالأجنبيات ... كمرحلة أولى. وكتاب الصحف المنقرضة (القومية سابقاً) سوف يكتبون أن الفتاة الملعونة المدعوة نهى رشدي هي سبب كل ما يحدث في مصر من كوارث لأنها بدلاً من الذهاب لأقرب مقر للحزب الوطني أو الاتصال بنائب عابدين من أجل الاستعانة بالزميل "وليد حيطة" وزملائه الكرام لتأديب الشاب الذي تحرش بها بالوسائل الحديثة ومقابل مبالغ زهيدة، حادت عن قيمنا وتقاليد مجتمعنا وأمسكت بتلابيب المتهم وذهبت به إلى المحكمة لتطبيق القانون وهي تعلم أنها طريقة قديمة وبايخة وكادت تندثر في مصر حالياً، وسوف يطالب هؤلاء الكتاب الحكومة بنشر سياحة التحرش الجنسي في مصر والتي سوف تستقطب أعداداً كبيرة من السائحات فضلاً عن حل مشكلة الهجرة غير الشرعية وقوارب الموت التي يذهب ضحيتها أعداداً كبيرة من الشباب المصريين الذين يسافرون لإيطاليا لا هرباً من الفقر والبطالة كما يروج المضللون ولكن من أجل ممارسة التحرش الشرعي والعودة إلى خير مصر، وينشرون تحليلاتهم الفذة مبشرين فيها بأن مصر تعيش أزهى عصور التحرش الجنسي الذي يتزامن مع أزهى عصور التحرش السياسي الذي أعطى الأمين العام إشارة البدء فيه مؤخراً وشهدنا أول تطبيق عملي له في ميدان طلعت حرب يوم 6 نوفمبر الحالي.
#خالد_الكيلاني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قنابل مسيحية في انتظار البابا(1) - الرعية في مواجهة الكنيسة
...
-
عفريت العلبة ... لم تخيب الظن فيك
-
صورة الرئيس
-
يا زمان الشعر... في أسيوط
-
استقلال القضاء...ضرورته، ومفهومه، ومقوماته
-
يا استفتاءاتك يا مصر!! - في الذكرى الثالثة ليوم الأربعاء الأ
...
-
احتكار الوطنية مرة أخرى
-
حزب الله .... وحزب الشيطان
-
ثلاثون قمة والأوضاع العربية أصبحت في -الحضيض-
-
الكاتب والمفكر الإسلامي جمال البنا في حوار مثير 2/2 الحجاب ل
...
-
الكاتب والمفكر الإسلامي جمال البنا في حوار مثير 1/2 الإخوان
...
-
العالم المصري الشهير صاحب تصميم مكتبة الإسكندرية الذي اتهمته
...
-
نائب رئيس المجلس القومي المصري لحقوق الإنسان : توليت وزارة ف
...
-
خبراء وباحثون : لا مفاوضات ولا تعهدات في -أنابوليس-
-
رئيس حزب الوفد المصري محمود أباظة : الدولة الدينية خطر كبير
...
-
الدكتور مفيد شهاب وزير الدولة المصري للشؤون النيابية و القا
...
-
ضياء الدين داوود : اعترف .. - الإخوان - اكثر قدرة على الإنتش
...
-
عودة الملف السوداني إلى واجهة السياسة المصرية
-
رئيس مجلس الوحدة الاقتصادية العربية: لست مرشحاَ لرئاسة الوزر
...
-
بعد إخفاق حرية الصحافة ... حرية الإبداع أمام القضاء مجدداَ
المزيد.....
-
-البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو- في دور السينما مطلع 2025
-
مهرجان مراكش يكرم المخرج الكندي ديفيد كروننبرغ
-
أفلام تتناول المثلية الجنسية تطغى على النقاش في مهرجان مراكش
...
-
الروائي إبراهيم فرغلي: الذكاء الاصطناعي وسيلة محدودي الموهبة
...
-
المخرج الصربي أمير كوستوريتسا: أشعر أنني روسي
-
بوتين يعلق على فيلم -شعب المسيح في عصرنا-
-
من المسرح إلى -أم كلثوم-.. رحلة منى زكي بين المغامرة والتجدي
...
-
مهرجان العراق الدولي للأطفال.. رسالة أمل واستثمار في المستقب
...
-
بوراك أوزجيفيت في موسكو لتصوير مسلسل روسي
-
تبادل معارض للفن في فترة حكم السلالات الإمبراطورية بين روسيا
...
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|